وجوب الرواية عن الثقاة


 بسم الله الرحمن الرحيم 

قال الله تعالى(ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا وقال إنني من المسلمين) قال الحسن: هذه الآية عامة في كل من دعا إلى الله\". ويوم خيبر دفع النبي - صلى الله عليه وسلم - الراية لعلي - رضي الله عنه - وقال له ((انفذ على رسلك، حتى تنزل بساحتهم، ثم ادعهم إلى الإسلام، وأخبرهم بما يجب عليهم من حق الله فيه، فوالله لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً، خير لك من أن يكون لك حمرُ النعم)) البخاري ومسلم من حديث سهل بن سعد الساعدي - رضي الله عنه - الدعوة إلى الله والتفقه في الدين ونشر العلم الشرعي بين الناس من أعظم القربات إلى الله عز و جل بيد أنّ هذا الطريق محفوف بالمخاطر وفيه مهلكات عظام ومطبّات صعبة المراس، هذه العوائق من شأنها أن تحيل هذا العمل الخيّر المبرور إلى عمل تخريبي سيء العواقب في الدنيا والآخرة. فالدعوة إلى الله - تعالى -المقبولة المبرورة التي يثاب صاحبها هي التي تكون مضبوطة بضوابط الشرع. هي التي تكون كما قال الله - تعالى -(قُل هَـذِهِ سَبِيلِى أَدعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ, أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِى وَسُبحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ المُشرِكِينَ) من هنا كان من الواجب على المسلم التقي الورع أن لا يتكلم في دين الله بشيء لا يعرفه.

أن لا يتطاول على الفتوى ويتجرّأ على الحديث بغير علم. أن لا يقول قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو لا يعلم حقيقة إن كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد قال هذا فعلا أم لا. والذي يفتي في دين الله عزوجل يوقّع عن الله - تعالى -فانا عندما يسألني إنسان عن حكم شرعي هو لا يسألني عن رأيي أنا ولكن يريد أن يعرف حكم الله فأنا عندما أتكلم وأفتيه فأنا موقّع عن الله عزوجل فالواجب الشرعي يفرض عليّ حينئذ أن أتق الله وان أتثبت قبل أن أنطق بكلمة قد توردني المهالك يوم القيامة ولكي نعرف فداحة الذنب وحجم المأساة نضرب المثال التالي لو أن موظفا كبيرا كان يعمل مديرا لمكتب الأمير أو الملك أو الحاكم أيّا كان لقبه وأعطاه سيّده من الصلاحيات أن يكون ناطقا باسمه وموقّعا على القرارت بقلمه يعيّن فلانا يعزل آخر يتحدّث يقرّر إلى آخره كم يكون هذا الموظّف حذرا في اتخاذ القرارات؟ لماذا؟ لأنه يوقّع عن الحاكم الحازم الشديد الغضب فأيّ خطأ قد يكون مصيبة. طامّة قد تفقده منصبه وتودي به إلى السجن صحيح هذا أم لا؟ نفس المثال تماما. المتكلمون بالدين يوقّعون عن الله فليتّقوا الله وليتثبّتوا (ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كلّ أولئك كان عنه مسؤولا) روى الترمذي وابن ماجه وغيرهما بسند صحيح عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه – قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :((نضر الله امرءا سمع منا شيئا فبلغه كما سمعه فرب مبلغ أوعى من سامع)) من هنا كان من الواجب على الذي يقول قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يتثبّت ويعرف من روى الحديث وماسنده وماذا قال عنه أهل العلم وإلا يكون راويا للكذب عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وموقّعا عن الله توقيعا خاطئا ومقتفيا لما ليس له به علم روى الإمام مسلم في مقدّمة الصحيح عن المغيرة بن شعبة - رضي الله عنه - قال :قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ((من حدّث عنّي بحديث يرى أنّه كذب فهو أحد الكاذبين)) وقد روى هذا الحديث عشرات من الصحابة الكرام كما نقل الإمام النووي - رحمه الله - أنه روي عن سبعة وثمانين من الصحابة وهذا يدلّ على كثرة اهتمام النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه بالرواية وللأسف فإن من عادة بعض الناس أن يروي الأحاديث رشّا لادراكا فكلّما سمع بقول أو خطر له خاطر يقول قال - عليه الصلاة والسلام - قال - صلى الله عليه وسلم - فإذا سألته من أين لك هذا؟ قال سمعته من فلان قرأته في ورق الروزنامة نقول له روى الإمام مسلم عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :((كفى بالمرء كذبا أن يحدّث بكل ما سمع)) أيها الإخوة إن ديننا هو أغلى ما نملك وهو سبيل نجاتنا في الدنيا والآخرة. هو عبوديتنا لله هو مفتاح الجنة التي سندخلها بإذن الله هو مبدع تاريخنا في الماضي وهو مبعث انتفاضتنا في الحاضر وهو مناط آمالنا في المستقبل فكيف نقبل فيه ما هبّ ودبّ يقول محمد بن سيرين - رحمه الله - \"إنّ هذا العلم دين فانظروا عمّن تأخذون دينكم\" رواه مسلم وبالمناسبة أبيّن لكم أنه يوجد في الأسواق كتاب ينسب لابن سيرين هو كتاب تفسير الأحلام لابن سيرين. هذا الكتاب لا علاقة لابن سيرين به ولم يعلم به ابن سيرين فهو منسوب إليه زورا وبهتانا. ويقول عبد الله بن المبارك - رحمه الله - \"الإسناد من الدين ولولا الإسناد لقال من شاء ما شاء\" وهذا كلام صحيح يستحقّ أن يكتب بماء الذهب فلو أنّ كلّ واحد قال لنا قال رسول الله صدّقناه لضاع الحق وعربد الباطل وانتشر الكذب فالقاعدة العلمية تقول \"إن كنت ناقلا فالصحة أو مدّعيا فالدليل\" فنحن لا نقبل أي كلام أو دعوى من دون شاهدي عدل هذا في أمور الدنيا كما قال - تعالى - (ممن ترضون من الشهداء) وكما قال عز و جل(فأشهدوا ذوي عدل منكم) هذا في أمور البيع والشراء والهبة والإيجار فما بالكم إذا كان الناقل ينقل عن رسول الله عزوجل. من هنا كان لابد لطالب العلم أن يتعلم علم الحديث علم الرواية والجرح والتعديل علم المصطلح هذا العلم الذي يحق لكل مسلم ان يرفع رأسه به عاليا ويتيه به على الدنيا لأن الدنيا كلها ما عرفت هذا العلم إلا عندنا و ما عرفته المكتبات إلا على رفوفنا وما عرفته العقول إلا في أدمغة علمائنا

 

أهل الحديث هم أهل الرسول وإن لم يصحبوا نفسه أنفاسه صحبوا

أن ينقل فلان عن فلان عن فلان ويقول قال حدثني فلان. وفلان ثقة والآخر مجروح وهذا وضّاع والآخر له أوهام هكذا انتقيت الأحاديث فمنها الصحيح ومنها الضعيف ومنها المنكر والساقط والمعضل كما قال أهل العلم

أولها الصحيح وهو ما اتصل إسناده ولم يشذّ أو يعلّ

يرويه عدل ضابط عن مثله معتمد في ضبطه و نقله

والحسن المعروف طرقا وغدت رجاله لاكالصحيح اشتهرت

وكلّ ماعن رتبة الحسن قصر فهو الضعيف وهو أقسام كثر

إلى أن يقول:

والكذب المختلق المصنوع على النبي فذلك الموضوع

والغريب أن بعض الناس يعلم هذا العلم ويعلّمه للطلاب ولكن لا علاقة له به على أرض الواقع ففي نفس الحصة يروي لهم الطامات والموضوعات. والناس يولعون بالغرائب ويبحثون عن المادة التي تحرّك العاطفة فينقاد لهم بعض المتحدّثين ويستجيبون لرغباتهم على طريقة ما يطلبه الجمهور فيأتون لهم بالغرائب التي ما أنزل الله بها من سلطان عن حمّاد - رضي الله عنه - قال\" كان رجل قد لزم أيوب وسمع منه ففقده أيّوب فقالوا يا أبا بكر إنه قد لزم عمرو بن عبيد. قال حمّاد: فبينا أنا يوما مع أيوب وقد بكّرنا إلى السوق فاستقبله الرجل فسلّم عليه أيّوب ثم قال بلغني أنّك لزمت ذاك الرجل يعني عمرا قال نعم يا أبا بكر إنه يجيئنا بالغرائب فقال له أيوب إنما نفرّ من هذه الغرائب\" قال النووي معناه إنما نهرب من هذه الغرائب التي يأتي بها عمرو بن عبيد مخافة من كونها كذبا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وبعض الناس قد يكون من أهل الصدق مع الله ومن أهل الخير والتقوى والصلاح ولكنّه ليس من أهل هذا الفن فهؤلاء نطلب الدعاء منهم لكن لا نأخذ العلم عنهم روى مسلم في صحيحه عن أبي الزناد قال \"أدركت بالمدينة مائة كلّهم مأمون ما يؤخذ عنهم الحديث يقال ليس من أهله\" وروى عبد البرّ في التمهيد 1|67 عن الإمام مالك أنه قال \"إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم، لقد أدركت سبعين من يحدّث قال فلان قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عند هذه الأساطين وأشار إلى مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فما أخذت عنهم شيئا وإن أحدهم لو اؤتمن على بيت المال لكان أمينا لأنهم لم يكونوا من أهل هذا الشأن وقدم علينا ابن شهاب فكنا نزدحم على بابه\" قال عبد الله بن المبارك: \"لو خيّرت بين أن أدخل الجنة وبين أن القى عبد الله بن محرّر لاخترت أن ألقاه ثم أدخل الجنة فلمّا رايته كانت بعرة أحبّ إلي منه\" وعن إسحاق إبراهيم بن عيسى الطالقانيًّ قال قلت لعبد الله بن المبارك\"يا أبا عبد الرحمن الحديث الذي جاء((إنّ من البرّ بعد البرّ أن تصلّي لأبويك مع صلاتك وتصوم لهما مع صومك)) قال فقال ابن المبارك يا أبا إسحاق عمّن هذا؟ قال قلت له هذا من حديث شهاب بن خراش فقال ثقة عمّن؟ قال قلت عن الحجاج بن دينار قال ثقة عمّن؟ قال قلت قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال ياأبا إسحاق إن بين الحجّاج بن دينار وبين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مفاوز تنقطع فيها أعناق المطيّ ولكن ليس في الصدقة اختلاف\" معناه أنه لايقبل الحديث إلا بإسناد صحيح وأن هذا الحديث لا يحتّج به.

وبعد أيها الإخوة فهذه هي أقوال أهل العلم في وجوب الرواية عن الثقاة وأن لا نأخذ الدين هكذا من كلّ متكلم قال - عليه الصلاة والسلام - ((إنّ كذبا عليّ ليس ككذب على أحد فمن كذب عليّ متعمّدا فليتبوّأ مقعده من النار)) مسلم قال الإمام النووي - رحمه الله - \"لا فرق في تحريم الكذب عليه - صلى الله عليه وسلم - بين ما كان في الأحكام وما لا حكم فيه كالترغيب والترهيب والمواعظ وغير ذلك فكلّه حرام من أكبر الكبائر وأقبح القبائح بإجماع المسلمين الذين يعتدّ بهم بالإجماع\"

وبعد فهذه طائفة من الأحاديث الموضوعة التي اشتهرت على ألسنة الناس نذكرها للتحذير منها:

1-((من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر، لم يزدد من الله إلا بعداً)).

2- ((الحديث في المسجد يأكل الحسنات كما تأكل البهائم الحشيش)).

3- ((اعمل لدنياك كأنك تعيش أبداً، واعمل لآخرتك كأنك تموت غداً)).

4-((أوحى الله إلى الدنيا أن اخدمي من خدمني وأتعبي من خدمك))

5-((أدَّبني ربي فأحسن تأديبي)).

6-((الناس كلهم موتى. إلا العالمون، والعالمون كلهم هلكى إلا العاملون والعاملون كلهم غرقى إلا المخلصون. والمخلصون على خطر عظيم)).

7-((الحجر الأسود يمين الله في الأرض يصافح بها عباده)).

8-((آخر من يدخل الجنة رجل من جهينة، يقال له: جهينة، فيسأله أهل الجنة: هل بقي أحد يعذب؟ فيقول: لا فيقولون: عند جهينة الخبر اليقين)).

9-((خير الأسماء ما عبِّد وما حـمِّد))

10-((يُدعى الناس يوم القيامة بأمهاتهم ستراً من الله - عز وجل - عليهم))

11-((إن عبد الرحمن بن عوف يدخل الجنة حبواً))

12-\"إذا كان يوم القيامة نادى منادٍ,: يا محمد! قم فادخل الجنة بغير حساب، فيقوم كل من كان اسمه محمد، ويتوهم أن النداء له، فلكرامة محمد لا يمنعون\"

13- اطلبوا العلم ولو بالصين \"

14-\" خذوا شطر دينكم عن هذه الحميراء \"

15-\" لو أحسن أحدكم ظنه بحجر لنفعه \"

16- حديث: \" تلقين الميت بعد دفنه \" ولفظه: \"إذا مات أحدكم فسويتم عليه التراب فليقم أحدكم على رأس قبره ثم يقول: يا فلان بن فلانة. فإنه يسمع ولا يجيب. رواه الطبراني، وقال الصنعاني العمل به بدعة\"

17-حديث \"إن في الجنة نهرا يقال له رجب ماؤه أشدّ بياضا من اللبن وأحلى من العسل من صام يوما من رجب سقاه من ذلك النهر\"

18-حديث\"يا آدم لولا محمد ما خلقتك\"

19-حديث\"ما فضلكم أبوبكر بكثرة صيام و لا صلاة ولكن بشيء وقر في قلبه\"

20-حديث\"ما صبّ الله في صدري شيئا إلا صببته في صدر أبي بكر\"

21-حديث\"لي مع الله وقت لا يسعني فيه ملك مقرّب ولا نبي مرسل\"

22-حديث\"لا إله إلا الله حصني فمن دخله أمن من عذابي\"

23-حديث\" ما و سعني سمائي ولا أرضي ولكن وسعني قلب عبدي المؤمن\"

24-حديث\"من عرف نفسه عرف ربّه\"

25-حديث\"من زنى زني به ولو بحيطان داره\"

26-حديث\"من تهاون بصلاته عاقبه الله بخمس عشرة خصلة....الخ تجدونه على أبواب المساجد واقبح منه ورقة فيها أسماء الله الحسنى كل اسم منها يشفي مرضا من الأمراض

27-حديث\" كنت نبيا وآدم بين الماء والطين\"

28-حديث\"اتق شرّ من أحسنت إليه\"

29-حديث\"بشّر القاتل بالقتل\"

30- حديث\"يوم صومكم يوم نحركم\"

31-حديث: (توسل آدم بالنبي عليهما الصلاة والسلام). قال الإمام الذهبي حديث موضوع، وقال ابن حجر في لسان الميزان إنه خبر باطل.

32- حديث: (اللهم ثقل علي وخفف عن أمتي). ليس له أصل في كتب السنة.

33- حديث (المؤمن يسرق، يزني، يكذب؟ قال: لا)

34- حديث(من تعلم وعمل وعلم يبعث يوم القيامة أمة وحده)

35- حديث: (الذي عجز عن نطق الشهادة لأن أمه لم تكن راضية عنه، فأمر النبي بحطب ليحرق).

36- حديث: (من أمسى راضياً لوالديه مسخطاً لي أمسيت وأنا عنه راض). ليس له أصل في كتب السنة. )

37- حديث: (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، عندما عُرج به إلى سدرة المنتهى حي ربه، بالتحيات لله، ورد الله - تعالى -علية: السلام عليك أيها النبي).

38- حديث: (أن الله - تعالى -طلب من أبي بكر أن يرضى عنه).

39- حديث: (عجل أمتي الدينار والدرهم)

40- (قاطع الرحم ملعون ولو مات في جوف الكعبة).

41- (حضور مجلس علم خير من حضور ألف جنازة.... ).

42- حديث: (أن النبي خرج من فمه نور عند ولادته لحق بعنان السماء).

43- حديث: (النار تقول للمؤمن جز يا مؤمن فقد أطفأ نورك لهبي).

44- حديث: (أن للنبي - صلى الله عليه وسلم -، جاراً يهودياً يلقي القمامة على باب بيته، فلما مرض زاره النبي - صلى الله عليه وسلم -، فأسلم).

45- حديث: (أن الله - تعالى -يبعث للعبد يوم القيامة رسالة من الحي الذي لا يموت إلى الحي الذي لا يموت )

والله - تعالى -الموفق وهو الهادي إلى سواء السبيل .

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply