أسماء سورة الفاتحة وفضلها


 بسم الله الرحمن الرحيم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

 

سورةٌ مكية، نزلت قبل الهجرة، وهي أعظم سورةٍ في الكتاب المجيد، فقد احتوت على مالم تحتوي عليه سورةٌ من سور القرآن الكريم، وافتتح الله سبحانه كتابه بهذه السورة، لأنها جمعت مقاصد القرآن، ومجمل معانيه وأصوله التي تم تفصيلها في بقية سور القرآن.

ففي صحيح البخاري عن أبي سعيد بن المعلى قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ألا أعلمك سورةً هي أعظم سورة في القرآن قبل أن تخرج من المسجد؟ قال: فأخذ بيدي، فلما أرد أن يخرج من المسجد قلت: يا رسول الله، إنك قلت: لأعلمنك أعظم سورة في القرآن. قال: نعم، الحمد لله رب العالمين، هي السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أوتيته).

وقد أمرنا الله بقراءتها في كل ركعة في صلاته، قال صلى الله عليه وسلم: (لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب).

وبقراءتها تحصل المناجاة في الصلاة بين العبد وربه، ومن فضائلها أنه ورد لها في السنة عدة أسماء بما يناسب أهم مواضيعها أو بأبرز ما ذُكر فيها، وإن كان أصل التسمية لا يعلل، ولكن قضى الله بحكمته الكمال والتمام لكلامه سبحانه من كل وجه، وقد ذكرها الإمام القرطبي رحمه الله بأن لها اثنتا عشرة اسمًا وهي:

1-     الصلاة.

2-     الحمد.

3-     فاتحة الكتاب.

4-     أم الكتاب، وجوز هذا الاسم الجمهور.

5-     أم القرآن، وجوز هذا الاسم الجمهور.

6-     المثاني.

7-     القرآن العظيم.

8-     الشفاء.

9-     الرقية.

10-  الأساس.

11-  الوافية.

12-  الكافية.

وقد ورد فيها غيرُ ذلك من الأسماء، وكثرةُ الأسماء تدلُّ على شرَف المسمَّى.

 

يقول الشوكاني رحمه الله: «معنى الفاتحة في الأصل أول ما من شأنه أن يفتتح به، ثم أطلقت على أول كل شيء كالكلام، والتاء للنقل من الوصفية إلى الاسمية، فسميت هذه السورة فاتحة الكتاب لكونه افتتح بها، إذ هي أول ما يكتبه الكاتب من المصحف، وأول ما يتلوه التالي من الكتاب العزيز، وإن لم تكن أول ما نزل من القرآن، وقد رجّح السيوطي أن تسمية السور توقيفية، ثم قال: (وقد ثبتَ جميع أسماء السُّوَر بالتوقيف مِن الأحاديث والآثار، ولولا خشية الإطالة لبيَّنتُ ذلك، واستدلَّ بما أخرجه ابنُ أبى حاتم عن عكرمة قال: كان المشركون يقولون: سُورة البقرة، سورة العنكبوت، يَستهزئون بها، فنزل قوله: ﴿ إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ ﴾).

أما عن فضائلها فهي أعظم سورة في القرآن، ولم ينزل في القرآن ولا في التوراة ولا في الإنجيل مثلها، فقد روي عن أبي هريرة عن أبي بن كعب قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما أنزل الله تبارك وتعالى في التوراة ولا في الإنجيل مثل أم القرآن وهي السبع المثاني). أخرجه الإمام أحمد والنسائي.

بالإضافة إلى انها كنز من تحت العرش، فقد روي من طريق صالح المري عن ثابت البناني عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله عز وجل أعطاني فيما مَنّ به علي: إني أعطيتك فاتحة الكتاب، هي من كنوز عرشي، قسمتها بيني وبينك نصفين).

وهي مختصة بمناجاة الله سبحانه وتعالى ولهذا اختصت الصلاة بها ويناجي العبد بها ربه، وذلك يكون بأفضل الكلام وأشرفه، وهذه الخصوصية ليست لغيرها من السور، فضلًا عن أنها شفاء من كل داء، فهي شفاء من الأمراض القلبية وشفاء من الأسقام والأمراض البدنية، فقد روي عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (فاتحة الكتاب شفاء من كل داء إلا السام). وفي «سنن ابن ماجه» من حديث علي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (خير الدواء القرآن). فالقرآن كله شفاء، والفاتحة أعظم سورة فيه، فلها من خصوصية الشفاء ما ليس لغيرها.

وهي حرز من شياطين الإنس والجن، وتعدل ثلث القرآن، وأيضًا فقراءتها يحصل بها كمال الصلاة وقبولها وهي ركن من أركان الصلاة، وبدونها تكون الصلاة ناقصة ولا تصح إلا بها.

وأخيرًا فهي تشتمل الرد على جميع المبطلين والمنظرين من أهل الملل والنحل، والرد على اهل البدع والضلال من هذه الأمة وذلك لأن الصراط المستقيم متضمن معرفة الحق والانقياد له والدعوة إليه، وهو ما كان عليه صلى الله عليه وسلم وأصحابه، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (تأملت أنفع الدعاء، فإذا هو سؤال العون على مرضاته، ثم رأيته في الفاتحة في: (إياك نعبد وإياك نستعين)). انتهى .مدارج السالكين (1/78).

بالإضافة إلى ما اشتملت عليه من التوحيد ومعرفة الذات والأسماء والصفات، وتجريد توحيد الربوبية وكمال التوكل والتفويض.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply