تأملات قرآنية (من نبأ موسى وفرعون) ( 2 ـ 2 )


تحدث الكاتب وفقه الله - تعالى - في الحلقة الماضية عن ميلاد موسى - عليه السلام - وما صاحب ذلك من الأمور العظام حتى اضطر إلى الهجرة خوفاً من دعوته وملته، ويواصل في هذه الحلقة الحديث عن عودة موسى ودعوته لفرعون، والمصير الذي لاقاه فرعون لرفضه هداية الله.

 

13 ـ (الرحلة البرية الثانية لموسى - عليه السلام - رحلة العودة إلى الوطن):

إن من سنن الله - تعالى - في خلقه حنين الإنسان إلى وطنه مهما كان في ذلك الوطن من العنت والشقاء. وإن نبي الله موسى - عليه السلام - لمّا غادر وطنه بغير رضىً منه أو اختيار، وغاب عنه سنين عديدة، بسبب جور الظالمين عليه، أعد عدَّته وعاد إلى وطنه، بعد ما قضى ذلك الأجل الذي تمّ بينه وبين ذلك الشيخ الكبير، والذي يُقدَّر بعشر سنوات، ويسدل الستار على تلك السنوات العشر، لا ندري ماذا تلقَّى فيها موسى، وماذا عمل فيها؟ إلاّ رعيه للغنم فقط، ثم عقد العزم على الرجوع إلى أهله وبلاده، مستصحباً معه في طريقة أهله ومتاعه، ويلقى في تلك الرحلة من المشاهد والمواقف الشيء العظيم، والنص القرآني يبين ذلك ويوضحه بدون تفصيل.

قال - تعالى -: {فَلَمَّا قَضَى مُوسَى الأَجَلَ وَسَارَ بَأَهلِهِ آنَسَ مِن جَانِبِ الطٌّورِ نَارًا قَالَ لأَهلِهِ امكُثُوا إنِّي آنَستُ نَارًا لَّعَلِّي آتِيكُم مِّنهَا بِخَبَرٍ, أَو جَذوَةٍ, مِّنَ النَّارِ لَعَلَّـكُم تَصطَلُونَ * فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ مِن شَاطِئِ الوَادِ الأَيمَنِ فِي البُقعَةِ الـمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَن يَا مُوسَى إنِّي أَنَا اللَّهُ رَبٌّ العَالَمِينَ * وَأَن أَلقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآهَا تَهتَزٌّ كَأَنَّهَا جَانُّ وَلَّى مُدبِرًا وَلَم يَعقِّب يَا مُوسَى أَقبِل وَلا تَخَف إنَّكَ مِنَ الآمِنِينَ * اسلُك يَدَكَ فِي جَيبِكَ تَخرُج بَيضَاءَ مِن غَيرِ سُوءٍ, وَاضمُم إلَيكَ جَنَاحَكَ مِنَ الرَّهبِ فَذَانِكَ بُرهَانَانِ مِن رَّبِّكَ إلَى فِرعَونَ وَمَلَئِهِ إنَّهُم كَانُوا قَومًا فَاسِقِينَ} [القصص: 29 - 32].

إن هذا النص القرآني الكريم يحمل في طياته أخبار تلك الرحلة بإيجاز، ويعرض لنا مشاهدها باختصار، مع التمام في المعنى، وهذا من بلاغة القرآن وفصاحته وعظمته.

لقد عاد موسى - عليه السلام -إلى بلاده برفقة أهله وبعض متاعه، يحثٌّ الخطو إلى بلاده ـ عادة كل غائب يعود إلى أهله وأرضه ـ لكن يفاجأ - عليه السلام - بنداءات ومشاهدات وبراهين لم يعهدها من قبل في طريقه، ممّا أثار في نفسه الخوف والوجل والقلق والحذر، ومن تلك المواقف:

1 ـ مشاهدته لنار بعيدة عنه وهو في ليلة مظلمة مطيرةº قاصداً الاستضاءة بها، والتصلية، والتدفئة.

2 ـ سماعه النداء من الشجرة في البقعة المباركة الصادر من الله رب العالمين.

3 ـ رؤيته لعصاه بعد إلقائها وهي متغيرة عليه في صورتها وخلقتها وحركتها، وخوفه منها.

4 ـ منظر يده بعد أن أخرجها من جيبه وهي بيضاء نقية من غير سوء.

5 ـ وجود الاطمئنان والسكون بعد أن يضع يده على قلبه، رحمة من الله - تعالى - به.

هذه المواقف العظيمة التي شاهدها موسى - عليه السلام -وهو في طريقه إلى أهله وبلاده، ما كانت تخطر بباله، ولا كان يتوقع رؤيتها وسماعها، وبناءً على ذلك أصيب بالخوف وعدم الاطمئنان، لكن عناية الله - تعالى -لعبده وتكريمه له، ترافقه من المهد إلى اللحد.

إن أعظم مشهد وموقف قابله موسى - عليه السلام -في هـذه الرحلة البرية هو تكليف الله - تعالى -له بالرسالة إلى عـدوه اللدود «فرعون» الذي هرب منه في أول الأمر، وهجر أهـله وأرضـه مـن أجله، وهذا تحقيق لوعد الله - تعالى -الذي لا يخلف الميعاد حيث طمأن أمّه بأنه  - سبحانه  - سيرُدٌّه إليها، وفوق ذلك سيجعله من المرسلين. كما قال  - سبحانه  -: {وَأَوحَينَا إلَى أُمِّ مُوسَى أَن أَرضِعِيهِ فَإذَا خِفتِ عَلَيهِ فَأَلقِيهِ فِي اليَمِّ وَلا تَخَافِي وَلا تَحزَنِي إنَّا رَادٌّوهُ إلَيكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ المُرسَلِينَ} [القصص: 7].

 

ومن المواقف العظيمة التي لاقاها موسى في طريقه، كون ربه الذي خلقه يناديه، ويتكلم معه بدون واسطة، هذا هو الفضـل العـظيم، وهـذا هـو العطـاء الجزيل، الذي لا منّة فيه ولا نفاذ.

أيّ تكريم، وأيّ تشريف هذا ترجع به يا موسى إلى أمك وأهلك وأعدائك بعد رحلتك المضنية، وغربتك المتعبة؟! فارقت أمك وأهلك ووطنك، وأنت في حالة يرثى لها من الخوف والمطاردة، والغربة والوحشة، تمكث في غربتك عشر سنين، والشمس تشرق عليك وتغرب، وأنت خلف غنيمات تغدو بها وتروح، والله هو الوحيد الذي يعلم ما يكُنٌّه صدرك، وما يلوح في ذهنك، وما تأمرك به نفسك.

إن ما حصل لك في طريقك وأنت في رحلتك الأولى، وفي رعيك للغنم هو نوع من الابتلاء، كما أن ما حصل لك في طريقك وأنت عائد إلى أهلك ووطنك من المواقف والمشاهد العظيمة هو نوع من الابتلاء أيضاً، وإن كان هناك فرق بين الابتلائين، وتلك الابتلاءات هي سبيل التمكين.

إنّ هذا هو اختيار الله - تعالى -لك، ونِعمَ المختار، ونِعمَ الاختيار. قال - تعالى -: {وَأَنَا اختَرتُكَ فَاستَمِع لِـمَا يُوحَى}.

[طه: 13]

وهي محبة الله - تعالى -ترعاك وتكلؤك. قال - تعالى -: {وَأَلقَيتُ عَلَيكَ مَحَبَّةً مِّنِّي وَلِتُصنَعَ عَلَى عَينِي} [طه: 39].

وهو اصطفاء الله - تعالى -لك من دون الناس بالرسالة والكلام. قال - تعالى -: {قَالَ يَا مُوسَى إنِّي اصطَفَيتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالاتِي وَبِكَلامِي فَخُذ مَا آتَيتُكَ وَكُن مِّنَ الشَّاكِرِينَ} [الأعراف: 144].

ما أعظم هذه القدرة التي تحيط بك يا موسى! وما أعظم هذا التكريم الذي فزت به من بين خلق الله، اختيار واصطفاء، ومحبة وكلام، ونصر وتأييد، وعلو وتمكين، كل ذلك يأتي بعد ذلك العناء الذي لاقيته في أول حياتك، ما عقلت منها وما لم تعقل، والأعمال بالخواتيم.

ولقـد حُرِم أهـل الابتـداع مـن الإيمان بهذه الصفات الإلهية ـ المحبة والكلام والرؤية والسماع ـ التي امتنَّ الله بها على عبده موسى - عليه السلام -وغيرها من الصفات الأخرى، التي ُتشِعر برحمة الله - تعالى - من خلالها، وبعزته وحكمته، وعلمه وسمعه وبصره، وقدرته ومشيئته، وإحاطته بكل شيء، وهيمنته وجبروته، وعلّوه واستوائه على عرشه، وأنه بائن من خلقه، ليس كمثله شيء وهو السميع البصيرº وذلك لفساد المدرسة التي نشأوا عليها، مدرسة الزيغ والإلحاد، والتحريف والتأويل، والتعطيل والتشبيه، والتجسيم والحلول.

وصدق الله - تعالى - القائل: {وَلِلَّهِ الأَسمَاءُ الـحُسنَى فَادعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلـحِدُونَ فِي أَسمَائِهِ سَيُجزَونَ مَا كَانُوا يَعمَلُونَ}. [الأعراف: 180]

 

14 ـ مطالب موسى - عليه السلام - من ربه:

ولما علم موسى - عليه السلام - بتكليف الله - تعالى - له بالرسالة، لم يتردد في حملها، لكنه تذكر شيئاً من ماضيه مع فرعون وقومه، إنه عاش أول حياته في قصر فرعون، ورأى من طغيانه وجبروته الشيء الكثير، ومع ذلك - حفظه الله - من بأسه وبطشه، وهو في حالة ضعف وغربة، وطلب موسى من الله - تعالى - مطالب تُحققُ له، لكي يستطيع أن يقوم بأداء ما كُلِّف به خير قيام، بعضها معنوي، وبعضها حسي، ومن تلك المطالب ما ذكره الله - تعالى - في قوله - تعالى -: {قَالَ رَبِّ اشرَح لِي صَدرِي * وَيَسِّر لِي أَمرِي * وَاحلُل عُقدَةً مِّن لِّسَانِي * يَفقَهُوا قَولِي * وَاجعَل لِّي وَزِيرًا مِّن أَهلِي * هَرُونَ أَخِي}. [طه: 25 - 30]

وقال - تعالى -: {وَأَخِي هَرُونُ هُوَ أَفصَحُ مِنِّي لِسَانًا فَأَرسِلهُ مَعِيَ رِدءًا يُصَدِّقُنِي إنِّي أَخَافُ أَن يُكَذِّبُونِ} [القصص: 34].

وقد استجاب الـله - تعالى -لعـبده موسـى ما طــلب، قال - تعالى -: {قَالَ قَد أُوتِيتَ سُؤلَكَ يَا مُوسَى} [طه: 36].

وقال - تعالى -: {قَالَ سَنَشُدٌّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجعَلُ لَكُمَا سُلطَانًا فَلا يَصِلُونَ إلَيكُمَا بِآيَاتِنَا أَنتُمَا وَمَنِ اتَّبَعَكُمَا الغَالِبُونَ} [القصص: 35].

إنّ هذه الإجابات من الله - تعالى - لعبده موسى تحمل في طياتها الرحمة والنصرة والغلبة على العدوº نصرة من الله - تعالى -لموسى وهارون على عدوهما فلا يصل إليهما، ونصرة من هارون لأخيه موسى - عليهما السلام -تتمثل في شد أزره وعضده، وفي الفصاحة والبيان، وفي الأنس من وحشة الطريق، وكل هذا رحمة من الله - تعالى -كما قال  - سبحانه  -: {وَوَهَبنَا لَهُ مِن رَّحمَتِنَا أَخَاهُ هَارُونَ نَبِيًّا} [مريم: 53].

يقول سيد قطب - رحمه الله -تعالى -: (لقد طلب إلى ربه أن يشرح له صدره...وانشراح الصدر يُحوِّل مشقة التكليف إلى متعة، ويحيل عناءه لذة، ويجعله دافعاً للحياة لا عبثاً يثقل خطى الحياة.

وطلب إلى ربه أن ييسر له أمره... وتيسير الله للعباد هو ضمان النجاح. وإلا فماذا يملك الإنسان بدون هذا التيسير؟ ماذا يملك وقواه محدودة، وعلمه قاصر، والطريق طويل وشائك ومجهول؟!

وطلب إلى ربه أن يحل عقدة لسانه فيفقهوا قوله... وقد روي أنه كانت بلسانه حبسة، والأرجح أن هذا هو الذي عناه. ويؤيده ما ورد في سورة أخرى من قوله: {وَأَخِي هَرُونُ هُوَ أَفصَحُ مِنِّي لِسَانًا} [القصص: 34].

وقد دعا ربه في أول الأمر دعاءً شاملاً بشرح الصدر وتيسير الأمر، ثم أخذ يحدد ويفصل بعض ما يعينه على أمره وييسر له تمامه.

وطلب أن يعينه الله بمعين من أهلهº هارون أخيه. فهو يعلم عنه فصاحة اللسان، وثبات الجنان، وهدوء الأعصاب...

لقد أطال موسى سؤله، وبسط حاجته، وكشف عن ضعفه، وطلب العون والتيسير والاتصال الكثير، وربه يسمع له، وهو ضعـيف فـي حـضرته، ناداه وناجاه. فها هو ذا الكريم المـنان لا يُخِجلُ ضيفه، ولا يرد سائله، ولا يبطىء عليه بالإجابة الكاملة: {قَالَ قَد أُوتِيتَ سُؤلَكَ يَا مُوسَى} [طه: 36].

هكذا مرة واحدة، في كلمة واحدة. فيها إجمال يغني عن التفصيل، وفيها إنجاز لا وعد ولا تأجيل... كل ما سألته أعطيته، أعطيته فعلاًº لا تُعطاه ولا ستعطاه ؟ وفيها مع الإنجاز عطف وتكريم وإيناس بندائه باسمه «يا موسى»، وأيّ تكريم أكبر من أن يذكر الكبير المتعال اسم عبد من العباد؟)(1) ا. هـ.

ثم كلَّفه الله - تعالى - وأخاه هارون بالذهاب إلى «فرعون» الطاغية، وأمرهما أن يُلينا له في القول، لعل رحمة الله - تعالى - تدركه، ويعود عمَّا هو فيه من الظلم والطغيان، ما أحلم الله بعباده؟! بيَّن لهم عظمته - سبحانه - في مخلوقاته، الدالة على وحدانيته وتفرده بالأمر والنهي، والخلق والتدبير، وبعث فيهم رسلاً منهم، مبشرين ومنذرين، فخيره إليهم نازل، ولا يصعد منهم عمل صالح.

15 ـ الموقف الثاني لفرعون وملئه من موسى - عليه السلام -:

قال - تعالى -: {فَلَمَّا جَاءَهُم مٌّوسَى بِآيَاتِنَا بَيِّنَاتٍ, قَالُوا مَا هَذَا إلاَّ سِحرٌ مٌّفتَرًى وَمَا سَمِعنَا بِهَذَا فِي آبَائِنَا الأَوَّلِينَ} [القصص: 36].

إن هذا الموقف يختلف عن الموقف الأول تماماً، من الضعف إلى القوة، ومن التخفي إلى الظهور، ومن المطاردة إلى المواجهة، ومن الخوف إلى الأمن، ومن الوحشة في الطريق إلى الأنس، ومن ضيق الصدر إلى الانشراح، ومن التلعثم إلى الفصاحة، ومن التردد إلى الانطلاقة، يحمل موسى وهارون إلى «فرعـون» المعجـزات البـاهـرات، والـدلالات الـقـاهرات، الـتي لو أٌلقيت على الجبال الرواسي لخشعت وخضعت وانقادتº بل لصارت دكاء. لكن القلوب القاسية والمغلقة تنكر الحقائق وتشكك فيهاº بل تقف ضدها بغياً وعدواناً، وعناداً وجحوداً، بل أنكر «فرعون» الصانع كما حكى الله ذلك عنهº فقال: {قَالَ فِرعَونُ وَمَا رَبٌّ العَالَمِينَ} [الشعراء: 23].

وقال - تعالى -: {قَالَ فَمَن رَّبٌّكُمَا يَا مُوسَى} [طه: 49].

إنها صيغة استفهام إنكاري صادرة من «فرعون». إن موسى وهارون أول ما بادرا «فرعون» في دعوتهما دعياه إلى الاعتراف بالصانع الخالق المالك المدبر لهذا الكون كله، كما قال - تعالى -: {فَأتِيَا فِرعَونَ فَقُولا إنَّا رَسُولُ رَبِّ العَالَمِينَ} [الشعراء: 16].

وقال - تعالى -: {فَأتِيَاهُ فَقُولا إنَّا رَسُولا رَبِّكَ فَأَرسِل مَعَنَا بَنِي إسرَائِيلَ وَلا تُعَذِّبهُم قَد جِئنَاكَ بِآيَةٍ, مِّن رَّبِّكَ وَالسَّلامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الهُدَى} [طه: 47].

ومن اعترف بذلك فقد اعترف بألوهية ذلك الصانع إلزاماً، وأنه صاحب الأمر والنهي، والأسماء والصفات الحسنى، الذي ليس كمثله شيء وهو السميع العليم.

لقد تلطف موسى وهارون في دعوتهما «فرعون» وذلك بتوجيه من الله - تعالى -لهماº لأن الهدف من دعوته هدايته، وإخراجه من الظلمات إلى النور.

قال - تعالى -: {اذهَب أَنتَ وَأَخُوكَ بِآيَاتِي وَلا تَنِيَا فِي ذِكرِي * اذهَبَا إلَى فِرعَونَ إنَّهُ طَغَى * فَقُولا لَهُ قَولاً لَّيِّنًا لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَو يَخشَى} [طه: 42 - 44].

إن في هذا التوجيه سنة ربَّانيَّة لمن يقوم بحمل المنهج الرباني ويدعو إليه، وهي أن يتلطف بمن يدعوه، ويُبيّن له بالدلائل البينات، والبراهين الساطعات ما يدعو إليه، لعله يتذكر أو يخشى، فيخرج من الظلمات إلى النور، ومن الرق إلى الحريةº حرية العبود

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply