أحاديث النهي عن نظر الرجلِ إلى عورة زوجته والعكس في ميزان النقد العلمي


 بسم الله الرحمن الرحيم

سؤال عن تخريج حديث؟

قال ابن قدامة في المغني (9/496): ويكره النظر إلى الفرج، فإن عائشة - رضي الله عنها - قالت: ما رأيت فرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قط. رواه ابن ماجه، وفي لفظٍ, قالت: ما رأيته من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - و لا رآه مني. ا. هـ المراد نقله من كلامه - رحمه الله -.

و السؤال هو: من خرج من أهل العلم بالحديث اللفظ الآخر (ما رأيته من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - و لا رآه مني)؟.

فإني لم أقف عليه...و الله - تعالى -أعلم.

الجواب:

الأخ بندار.

إليك تخريج الأحاديث التي فيها كراهة النظر إلى فرج الزوجة أو العكس، وكلام العلماء في المسألة.

وهذا البحث موضوع قديم نشرته قبل أشهر.

توقفنا في الحلقة الثانية من هذه السلسلة عند جواز نظر الرجل إلى عورة زوجته وبالعكس وأوردنا ما جاء في سنة المصطفى صلى الله عليه وأقوال العلماء.

ومع الأسف يظن كثير من الناس أن هذا الأمر غير جائز واستندوا في ذلك إلى بعض الأحاديث الموضوعة والمكذوبة على رسول الله وسأبين هذه الأحاديث تحذيرا للأمة منها مع ذكر سبب ضعفها.

 

الحديث الأول:

عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: ما رأيت عورة رسول الله صلى الله عليه قط.

رواه الطبراني في الصغير (رقم138) وقال الطبراني: لم يروه عن الثوري إلا يوسف بن أسباط تفرد به بركة بن محمد.

وبركة بن محمد قال عنه الدارقطني في سننه: بركة يضع الحديث.

وقال مسلمة بن قاسم: حدث عن يوسف بن أسباط بمناكير. وقال ابن عدي: وسائر أحاديثه باطلة.

وأورد له الحافظ في \" لسان الميزان \" (2/13) هذا الحديث من مناكيره.

ورواه ابن ماجة في سننه (1922) بلفظ: ما نظرت أو ما رأيت فرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قط.

قال البوصيري في مصباح الزجاجة (2/95): هذا إسناد ضعيف لجهالة تابعيه.

والحديث رواه البيهقي في سننه (7/94).

قال العلامة الألباني في آداب الزفاف (ص109): وله طريق ثالث عند أبي الشيخ في \" أخلاق النبي - صلى الله عليه وسلم - وفيه أبو صالح باذام ضعيف ومحمد بن القاسم الأسدي وهو كذاب.

 

الحديث الثاني:

عن عتبة ابن عبد السلمي قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: \"إذا أتى أحدكم أهله فليستتر ولا يتجرد تجرد العَيرَينِ\". رواه ابن ماجة في سننه (1921).

قال العراقي في المغني عن حمل الأسفار (1521): ابن ماجة من حديث عتبة بن عبد بسند ضعيف.

وقال البوصيري في المصباح (2/95): هذا إسناد ضعيف لضعف الأحوص بن حكيم العنسي الحمصي.

وفي إسناده أيضا الوليد بن القاسم الهمداني فقد وثقه أحمد بن حنبل وضعفه بن معين لكن ابن عدي قال: إذا روى عن ثقة وروى عنه ثقة فلا بأس به. فتبين أن الضعف ليس من جهته وإنما من غيره.

وقال الشيخ الألباني في آداب الزفاف (ص110): وأخرجه النسائي في عشرة النساء والملخص في الفوائد المنتقاة وابن عدي عن عبد الله بن سرجس وقال النسائي: حديث منكر وصدقة بن عبد الله (يعني أحد رواته) ضعيف.

ورواه ابن أبي شيبة وعبد الرزاق عن أبي قِلابة وهو مرسل وأخرجه الطبراني وأحمد بن مسعود في أحاديثه والعقيلي في الضعفاء والباطرقاني في حديثه والبيهقي في سننه عن ابن مسعود وضعفه البيهقي بقوله: تفرد به مندل بن علي وليس بالقوي. ثم ذكره بنحوه من حديث أنس وقال: إنه منكر.

 

ومعنى العَيرَين تثنية عير وهو حمار الوحش.

 

الحديث الثالث:

عن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: \"إذا جامع أحدكم زوجته فلا ينظر إلى فرجها فإن ذلك يورث العمى\".

 

قال العلامة الألباني في الضعيفة (ح195): موضوع.وذكر سبب الوضع فيه ولولا خشيت الإطالة لنقلته بحرفه.

 

ثم قال الشيخ عقب ذلك: والنظر الصحيح يدل على بطلان هذا الحديث فإن تحريم النظر بالنسبة للجماع من باب تحريم الوسائل فإذا أباح الله - تعالى -للزوج أن يجامع زوجته فهل يعقل أن يمنعه من النظر إلى فرجها؟ ! اللهم لا، ويؤيد هذا النقل حديث عائشة قالت: كنت أغتسل أنا ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - من إناء بيني وبينه واحد فيبادرني حتى أقول: دع لي دع لي. أخرجه الشيخان وغيرهما.

 

فإن الظاهر من هذا جواز النظر ويؤيده رواية ابن حبان من طريق سليمان بن موسى أن سُئل عن الرجل ينظر إلى فرج امرأته؟ فقال: سألت عطاء فقال: سألت عائشة: فذكرت هذا الحديث بمعناه.

 

قال الحافظ في الفتح: وهو نص في جواز نظر الرجل إلى عورة امرأته وعكسه. وإذا تبين هذا فلا فرق حينئذ بين النظر عند الاغتسال أو الجماع فثبت بطلان الحديث. ا. هـ. كلامه جزاه الله خيرا.

 

الحديث الرابع:

عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: \"إذا جامع أحدكم فلا ينظر إلى الفرج فإنه يورث العمى ولا يكثر الكلام فإنه يورث الخرس\".

قال الشيخ العلامة الألباني في الضعيفة (ح196): موضوع وذكر تخريج الحديث نفع الله بعلمه.

 

الحديث الخامس:

عن قبيصة بن ذؤيب أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: \"لا تكثروا الكلام عند مجامعة النساء فإن منه يكون الخرس والفأفأة\".

قال الشيخ العلامة الألباني في الضعيفة (ح197): ضعيف جدا.

وبعد هذا العرض لهذه الأحاديث يتبين أن تحريم النظر لا تقوم به حجة والأحاديث الواردة في الباب إما ضعيفة أو موضوعة أو مكذوبة.

 

كلام العلماء في المسألة:

قال الحافظ ابن حجر في الفتح (1/290): واستدل به الداوودي على جواز نظر الرجل إلى عورة امرأته وعكسه، ويؤيده ما رواه ابن حبان من طريق سليمان بن موسى أنه سئل عن الرجل ينظر إلى فرج امرأته؟ فقال: سألت عطاء، فقال: سألت عائشة، فذكرت الحديث بمعناه، وهو نص في المسألة. ا. هـ.

والحديث الذي يشير إليه الحافظ هو حديث عائشة - رضي الله عنها - قالت: \"كنت أغتسل أنا ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - من إناء بيني وبينه واحد [تختلف أيدينا فيه] فيبادرني حتى أقول: دع لي، دع لي، قالت: وهما جنبان\".

 

قال العلامة الألباني: رواه البخاري ومسلم وأبو عوانة في صحاحهم والسياق لمسلم، والزيادة له وللبخاري في رواية، وترجم له بـ \" باب غسل الرجل مع امرأته \".

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply