من عقيدة المسلم .. البراءة من الكفر وأهله


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 




البراء في اللغة: قال ابن الأعرابي: برئ إذا تخلص، وبرئ إذا تنزه وتباعد، وبرئ إذا أعذر وأنذر.

فالبراء في الاصطلاح: البعد عن الكفار قولا وعملا والخلاص منهم والعداوة لهم، والإعذار والإنذار لهم.

قال محمد بن عبد الوهاب: إن الإنسان لا يستقيم له إسلام ولو وحد الله وترك الشرك إلا بعداوة المشركين، كما قال - تعالى - في سورة المجادلة: ( لا تجد قوماً يؤمنون بالله واليوم الآخر يُوادون من حاد الله )-.



أصناف الناس في البراءة:



الصنف الأول:

مؤمن خلط عملاً صالحاً وآخر سيئاً فيُحب من وجه ويبغض من وجه فيوالى على قدر ما معه من الخير ويبغض ويعادى على قدر ما معه من الشر.

فالمؤمن الذي يعصي الله يتبرأ من عمله ولا يتبرأ منه، كما قال - تعالى -: ( واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين فإن عصوك فقل إني بريء مما تعملون) الشعراء: 215-216-.

فشارب الخمر الذي يلقب حماراً على عهد الرسول - صلى الله عليه وسلم - كان يجلد، ولما قال له رجل: لعنه الله، منع من ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

ولما قتل خالد الأسرى من بني جذيمة، وبلغ ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: \"اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد بن الوليد\" رواه البخاري -13/181-.

وقوله - صلى الله عليه وسلم -: \"أنا بريء ممن حلق وسلق وخرق\" رواه مسلم وقوله: - أنا بريء ممن سكن بين أظهر المشركين- رواه أبو داود وكذا التبرؤ من أهل البدع كما في قول ابن عمر - رضي الله عنه - للرجل الذي سأله عن \"القدرية\": فإذا لقيت أولئك، فأخبرهم أني بريء منهم، وأنهم براء مني.



الصنف الثاني:

من يبرأ منه جملة، وهو من كفر بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر، أو أشرك بالله في عبادته أحداً أو أنكر فريضة، أو استباح محرماً، ونحو ذلك.



أدلة البراءة:

ما أدلة البراء من الكتاب والسنة: فقول الله - تعالى -: ( يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة وقد كفروا بما جاءكم من الحق يخرجون الرسول وإياكم أن تؤمنوا بالله ربكم إن كنتم خرجتم جهاداً في سبيلي وابتغاء مرضاتي تسرون إليهم بالمودة وأنا أعلم بما أخفيتم وما أعلنتم ومن يفعله منكم فقد ضل سواء السبيل إن يثقفوكم يكونوا لكم أعداء ويبسطوا إليكم أيديهم وألسنتهم بالسوء وودوا لو تكفرون) -الممتحنة: 1-2-.

ثم قال بعدها (لن تنفعكم أرحامكم ولا أولادكم يوم القيامة يفصل بينكم والله بما تعملون بصير).

* فقوله: أن تؤمنوا بالله: أي: يخرجونكم من مكة، لأنكم آمنتم بالله فهذا ذنبكم عندهم.

* وقوله: إن كنتم خرجتم جهاداً: أي: لا تتخذوا أولياء، إن كنتم خرجتم جهاداً في سبيلي.



* وقوله إن يثقفوكم: أي: إن يظفروا بكم ويتمكنوا منكم، فلن يرحموكم ولن يتركوكم.

وقد نزلت هذه الآيات في شأن حاطب بن أبي بلتعة عندما أرسل إلى قريش يخبرهم ببعض أمر النبي - صلى الله عليه وسلم -، فأرسل النبي - صلى الله عليه وسلم - عليا والزبير والمقداد فأتوا له بالكتاب من المرأة.. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - لحاطب: ما هذا يا حاطب؟ فقال: لا تعجل علي يا رسول الله، إني كنت امرأ في قريش، ولم أكن من أنفسهم، وكان من معك من المهاجرين لهم قرابات يحمون بها أهليهم وأموالهم بمكة، فأحببت إذ فاتني من النسب فيهم، أن أصطنع إليهم يدا يحمون قرابتي، وما فعلت ذلك كفرا، ولا ارتدادا عن ديني، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - إنه قد صدقكم، فقال عمر: دعني يا رسول الله فأضرب عنقه، فقال: إنه شهد بدرا، وما يدريك لعل الله - عز وجل - اطلع على أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم. رواه البخاري -8/633-.

ثم ضرب الله - سبحانه - للمسلمين مثلاً بإبراهيم - عليه السلام - والذين معه (قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه إذ قالوا لقومهم إنا برءاؤ منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبداً حتى تؤمنوا بالله وحده... -.

أي:عليكم أن تتأسوا بإبراهيم - عليه السلام - والذين معه في براءتهم من الكفار وإعلانهم العداوة والبغضاء لهم ما داموا على شركهم وكفرهم.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply