هل يجوز بناء مسجد في قطعة مجاورة لمقبرة كفار تجاه القبلة؟


 

بسم الله الرحمن الرحيم





الحمد لله وبعد:



أولاً: الأصل أن لا يجمع بين المسجد والقبر أو القبور، خاصة إذا كانت هذه القبور لمن يعتقد فيهم، وذلك للأدلة الآتية:



1. ما خرجه مسلم في صحيحه عن أبي مرثد الغنوي قال: سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: \"لا تجلسوا على القبور ولا تصلوا إليها\".



2. وما خرجه الشيخان عن أبي هريرة يرفعه: \"قاتل الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد\".



3. ولما خرجه الشيخان عن ابن عباس وعائشة - رضي الله عنهما - قالا: \"لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد\"، يحذر ما صنعوا.



قال النووي: (اتفقت نصوص الشافعي والأصحاب على كراهة بناء مسجد على القبر، سواء كان الميت مشهوراً بالصلاح أو غيره لعموم الأحاديث، قال الشافعي والأصحاب: وتكره الصلاة إلى القبور سواء كان الميت صالحاً أو غيره).



ثانياً:

• إذا كان القبر سابقاً للمسجد فلا تصح الصلاة فيه أبداً إلا أن يزال القبر أو القبور.



• وإن كان المسجد سابقاً للقبر ينبش القبر ويحول، وإن لم يتمكن من ذلك نظر.



• فإن كان القبر إلى جهة القبلة لا تصح الصلاة فيه في أرجح قولي العلماء، وذهب مالك إلى جواز الصلاة فيه إن كان محاطاً بجدران.



• وإن كان لغير القبلة فأحيط بجدران جوَّز الصلاة فيه بعض أهل العلم، ومنع من ذلك بعضهم، منهم أحمد، هذا إن لم يكن هناك بديل، أما إذا كان هناك بديل لزم الذهاب إليه.



ثالثاً: أما ما يتعلق بالسؤال:

• إن كانت هناك إمكانية للحصول على قطعة أخرى أو استبدالها لزم ذلك إن لم يكن مرهقاً، فمن يتقي الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب.



• وإن لم تكن هناك إمكانية لإيجاد بديل غيرها، وكانت المقبرة مسورة، فُصل بينها وبين المسجد بفاصل، حبذا لو كان هذا الفاصل في شكل مثلث رأسه إلى جهة المسجد، هكذا:



ويمكن الاستفادة من ذلك في أي غرض من الأغراض، كما فعل بالحجرة النبوية - على صاحبها أفضل الصلاة والسلام - عندما أدخلت في المسجد في خلافة الوليد بن عبد الملك، بعد موت الصحابة.



قال ابن القيم في نونيته:



فأجاب ربٌّ العالمين دعاءه وأحاطه بثلاثة الجـدران



حتى غدت أرجاؤه بدعائه في عزة وحماية و صيان



وذلك لأن الضرورات تبيح المحظورات.



هذا بجانب أن مقابر الكفار لا يرجى التعلق بها.



والله أعلم، فإن أصبتُ فمن الله وله الحمد والمنة، وإن أخطأتُ فمني ومن الشيطان، والله ورسوله بريئان مما قلت.

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply