شبهة إنكار أمية الرسول محمد - صلى الله عليه وسلم


بسم الله الرحمن الرحيم

 





إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فـلا هادي لـه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك لـه، وأشهد أن محمداً عبده ورسولـه (( يَا أَيٌّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُسلِمُون ))[ آل عمران : 102 ] (( يَا أَيٌّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِن نَفسٍ, وَاحِدَةٍ, وَخَلَقَ مِنهَا زَوجَهَا وَبَثَّ مِنهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيكُم رَقِيباً ))[ النساء : 1 ] (( يَا أَيٌّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَولاً سَدِيداً * يُصلِح لَكُم أَعمَالَكُم وَيَغفِر لَكُم ذُنُوبَكُم وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَد فَازَ فَوزاً عَظِيماً ))[ الأحزاب : 70 – 71 ].

وبعد: وردني أن مهندساً في جنوب سورية يثير العديد من الشبه حول الرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم - والشريعة الإسلامية ومصادرها، وقد كُلِفتُ بالرد على هذه الشبه لبيان الحق ونصرته فقلت مستعيناً بالله - تعالى-:

أولاً قال الله تعالى: (( إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الحَيَاةِ الدٌّنيَا وَيَومَ يَقُومُ الأَشهَادُ ))(غافر:51) وذلك أن شبهة إنكار أمية الرسول - صلى الله عليه وسلم - قديمة وليست حديثة كما يظن البعض.

جاء في دائرة المعارف في مادة أمي: ( أمي لقب محمد في القرآن، وهو لقب يرتبط من بعض الوجوه بكلمة \" أمة \"، ولكن يظهر أنه ليس مشتقاً منها مباشرة، لأنه لم يظهر إلا بعد الهجرة، ويختلف معناه عن معنى كلمة \" أمة \" التي كانت شائعة قبل الهجرة )، وجاء في السياق نفسه قوله: ( وقد استدل قوم بإطلاق لفظ أمي على محمد بأنه لم يكن يقرأ ولا يكتب، والحقيقة أن كلمة أمي لا علاقة لها بهذه المسألة لأن الآية 78 من سورة البقرة التي تدعو إلى هذا الافتراض لا ترمي الأميين بالجهل بالقراءة والكتابة بل ترميهم بعدم معرفتهم بالكتب المنزلة )، ثم جاء في هذا العصر من يجتر ويثير هذه الشبهة من جديد، ثم يلقيها على الناس حتى يفسد عليهم دينهم الذي ارتضاه الله لهم، ولعل أهم نقاط الشبهة تتمثل في تفسير كلمتي الأمي، واقرأ:

أولاً تفسير كلمة الأمي:- ادعى هذا المبتدع أن الرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم - كان يعلم القراءة والكتابة ودليله على ذلك هو الفهم المحرف لقوله تعالى: (( الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكتُوباً عِندَهُم فِي التَّورَاةِ وَالأِنجِيلِ يَأمُرُهُم بِالمَعرُوفِ وَيَنهَاهُم عَنِ المُنكَرِ وَيُحِلٌّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيهِمُ الخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنهُم إِصرَهُم وَالأَغلالَ الَّتِي كَانَت عَلَيهِم فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النٌّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ المُفلِحُونَ))(الأعراف:157) فمعنى لفظ \" الأمي \" بحسب زعمه هو غير يهودي أو غير كتابي وليس معناها الذي لا يعرف الكتابة والقراءة.

ثم يدعم شبهته بتفسير محرف آخر لقوله تعالى: (( رَبَّنَا وَابعَث فِيهِم رَسُولاً مِنهُم يَتلُو عَلَيهِم آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الكِتَابَ وَالحِكمَةَ وَيُزَكِّيهِم إِنَّكَ أَنتَ العَزِيزُ الحَكِيمُ ))( البقرة :129) والدليل على ذلك - بحسب زعمه - أن قريشاً كانوا يتهمون الرسول بأنه يؤلف القرآن، وهي تهمة كان من شأنها أن تبدو مستحيلة ومضحكة لو كان الرسول حقاً لا يحسن القراءة والكتابة، وهذه هي مجمل أدلة هذه البدعة، وفيما يلي الرد على هذه البدعة المضلة، وبيان الحق المبين الذي عليه سلف هذه الأمة:-

للرد على هذه الشبهة نعود إلى أهل اللغة وأهل التفسير لنرى ما معنى كلمة \" أمي \" عندهم فهم أعلم بمراد الله تعالى، يقول ابن منظور: ( معنى الأمي المنسوب إلى ما عليه جَبَلَته أمه، أي لا يكتب فهو أمي، لأن الكتابة مكتسبة فكأنه نسب إلى ما يولد عليه أي على ما ولدته أمه عليه )، وقال الزهري: ( قيل للذي لا يكتب ولا يقرأ أمي لأنه على جبلته التي ولدته أمه عليها، والكتابة مكتسبة متعلمة، وكذلك القراءة من الكتاب )، وقال الراغب الأصبهاني: ( الأمي هو الذي لا يكتب ولا يقرأ من كتاب، وعليه حمل قول تعالى: (( هو الذي بعث في الأميين رسولاً منهم … ))، أما ابن قتيبة فقد نسب كلمة أمي إلى أمة العرب التي لم تكن تقرأ أو تكتب فقال: ( قيل لمن لا يكتب أمي لأنه نسب إلى أمة العرب أي جماعتها، ولم يكن من يكتب من العرب أي جماعتها، ولم يكن من يكتب من العرب إلا قليل من لا يكتب إلى الأمة … )، ومما سلف نرى أن كلمة أمي تعني عند أئمة اللغة: الذي لا يقرأ ولا يكتب وليس كما يدعي هذا المبتدع أن معناها غير الكتابي أو غير اليهودي.

أما تفسير كلمة أمي عند أهل التفسير فإننا نراهم قد اتفقوا مع أهل اللغة حول معنى هذه الكلمة: قال الإمام الطبري عليه - رحمة الله تعالى -: يعني بالأميين الذين لا يكتبون ولا يقرءون، ومنه قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ( إنِّا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب ... )، أما الإمام الشوكاني - عليه رحمة الله تعالى - فقد فسر الأمي بأنه: منسوب إلى الأمة الأمية التي هي على أصل ولادتها من أمهاتها لم تتعلم الكتابة، ولا تحسن القراءة للمكتوب ).

ثانياً تفسير كلمة اقرأ:- يأتي هذا المبتدع بتفسير مضحك لمعنى \" اقرأ \" فقد فسر كلمة اقرأ في قوله تعالى: (( اقرَأ بِاسمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ))( العلق : 1 ) ببلغ وليس أمر القراءة المعروف عند أهل اللغة والتفسير، بل ومن في قلبه قليل من الفقه والفهم.

إن معنى كلمة اقرأ في قوله تعالى: (( اقرَأ بِاسمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ))( العلق : 1 ) هو مجرد فعل القراءة وليس التبليغ كما يدعي هذا المبتدع، لأن الفعل قد جاء مكسور الهمزة من قرأ - يقرأ - اقترأ الكتاب بمعنى نطق بالمكتوب فيه، وألقى النظر عليه وطالعه، وقرأ الكتاب تتبع ما فيه، وقرأ الآية نطق بها، وأقرأ اسم تفضيل من قرأ أي أجود قراءة ، واستقرأه طلب منه أن يقرأ، والقرّاء الحسن القراءة.

وبعد هذا فإن فعل اقرأ في أول سورة العلق لم يكن المراد به الأمر بالتبليغ، فلو كان دالاً على التبليغ فيجب أن يأتي من: أقرأ - يقرئ - أقرئ، وذلك بإيراد همزة التعدية نقول أقرأ فلاناً السلام، وأقرأه إياه أي بلغه، وفي الحديث عن عائشة - رضي الله عنها - أنها قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوماً: يا عائش هذا جبريل يقرئك السلام … )، ونجد الزمخشري في أساس البلاغة يقول: ولا يقال اقرأ سلامي على فلان بل أقرئه )، ونستدل من ذلك أن قوله تعالى: (( اقرأ باسم ربك )) يراد منه الأمر بالقراءة ولا يراد منه التبليغ، لأنه لو كان ذلك لوجب أن يقول أقرئ، ويكون المحذوف هو مفعول الفعل طلباً للاختصار.

وورد في لسان العرب أقرأ غيره إقراء ومنه قوله تعالى: (( سنقرئك فلا تنسى ))، والواقع لو كان معنى اقرأ في آية العلق بلغ لاستوعبه الرسول - صلى الله عليه وسلم - لأول وهلة، ولم يحتج - وهو على صواب - بأنه غير قادر على القراءة عندما خاطبه جبريل لأول مرة: (ما أنا بقارئ)، لأنه في هذه الحالة سيكون قد عصى أمر ربه، ولم يصدع بما أمر به، أما وإنه كان عاجزاً عن القراءة التي بمعنى فعل القراءة فإنه كان مصيباً أي غير قادر على القراءة و الكتابة.

عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: أول ما بدئ به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الوحي الرؤيا الصادقة في النوم، فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح، ثم حبب إليه الخلاء، فكان يخلو بغار حراء يتحنث فيه وهو التعبد الليالي أولات العدد قبل أن يرجع إلى أهله ويتزود لذلك، ثم يرجع إلى خديجة فتزوده لمثلها، حتى جاءه الحق وهو في غار حراء فجاءه الملك، فقال: اقرأ، قال: ما أنا بقارئ، قال: فأخذني فغطني حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني، فقال لي اقرأ، قال: قلت ما أنا بقارئ، قال: فأخذني فغطني الثانية حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني، فقال: اقرأ باسم ربك الذي خلق حتى بلغ (( ما لم يعلم ))، قالت: فرجع بها ترجف بوادره حتى دخل على خديجة فقال: زملوني زملوني، فزملوه حتى ذهب عنه الريع ... ).

فالرسـول الكريم - صلى الله عليه وسلم - أخبر الملك بأنه لا يعرف القراءة والكتابة، ولو كان مدلول اقرأ في مفتتح السورة بمعنى بلغ لكان قوله - صلى الله عليه وسلم - ( ما أنا بقارئ )، وعدم جوازه على الرسول - صلى الله عليه وسلم -، فإنه لم يقل بهذا القول أحد من قبل.

هذا وبالإضافة إلى ما سبق أورد العديد من الأدلة من القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة والتي تثبت بطلان ما يدعيه هذا المبتدع:

1- القرآن الكريم: قال تعالى: (( وَمَا كُنتَ تَتلُو مِن قَبلِهِ مِن كِتَابٍ, وَلا تَخُطٌّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لارتَابَ المُبطِلُونَ ))( العنكبوت : 48 ).

يبين البيان الإلهي أن محمداً - صلى الله عليه وسلم - لم يقرأ قبل القرآن كتاباً بسبب أميته، ولو كان يكتب ويقرأ لارتاب الذين في قلبهم مرض، ثم إن مجرور ( من ) إذا كان نكرة يدل على الزمن المطلق عندما يكون منفياً، أي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يكن يعلم القراءة والكتابة، ولم يتعلمها لا قبل البعثة ولا بعدها، بل ظل أمياً لا يقرأ ولا يكتب حتى توفاه الله - تعالى-، قال النحاس: ( وذلك دليل على نبوته، لأنه لا يكتب ولا يخالط أهل الكتاب، فجاءهم بأخبار الأنبياء والأمم، وزالت الريبة والشك ).

أما ما ذكره النقاش في تفسير هذه الآية عن الشعبي أنه قال: ما مات النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى كتب وأسند حديث كبشة السلولي، مضمونه: أنه - صلى الله عليه وسلم - قرأ صحيفة لعيينة بن حصن، واخبر بمعناها، قال أهل العلم أن هذا كله ضعيف، ولا يصح لا سنداً ولا متناً، فمدار هذه الرواية عن عيينة بن حصن، وعيينة هذا لم تصح له رواية أبداً.

2- في الحديث النبوي الشريف: عن سعيد بن عمرو بن سعيد أنه سمع ابن عمر - رضي الله عنهما - يحدث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ( إنِّا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب، الشهر هكذا وهكذا وهكذا - وعقد الإبهام في الثالثة -، والشهر هكذا وهكذا يعني تمام ثلاثين ) فهذا الحديث يدل دلالة المفهوم والمنطوق على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان لا يكتب ولا يحسب، كما يجب أن لا نفهم أن معنى هذا الحديث أنه لا يوجد في أمة العرب من يعلم القراءة والكتابة، بل كان فيهم من يعلم ذلك، بيد أن هذا قليل جداً، لذلك كان الحكم للغالب، قال الأحوذي: ( قال - صلى الله عليه وسلم -: ( إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب ) أراد أنهم على أصل ولادة أمهم لم يتعلموا الكتابة والحساب، فهم على جبلتهم الأولى ).

إضافة إلى هذا فإن الرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم - اتخذ لنفسه كُتَاباً يكتبون الوحي، ولم يذكر التاريخ الصادق أنه - صلى الله عليه وسلم - قام بكتابة الوحي بنفسه، ولو كان عالماً بالقراءة والكتابة لفعل ذلك ولو لمرة واحدة، ولكن لم يؤثر عنه ذلك، ولعل عقد صلح الحديبية يبين هذا:

عن البراء قال: لما أحصر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن البيتº صالحه أهل مكة على أن يدخلها فيقيم بها ثلاثاً، ولا يدخلها إلا بجلبان السلاح السيف وقرابه، ولا يخرج معه أحد من أهلها، ولا يمنع أحداً أن يمكث بها ممن كان معه، فقال لعلي: اكتب بيننا بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما قاضى عليه محمد رسول الله، فقال المشركون: لو نعلم أنك رسول الله تابعناك ولكن اكتب محمد بن عبد الله، قال: فأمر علياً أن يمحوها .... )، وربما يحتج محتج بحديث ذكر الدجال المكتوب بين عينيه كافر بأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قد قرأ هذه الكلمة بما يعني أنه كان يعلم القراءة، فنقول رداً على هذه الشبهة بنص الحديث الوارد عن حذيفة والذي ينص على كلمة كافر يقرؤها كل مؤمن كاتب وغير كاتب.

- عن حذيفة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ( لأنا أعلم بما مع الدجال منه، معه نهران يجريان أحدهما رأي العين ماء أبيض، والآخر رأي العين نار تأجج، فإما أدركه أحد فليأت النهر الذي يراه ناراً، وليغمض ثم ليطأطئ رأسه فليشرب منه فإنه ماء بارد، وإن الدجال ممسوح العين عليها ظفرة غليظة مكتوب بين عينيه كافر يقرؤه كل مؤمن كاتب وغير كاتب ).

وفي الرواية التي رواها الإمام أحمد مكتوب بين عينيه كافر مهجاة ك ف ر:

- عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنه - أنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ( يخرج الدجال في خفقة من الدين، وإدبار من العلم، فله أربعون ليلة يسيحها في الأرض اليوم منها كالسنة، واليوم منها كالشهر، واليوم منها كالجمعة، ثم سائر أيامه كأيامكم هذه، ولـه حمار يركبه عرض ما بين أذنيه أربعون ذراعاً، فيقول للناس: أنا ربكم، وهو أعور وإن ربكم ليس بأعور، مكتوب بين عينيه كافر ك ف ر مهجاة، يقرؤه كل مؤمن كاتب وغير كاتب، يرد كل ماء منهل إلا المدينة ومكة حرمهما الله عليه، وقامت الملائكة بأبوابها، ومعه جبال من خبز، والناس في جهد إلا من اتبعه، ومعه نهران أنا أعلم بهما منه، نهر يقول الجنة، ونهر يقول النار، فمن دخل الذي يسميه الجنة فهي النار، ومن دخل الذي يسميه النار فهي الجنة، وتبعث معه شياطين تكلم الناس، ومعه فتنة عظيمة، يأمر السماء فتمطر فيما يرى الناس، ويقتل نفساً ثم يحييه، لا يسلط على غيرها من الناس فيما يرى الناس، فيقول للناس: أيها الناس هل يفعل مثل هذا إلا الرب؟ فيفر المسلمون إلى جبل الدخان بالشام، فيأتهم فيحصرهم فيشتد حصارهم، ويجهدهم جهداً شديداً، ثم ينزل عيسى فينادي من السحر فيقول: يا أيها الناس ما يمنعكم أن تخرجوا إلى الكذاب الخبيث؟ فيقولون: هذا رجل حي فينطلقون فإذا هم بعيسى، فتقام الصلاة فيقال له: تقدم يا روح الله، فيقول: ليتقدم إمامكم فليصل بكم، فإذا صلوا الصبح خرجوا إليه، فحين يراه الكذاب ينماث كما ينماث الملح في الماء، فيمشي إليه فيقتله، حتى إن الشجرة تنادي: يا روح الله هذا يهودي فلا يترك ممن كان يتبعه أحد إلا قتله).

أما الحكم على من يقول أو يروج هذه الأقوال المبتدعة فهو بلا شك على غير هدى من الله - تعالى-، وعليه التوبة من هذه البدع الضالة المضلة، وعلى أهل العلم وطلابه مناصحته، وأمره بالمعروف ونهيه عن المنكر حتى يعود إلى صوابه ورشده، أو يستحق من الله ومن أولي العزم ما يستحق إن استمر على نهجه هذا وطغيانه.

ولا يمكنني أن أحكم على هذا المبتدع بأكثر من هذا لشح أخباره عني، لذلك أتمنى على من يقرأ هذا الرد أن يمدني بكتب ومصنفات وأقاويل هذا الرجل لكي أدرسها دراسة أعمق وأشمل فيكون الرد عليه وعلى بدعه أعمق وأحكم وأدق وأوضح، والله المستعان.

وأختم قولي هذا بقول الله تعالى: (( وَيُحِقٌّ اللَّهُ الحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَلَو كَرِهَ المُجرِمُونَ ))( يونس : 82 ).

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply