التطور التاريخي لتدوين العقيدة الإسلامية


 

بسم الله الرحمن الرحيم





إن من أكثر الكلمات والألفاظ تداولاً على الألسنة بين الناس كلمة (العقيدة) وما يقاربها ويتفق معها في الاشتقاق، كالاعتقاد والعقائد..

وعلى كثرة استعمال هذه الكلمة التي غدت مصطلحاً شائعاً، فإننا لا نجد لها استعمالاً في القرآن الكريم وفي الحديث الشريف.

ولذلك يرى بعض الباحثين: أنها مستحدثة في العصر العباسي للمعنى الذي استعملت فيه، وأن اللفظ المستعمل في القرآن الكريم والحديث الشريف هو (الإيمان).

وقد استعمل لفظ (العقيدة) أجيال من المسلمين، بمعنى: الأفكار الأساسية التي يجب على المؤمن بدينٍ, أن يقبلها ويصدق بها.



واستعمال السلف. من العلماء والأئمة لهذه الكلمة دليل على جواز ذلك وإطلاقها على هذا الجانب من جوانب الدين [1].

ولعل هذا يدعونا إلى استقراء المصطلحات الفنية، بعد تدوين العلوم الإسلامية، التي بحثت هذه الأفكار العقدية من خلالهاº لنبينِّ أصل استعمال كل منها في اللغة العربية، وفي لسان الشرع بعامة، ثم كيف أصبح ذا مدلول خاص بعد ذلك.

وقد يترتب على استعمال مصطلح من المصطلحات آثار معينة، إيجابية أو سلبية، قد نُلمِح إلى شيء منها دون تفصيل.

والاستقراء - وقد لا يكون تاماً - على حسب الوسع والطاقة، وبمقدار ما أتيح لي من اطلاع على ما كتبه علماؤنا في جانب العقيدة، يرشدنا إلى المصطلحات الآتية - والتي نعرضها تباعاً - وقد رتبتها بحسب أولية ظهورها واستعمالها تاريخياً، حيث أذكر أول من استعمل اللفظ أو كتب فيه، ثم أتبعه بمن تابعه على ذلك ولو في عصور متأخرة، مرتباً ذلك حسب وفيات المؤلفين، دون استقصاء أو استيعاب.

وأول ما نجده من هذه المصطلحات عنواناً على الجانب العقدي من الدين هو مصطلح (الفقه الأكبر).



1- الفقه الأكبر * قال العلامة اللغوي ابن فارس، في (معجم مقاييس اللغة) (4/242): (فقه - الفاء والقاف والهاء أصل واحد صحيح، يدل على إدراك الشيء والعلم به.

تقول: فقهت الحديث أفقهه. وكل عالم بشيء فهو فقيه.. ثم اختص بذلك علم الشريعة، فقيل لكل عالم بالحلال والحرام: فقيه. وأفقهتك الشيء، إذا بيَّنته لك ).

* وقال ابن منظور في (لسان العرب) (13/522): (الفقه: العلم بالشيء والفهم له.

وغلب على علم الدين، لسيادته وشرفه وفضله على سائر أنواع العلم كله.. ).

* وقال الراغب الأصفهاني في (مفردات القرآن) ص (384): الفقه: هو التوصل إلى علم غائب بعلم شاهد.

فهو أخص من العلم، قال - تعالى -: (فَمَالِ هَؤُلاءِ القَومِ لا يَكَادُونَ يَفقَهُونَ حَدِيثاً)، وقال: (ولَكِنَّ المُنَافِقِينَ لا يَفقَهُونَ) إلى غير ذلك من الآيات.

والفقه العلم بأحكام الشريعة. يقال: فَقُه الرجل فقاهة، إذا صار فقهياً. وفقه - أي فهم - فقهاً، وفقهه، أي فهمه، وتفقَّه: إذا طلبه فتخصّص به. قال - تعالى -: (لِّيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ).

* من هذه النصوص اللغوية وغيرها، نستنبط أمرين اثنين:

الأول: أن الفقه في اللغة وهو الفهم والعلم بالشيء، أو هو فهم غرض المتكلم خاصة.

ومنهم من يجعله خاصاً بفهم وعلم الأمور الخفية الدقيقة التي تحتاج إلى نظر وتأمل واستدلال [2]

والثاني: أن العرف قد خصَّ الفقه بعلم الدين، أو العلم بأحكام الشريعة كلها.

وهذا المعنى الشرعي العام هو الذي كان معروفاً عند السلف في العصور المتقدمة، قبل أن يخصصه المتأخرون بمعرفة الأحكام الشرعية العملية المكتسبة من أدلتها التفصيلية، كما هو المشهور في تعريفه عند الفقهاء والأصوليين.

* وقد أوضح الإمام الغزالي هذا التخصيص لكلمة (الفقه) في حديثه عما بُدِّل من ألفاظ العلوم إلى غير ما أراده السلف الصالح والقرن الأول، قال: كان الفقه يطلق في العصور الأولى على علم طريق الآخرة، ومعرفة دقائق آفات النفوس ومفسدات الأعمال، وشدة التطلع إلى نعيم الآخرة واستيلاء الخوف على القلب.

ويدلك على هذا المعنى قول الله - عز وجل -: (لِّيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ ولِيُنذِرُوا قَومَهُم إذَا رَجَعُوا إلَيهِم) [التوبة: 122].

وما يحصل به الإنذار والتخويف هو هذا الفقه، دون تفريعات الطلاق والعتاق واللّعان..

فذلك لا يحصل به إنذار ولا تخويف، بل إن التجرد لهذه التفريعات، والاشتغال بها على الدوام - دون أي ملحظ آخر - يقسّي القلب وينزع الخشية منه، كما نشاهد من المتجردين له.

وقال - تعالى -: (لَهُم قُلُوبٌ لاَّ يَفقَهُونَ بِهَا) [الأعراف: 179] وأراد به معاني الإيمان دون الفتاوى.

ولعمري إن الفقه والفهم في اللغة اسمان بمعنى واحد.

وإنما يتكلم في عادة الاستعمال به قديماً وحديثاً، قال - تعالى -: (لأَنتُم أَشَدٌّ رَهبَةً فِي صُدُورِهِم مِّنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُم قَومٌ لا يَفقَهُونَ) [الحشر 13]، فأحال قلة خوفهم من الله واستعظامهم سطوة الخلق على قلة الفقه.

وليس ذلك نتيجة عدم الحفظ لتفريعات الفتاوى، وإنما هو نتيجة عدم ما ذكرناه من العلوم.

ولست أقول: إن اسم الفقه لم يكن متناولاً للفتاوى في الأحكام الظاهرة، ولكن كان متناولاً لها بطريق العموم والشمول، أو بطريق الاستتباع. فكان إطلاقهم له على علم الآخرة أكثر [3].



وكان تخصيص (الفقه) بمعرفة فروع الأحكام بعد أن ذهب أهل القرون الفاضلة الأولون، وانقلبت العلوم كلها صناعات بعد أن كانت مقاصد وغايات! [4].

* وعلى هذا المنهج في عموم كلمة (الفقه) جاء التعريف المنقول عن أبي حنيفة - رحمه الله - بأنه: (معرفة النفس ما لها وما عليها). أي: ما تنتفع به النفس وما تتضرر به الآخرة. أو ما يجوز لها وما يجب عليها وما يحرم.

وهذا يتناول الأحكام الاعتقادية، كوجوب الإيمان ونحوه، والأحكام الوجدانية الأخلاقية، مما حثَّ عليه الإسلام كالصدق والأمانة والوفاء ونحوها، ويشمل أيضاً الأحكام العملية كالصلاة والصوم.. والبيع ونحوها [5].

* ويُفَضَّل في هذا الاستخدام لكلمة (الفقه) بهذا المعنى، فإن كان للاعتقاديات سمي (الفقه الأكبر) لأنه أكبر بالنسبة للأحكام العملية الفرعية، التي تسمى (الفقه الأصغر)º كما أن شرف العلم إنما يكون بشرف المعلوم، والاعتقاد يبحث في الإيمان بالله ووحدانيته وصفاته، ولا معلوم أكبر من ذات الله - تعالى -، ولذلك سمي بالفقه الأكبر.

أ- وأول من استخدم مصطلح (الفقه الاكبر)، هو الإمام أبو حنيفة النعمان ابن ثابت (ت 150 ه) فقد روي عنه كتاب بهذا الاسم، وهو مشهور عند أصحابه - كما يقول ابن تيمية - رحمه الله - رووه بالإسناد عن أبي مطيعٍ,، الحكم عبد الله البلخيّ.

وهو متن صغير يقع مطبوعاً في بضع ورقات، حدد فيه عقائد أهل السنة تحديداً منهجياً [6]، وردَّ فيه على المعتزلة والقدرية والجهمية والشيعة.

ويشتمل على خمسة أبواب في القدر والمشيئة والرد على من يكفرِّ بالذنب، والباب الأخير في الإيمان. وقد نال هذا الكتاب عناية كثير من العلماء المتقدمين والمتأخرين شرحاً له ودراسة. وإن كانت بعض هذه الشروح محل نظر بالنسبة لأصحابها.



وأشير إلى أن الروايات للكتاب مختلفة، فمثلاً الرواية التي شرحها ملا علي القاري (ت 1014ه) تختلف عن الرواية المنسوب شرحها للماتريدي (ت 332 هـ). مما جعل بعض الباحثين يتردد أو يشك في نسبة الكتاب للإمام أبي حنيفة. ولكن شهرة الكتاب ونسبته قد تغني عن الإسناد، وإن كان ذلك لا ينفي أن بعض المسائل ألحقت به في عصر متأخر، أو كانت من بعض الشارحين لم تتميز عن أصل الكتاب. ولا يزال الأمر بحاجة إلى دراسة متأنية.



وقد يطمئن بعض العلماء إلى نسبة الكتاب أو إلى أن ما فيه يعبِّر فعلاً عن رأي أبي حنيفة فينقل منه مذهبه في بعض المسائل كما فعل شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - [7].

ب - وينسب كذلك للإمام الشافعي - رحمه الله - (204 ه) كتاب بالاسم نفسه (الفقه الاكبر)، يقول عنه حاجي خليفة في (كشف الظنون): وهو جيد جيداً، مشتمل على فصولٍ,، قرأه بعض أهل حلب على الشيخ زين الدين الشماع، لكن في نسبته إلى الشافعي شك.

والظن الغالب أنه من تأليف بعض أكابر العلماء.

ويرجح بروكلمان في (تاريخ الأدب العربي) أنه يرجع إلى أوساط إسرائيلية متأسياً في ذلك بالمستشرق اليهودي غولدزيهر الذي يرجع كل أثر إسلامي إلى أصول إسرائيلية! وقد طبع الكتاب قديماً في القاهرة سنة (1900م)، وتقع مخطوطته في ثلاث وعشرين ورقة، تجد فيها أحياناً أسلوب الشافعي - رحمه الله -، ولكن تقف عند بعض العبارات التي لم تكن مستعملة في عصره، مما جعل بعضهم ينسبه للفخر الرازي، أو يقول عنه: (فيه أسلوب عصر فخر الدين الرازي، وإن كانت آراؤه تمتٌّ إلى كثير من آراء الشافعي في أصوله).

وأراني قد أطلت في بيان هذا المصطلح لأنه أول مصطلح في التطور التاريخي للتدوين والتأليف في العقيدة.

فلننظر في مصطلح آخر يليه مباشرة.

2- الإيمان * قال ابن فارس في (معجم مقاييس اللغة) (1/133-35): (أمن - الهمزة والميم والنون أصلان متقاربان، أحدهما للأمانة التي هي ضد الخيانة.

ومعناها: سكون القلب.

والآخر: التصديق والمعنيان متدانيان..

وأما التصديق فمنه قول الله - تعالى -: (ومَا أَنتَ بِمُؤمِنٍ, لَّنَا) [يوسف 17] أي مصدق لنا.

وقال بعض أهل العلم: إن (المؤمن) في صفات الله - تعالى -، هو أن يَصدُقَ ما وَعَدَ عَبدَه من الثواب.

وقال آخرون: هو مؤمن لأوليائه يؤمنهم عذابه ولا يظلمهم.

فهذا قد عاد إلى المعنى الأول... ).

* وقال الأزهري في (تهذيب اللغة) (2/451-52): (وأما الإيمان: فهو مصدر آمن يؤمن إيماناً.

واتفق أهل العلم من اللغويين وغيرهم على أن الإيمان معناه التصديق.. )، ثم قال: (وهذا موضع يحتاج الناس إلى تفهيمه وأين ينفصل المؤمن عن المسلم وأين يستويان؟ ) وشرح ذلك باستفاضة.

هذا، والإيمان في لغة العرب يستعمل متعدياً ولازماًº فإذا استعمل لازماً كان معناه أنه صار ذا أمن.

وإذا استعمل متعدياًº فتارة يتعدى بنفسه فيكون معناه التأمين.

وتارة يتعدى بالباء أو اللام، فيكون معناه التصديق [8].

وفي الاصطلاح الشرعي: كثيراً ما ترد كلمة الإيمان، ويراد بها المعنى اللغوي نفسه، فتطلق على مطلق التصديق، سواء كان تصديقاً بحق أو باطل.

وكثيراً ما يراد معنى أخص صار في العرف الشرعي حقيقة جديدة، فيراد بها خصوص التصديق بخبر السماء المنزل على الأنبياء.

وضابط ذلك: أن ننظر في استعمالهاº فإن كانت متعلقة بشيء، كأن قيل: إيمان بكذا، كانت بمعناها اللغوي البحت، أي مطلق التصديق.

وأما إذا ذكرت بدون متعلَّق فالمراد بها تلك الحقيقة الشرعية الخاصة، وهي التصديق بالحق والانقياد إليه [*].

وعندئذ فالإيمان عبارة عن ثلاثة أشياء: الأول: هو الاعتقاد الجازم بكل ما ثبت بالضرورة أنه جاء من عند الله - تعالى -على لسان رسوله - صلى الله عليه وسلم - ولا بد مع هذا من الرضى والارتياح النفسي.

الثاني: إعلان هذه العقيدة بالقول أو غيره، من كل ما يدل عليها ظاهراً.

والثالث: العمل بكل ما أمر الله به من فريضة أو نافلة والانتهاء عمَّا نهى الله عنه من حرام وشبهة صغيرة وكبيرة في سره وعلانيته بقلبه وجوارحه.

هذا، وكلمة الإيمان ومشتقاتها من أكثر الكلمات استعمالاً في القرآن الكريم والسنة النبوية، والحديث عن الإيمان فيهما يتميز بأسلوب حيّ مؤثر يملك على الإنسان جوانب نفسه، ويحمله على الطاعة والالتزام، فيكون له أثر في الفرد والجماعة، ويختلف هذا الأسلوب عن أسلوب المتأخرين فيما بحثوه وشغلوا به حول حقيقة الإيمان وأجزائه، وارتكاب الكبيرة وحكمها وأثرها على الإيمان.

وحسبنا هنا هذه الإشارة الموجزة..

* وتحت عنوان (الإيمان) بحث علماؤنا - رحمهم الله - جوانب من العقيدة كما نجد ذلك في أبواب الإيمان من كتب الحديث، كما نجد ذلك في بعض كتب التفسير، وخصص بعضهم كتباً مفردة للإيمان، نذكر أهم ما وصل إلينا منها، أو ما عُرف منها حسب الترتيب التاريخي لوفيات مؤلفيها:

أ- (كتاب الإيمان ومعالمه وسننه واستكمال درجاته) للإمام أبي عبيد القاسم بن سلاَّم، البغدادي الهروي (ت 224 هـ).

ب- كتاب الإيمان، للحافظ أبي بكر بن أبي شيبة (225 أو235 هـ)، وكلاهما مطبوع بتحقيق الشيخ محمد ناصر الدين الألباني.

ج- كتاب الايمان للإمام أحمد بن حنبل الشيباني (241 هـ) وحقق رسالة جامعية في المدينة النبوية.

د- ثم هناك كتب أخرى تحت هذا الاسم، لمحمد بن أسلم الطوسي (242 هـ) والعَدَنيّ (243ه)، والطحاوي (321 هـ)، وابن منده (395 هـ) وأبي يعلى الفرّاء (458 هـ)، وشيخ الإسلام ابن تيمية.

وفي مقدمة التحقيق لهذه الكتب أو لما طبع منها محققاً، نجد دراسة عن كل كتاب ومنهجه وميزاته.

وفي العصر الحديث ظهرت كتب كثيرة تحت هذا العنوان تعالج جوانب من العقيدة الإسلامية وآثارها في الحياة، وتدرس الإيمان دراسة نفسية تحليلية، وفيها ما هو نافع ومفيد.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) انظر الفكر الإسلامي الحديث في مواجهة الأفكار الغربية، للأستاذ محمد المبارك ص (75).

(2) انظر: الصحاح للجوهري: 6/2234، ترتيب القاموس المحيط: 3/ 513، تعريفات الجرجاني ص (216).

(3) انظر: إحياء علوم الدين للغزالي: 1/32-32.

(4) شرح التوضيح على التنقيح للتفتازاني: 1/27-29.

(5) انظر التوضيح للتفتازاني: 1/19-20، كشف الأسرار علي أصول البزدوي: 1/8، كشاف اصطلاحات الفنون للتهانوي: 1/41-42.

(6) نشأة الفكر الفلسفي للنشار: 1/234.

(7) انظر مجموع الفتاوى: 5/46-48، درء تعارض العقل والنقل: 6/ 263 - 264.

(8) انظر المفردات للراغب ص (26)، المختار من كنوز السنة للدكتور محمد عبد الله دراز ص (69).

(*) نفى ابن تيمية أن يكون التصديق مرادفاً للإيمان، لا لفظاً ولا معنى، وأتى على ذلك بأدلة لغوية وشرعية، ورد على ما ينبني على هذه المقدمة أيضاً من أن التصديق لا يكون إلا بالقلب أو اللسان، وفصل القول في مسألة مهمة بما لا مزيد عليه ولا أشفى منه وهي: هل في اللغة أسماء شرعية نقلها الشارع عن مسماها في اللغة؟ أو أنها باقية في الشرع على ما كانت عليه في اللغة، لكن الشارع زاد في أحكامها لا في معناها يراجع كتاب الإيمان لابن تيمية ص 247-259 ط دار الكتب العلمية وحوالي ص 272-276 ط المكتب الإسلامي - التحرير -.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply