ماذا وقع في غزوة تبوك؟


بسم الله الرحمن الرحيم

 

الجيش الإسلامي بتبوك:

نزل الجيش الإسلامي بتبوك، فعسكر هناك، وهو مستعد للقاء العدو، وقام رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- فيهم خطيباً، فخطب خطبة بليغة، أتى بجوامع الكلم، وحض على خير الدنيا والآخرة، وحذر وأنذر، وبشر وأبشر، حتى رفع معنوياتهم، وجبر بها ما كان فيهم من النقص والخلل من حيث قلة الزاد والمادة والمؤنة. وأما الرومان وحلفاؤهم فلما سمعوا بزحف رسول اللّه-صلى الله عليه وسلم-أخذهم الرعب، فلم يجترئوا على التقدم واللقاء، بل تفرقوا في البلاد في داخل حدودهم، فكان لذلك أحسن أثر بالنسبة إلى سمعة المسلمين العسكرية، في داخل الجزيرة وأرجائها النائية، وحصل بذلك المسلمون على مكاسب سياسية كبيرة خطيرة، لعلهم لم يكونوا يحصلون عليها لو وقع هناك اصطدام بين الجيشين.

جاء يُحَنَّةُ بن رُؤبَةَ صاحب أيلَةَ، فصالح الرسول-صلى الله عليه وسلم-وأعطاه الجزية، وأتاه أهل جَربَاء وأهل أذرُح، فأعطوه الجزية، وكتب لهم رسول اللّه-صلى الله عليه وسلم-كتاباً فهو عندهم، وكتب لصاحب أيلة: (بسم اللّه الرحمن الرحيم، هذه أمنة من اللّه ومحمد النبي رسول اللّه ليحنة بن رؤبة وأهل أيلة، سفنهم وسياراتهم في البر والبحر لهم ذمة اللّه وذمة محمد النبي، ومن كان معه من أهل الشام وأهل البحر، فمن أحدث منهم حدثاً، فإنه لا يحول ماله دون نفسه، وإنه طيب لمن أخذه من الناس، وأنه لا يحل أن يمنعوا ماء يردونه، ولا طريقاً يريدونه من بر أو بحر).

وبعث رسول اللّه-صلى الله عليه وسلم-خالد بن الوليد إلى أُكَيدِرِ دُومَة الجَندَل في أربعمائة وعشرين فارساً، وقال له: (إنك ستجده يصيد البقر) سنن البيهقي،(9/187)، وتاريخ الطبري(2/185)، فأتاه خالد، فلما كان من حصنه بمنظر العين، خرجت بقرة، تحك بقرونها باب القصر، فخرج أكيدر لصيدها -وكانت ليلة مقمرة- فتلقاه خالد في خيله، فأخذه وجاء به إلى رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم-، فحقن دمه، وصالحه على ألفي بعير، وثمانمائة رأس وأربعمائة درع، وأربعمائة رمح، وأقر بإعطاء الجزية، فقاضاه مع يُحَنَّة على قضية دُومَة وتبوك وأيلَةَ وَتَيماء.

وأيقنت القبائل التي كانت تعمل لحساب الرومان أن اعتمادها على سادتها الأقدمين قد فات أوانه، فانقلبت لصالح المسلمين، وهكذا توسعت حدود الدولة الإسلامية، حتى لاقت حدود الرومان مباشرة، وشهد عملاء الرومان نهايتهم إلى حد كبير.

 

الرجوع إلى المدينة:

ورجع الجيش الإسلامي من تبوك مظفرين منصورين، لم ينالوا كيداً، وكفي الله المؤمنين القتال، وفي الطريق عند عقبة حاول اثنا عشر رجلاً من المنافقين الفتك بالنبي-صلى الله عليه وسلم-، وذلك أنه حينما كان يمر بتلك العقبة كان معه عمار يقود بزمام ناقته، وحذيفة ابن اليمان يسوقها، وأخذ الناس ببطن الوادي، فانتهز أولئك المنافقون هذه الفرصة.فبينما رسول اللّه-صلى الله عليه وسلم-وصاحباه يسيران إذ سمعوا وكزة القوم من ورائهم، قد غشوه وهم ملتثمون، فبعث حذيفة فضرب وجوه رواحلهم بمِحجَن كان معه، فأرعبهم اللّه، فأسرعوا في الفرار حتى لحقوا بالقوم، وأخبر رسول اللّه-صلى الله عليه وسلم-بأسمائهم، وبما هموا به، فلذلك كان حذيفة يسمي بصاحب سـر رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وفي ذلك يقول اللّه –تعالي-: {وَهَمٌّوا بِمَا لَم يَنَالُوا} التوبة: 74.

ولما لاحت للنبي-صلى الله عليه وسلم-معالم المدينة من بعيد قال: (هذه طَابَةُ، وهذا أحُدٌ، جبل يحبنا ونحبه)  صحيح مسلم،(4/1785)(1392) كتاب الفضائل، باب في معجزات النبي-صلى الله عليه وسلم-،  وتسامع الناس بمقدمه، فخرج النساء والصبيان والولائد يقابلن الجيش بحفاوة بالغة ويقلن(1):

 

طلــع البــدر عليـنــا

 

مــن ثنيــات الــــوداع

وجـب الشـكر علينـــا

 

مـــــا دعــــا لله داع

وكانت عودته-صلى الله عليه وسلم-من تبوك ودخوله في المدينة في رجب سنة 9هـ، واستغرقت هذه الغزوة خمسين يوماً، أقام منها عشرين يوماً في تبوك، والبواقي قضاها في الطريق جيئة وذهاباً.وكانت هذه الغزوة آخر غزواته -صلى الله عليه وسلم-.

 

المُخَلَّفون:

وكانت هذه الغزوة-لظروفها الخاصة بها-اختباراً شديداً من اللّه، امتاز به المؤمنون من غيرهم، كما هي سنته -تعالى- في مثل هذه المواطن، حيث يقول: {مَّا كَانَ اللّهُ لِيَذَرَ المُؤمِنِينَ عَلَى مَآ أَنتُم عَلَيهِ حَتَّىَ يَمِيزَ الخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ} آل عمران: 179.فقد خرج لهذه الغزوة كل من كان مؤمناً صادقاً، حتى صار التخلف أمارة على نفاق الرجل، فكان الرجل إذا تخلف وذكروه لرسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- قال لهم:(دعوه، فإن يكن فيه خير فسيلحقه اللّه بكم، وإن يكن غير ذلك فقد أراحكم منه) رواه الحاكم في مستدركه،(3/52)، فلم يتخلف إلا من حبسهم العذر، أو الذين كذبوا اللّه ورسوله من المنافقين، الذين قعدوا بعد أن استأذنوا للقعود كذباً، أو قعدوا ولم يستأذنوا رأسا.نعم كان هناك ثلاثة نفر من المؤمنين الصادقين تخلفوا من غير مبرر، وهم الذين أبلاهم اللّه، ثم تاب عليهم.

ولما دخل رسول اللّه-صلى الله عليه وسلم-المدينة بدأ بالمسجد، فصلي فيه ركعتين، ثم جلس للناس، فأما المنافقون -وهم بضعة وثمانون رجلاً(2)- فجاءوا يعتذرون بأنواع شتي من الأعذار، وطفقوا يحلفون له، فقبل منهم علانيتهم، وبايعهم، واستغفر لهم، ووكل سرائرهم إلى اللّه.

وأما النفر الثلاثة من المؤمنين الصادقين-وهم كعب بن مالك، ومُرَارَة بن الربيع، وهلال بن أمية- فاختاروا الصدق، فأمر رسول اللّه-صلى الله عليه وسلم-الصحابة ألا يكلموا هؤلاء الثلاثة، وجرت ضد هؤلاء الثلاثة مقاطعة شديدة، وتغير لهم الناس، حتى تنكرت لهم الأرض، وضاقت عليهم بما رحبت، وضاقت عليهم أنفسهم، وبلغت بهم الشدة إلى أنهم بعد أن قضوا أربعين ليلة من بداية المقاطعة أمروا أن يعتزلوا نساءهم، حتى تمت على مقاطعتهم خمسون ليلة، ثم أنزل اللّه توبتهم: {وَعَلَى الثَّلاَثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَت عَلَيهِمُ الأَرضُ بِمَا رَحُبَت وَضَاقَت عَلَيهِم أَنفُسُهُم وَظَنٌّوا أَن لاَّ مَلجَأَ مِنَ اللّهِ إِلاَّ إِلَيهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيهِم لِيَتُوبُوا إِنَّ اللّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} التوبة: 118.

وفرح المسلمون، وفرح الثلاثة فرحاً لا يقاس مداه وغايته، فبشروا وأبشروا واستبشروا وأجازوا وتصدقوا، وكان أسعد يوم من أيام حياتهم.

وأما الذين حبسهم العذر فقد قال -تعالى- فيهم: {لَّيسَ عَلَى الضٌّعَفَاء وَلاَ عَلَى المَرضَى وَلاَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ مَا يُنفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُوا لِلّهِ وَرَسُولِهِ} التوبة: 91.وقال فيهم رسول اللّه حين دنا من المدينة: (إن بالمدينة رجالاً ما سرتم مَسِيراً، ولا قطعتم وادياً إلا كانوا معكم، حبسهم العُذرُ)، قـالوا: يا رسول اللّه، وهــم بالمدينة؟ قال: (وهم بالمدينة).  البخاري، الفتح، رقم(4161)كتاب المغازي، باب نزول النبي –صلى الله عليه وسلم-الحجر.

راجع \" الرحيق المختوم\" ص (394- 402).

 

فِقهُ غَزوَةِ تَبُوك

العِبَرُ والدٌّروسُ المُستَفَادَةُ مِن غَزوةِ تَبُوك:

ذكر ابن القيم في كتابه \"زاد المعاد\" جملة من الفوائد من غزوة تبوك ونذكر منها ما يلي:

1-تصريح الإمام للرعية وإعلامهم بالأمر الذي يضرهم سترُهُ وإخفاؤه، ليتأهبوا له، ويعدوا له عدته، وجواز ستر غيره عنهم والكناية عنه للمصلحة.

2-ومنها: أنَّ الإمامَ إذا استنفر الجيشَ ، لزمهم النفير، ولم يجز لأحدٍ, التخلف إلا بإذنه، ولا يُشترط في وجوب النفير تعيين كلِّ واحدٍ, منهم بعينه، بل متى استنفر الجيش، لزم كل واحد منهم الخروج معه، وهذا أحدُ المواضع الثلاثة التي يصير فيها الجهادُ فرضَ عينٍ,. والثاني: إذا حضر العدو البلد. والثالث: إذا حضر بين الصفين.

3-وجوب الجهاد بالمال، كما يجب بالنفس، وهذا إحدى الروايتين عن أحمد، وهي الصواب الذي لا ريب فيه، فإن الأمر بالجهاد بالمال شقيق الأمر بالجهاد بالنفس في القرآن وقرينه، بل جاء مقدماً على الجهاد بالنفس في كل موضع إلا موضعاً واحداً، وهذا يدل على أن الجهاد به أهم وآكد من الجهاد بالنفس، ولاريب أنَّه أحد الجهادين، كما قال النبيٌّ -صلى الله عليه وسلم-: (من جهز غازياً فقد غزا)(3)،  البخاري، الفتح، رقم(2688)كتاب الجهاد، باب فضل من جهز غازياً، ومسلم في كتاب الإمارة, باب إعانة الغازي رقم (1895)(3/1506) فيجب على القادرِ عليه، كما يجب على القادرِ بالبدن، ولا يتمٌّ الجهادُ إلا ببذله، ولا ينتصرُ إلا بالعَدد والعُدد، فإن لم يقدر أن يكثر العَدد، وجب عليه أن يمد بالمال والعُدة، وإذا وجب الحج بالمال على العاجز بالبدن، فوجوب الجهاد بالمال أولى وأحرى.

4-ومنها: ما برز به عثمانُ بن عفان -رضي الله عنه- من النفقة العظيمة في هذه الغزوة، وسبق به الناس، فقال النبيٌّ -صلى الله عليه وسلم-: (غفر الله لك يا عثمان ما أسررت وما أعلنت، وما أخفيت، وما أبديت)، ثم قال: (ما ضر عثمان ما فعل بعد اليومرواه الترمذي ، كتاب المناقب ، باب مناقب عثمان بن عفان. (2/ 211)(3701).  والحاكم في مستدركه(3/110) وقال هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وكان قد انفق ألف دينار، وثلاثمائة بعير بعُدَّتها وأحلاسها وأقتابها.

5-أنَّ العاجز بماله لا يُعذر حتى يبذلَ جهده، ويتحقق عجزُه، فإنَّ الله –سبحانه- إنَّما نفى الحرجَ عن هؤلاء العاجزين بعد أن أتوا رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- ليحملهم، فقال: (لاَ أَجِدُ مَا أَحمِلُكُم عَلَيهِ) فرجعوا يبكون، لما فاتهم من الجهاد، فهذا العاجزُ الذي لا حرجَ عليه.

6-استخلاف الإمام – إذا سافر- رجلاً من الرعية على الضعفاء، والمعذورين، والنساء، والذرية، ويكون نائبه من المجاهدين، لأنَّه من أكبر العون لهم.

7-جواز الخرص للرطب على رؤوس النخل، وأنَّه من الشَّرعِ، والعمل بقول الخارص، وقد تقدم في غزوة خَيبَر، وأنَّ الإمامُ يجوزُ أن يخرصَ بنفسه، كما خرصَ رسولُ الله- صلى الله عليه وسلم- حديقةَ المرأةِ.

8-ومنها: أنَّ الماء الذي بآبار ثمود، لا يجوزُ شربُه، ولا الطبخُ منه، ولا العجينُ به، ولا الطهارةُ به، ويجوز أن يُسقى البهائم، إلا ما كان من بئرِ الناقة، وكانت معلومةً باقيةً إلى زمن رسولِ الله- صلَّى الله عليه وسلَّم-.

9- ومنها: أنَّ مَن مرَّ بديارِ المغضوبِ عليهم والمعذَّبين لم ينبغِ له أن يدخلَها ولا أن يقيمَ بها، بل يسرع، ويتقنَّع بثوبه حتى يُجاوزَها، ولا يدخل عليهم إلا باكياً مُعتبراً، ومن هذا إسراع النبيِّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- السير في \"وادي مُحسِّر\"، بين مِنَى وعَرَفَة، فإنَّه المكانُ الذي أهلك الله فيه الفيلَ وأصحابه.

10-   ومنها: أنَّ النَّبيَّ-صلَّى الله عليه وسلَّم-كانَ يجمعُ بين الصلاتينِ في السَّفرِ، وقد جاء جمعُ التقديمِ في هذه القصةِ.

11-  جوازُ التيمم بالرَّملِ، فإنَّ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم -وأصحابَه، قطعوا الرمالَ التي بين المدينة وتبوك، ولم يحملُوا معهم تُراباً بلا شكٍّ,، وتلك مفاوزُ مُعطِشة شكوا فيها العطشَ إلى رسولِ الله- صلَّى الله عليه وسلَّم-، وقطعاً كانوا يتمسحون بالأرضِ التي هم فيها نازلون، هذا كلٌّه مما لاشكَّ فيه مع قوله -صلى الله عليه وسلم-: (فحيثما أدركت رجلاً من أمتي الصلاة، فعنده مسجدُه وطهورُه) أخرجه أحمد (5/ 248) من حديث أبي أُمامة وحسَّن إسناده شُعيب وعبد القادر الأرناؤوط محققا زاد المعاد. \"حاشية زاد المعاد\" (3/ 561).

12-  جواز، بل استحباب حنث الحالف في يمينه إذا رأي غيرها خيراً منها فيكفر عن يمينه، ويفعل الذي هو خير، وإن شاء قدم الكفارة على الحنث، وإن شاء أخرها، وقد روى حديث أبي موسى هذا: (إلا أتيت الذي هو أخير وتحللتها) وفي لفظ: (إلا كفرت عن يميني وأتيت الذي هو خير) وفي لفظ: (إلا أتيت الذي هو خير، وكفرت عن يميني)، البخاري، الفتح،رقم(6249)و(6339) كتاب الإيمان- باب لا تحلفوا بآبائكم،ومسلم (3/1268) (1649) كتاب الإيمان-باب ندب من حلف يميناً فرأى خيراً منها أن يأتي الذي هو خير، ويكفر عن يمينه. وكل هذه الألفاظ في الصحيحين وهي تقتضي عدم الترتيب.

13-   تركه- صلى الله عليه وسلم- قتل المنافقين، وقد بلغه عنهم الكفر الصريح.

14-  أهل العهد والذمة إذا أحدث أحدٌ منهم حدثاً فيه ضرر على الإسلام، انتقض عهده في ماله ونفسه، وأنه إذا لم يقدر عليه الإمام، فدمه وماله هدر، وهو لمن أخذه، كما قال في صلح أهل أيلة: (فمن أحدث منهم حدثاً، فإنه لا يحول ماله دون نفسه، وهو لمن أخذه من الناس)، وهذا لأنه بالإحداث صار محارباً، حكمه حكم أهل الحرب.

15-   جواز الدفن بالليل، كما دفن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ذا البجادين ليلاً.

16-   ومنها: أن الإمام إذا بعث سرية، فغنمت غنيمة، أو أسرت أسيراً، أو فتحت حصناً، كان ما حصل من ذلك لها بعد تخميسه.

قوله -صلى الله عليه وسلم- : (إن بالمدينة أقواماً ما سرتم مسيراً، ولا قطعتم وادياً إلا كانوا معكم)، فهذه المعية هي بقلوبهم وهممهم، لا كما يَظنٌّه طائفةٌ من الجُهَّال أنهم معهم بأبدانهم، فهذا محالٌ، لأنَّهم قالوا له: (وهم بالمدينة ؟)، قال: (وهم بالمدينة حبسهم العذر)  البخاري، الفتح، رقم(4161)كتاب المغازي، باب نزول النبي –صلى الله عليه وسلم-الحجر.

17-  وكانوا معه بأرواحهم، وبدار الهجرة بأشباحهم، وهذا من الجهاد بالقلب، وهو أحد مراتبه الأربع، وهي: القلب، وللسان، والمال، والبدن، وفي الحديث: (جاهدوا المشركين بألسنتكم وقلوبكم وأموالكم) أخرجه أبو داود (2504) والدارمي (2/ 213) وأحمد (3/ 124، 153)، والنسائي (6/ 7) وقال شعيب وعبد القادر الأرناؤوط: وإسناده صحيح، وصححه ابن حبان (1618) والحاكم (2/ 81)، ووافقه الذهبي، نقلاً من حاشية \"زاد المعاد\" (3/ 571).

18-  تحريق أمكنة المعصية التي يُعصى الله ورسوله فيها وهدمها، كما حرق رسولُ  الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- مسجد الضرار، وأمر بهدمه وهو مسجد يُصلَّى فيه، ويُذكر اسمُ الله فيه، لما كان بناؤه ضراراً وتفريقاً بين المؤمنين، ومأوى للمنافقين، وكل مكان هذا شأنه، فوجب على الإمام تعطيله، إمَّا بهدمٍ, وتحريق، وإمَّا بتغيير صورته وإخراجه عمَّا وُضِع له. وإذا كان هذا شأنَ مسجد الضِّرار فمشاهد الشِّرك التي يدعو سدنتُها إلى اتخاذِ من فيها أنداداً من دون الله أحقٌّ بالهدمِ وأوجب، وكذا محال المعاصي والفسوق، كالحانات وبيوت الخمَّارين وأرباب المنكرات.

19-  الوقفُ لا يصح على غيرِ بِرٍّ, ولا قُربةٍ,، كَمَا لم يصحَّ وقفُ هذا المسجدِ، وعلى هذا: فيُهدم إذا بُني على قبرٍ,، كما يُنبش الميِّتُ إذا دُفن في المسجد، نصَّ على ذلك الإمامُ أحمدُ وغيرُه، فلا يجتمعُ في دينِ الإسلامِ مسجدٌ وقبرٌ، بل أيهما طرأ على الآخرِ مُنع منه، وكان الحكم للسابقِ، فلو وضعا معاً لم يجز، ولا يصحٌّ الوقفُ ولا يجوزُ، ولا تصحٌّ الصَّلاةُ في هذا المسجدِ لنهي رسولِ الله- صلى الله عليه وسلم- عن ذلك، ولعنه من اتخذ القبرَ مسجداً، أو أوقد عليه سِراجاً، فهذا دينُ الإسلام الذي بعث به رسوله ونبيه، وغربته بين الناس كما ترى.

20-   جوازُ إنشادِ الشِّعرِ للقادمِ فَرَحاً وسروراً به، مالم يكن معه محرم.

 راجع: \"زاد المعاد\" للإمام ابن القيم-رحمه الله- (3/ 558- 572).

21-   بيان رفع الحرج عن ذوي الأعذار، كالعمى والعرج والمريض والعجز المالي.

22-  من آيات الإيمان ومظاهره لدى المؤمنين البكاء الصادق عن العجز عن السير، مثل ما حصل من بعض الصحابة عندما أتوا إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ليحملهم فقال: (لا أجد ما أحملكم عليه) فتولوا وأعينهم تفيض من الدمع.

23-   بيان أنَّ المثبطين عن الجهادِ والمُرجفينَ بين صُفُوفِ المؤمنين لم يكونوا مؤمنين.

24-   بيان فضيلة أبي خيثمة وأبي ذر، وذي البجادين وعبد الله بن مسعود- رضي الله عنهم- أجمعين.

25-   مشروعيةُ قصرِ الصَّلاةِ في السَّفرِ وجوازِ الجمعِ فيه.

26-   مشروعيةُ عقدِ الإمامِ الصٌّلحَ مع المشركين، إذا دعتِ الضَّرورةُ إلى ذلك.

27-   بيان بطولةِ خالد بن الوليد-رضي الله عنه- وشدةِ بأسِهِ في الحربِ.

28-   بيان فضيلة أبي بكرٍ, وعمرَ وعليٍّ,- رضي الله عنهم أجمعين-.

راجع \"هذا الحبيب محمَّد- صلَّى الله عليه وسلَّم- يا محب\" للشيخ أبي بكر الجزائري ( ص438).

 

للمزيد راجع:

\"عيون الأثر في سيرة خير البشر\" لابن سيد الناس (2/292-305)، و\"السيرة النبوية في ضوء المصادر الأصلية\" لمهدي رزق الله أحمد (613-638) و\"سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد\" للصالحي (5/433-503)، و\"الرحيق المختوم\" للمباركفوري (482-493)، و\"ابن هشام\" (4/155-179)،.

 

 


 


1 - هذا رأي ابن القيم .

2 - ذكر الواقدي أن هذا العدد كان من منافقي الأنصار وأن المعذرين من الأعراب كانوا اثنين وثمانين رجلاً من بني غفار وغيرهم وأن عبدالله ابن أبي ومن أطاعه من قومه كانوا من غير هؤلاء وكانوا عددا كبيرا. انظر فتح الباري 8/ 119.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply