أحاديث النوم على البطن ... رواية


 بسم الله الرحمن الرحيم
رواياتُ الحديـث:

الحديث جاء عن أربعة من الصحابة:

1 - يَـعِـيـشُ بنُ طِـخـفَةَ بنِ قَـيـسِ الـغـفـاري:

عَن يَعِيشَ بنِ طِخفَةَ بنِ قَيسٍ, الغِفَارِيِّ قَالَ : كَانَ أَبِي مِن أَصحَابِ الصٌّفَّةِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : انطَلِقُوا بِنَا إِلَى بَيتِ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنهَا - فَانطَلَقنَا فَقَالَ: يَا عَائِشَةُ º أَطعِمِينَا فَجَاءَت بِحَشِيشَةٍ, فَأَكَلنَا، ثُمَّ قَالَ: يَا عَائِشَةُº أَطعِمِينَا فَجَاءَت بِحَيسَةٍ, مِثلِ القَطَاةِ، فَأَكَلنَا، ثُمَّ قَالَ: يَا عَائِشَةُ º اسقِينَا فَجَاءَت بِعُسٍّ, مِن لَبَنٍ, فَشَرِبنَا، ثُمَّ قَالَ: يَا عَائِشَةُ º اسقِينَا فَجَاءَت بِقَدَحٍ, صَغِيرٍ, فَشَرِبنَا، ثُمَّ قَالَ: إِن شِئتُم بِتٌّم وَإِن شِئتُم انطَلَقتُم إِلَى المَسجِدِ، قَالَ: فَبَينَمَا أَنَا مُضطَجِعٌ فِي المَسجِدِ مِن السَّحَرِ عَلَى بَطنِي إِذَا رَجُلٌ يُحَرِّكُنِي بِرِجلِهِ فَقَالَ: إِنَّ هَذِهِ ضِجعَةٌ يُبغِضُهَا اللَّهُ، قَالَ: فَنَظَرتُ فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. رواه أبو داود في سننه (5001)، وابن ماجة (752)، والنسائي في السنن الكبرى (6585، 6586، 6587، 6588، 6662، 6663، 6664)، وأحمد (3/429 - 430).

وقد بين ابن عبد البر في الاستيعاب (2/774) عند ترجمة طهفة الغفاري اضطراب هذا الحديث فقال:

طهفة الغفاري، اختلف فيه اختلافا كثيرا واضطراب فيه اضطرابا شديدا فقيل: طهفة بن قيس بالهاء، وقيل: طخفة بن قيس بالخاء، وقيل: طغفة بالغين، وقيل: طقفة بالقاف والفاء، وقيل: قيس بن طخيفة، وقيل: يعيش بن طخفة عن أبيه، وقيل: عبد الله بن طخفة عن أبيه عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقيل: طهفة عن ابي ذر عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وحديثهم كلهم واحد كنت نائما في الصفة على بطني فركضني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - برجله وقال هذه نومة يبغضها الله وكان من أصحاب الصفة ومن أهل العلم من يقول إن الصحبة لعبد الله ابنه، وإنه صاحب القصة حديثه عن يحيى بن أبي كثير وعليه اختلفوا فيه. ا. هـ.

وقال المزي في تهذيب الكمال (13/375) في ترجمة طخفة:

صحابي، له حديث واحد، في النهي عن النوم على بطنه.

رواه: يحيى بن أبي كثير، وفيه اختلاف طويل عريض........... ا. هـ.، وذكر الاختلاف.

وقال الترمذي في سننه (2768): وروى يحيى بن أبي كثير هذا الحديث عن أبي سلمة، عن يعيش بن طهفة، عن أبيه، ويقال: طخفة، والصحيح طهفة، وقال بعض الحفاظ: الصحيح طخفة، ويقال طغفة يعيش هو من الصحابة. ا. هـ.

وقال عنه العلامة الألباني في ضعيف سنن أبي داود (1069): ضعيف مضطرب - غير أن الاضطجاع على البطن منه صحيح. ا. هـ.

وقال في ضعيف ابن ماجة (165): ضعيف - مضطرب.

وقال الأرنؤوط في تخريجه لمسند الإمام أحمد (24/307 ح 15543): وهذا إسناد ضعيف لا ضطرابه ولجهالة ابن طخفة... ا. هـ.

وقد بوب أبو داود على الحديث بقوله: باب في الرجل ينبطح على بطنه.

 

2 - أبـو هـريـرةَ - رضي الله عنه -:

عَن أَبِي هُرَيرَةَ : أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - رَأَى رَجُلًا مُضطَجِعًا عَلَى بَطنِهِ فَقَالَ : إِنَّ هَذِهِ ضِجعَةٌ لَا يُحِبٌّهَا اللَّهُ. رواه ابن أبي شيبة (9/115)، والترمذي (2768)، وأحمد (2/287).

وقد أعل هذا السند الإمامان البخاري وابن أبي حاتم.

قال البخاري في التاريخ الكبير (4/366): وقال محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا يصح. ا. هـ.

وقال أيضا: وقال لنا أحمد بن الحجاج، حدثنا عبد العزيز بن محمد، عن محمد بن عمرو بن حلحلة الديلي، عن محمد بن عمرو بن عطاء، عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا يصح أبو هريرة. ا. هـ.

وقال ابن أبي حاتم في العلل (2/233): سألت أبي عن حديث رواه حماد بن سلمة، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة عن أبي هريرة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - مر برجل مضطجع على بطنه، فقال: هذه ضجعة لا يحبها الله، قال أبي: له علة. قلت: وما هو؟ قال: رواه ابن أبي ذئب عن خاله الحارث بن عبدالرحمن قال: دخلت أنا وأبو سلمة على ابن طهفة فحدث عن أبيه قال: مر بي وانا نائم على وجهي وهذا الصحيح. ا. هـ.

وقال أيضا: سألت أبي عن حديث رواه عبد العزيز الدراوردي، عن محمد بن عمرو بن حلحلة الدؤلى، عن محمد بن عمرو بن عطاء العامرى، عن أبي هريرة قال: خرج علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنا منكب على وجهى نائم فأقر عنى ثم قال: هذه ضجعة يبغضها الله.

قال أبي: إنما هو محمد بن عمرو ابن عطاء، عن ابن طخفة، عن أبيه قال: مر بي النبي - صلى الله عليه وسلم -. ا. هـ.

وقال المنذري في الترغيب والترهيب: رواه أحمد وابن حبان في صحيحه واللفظ له. وقد تكلم البخاري في هذا الحديث. ا. هـ.

وقد صحح العلماء المعاصرون هذا الحديث على الرغم من إعلال هذاين الإمامين من أئمة الحديث له.

قال الشيخ أبو الأشبال أحمد شاكر - رحمه الله - في شرحه لمسند الإمام أحمد (14/248 - 249):

\" إسناده صحيح.... \" ثم قال بعد كلام المنذري الآنف الذكر: \" وما عرفت له علة. وما أدري أين تكلم البخاري في هذا الحديث. ا. هـ.

وربما لم يطلع على كلام البخاري في التاريخ الكبير.

وقد أعله بنفس العلة الشيخ مقبل بن هادي الوادعي - رحمه الله - في \" تتبعه لأوهام الحاكم التي سكت عليها الذهبي \" (4/406) فقال بعد قول الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه:

لا، مسلم لم يعتمد على محمد بن عمرو بن علقمة، ثم لا بد من جمع طرق الحديث فالذي يظهر لي وأذكره أن الحديث يرجع إلى يعيش بن طخفة، وأن محمد بن عمرو قد وهم فيه، والحديث في \" إكرام الضيف \" لإبراهيم الحربي، وفي مسند أحمد بالطريقين، وحديث أبي هريرة مر برجل مضطجع على بطنه... إلخ.

أقول: قد اختلف في إسناد هذا الحديث على محمد بن عمرو بن عطاء العامري.

قال أبو حاتم: إنما هو محمد بن عمرو بن عطاء عن ابن طخفة عن أبيه قال: مر بي النبي - صلى الله عليه وسلم - كما في العلل، وابن طخفة هو يعيش بن طخفة مجهول. ا. هـ.

وصححه أيضا العلامة الألباني في صحيح سنن الترمذي (2221)، والمشكاة (4718)، وصحيح الترغيب والترهيب (3/188 ح 3079).

وقال تعقيبا على كلام المنذري: قلت: وفته أنه رواه الترمذي (2769) باللفظ المذكور، وكذا ابن أبي شيبة (9/115/6730)، والحاكم (4/271) وصححه، وأقره الذهبي، وأعله البخاري في التاريخ ثم البيهقي في الشعب بما لا يقدحº لأنه من رواية محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة، وقد صرح محمد بن عمرو بالتحديث في رواية لأحمد (2/287)، وهي رواية الترمذي، وأشار إلى مخالفة يحيى بن أبي كثير، فرواه عن أبي سلمة عن يعيش ابن طخفة، وهي الآتية بعده. لكن الحاكم دفع هذه المخالفة بأنه اختلف في إسناده على يحيى بن أبي كثير، ووافقه الذهبي. ا. هـ.

وقال شعيب الأرنؤوط في تحقيقه لمسند الإمام أحمد (13/251 ح 7862):

حديث قوي، وظاهر هذا الإسناد أنه حسن كسابقه، لكن أخطأ فيه محمد بن عمرو.... ا. هـ.

والذي يظهر - والعلم عند الله - أن كلام الإمامين البخاري وأبي حاتم مقدم على غيرهما لأنهما أئمة هذا الفن. فالحديث معلول، والله أعلم.

 

3 - الـشـريـدُ الـسـلـمـي:

عَنِ الشَّرِيدِ عَن النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ كَانَ إِذَا وَجَدَ الرَّجُلَ رَاقِدًا عَلَى وَجهِهِ لَيسَ عَلَى عَجُزِهِ شَيءٌ رَكَضَهُ بِرِجلِهِ وَقَالَ: هِيَ أَبغَضُ الرِّقدَةِ إِلَى اللَّهِ - عز وجل -. رواه أحمد في مسنده (4/388).

وجاء بلفظ: حَدَّثَنَا رَوحٌ حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا حَدَّثَنَا إِبرَاهِيمُ بنُ مَيسَرَةَ أَنَّهُ سَمِعَ عَمرَو بنَ الشَّرِيدِ يَقُولُ بَلَغَنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَرَّ عَلَى رَجُلٍ, وَهُوَ رَاقِدٌ عَلَى وَجهِهِ فَقَالَ هَذَا أَبغَضُ الرٌّقَادِ إِلَى اللَّهِ - عز وجل -.

رواه أحمد في مسنده أيضا (4/390).

قال الشيخ شعيب الأرنؤوط في تخريجه لمسند الإمام أحمد (32/208 ح 19458): مرفوعه حسن لغيره، وهذا إسناد مرسل، كما في جميع النسخ، ومجمع الزوائد، ووقع في \" أطراف المسند \" (2/578) و \" إتحاف المهرة \" (6/191) متصلا بذكر الشريد والد عمرو، ولا نظنه إلا وهما من الحافظ - رحمه الله -، فقد صرح عمرو بن الشريد في الرواية الآتية برقم (19473) بإرساله فقال: بلغنا أن رسول الله مر على رجل وهو راقد..... ا. هـ.

ولا أظن أن هذا الحديث يقوي الأحاديث السابقة.

 

4 - أبـو أمـامـةَ - رضي الله عنه -:

عَن أَبِي أُمَامَةَ قَالَ : مَرَّ النَّبِيٌّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى رَجُلٍ, نَائِمٍ, فِي المَسجِدِ مُنبَطِحٍ, عَلَى وَجهِهِ، فَضَرَبَهُ بِرِجلِهِ، وَقَالَ: قُم، وَاقعُد فَإِنَّهَا نَومَةٌ جَهَنَّمِيَّةٌ.

رواه ابن ماجة (3725)، والبخاري في الأدب المفرد (1188).

وفي إسناده الوليد بن جميل الكندي الفلسطيني.

قال أبو زرعة: شيخ لين الحديث.

وقال البخاري: مقارب الحديث.

وقال أبو حاتم: شيخ يروي عن القاسم أحاديث منكرة.

والمقصود القاسم بن عبد الرحمن.

وفي إسناده أيضا سلمة بن رجاء.

قال يحيى بن معين ليس بشيء.

وقال أبو زرعة صدوق.

وقال أبو حاتم: ما بحديثه بأس.

وقال أبو أحمد بن عدي: أحاديثه أفراد وغرائب، حدث بأحاديث لا يتابع عليها.

وقال النسائي: ضعيف.

وقال الحاكم عن الدارقطني: ينفرد عن الثقات بأحاديث.

وقال الحافظ في التقريب: صدوق يُغرب.

قال البوصيري في مصباح الزجاجة (3/178):

هذا إسناد فيه مقال الوليد بن جميل لينه أبوزرعة، وقال أبو حاتم: شيخ يروي عن القاسم أحاديث منكرة.

وقال أبو داود ليس به بأس. وذكره ابن حبان في الثقات.

وسلمة بن رجاء ويعقوب بن حميد مختلف فيهما وله شاهد من حديث أبي هريرة رواه ابن حبان في صحيحه. ا. هـ.

وقال العلامة الألباني في ضعيف الأدب المفرد (187): ضعيف الإسناد بهذا اللفظ، فيه الوليد بن جميل الكندي الفلسطيني، صدوق يخطئ... ا. هـ.

وقال في ضعيف ابن ماجة (816): ضعيف.

وقال شعيب الأرنؤوط في تخريجه لمسند الإمام أحمد (32/209): وإسناده حسن من أجل الوليد بن جميل. ا. هـ.

وأنّى له أن يكون حسن الإسناد بعد النقول عن أئمة الجرح والتعديل في رجال سنده.

وبعد هذا التخريج للأحاديث الواردة في النوم على البطن يتبين أن أسانيدها لا تخلو من ضعف والله أعلم.

واكتفي بهذا القدر، ولعلي أجمع كلام أهل العلم في هذا الأمر لا حقا إن شاء الله - تعالى -.

ومن كان له إضافة على ما ذكرنا نكون له من الشاكرين.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply