شبهة وصف النبي بأنه ساحر ووضيع الأصل !!


 بسم الله الرحمن الرحيم

 

ينبغي علينا أن نعرف أعداءنا الذين يحقدون علينا، ويكرهوننا ويكرهون ديننا ونبينا، ويشوهون كل ذلك أمام النَّاس والتاريخ، ثم يتظاهرون أمام الجميع بأنهم الباحثون المنصفون، والدارسون المتخصصون حَتَّى في ديننا وعلومنا ولغتنا، ولكن من وجهة نظهرهم هم، ومن العجب أن تسمح الأمة لأبنائها وبناتها - في طور انحدارها الذي تعيشه- بإرسالهم إلى ديار الحقد والمكر والخداع، ديار أدعياء الحرية والديموقراطية، ونحن بهذا لا نذم البلاد ولا الشعوب، إنما نذم القوانين التي تنهار بسرعة وتتبدل بسرعة وتموت بسرعة أمام شهوات الانتقام والاحتيال والاستغلال والأطماع التي تخطط لها عقول وكفاءات متخصصة من أجل السيطرة على أمة الإسلام وإخضاعها لنزوات المتسلطين في النظام العالمي الجديد، والذين لا هم لهم سوى أنفسهم أو مصالح أعداء الإسلام والمسلمين.

لقد امتدت ألسنة المستشرقين وأقلامهم إلى شخص النَّبيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ- كما فعل المشركون من قبل، وحاولوا جاهدين تشويه سيرته العطرة وأخلاقه العظيمة كي تنفر النَّاس من محبته والدخول في دينه أو الاطلاع عليه.

والعاقل المنصف الذي يعرف الإسلام ويقرأ عنه يرفض كل أقوال المستشرقين وافتراءاتهم التي تصب في هذا الاتجاه، لأنها تقطر حقدًا وسفاهة وعداوة بكل وضوح، وخذ لذلك هذه الأمثلة:

1- ينفث الشاعر الإنجليزي جون لوجيث سمومه وحقده وسفاهته حين يصف في الحديث عن سيد ولد آدم على الإطلاق ويقول: (إنه الساحر والزاني، ووضيع الأصل، ومنتحل شخصية المسيح، والمصاب بالصرع، الذي تأكل الحمامة الحب من أذنه، ويحمل له الثور على قرنيه جرار اللبن والعسل...)!!! الظاهرة الاستشراقية 3/9.

أسمعت بمثل هذه الحماقات والإسفاف الإنساني والحضاري ألا يدل هذا على صرع وجنون وانفلات أخلاقي لا يعذر به صاحبه أبدًا ؟!

الله -عز وجل- يصطفي رسوله ويختاره من العالمين ويزكي عقله وقلبه ولسانه وبصره وجليسه وشرعه وخلقه، حَتَّى يقول جل جلاله: {وَالنَّجمِ إِذَا هَوَى * مَا ضَلَّ صَاحِبُكُم وَمَا غَوَى * وَمَا يَنطِقُ عَنِ الهَوَى * إِن هُوَ إِلاَّ وَحيٌ يُوحَى * عَلَّمَهُ شَدِيدُ القُوَى * ذُو مِرَّةٍ, فَاستَوَى * وَهُوَ بِالأُفُقِ الأَعلَى * ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى * فَكَانَ قَابَ قَوسَينِ أَو أَدنَى * فَأَوحَى إِلَى عَبدِهِ مَا أَوحَى * مَا كَذَبَ الفُؤَادُ مَا رَأَى * أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى * وَلَقَد رَآهُ نَزلَةً أُخرَى * عِندَ سِدرَةِ المُنتَهَى * عِندَهَا جَنَّةُ المَأوَى * إِذ يَغشَى السِّدرَةَ مَا يَغشَى * مَا زَاغَ البَصَرُ وَمَا طَغَى * لَقَد رَأَى مِن آيَاتِ رَبِّهِ الكُبرَى} النجم:1- 18.  ويقول سبحانه وتعالى: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ, عَظِيمٍ,} القلم: 4.

إن الرَّسُول محمدًا -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ- لم يكن ساحرًا ولا كاهنًا ولا شاعرًا، ولم يأت بسحر ولا كهانة ولا شعر، وذلك بشهادة الله -عز وجل-، وهو أصدق القائلين والشاهدين، وباعتراف أعدائه من المشركين.

وقال تعالى: {وَمَا هُوَ بِقَولِ شَاعِرٍ, قَلِيلاً مَا تُؤمِنُونَ * وَلا بِقَولِ كَاهِنٍ, قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ * تَنزِيلٌ مِن رَبِّ العَالَمِينَ} الحاقة:41 - 43.

ولقد قال الوليد بن المغيرة بعد أن سمع القرآن من رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ- : ما هذا بشعر ولا كهانة، إني أعرفكم بالشعر والكهانة والسجع، ثم قال عن القرآن: إن له لحلاوة، وإن عليه لطلاوة، وإن أعلاه لمثمر، وإن أسفله لمغدق، وإنه ليعلو ولا يعلى عليه.

ثم إن القائلين بأنه سحر يعلمون تمامًا أن الساحر إذا سحر النَّاس سحرهم جميعًا، فسحرة فرعون سحروا كل من يشاهدهم حَتَّى نبي الله موسى -عليه الصلاة والسلام-: { فَلَمَّا أَلقَوا سَحَرُوا أَعيُنَ النَّاس وَاستَرهَبُوهُم وَجَاءُوا بِسِحرٍ, عَظِيمٍ,} الأعراف: 116.

حَتَّى إن نبي الله موسى -عليه السلام- كان : {يُخَيَّلُ إِلَيهِ مِن سِحرِهِم أَنَّهَا تَسعَى} طـه:66

لكن النَّاس أمام دعوة النَّبيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ- لم يؤمنوا كلهم، بل آمن أبو بكر وكفر أبو جهل، وهكذا، فلماذا وقع السحر على بعضهم دون البعض الآخر هذا على أنه ليس بسحر.

2- ويكتب جولدزيهر عن النَّبيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ- وسيرته فيقول: كانت ولادته نحو عام 570م في الفرع الهاشمي الفقير، المنتمي إلى قبيلة قريش القوية، والذي له القيادة بمكة، وقد ولد يتيمًا رباه أقاربه وكان يكسب رزقه بطريقة قاسية وبسيطة، في آن واحد، فقد اشتغل راعيًا ثم أصبح تاجرًا لحساب سيدة غنية اسمها خديجة عندما بلغ من العمر خمسة وعشرين سنة، وبعد أن تزوج من هذه الأرملة الغنية التي تكبره بخمسة عشر عامًا، انتهت همومه المادية، وأصبح بدوره تاجرًا.. إنه خلال رحلاته المتعددة التقى ببعض اليهود والنصارى الزاهدين، وأصبح يفكر شيئًا فشيئًا في الحياة الخلقية والدينية السيئة بمكة، وأصبح ضميره يتعمق في هذه الأمور عن طريق التفكير والتأمل، وهكذا أصيب بقلق مؤلم ظهر على السطح عن طريق الاضطرابات العصبية، فانزوى في الجبال مفكرًا في مصير أمته، وهكذا أصبح ثائرًا ضد نظام الحياة المكية، واختلطت تجاربه الشخصية بالمعارف التي استقاها من اليهود والنصارى إلى أن تحولت على هيئة رؤى وأحلام وهلوسة، فعكست شعوره بالثورة ضد الماضي، وكونت هذه الأمور في مجملها ما أذاعه وبشر به في قادم الأيام..(الظاهرة الاستشرقية 3/12).

لقد ابتعد جولدزيهر كثيرًا عن الفهم الصحيح والموضوعية المنصفة، فهو يتحدث عن النَّبيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ- الذي يترعرع في رعاية الله وعنايته كما لو تحدث عن أبسط إنسان رآه جولدزيهر ويضخم في التصوير بأنه -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ- أصبح تاجرًا لحساب خديجة، ويضلل القارئ عندما يدعي أن النَّبيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ- أصبح تاجرًا وانتهت همومه المادية بعد زواجه من خديجة، ويجهل جولدزيهر أو يتجاهل أن خديجة -رضي الله عنها- هي التي رغبت فيه أولاً.

وأنه -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ- لم يكن يسعى لمال أو جاه أو تجارة، إنما كان يريد أن يساعد عمه أبا طالب في كسب الرزق وكفاية العيال ليرد له بعض الجميل الذي قدمه له في صغره وكفالته.

وأما الزعم بأنه -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ- التقى ببعض اليهود والنصارى الزاهدين، فهي دعوى باطلة دأب المستشرقون على إثارتها والمبالغة فيها ليصلون إلى الفرية القائلة بأنه -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ- تأثر بهم، مع أن الحقيقة واضحة جلية غنية عن البيان يعرفها مشركوا ذلك الزمان بأنه -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ- لم يأت بدين من عند يهود ولا نصارى ولا فرس ولا رومان ولا جاهلية ولا عروبة، إنما من عند الله الواحد الأحد الفرد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوًا أحد.

ولو كانت افتراءات المستشرقين ممكنة ولها مستند من العقل والواقع،لما سكت المشركون عن مثلها، ولكنهم يعلمون سيرته وبعده عن كل مصدر بشري يمكن أن يكون معلمًا أو مشيرًا، مع أن الذي جاء به -محمد -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ- عجز عن بعضه كل الخلق من يهود ونصارى وعرب وفرس وروم وغيرهم، مع أن القرآن يشير إلى سخافات وقع بها العرب وهم يتدافعون الحق والدين والقرآن. فقال: {يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسَانُ الَّذِي يُلحِدُونَ إِلَيهِ أَعجَمِيُّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيُّ مُبِين} النحل: 103.

فكيف يمكن للأعجمي والرومي والفارسي واليهودي والنصراني أن يعلم العربي ويأتيه بقرآن عربي مبين عجز العرب عن الإتيان بمثله.

إن هذه الافتراءات لشيء عجاب لا تصدر عن شخص يحترم عقله وعلمه وأبحاثه، لكن الحقد يعمي.(1) والله المستعان...

 


1 - نقلاً عن موقع (الشبكة الإسلامية) شبهات حول السنة.  http://www.islamweb.net

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply