قبسات من القرآن الكريم (3)


 بسم الله الرحمن الرحيم 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله..وبعد:

يقول الله- تبارك وتعالى -: (ضَرَبَ لَكُم مَّثَلاً مِن أَنفُسِكُم هَل لَّكُم مِّن مَّا مَلَكَت أَيمَانُكُم مِّن شُرَكَاء فِي مَا رَزَقنَاكُم فَأَنتُم فِيهِ سَوَاء تَخَافُونَهُم كَخِيفَتِكُم أَنفُسَكُم كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَومٍ, يَعقِلُونَ) (الروم: 28)

(بَلِ اتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَهوَاءهُم بِغَيرِ عِلمٍ, فَمَن يَهدِي مَن أَضَلَّ اللَّهُ وَمَا لَهُم مِّن نَّاصِرِينَ) (الروم: 29)

يضرب الله - تعالى -مثلا للمشركين مأخوذًا من أنفسهم على بطلان الشرك فيقول: هل ترضون لأنفسكم أن يشارككم عبيدكم في أموالكم التي رزقكم الله إياها إلى حدِّ أنكم تهتمون بهم وتخافون من مخالفتهم كما تخافون من شركائكم من الأحرار؟ فسيقولون: لا لن يكون ذلك، فإذا كنتم لا ترضون مشاركتهم إياكم والحال أنكم وإياهم بَشر فكيف تعتقدون بأن أحدًا من خلق الله - جل وعلا - يشاركه في الألوهية والربوبية - تعالى - عن ذلك علوا كبيرا، وبمثل هذا البيان الواضح يبين الله - تعالى -البراهين والحجج لأصحاب العقول السليمة كي يجتنبوا الشرك ويستقيموا على عبادة الله - جل وعلا -.

وهكذا فإنه لا يمكن التسوية بين الخالق - جل وعلا - والمخلوق، لكن هؤلاء الذين ظلموا أنفسهم بالشرك اتبعوا في ذلك أهواءهم المنحرفة عن جهل بما يجب لله - تعالى - من الإفراد بالعبادة، فمن الذي يستطيع هداية من أضله الله بسبب تماديه في الكفر والعناد؟

لا أحد يستطيع ذلك، وسيبوء هؤلاء المشركون في الآخرة بعذاب جهنم، ولن يجدوا لهم من ينصرهم ويخلصهم من عذاب الله - تعالى -.ويقول الله- تبارك وتعالى -(فَأَقِم وَجهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيهَا لَا تَبدِيلَ لِخَلقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ القَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكثَرَ النَّاسِ لَا يَعلَمُونَ) (الروم: 30) (مُنِيبِينَ إِلَيهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ المُشرِكِينَ) (الروم: 31) (مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُم وَكَانُوا شِيَعاً كُلٌّ حِزبٍ, بِمَا لَدَيهِم فَرِحُونَ) (الروم: 32)

في هذه الآيات الكريمة يأمر الله - جل وعلا - رسوله - صلى الله عليه وسلم - أن يقيم وجهه لدين الإسلام مائلا إليه غير ملتفت إلى غيره، فإنه الدين الذي خلق الله الناس عليه، كما جاء في الحديث الصحيح \"ما من مولود إلا يولد على الفطرة\" فلا يصح ولايستقيم أن يبدِّل بعض الناس الدين الذي خلق الله البشر عليه، فإن الإسلام هو الدين القويم الموافق للفطرة، ولكن أكثر الناس يجهلون هذه الحقيقة، فلذلك ضلوا عن الطريق المستقيم.

فأقيموا وجوهكم أيها المسلمون راجعين إلى الله - تعالى -مخلصين له، واتقوا سخطه، وذلك بفعل أوامره، واجتناب نواهيه، وأدوا الصلاة تامة بشروطها وأركانها وواجباتها، واجتنبوا جميع أنواع الشرك مع الله - تعالى - حتى لا تكونوا من المشركين، من الذين فرقوا الدين فلم يأخذوا به كله، بل أخذوا ببعضه وتركوا بعضه تبعا لأهوائهم، فصاروا بذلك فرقًا وأحزابًا يتعصبون لأحزابهم ورؤسائهم، كل حزب بما عندهم من الآراء والأهواء مسرورون من غير نظر على كون ما هم عليه من الحق أو من الباطل.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply