أثمن من ماسة كوهينور


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

في صباح يومٍ جميل، توجهت ماشيًا إلى مركز هوانج للهندسة في جامعة ستانفورد العريقة في وادي السيليكون. هناك، كانت محاضرة "لا تُنسى" عما يسمى "الذكاء الإيجابي". تحدث مبتكر النظرية د. شيرزاد شامين عن الجانب الأيمن والأيسر من الدماغ مبينًا المشاعر الكامنة في كل جانب.

مجمل الموضوع حول التغلب على السلبية حتى تنعم بالسعادة، وذلك من خلال اكتشاف أي الجزئين من الدماغ يعمل في لحظة معينة، والانتقال من خلال طرق وأساليب معينة إلى الجانب الأيمن من الدماغ، حيث صفات الرضا والقناعة والإيجابية والابتكار وغيرها من الصفات التي تجلب السعادة، يقول د. شيرزاد أنه أعطى دروسًا لمديرين تنفيذيين يعملون في أكبر الشركات في وادي السيليكون، بعضهم ثروته تقدر بمليارات الدولارات، يقول: لو نظرتَ إلى هؤلاء المديرين التنفيذيين في الخارج لاعتقدت أنهم في قمة السعادة، ولكنني عندما أعطيت كل واحد منهم ورقة وطلبت منهم أن يكتبوا شيئًا واحدًا عن حياتهم يكتمونه ويودون البوح به دون أن يكتبوا أسماءهم.. كانت النتائج مفجعة! استأذنهم البروفيسور أن يقرأها على طلابه فقرأها علينا.. حينها، أصابتنا جميعًا صدمة كبيرة! وعمّ الصمت المكان!

تخليوا أن جل هؤلاء المديرين التنفيذيين -إن لم يكونوا كلهم- يشعرون بالتعاسة! بعضهم لم يعد يجد للحياة طعمًا، وبعضهم يتمنى لو يفر ويبتعد عن كل البشر! أجرى التجربة في أماكن كثيرة حول العالم والنتيجة هي نفس النتيجة! المفارقة أن أغلب من كان معي في القاعة -بما فيهم أنا- قد جاؤوا من أنحاء العالم إلى جامعة ستانفورد ليصبحوا مثل هؤلاء الناجحين -التعساء-!

قام البروفيسور أثناء تقديمه للحلول بسرد قصة صينية قديمة، يعلمها الصينيون أولادهم منذ الصغر، وهي عن أن الإنسان لا يعرف أين الخير، وما كان شرًا في ظاهره قد يكون في باطنه الخير، فأخذت وأنا أسمع أحمد الله على ما هدانا إليه، كل ما ذكره هذا البروفيسور وألّف من أجله كتابًا شهيرًا واستُدعي من أجله من قِبل أكبر الشركات في العالم قد تعلمناه في بيوتنا ومدارسنا منذ الصغر، لكننا ننساه أحيانًا.

بعد سنوات من البحث والتجريب وقراءة العديد من المقالات و"كتب السعادة"، وجدت أمرين من أعظم أسباب السعادة، الرضا؛ وهو أعلى منازل التوكل على الله، وإدخال السرور على الآخرين.

إن الرضا يا أحبتي كنز عظيم، كنز أثمن من ماسة كوهينور التي تتقاتل عليها أربع دول، كنز يجلب السكينة والسعادة والأمل، الرضا يجعل الشخص البسيط أغنى من أصحاب المليارات وأكثر سعادة وهناءً. أما الابتسامة التي تزرعها على وجوه الآخرين فإنها تنبت حقولًا من السعادة والطمأنينة في قلبك، سعادة عظيمة قد لا يشعر بها أناس محرومون أبدًا طيلة حياتهم.

تشير الأبحاث العلمية إلى أن الموظفين السعداء أكثر إنتاجية من غيرهم بنسبة 20% ومبيعاتهم أكثر بنسبة تصل 37%. السعداء أقل عرضة للجلطات بنسبة 26%، مناعتهم أقوى ونومهم أفضل ويعانون من الآلام بشكل أقل.

فتش عن الكم العظيم من النعم التي تحيط بك من كل جانب، تأمل فيها واشكر الله عليها، وابحث اليوم عن شخص تدخل السرور عليه.. سأبدأ مباشرة بعد نشر المقال إن شاء الله.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply