التعقـبات السليمية للتخريجات الألبانية


 بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله وبعدº

قرأتُ كتاب \" صون الشرع الحنيف ببيان الموضوع والضعيف \" (الجزء الأول) للشيخ عمرو عبد المنعم سليم منذ زمن، وقيدت بعض الفوائد على طرةِ الكتابِ، ومنها تعقبات على الشيخ الألباني في تخريجه لبعض الأحاديث، ومن باب الفائدة أحببت طرح هذه التعقبات بين أيديكم، أسأل الله أن ينفع بها.

 

وقد قال الشيخ عمرو عبد المنعم سليم في أول تعقيب له للشيخ:

ذكرت ذلك تنبيها ونصحا، لا طعنا وغمزا، فإن الدين النصيحة، والألباني - رحمه الله - محدث العصر بلا مدافعة، ولا يمقته أو يقع فيه إلا من عاند أو كابر واتبغ غير طريق السنة...ا.هـ.

 

وأنقل هذه التعقبات ولسان حالي كما ذكر الشيخ عمرو عبد المنعم.

 

والطريقة المتبعة في الطرح:

1 - اذكر نص الحديث الذي تعقب فيه الشيخُ عمرو العلامةَ الألباني - رحمه الله -.

2 - درجة الحديث.

3 - كلام الشيخ عمرو عبد المنعم في تعقبه للعلامة الألباني - رحمه الله - بنصه.

 

وقد سميتها: \" الـتَّـعَـقٌّـبَـاتُ الـسَّـلِـيـمِـيَّـةُ لـلـتَّـخـرِيـجـاتِ الأَلـبَـانِـيَّـةِ \"، و \" الـسَّـلِـيـمِـيَّـةُ \" نسبة إلى عمرو عبد المنعم سليم.

 

ولا يفهم من عنوان المقال أن الشيخ عمرو خصص هذا الكتاب لتعقب الشيخ الألباني - رحمه الله -، بل هي في ثنايا التخريجات.

 

- تـنـبـيـه:

يكتب الشيخ عمرو عند ذكر الشيخ الألباني عبارة \" - حفظه الله - \" لأنه ألف الكتاب حال حياة الشيخ، وسأكتب بدلا منها \" - رحمه الله - \"º فهي عبارتي، ولذلك أحببت التنبيه.

 

- الـحـديـثُ الأولُ:

\" الحجاج والعمار وفد الله، إن سألوا أعطوا، وإن دعوا أجيبوا، وإن أنفقوا أخلف لهم، والذي نفس أبي القاسم بيده! ما مكبر مكبر على نشز، ولا أهل مهل على شرف من الأشرافº إلا أهل ما بين يديه وكبرº حتى ينقطع منه منقطع التراب \".

* مُـنـكـر.

 

قال الشيخ عمرو عبد المنعم في \" الصون \" (1/29):

ولكن وجدت الشيخ الألباني - رحمه الله - في \" الصحيحة \" (4/434) قد قوى حديث ابن عمر الموصول من رواية مجاهد، بحديثه من رواية أبي بكر بن حفص، ولا تصح مثل هذه التقوية حتى على مذهب المتأخرين في تقوية الضعيف بمثيله، ذلك لأن رواية مجاهد عن ابن عمر منكرة، وإنما المحفوظ أنها من قول كعب كما بيناه آنفا، فبقي الوجه المرسل وهو رواية أبي بكر بن حفص، بل قد قوى حديث ابن عمر من رواية مجاهد عنه، بحديث جابر بن عبد الله من رواية محمد بن أبي حميد، وكلاهما منكران مرجوحان، لا يصح التقوية بهما على الاتفاق، فتنبه.

 

ذكرت ذلك تنبيها ونصحا، لا طعنا وغمزا، فإن الدين النصيحة، والألباني - رحمه الله - محدث العصر بلا مدافعة، ولا يمقته أو يقع فيه إلا من عاند أو كابر واتبغ غير طريق السنة، كذلك السقاف البغيض، المبتدع الأثيم، ومن على طريقته من أهل الأهواء، إلا أن كل أحد يؤخذ من قوله ويرد إلا النبي المعصوم - صلى الله عليه وسلم -.

 

فإن رأيت في كتابي هذا عتراضا على حكم لأحد من أهل السنة، فليس إلا على وجه النصح، بعيدا عن الفجاجة والتطاول، رزقنا الله الإنصاف والسداد، والله الموفق. اهـ.

آمين.

 

- الـحـديـثُ الـثـانـي:

\" أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دعا بوضوء فتوضأ مرة مرة، وقال: هذا الوضوء الذي لا يقبله الله الصلاة إلا به، ثم توضأ مرتين مرتين، وقال: هذا وضوء من توضأه أعطاه الله كفلين من الأجر، ثم توضأ ثلاثا ثلاثا، وقال: هذا وضوئي ووضوء الأنبياء من قبلي.

* مُـنـكـر.

 

قال الشيخ عمرو عبد المنعم في \" الصون \" (1/54-55):

فهذه هي طرق هذا الخبر، لا يصح منها شيء، بل هي شديدة الضعف، واهية كما تقدم بيانه، فلا يصلح منها ما يجوز التقوية به، وبهذا تعلم أن قول العلامة الألباني - رحمه الله -: \" للحديث شواهد كثيرة يرتقي بها درجة الحسن إن لم نقل الصحة \" فيه نظر.

 

مع أنه لم يصرح بصحة الحديث في \" الإرواء \" (1/125-126)، بل الظاهر من صنيعه هناك أنه كان يميل إلى ضعفه. ا. هـ.

 

- الـحـديـثُ الـثـالـثُ:

\" لا تديموا النظر إلى المجذومين\".

* مُـنـكـرٌ جـداً.

 

قال الشيخ عمرو عبد المنعم في \" الصون \" (1/69):

... قلت: وهذا السند ضعيف، بل وفيه اضطراب ونكارة، خلافا لمن صححه، فعضد الوجه المرجوح بالوجه الراجح ولم يمعن النظر في الاختلاف فيه على الرواة.

 

ولذا قال ابن القطان الفاسي في \" النظر في أحكام النظر \": ليس يصح حديث ابن عباس في النهي عن إدامة النظر إلى المجذومين للجهل بإسناده.... اهـ.

انظر الصحيحة (1064).

 

- الـحـديـثُ الـرابـعُ:

\" لا ينبغي لمسلم أن يذل نفسه قيل: وكيف يذل نفسه؟ قال: يتعرض من البلاء لما لا يطيق \"

* ضـعـيـف.

 

قال الشيخ عمرو عبد المنعم في \" الصون \" (1/107):

\"... قال الألباني - رحمه الله -:

\" وهذا إسناد صحيح إن كان زكريا بن يحيى هو اللؤلؤي الفقيه الحافظ \".

 

قلت: باعتبار مذهب المتأخرين في تعضيد الأسانيد المحتملة الضعف بعضها ببعض، فليس فيها التقوية بما يطرأ عليه الاحتمال.

 

وعلى أي حال: فزكريا هذا ليس اللؤلؤي، وإنما هو زكريا بن يحيى بن أيوب المدائني الضرير، ذكره المزي في تلاميذ شبابة. ا. هـ.

 

- الـحـديـثُ الـخـامـسُ:

\" من أحب لله و أبغض لله و أعطى لله و منع لله فقد استكمل الإيمان \"

* مـنـكـر.

 

قال الشيخ عمرو عبد المنعم في \" الصون \" (1/117-118):

\"... وأما الشيخ الألباني - رحمه الله - فقد حسن إسناده جريا على قاعدته فيمن وثقه ابن حبان، وروى عنه جماعة من الثقات، إلا أنه وهم في \" الصحيحة \" (1/658) فنسبه من رواية كعب بن مالك، وإنما هو من رواية كعب الأحبار.

 

وكذلك فقد صحح الحديث المرفوع بمجموع الطرق مع ضعفها الذي بيناه من قبل، وقد تفطن الأخ محقق شرح أصول الاعتقاد إلى ذلك، فقال: \" ولم يصب الشيخ الألباني في تصحيح هذا الحديث لضعف الطرق المذكورة، والحديث لا يرقى عن درجة الحسن \".

 

قلت: بل لا يرقى إلى درجة الحسن، والتساهل في التصحيح مُدخل إلى تشريع ما ليس بشرع. ا. هـ.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply