قبسات من القرآن الكريم ( 2 )


 بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله..

وبعد: يقول الله- تبارك وتعالى -: (فَسُبحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمسُونَ وَحِينَ تُصبِحُونَ) (وَلَهُ الحَمدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرضِ وَعَشِيّاً وَحِينَ تُظهِرُونَ) (الروم: 17، 18)

في هاتين الآيتين ينزه الله - تعالى - نفسه عما يعتقده المشركون من الشرك وغيره من صفات النقص التي يصفون بها الله - سبحانه -، ويثبت - جل وعلا - أنه المستحق للحمد وحده في السموات والأرض، ويوجه عباده إلى تسبيحه والثناء عليه في المساء والصباح وفي الظهر والعشيّ وهو ما بعد العصر.

 

(يُخرِجُ الحَيَّ مِنَ المَيِّتِ وَيُخرِجُ المَيِّتَ مِنَ الحَيِّ وَيُحيِي الأَرضَ بَعدَ مَوتِهَا وَكَذَلِكَ تُخرَجُونَ) (الروم: 19)

ففي هذه الآية يبين الله - تعالى -حقيقة البعث بعد الموت وأنه - جل وعلا - قادر على ذلك كمقدرته على إخراج الحي من الميت كالإنسان من النطفة والطير من البيضة، وكمقدرته على إخراج الميت من الحي كالنطفة والبيضة من الحيوان، وكمقدرته على إحياء الأرض بالنبات بعد موتها بالجدب، فكذلك يُخرج الله - سبحانه - الناس من قبورهم ويبعثهم أحياء يوم القيامة.

 

(وَمِن آيَاتِهِ أَن خَلَقَكُم مِّن تُرَابٍ, ثُمَّ إِذَا أَنتُم بَشَرٌ تَنتَشِرُونَ) (الروم: 20) أي ومن دلائل ألوهيته وقدرته - جل وعلا - على بعثكم بعد الموت أن خلق أباكم آدم - عليه الصلاة والسلام - من تراب، فكان خلق آدم يُعدٌّ خلقا لذريته من التراب لأنه مشتمل عليهم، ثم تحوَّل هذا الواحد المخلوق من التراب إلى بشر ينتشرون في الأرض عن طريق التناسل.

 

ويقول الله تبارك (وَمِن آيَاتِهِ أَن خَلَقَ لَكُم مِّن أَنفُسِكُم أَزوَاجاً لِّتَسكُنُوا إِلَيهَا وَجَعَلَ بَينَكُم مَّوَدَّةً وَرَحمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ, لِّقَومٍ, يَتَفَكَّرُونَ) (وَمِن آيَاتِهِ خَلقُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرضِ وَاختِلَافُ أَلسِنَتِكُم وَأَلوَانِكُم إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ, لِّلعَالِمِينَ) (الروم: 22، 21)

 

يبين الله - تعالى -أن من العلامات الواضحة الدالة على قدرته - جل وعلا - العظيمة أن خلق لكم أيها الناس من جنسكم في البشرية نساء تتخذونهن أزواجا لكم لتستريحوا إليهن، وجعل في قلوبكم وقلوبهن محبة وشفقة في ظل عصمة الزوجية من غير أن يكون ذلك قبل الزواج، إن في ذلك التقدير والتأليف لَعلامات ظاهرةً على قدرة الله - تعالى -وحكمته.

 

ومن الدلالات الظاهرة على عظيم قدرة الله - جل وعلا - خَلقُ السموات والأرض، هذه الأجرام العظيمة التي هي في منتهى الضخامة في التكوين والدقة في التقدير، وكذلك من هذه العلامات اختلاف لغات البشر وألوانهم مع كونهم ينحدرون جميعا من أبيهم آدم - عليه الصلاة والسلام -، إن في ذلك الخلق البديع والتقدير الدقيق لَعلامات بينة لأصحاب العقول المبصرة والأفكار النيرة، تدل على عظمة الخالق - جل وعلا - وقدرته البالغة.

 

فإذا كان الأمر كذلك وأدركتم أيها الناس مقدرة الله - تعالى -العظيمة على الخلق والتكوين والتقدير الدقيق البليغ فلماذا لا تستدلون بذلك على مقدرته على إحياء الناس بعد موتهم بالبعث في الآخرة؟!

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply