النصرة لنبي الأمة - صلى الله عليه وسلم


 بسم الله الرحمن الرحيم

 

الخطبة الأولى :

الحمد لله القائل في محكم كتابه المبين : {إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الحَيَاةِ الدٌّنيَا وَيَومَ يَقُومُ الأَشهَادُ * يَومَ لا يَنفَعُ الظَّالِمِينَ مَعذِرَتُهُم وَلَهُمُ اللَّعنَةُ وَلَهُم سُوءُ الدَّارِ}. وأشهد ألا إله إلا هو سبحانه ولي الصالحين ، ولا عدوان إلا على الظالمين عبدة الهوى والشياطين، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الأمين ، صاحب الحوض المورود والمقام المحمود والشفاعة العظمى يوم الدين ، {يَومَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ العَالَمِينَ}، يوم { َتَرَى كُلَّ أُمَّةٍ, جَاثِيَةً كُلٌّ أُمَّةٍ, تُدعَى إِلَى كِتَابِهَا اليَومَ تُجزَونَ مَا كُنتُم تَعمَلُونَ } ، كفاه الله ونصره وحماه ، فقال جل وعلا : { إِنَّا كَفَينَاكَ المُستَهزِئينَ } ، وقال سبحانه : { إِلاّ تَنصُرُوهُ فَقَد نَصَرَهُ اللَّهُ }.

أما بعد :{ يَا أَيٌّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤتِكُم كِفلَينِ مِن رَحمَتِهِ وَيَجعَل لَكُم نُوراً تَمشُونَ بِهِ وَيَغفِر لَكُم وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ}، أيها المسلمون : إن من أعظم ما يفتخر به المسلم إيمانه ومحبته لرسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - ومع أنّ المسلم يؤمن بالأنبياء جميعاً -عليهم الصلاة والسلام-، ولا يفرِّق بين أحد منهم إلا أنه يعتبر النبي محمد بن عبد الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - خاتمهم، وأفضلهم، وسيدهم، وهو الذي يُفتح به باب الجنة، وهو الطريق لنجاة هذه الأمة فلا يؤذن لأحد بدخول الجنة بعد بعثته إلا أن يكون من أتباعه المؤمنين به عليه الصلاة والسلام ، قال تعالى : { لَقَد جَاءَكُم رَسُولٌ مِن أَنفُسِكُم عَزِيزٌ عَلَيهِ مَا عَنِتٌّم حَرِيصٌ عَلَيكُم بِالمُؤمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ } .

 ومما زادني شرفا وتيهـــا *** وكدت بأخمصي أطأ الثريـا

دخولي تحت قولك يا عبادي *** وأن صيّرت أحمد لي نبيــا

أيها المسلمون: ترى ماذا نقول أمام ما نشرته الصحف الدنمركية والنرويجية ، من رسوم ساخرة تسخر فيها بأعظم رجل وطأت قدماه الثرى ، بإمام النبيين وقائد الغرِّ المحجلين محمد بن عبد الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - ، صورٌ آثمةٌ وقحةٌ وقاحة الكفر وأهلة ، أظهروا النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - في إحدى هذه الرسومات عليه عمامة تشبه قنبلة ملفوفة حول رأسه !! وكأنهم يريدون أن يقولوا إنه - مجرم حرب -: { أَلا سَاءَ مَا يَزِرُونَ}. ثم في هذه الأيام وفي يوم عيد الأضحى بالتحديد - إمعاناً في العداء - تأتي جريدة نرويجية لتنكأ الجراح وتشنَّ الغارة من جديد ، فتُعيد نشر الرسوم الوقحة التي نُشرت في الجريدة الدنمركية من قبل! {أَتَوَاصَوا بِهِ بَل هُم قَومٌ طَاغُونَ}. بالله ماذا يبقى في الحياة من لذة يوم يُنال من مقام محمد بن عبد الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - ثم لا يُنتصر له ولا يُذاد عن حياضه ، ماذا نقول تجاه هذا العداء السافر ، والتهكم المكشوف .. هل نغمض أعيننا ، ونصمَّ آذاننا ، ونطبق أفواهنا .. وفي القلب عرقٌ ينبض ، والذي كرَّم محمداً وأعلى مكانته لبطن الأرض أحبَّ إلينا من ظاهرها إن عجزنا أن ننطق بالحقِّ ونُدافع عن رسول الحق - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - ، ألا جفت أقلامٌ وشُلت سواعدٌ امتنعت عن تسطير أحرفٍ, تذود بها عن حوضه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - ، وتُدافع عن حرمته :

 فإن أبي ووالده وعرضي *** لعرض محمد منكم فداء

نعم إنه النبي الأعظم - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - ، وأي عبارةٍ, تحيط ببعض نواحي تلك العظمة النبوية ، وأي كلمةٍ, تتسع لأقطار هذه العظمة التي شملت كل قطر ، وأحاطت بكل عصر، وكُتب لها الخلود أبد الدهر ، وأي خطبةٍ, تكشف لك عن أسرارها وإن كُتبت بحروف من النور، وكان مداده أشعة الشمس ، إنها العظمة الماثلة في كل قلب ، المستقرة في كل نفس ، يستشعرها القريب والبعيد ، ويعترف بها العدو والصديق ، وتهتف بها أعواد المنابر ، وتهتزُ لها ذوائب المنائر .

 ألم تر أنَّ الله خلّـَد ذكـره *** إذ قال في الخمس المؤذن: أشهـد

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply