قصة صالح عليه السلام نبي ثمود - الجزء الأول


بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

 

قصة صالح عليه السلام نبي ثمود - الجزء الأول

 

 

 

 

وهم قبيلة مشهورة، يقال لهم ثمود باسم جدهم ثمود أخي جديس، وهما ابنا عاثر بن ارم بن سام بن نوح.

 

 

وكانوا عرباً من العاربة يسكنون الحجر الذي بين الحجاز وتبوك وقد مرّ به رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ذاهب إلى تبوك بمن معه من المسلمين.

وكانوا بعد قوم عاد، وكانوا يعبدون الأصنام كأولئك.

فبعث الله فيهم رجلاً منهم وهو عبد الله ورسوله: صالح بن عبيد بن ماسح بن عبيد بن حادر بن ثمود بن عاثر بن ارم بن نوح فدعاهم إلى عبادة الله وحده لا شريك له، وأن يخلعوا الأصنام والأنداد ولا يشركوا به شيئاً. فآمنت به طائفة منهم، وكفر جمهورهم، ونالوا منه بالمقال والفعال، وهموا بقتله، وقتلوا الناقة التي جعلها الله حجة عليهم، فأخذهم الله أخذ عزيز مقتدر.

 

 

كما قال تعالى في سورة الأعراف: {وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُم صَالِحاً قَالَ يَا قَومِ اعبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِن إِلَهٍ, غَيرُهُ هُوَ أَنشَأَكُم مِن الأَرضِ وَاستَعمَرَكُم فِيهَا فَاستَغفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ، قَالُوا يَا صَالِحُ قَد كُنتَ فِينَا مَرجُوّاً قَبلَ هَذَا أَتَنهَانَا أَن نَعبُدَ مَا يَعبُدُ آبَاؤُنَا وَإِنَّنَا لَفِي شَكٍّ, مِمَّا تَدعُونَا إِلَيهِ مُرِيبٍ,، قَالَ يَا قَومِ أَرَأَيتُم إِن كُنتُ عَلَى بَيِّنَةٍ, مِن رَبِّي وَآتَانِي مِنهُ رَحمَةً فَمَن يَنصُرُنِي مِن اللَّهِ إِن عَصَيتُهُ، فَمَا تَزِيدُونَنِي غَيرَ تَخسِيرٍ,، وَيَا قَومِ هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُم آيَةً فَذَرُوهَا تَأكُل فِي أَرضِ اللَّهِ وَلاَ تَمَسٌّوهَا بِسُوءٍ, فَيَأخُذَكُم عَذَابٌ قَرِيبٌ، فَعَقَرُوهَا فَقَالَ تَمَتَّعُوا فِي دَارِكُم ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ, ذَلِكَ وَعدٌ غَيرُ مَكذُوبٍ,، فَلَمَّا جَاءَ أَمرُنَا نَجَّينَا صَالِحاً وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحمَةٍ, مِنَّا وَمِن خِزيِ يَومِئِذٍ, إِنَّ رَبَّكَ هُوَ القَوِيٌّ العَزِيزُ، وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيحَةُ فَأَصبَحُوا فِي دِيَارِهِم جَاثِمِينَ، كَأَن لَم يَغنَوا فِيهَا أَلاَ إِنَّ ثَمُودَ كَفَرُوا رَبَّهُم أَلاَ بُعداً لِثَمُودَ}.

 

 

وقال تعالى في سورة الحجر{وَمَا مَنَعَنَا أَن نُرسِلَ بِالآيَاتِ إِلاَّ أَن كَذَّبَ بِهَا الأَوَّلُونَ وَآتَينَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبصِرَةً فَظَلَمُوا بِهَا وَمَا نُرسِلُ بِالآيَاتِ إِلاَّ تَخوِيفاً}.

 

 

وقال تعالى في سورة الشعراء{وَلَقَد أَرسَلنَا إِلَى ثَمُودَ أَخَاهُم صَالِحاً أَن اعبُدُوا اللَّهَ فَإِذَا هُم فَرِيقَانِ يَختَصِمُونَ، قَالَ يَا قَومِ لِمَ تَستَعجِلُونَ بِالسَّيِّئَةِ قَبلَ الحَسَنَةِ لَولاَ تَستَغفِرُونَ اللَّهَ لَعَلَّكُم تُرحَمُونَ، قَالُوا اطَّيَّرنَا بِكَ وَبِمَن مَعَكَ قَالَ طَائِرُكُم عِندَ اللَّهِ بَل أَنتُم قَومٌ تُفتَنُونَ، وَكَانَ فِي المَدِينَةِ تِسعَةُ رَهطٍ, يُفسِدُونَ فِي الأَرضِ وَلاَ يُصلِحُون، قَالُوا تَقَاسَمُوا بِاللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهلَهُ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ مَا شَهِدنَا مَهلِكَ أَهلِهِ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ، وَمَكَرُوا مَكراً وَمَكَرنَا مَكراً وَهُم لاَ يَشعُرُونَ، فَانظُر كَيفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكرِهِم أَنَّا دَمَّرنَاهُم وَقَومَهُم أَجمَعِينَ، فَتِلكَ بُيُوتُهُم خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا إِنَّ فِي ذَلِكَ لآَيَةً لِقَومٍ, يَعلَمُون، وَأَنجَينَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ}.

وقال تعالى في سورة حم السجدة: {وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَينَاهُم فَاستَحَبٌّوا العَمَى عَلَى الهُدَى فَأَخَذَتهُم صَاعِقَةُ العَذَابِ الهُونِ بِمَا كَانُوا يَكسِبُونَ، وَنَجَّينَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ}.

 

 

 

وقال تعالى في سورة اقتربت: {كَذَّبَت ثَمُودُ بِطَغوَاهَا، إِذ انبَعَثَ أَشقَاهَا، فَقَالَ لَهُم رَسُولُ اللَّهِ نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقيَاهَا، فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا فَدَمدَمَ عَلَيهِم رَبٌّهُم بِذَنبِهِم فَسَوَّاهَا، وَلاَ يَخَافُ عُقبَاهَا}.

 

 

وكثيراً ما يقرن الله في كتابه بين ذكر عاد وثمود، كما في سورة براءة وإبراهيم والفرقان، وسورة ص، وسورة ق، والنجم، والفجر.

 

 

 

ويقال أن هاتين الأمتين لا يعرف خبرهما أهل الكتاب، وليس لهما ذكر في كتابهم التوراة. ولكن في القرآن ما يدل على أن موسى أخبر عنهما، كما قال تعالى في سورة إبراهيم: {اعبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِن إِلَهٍ, غَيرُهُ قَد جَاءَتكُم بَيِّنَةٌ مِن رَبِّكُم هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُم آيَةً فَذَرُوهَا تَأكُل فِي أَرضِ اللَّهِ وَلاَ تَمَسٌّوهَا بِسُوءٍ, فَيَأخُذَكُم عَذَابٌ أَلِيمٌ، وَاذكُرُوا إِذ جَعَلَكُم خُلَفَاءَ مِن بَعدِ عَادٍ, وَبَوَّأَكُم فِي الأَرضِ تَتَّخِذُونَ مِن سُهُولِهَا قُصُوراً وَتَنحِتُونَ الجِبَالَ بُيُوتاً فَاذكُرُوا آلاَءَ اللَّهِ وَلاَ تَعثَوا فِي الأَرضِ مُفسِدِينَ} أي إنما جعلكم خلفاء من بعدهم لتعتبروا بما كان من أمرهم، وتعملوا بخلاف عملهم. وأباح لكم هذه الأرض تبنون في سهولها القصور، {أَتُترَكُونَ فِي مَا هَاهُنَا آمِنِينَ، فِي جَنَّاتٍ, وَعُيُونٍ,، وَزُرُوعٍ, وَنَخلٍ, طَلعُهَا هَضِيمٌ} أي متراكم كثير حسن بهي ناضج. يَا قَومِ اعبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِن إِلَهٍ, غَيرُهُ هُوَ أَنشَأَكُم مِن الأَرضِ وَاستَعمَرَكُم فِيهَا} أي هو الذي خلقكم فأنشأكم من الأرض، وجعلكم عمارها، أي أعطاكموها بما فيها من الزروع والثمار، فهو الخالق الرزاق، وهو الذي يستحق العبادة وحده لا ما سواه. {إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ}.

 

 

{قَالُوا يَا صَالِحُ قَد كُنتَ فِينَا مَرجُوّاً قَبلَ هَذَا} أي قد كنا نرجو أن يكون عقلك كاملاً قبل هذه المقالة، وهي دعاؤك إيانا إلى إفراد العبادة، وترك ما كنا نعبده من الأنداد، والعدول عن دين الآباء والأجداد ولهذا قالوا: {إِنَّمَا أَنتَ مِن المُسَحَّرِينَ} أي من المسحورين، يعنون مسحوراً لا تدري ما تقول في دعائك إيانا إلى إفراد العبادة لله وحده، وخلع ما سواه من الأنداد. وهذا القول عليه الجمهور، وهو أن المراد بالمسحرين المسحورين. وقيل من المسحرين: أي ممن له سحر - وهو الرئي - كأنهم يقولون إنما أنت بشر له سحر. والأول أظهر لقولهم بعد هذا{فَأتِ بِآيَةٍ, إِن كُنتَ مِن الصَّادِقِينَ} سألوا منه أن يأتيهم بخارق يدل على صدق ما جاءهم به. قال: {قَد جَاءَتكُم بَيِّنَةٌ مِن رَبِّكُم هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُم آيَةً فَذَرُوهَا تَأكُل فِي أَرضِ اللَّهِ وَلاَ تَمَسٌّوهَا بِسُوءٍ, فَيَأخُذَكُم عَذَابٌ أَلِيم} وقال تعالى: {فَظَلَمُوا بِهَا} أي جحدوا بها، ولم يتبعوا الحق بسببها، أي أكثرهم، وكان رئيس الذين آمنوا: جندع بن عمرو بن محلاة بن لبيد بن جواس، وكان من رؤسائهم. وهم بقية الأشراف بالإسلام، فصدهم ذؤاب بن عمرو بن لبيد، والحباب، صاحب أوثانهم، ورباب بن صعر بن جلمس، ودعا جندع ابن عمه شهاب بن خليفة، وكان من أشرافهم، فهم بالإسلام فنهاه أولئك، فمال إليهم فقال في ذلك رجل من المسلمين يقال له مهرش بن غنمة بن الذميل رحمه الله:

 

 

وكانت عصبة من آل عمرو *** إلى دين النبي دعوا شهابا

عزيز ثمود كلهم جميعا *** فهم بأن يجيب ولو أجابا

لأصبح صالح فينا عزيزا *** وما عدلوا بصاحبهم ذؤابا

ولكن الغواة من آل حجر ** *** تولوا بعد رشدهم ذبابا

 

 

ولهذا قال لهم صالح عليه السلام: {لَكُم آيَةً} أي دليلاً على صدق ما جئتكم به {لَهَا شِربٌ وَلَكُم شِربُ يَومٍ, مَعلُومٍ,}.

ولهذا قال تعالى: وَاصطَبِر} على أذاهم فسيأتيك الخبر على جلية. {فَعَقَرُوا النَّاقَةَ وَعَتَوا عَن أَمرِ رَبِّهِم وَقَالُوا يَا صَالِحُ ائتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِن المُرسَلِينَ}.

 

وكان الذي تولى قتلها منهم رئيسهم: قدار بن سالف بن جندع، وكان أحمر أزرق أصهب. وكان يقال أنه ولد زانية، ولد على فراش سالف، وهو ابن رجل يقال له صيبان. وكان فعله ذلك باتفاق جميعهم، فلهذا نسب الفعل إلى جميعهم كلهم.

 

 

تابع الجزء الثاني .......

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply