( إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا .. )


 بسم الله الرحمن الرحيم 

 وقفات مع قوله - تعالى -(إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة أل تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون، نحن أوليائكم في الحياة الدنيا وفى الآخرة ولكم فيها ما تشتهى أنفسكم ولكم فيها ما تدعون، نخن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفى الآخرة ولكم فيها ما تشتهى أنفسكم ولكم فيها ما تدّعون) سورة فصلت (30).

 

يقول - تعالى- (إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا) أي أخلصوا العمل لله وعملوا بطاعة الله - تعالى -على ما شرع لهم من الشرائع.

فقال أبوبكر الصديق رضي الله عنه : هم الذين لم يشركوا بالله شيئا.(ثم استقاموا) فلم يلتفتوا إلى إله غيره ولا إلى رب سواه.

وقال ابن عباس - رضي الله عنهما -: (إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا) على شهادة أن لا إله إلا الله.

وتلا عمر - رضي الله عنه- هذه الآية على المنبر، ثم قال: استقاموا والله بطاعته ولم يروغوا روغان الثعالب.

(قالوا ربنا الله ثم استقاموا) على أداء فرائضه وتعظيم شعائره من غير تهاون ولا تكاسل لأن هذه من صفات المنافقين الذين يخادعون الله وهو خادعهم.

ولننظر إلى بيوت الله لقد أضاع كثير من الناس الصلاة فيها إما جحودا أو استكبارا وهذا كفر بالله - تعالى -. وهنالك من توانى في أدائها يدخل الوقت في الوقت، ومنهم من يصلى في بيته، ويوم أن جاء الرجل الأعمى إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وقال له: \"بيتي بعيد من المسجد وبيني وبين المسجد وادي فيه هوام فهل لي رخصة أن أصلي في بيتي فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: أتسمع النداء؟ فقال له نعم، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - أجب فإني لا أجد لك رخصة\".

ولقد هم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يحرق منازل الذين لا يأتون إلى صلاة الجماعة.

قال ابن مسعود - رضي الله عنه - : \"ولو صليتم في بيوتكم كما يصلى هذا المنافق لتركتم سنة نبيكم ولو تركتم سنة نبيكم لضللتم\".

وكان الحسن يقول: (اللهم أنت ربنا فارزقنا الاستقامة).

(قالوا ربنا الله) قال أبو العالية: اخلصوا له الدين والعمل. وجاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم – فقال: \"مرني بأمر في الإسلام لا أسأل عنه أحدا بعدك، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - (قل آمنت بالله ثم استقم) قلت فما أتقى؟ أومأ إلى لسانه) أخرجه النسائي.

أحبتي في الله ما هو المطلوب في حق الفرد المسلم أو ما هو الواجب على الفرد المسلم؟ إن الفرد مطالب أو ملزم بالاستقامة في نفسه والعمل بكتاب ربه وسنة نبيه محمد - صلى الله عليه وسلم - لأنك ما خلقت إلا لله، وأنت الفقير إلى الله فلا تنفعه طاعتك ولا تضره معصيتك فالكل لك وعليك أيها الإنسان، فأن عملت خيرا فزت ونجوت من قبضة الله وان عملت شرا خسرت الدنيا والآخرة وذلك هو الخسران المبين. فالفرد مطالب أن يقيم الدين في نفسه بعيدا عن العصبية الهوجاء والتشدق والتنطع بدين الله، والمجاملة بشرع الله. وهذا مفهوم شامل للاستقامة التي أمر بها الله - تعالى -.

 

ولكن وجود الفرد المسلم مع أهل الخير والصلاح، وأهل الطاعة والفلاح، وأهل المسجد والقرآن فهذا أمر عظيم وعون كريم للإنسان فإذا نسى ذكروه، وإذا جهل شيئا علموه، قال - تعالى -: (تتنزل عليهم الملائكة) عند الموت قائلين لهم (ألا تخافوا) أي مما تقدمون عليه من أمر الآخرة (ولا تحزنوا) مما خلفتموه من أمر الدنيا من أهل ومال أو دين فان نخلفكم فيه (وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون) فيبشرونهم بذهاب الشر وحصول الخير وهذه لحظات عظيمة لحظات حاسمة، لحظات قاضية، لحظات فاصلة عاشها أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - وهذا هو عمرو ابن العاص - رضي الله عنه - يصفها يوم أن حلت به سكرة الموت فقال\"فكأن على كتفي جبل ربوة وكأن في جوفي شوكة عوتج، وكأن روحي تخرج من ثقب إبرة، وكأن السماء أطبقت على الأرض وأنل بينها\".

فلا خلاص للإنسان ولا منجى له إلا بالاستقامة على دين الله، فنسأل الله - تعالى - أن يجعلنا من المستقيمين على شرعه وصلى الله على نبي الهدى والرحمة محمد - صلى الله عليه وسلم -.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply