صفة الساق


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 



المقدمة:

الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا.من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادى له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، واشهد أن محمداً عبده ورسوله \"يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وانتم مسلمون\" \"يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيرا ونساءاً واتقوا الله الذي تسائلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيباً\" \"يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيماً\"…………… أما بعد: فإن من المعلوم أن اعتقاد أهل السنة أصحاب الحديث في الأسماء والصفات هو الإثبات ما أثبته الله - تعالى - لنفسه من غير تأويل ولا تعطيل ولا تمثيل، ولم يحدث بين السلف - رحمهم الله - خلاف في الصفات إلا ما روي في صفة الساق، قال شيخ الإسلام - رحمه الله -(و قد طالعت التفاسير المنقولة عن الصحابة وما رووه من الحديث ووقفتُ على أكثر من مائة تفسير فلم أجد إلى ساعتي هذه عن أحد من الصحابة أنه تأول شيئاً من آيات الصفات أو أحاديث الصفات بخلاف مقتضاها المفهوم المعروف بل عنهم من تقرير ذلك وتثبيته. إلا مثل قوله - تعالى -:\"يوم يكشف عن ساق\"(1) فروي عن ابن عباس وطائفة أن المراد به الشدة أو أن الله يكشف عن الشدة في الآخرة وعن أبي سعيد - رضي الله عنه - وطائفة أنهم عدوها في الصفات للحديث الذي رواه أبو سعيد - رضي الله عنه - في الصحيحين أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - قال:\"يكشف ربُنا عن ساقه فيسجد له كل مؤمن ومؤمنة ويبقى من كان يسجد في الدنيا رياء وسمعة فيذهب ليسجد فيعود ظهره طبقاً واحداً\"(2) ولا ريب أن ظاهر القرآن لا يدل على أن هذه من الصفات فإنه قال\"يوم يكشف عن ساق\"و لم يضفها الله - تعالى - إلى نفسه، ولم يقل عن ساقه، فمع عدم التعريف بالإضافة لا يظهر أنها من الصفات إلا بدليل آخر ومثل هذا ليس بتأويل، إنما التأويل صرف الآية عن مدلولها ومفهومها ومعناها المعروف)(3) وبعد كلام شيخ الإسلام - رحمه الله -تبـين لنا أن هناك خلافا بين الصحابة في هذه الصفة فما حقيقته وما الراجح فيه؟. هذا ما سنتناوله هذا من خلال هذا البحث.و قد جعلت البحث في عدة مطالب وهي:

الأول: قول من قال أنها الشدة وأدلتهم.

الثاني: قول من قال أنها من صفات الرحمن وأدلتهم.

الثالث: قول من جمع بينهما.

الرابع: مناقشة الأقوال.

الخامس: الترجيح.



المطلب الأول:

أنها الشدة والكرب، روى الفراء في تفسيره قال (.. عن ابن عباس - رضي الله عنهما -أنه قرأ\"يوم يكشف عن ساق\") يريدُ القيامة والساعة لشدتها، قال أنشدني بعض العرب:

كَشَفَت لهـم عن سَــاقِها وبـَدَا من الشَّـرِّ صُراحُ) (4)

و روى ابن جرير - رحمه الله - في تفسيره عن ابن عباس - رضي الله عنهما -أنه قال (\"يوم يكشف عن ساق\"قال هو يوم كربٍ, وشدةٍ,) (5).قال الزمخشريّ\"يوم يكشف عن ساق\"في معنى يوم يشتدُ الأمر ويتفاقم، ولا كشف ثَمَ ولا ساق، كما تقول للأقطع الشحيح يده مغلولة ولا يد ولا غل وإنما هو البخل، وأما من شّبه فلضيق عطنه وقلة نظره في علم البيان والذي غره حديث ابن مسعود - رضي الله عنه -: \"يكشف الرحمن عن ساقه فأما المؤمنون فيخرون سجداً وأما المنافقون فتكون ظهورهم طبقاً كأن فيها سفافيداً(6)و معناه يشتد أمر الرحمن ويتفاقم هوله وهو الفزع الأكبر يوم القيامة ثم كان من حق الساق أن تُصرف على ما ذهب إليه المشبهة لأنها ساق مخصوصة معهودة عنده وهي ساق الرحمن)(7) وقال القمي (قال أهل السنة: الدليل الدال على أنه - تعالى - منزه عن الجسمية وعن صفات الحدوث وسمات الإمكان دل على أن الساق لم يرد بها الجارحة فأولوه أنه عبارة عن شدة الأمر وعظم الخطب، وقيل يكشف عن ساق جهنم أو ساق العرش أو عن ساق ملك مهيب..) (8) وقال الرازي: (و اختيار المشبهة أنه ساق الله - تعالى - الله..و أعلم أن هذا القول باطل لجوه:

1. أن الدلائل دلت على أن كل جسم محدث لأن كل جسم متناه وكل متناه محدث ولأنه جسم فإنه لا ينفك عن الحركة والسكون وكل ما كان كذلك فهو محدث لأن كل جسم ممكن وكل ممكن محدث.

2. أنه لو كان المراد ذلك ـ أي الصفة ـ لكان من حق الساق أن تعرّف لأنها ساق مخصوصة معهودة وهي ساق الرحمن أما لم حملناه على الشدة ففائدة التنكير الدلالة على التعظيم)(9).

و قال ابن الجوزيّ - رحمه الله - : (ذكر أهل التفسير أن الساق في القرآن على وجهين، أحدهما: العضو المعروف ومنه قوله - تعالى -\"فطفق مسحاً بالسوق والأعناق\"، والآخر: الشدة ومنه قوله - تعالى -\"يوم يكشف عن ساق\"و\"التفت الساق بالساق\")(10) وقال القرطبي - رحمه الله - : (….فأما ما روي أن الله يكشف عن ساقه فإنه - عز وجل يتعالى عن الأعضاء والتبعيض وأن يكشفُ يتغطى)(11)و قال النووي - رحمه الله - : (وفسّر ابن عباس - رضي الله عنهما - وجمهور أهل اللغة وغريب الحديث الساق هنا بالشدة، وهذا مثل تضربه العرب لشدة الأمر ولهذا يقولون قامت الحرب على ساق، وقال القاضي عياض - رحمه الله - : وقيل المراد بالساق هنا نور عظيم وقيل قد يكون الساق علامة بينه وبين المؤمنين من ظهور جماعة من الملائكة على خلقة عظيمة لأنه يقال ساق من الناس كما يقال رجل من جراد وقيل أنه كشف عن الخوف وإزالة الرعب عنهم، وقال الخطابي - رحمه الله - : وهذه الرؤية التي في هذا المقام يوم القيامة غير الرؤية التي في الجنة لكرامة أولياء الله - تعالى - وإنما هذه للامتحان والله أعلم)(12) واستدل بعضهم بحديث أبي موسى عن أبيه عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - أنه قال:\"يوم يكشف عن ساق يعني نور عظيم يخرون له سجداً) (13) وقال الشيخ محمد الغزالي بعد ذكر حديث الساق (و هذا سياق غامض مضطرب مبهم وجمهور العلماء يرفضه وقد حاول القاضي عياض القول بأن الذي جاء المؤمنين في صورة أنكروها هو أحد الملائكة، وكان ذلك اختباراً من الله لهم، وهو آخر اختبار يلقاه المؤمنون، ومحاولة القاضي لا تقدم ولا تـؤخر فليست الدار الآخرة دار اختبار..ثم لماذا يقوم أحد الملائكة بهذه التمثلية المزعجة؟!و بإذن من؟! وما جدواها؟!.. والحديث كله معلول وبعض المرضى بالتجسيم هو الذي يشيع هذه المرويات وأن المسلم الحق ليستحي أن ينسب لرسوله هذه الأخبار)(14)!!!. وقال الإسماعيلي عن قوله - صلى الله عليه وآله وسلم -\"يكشف عن ساق\"ـ يريد لفظ مسلم ـ هذه أصح لموافقتها لفظ القرآن في الجملة، لا يظن أن الله ذو جوارح لما في ذلك من مشابهة المخلوقين - تعالى - الله عن ذلك ليس كمثله شيء)(15) وقال الفيروزآبادي - رحمه الله - \"يوم يكشف عن ساق\": (عن الشدة) (16).



المطلب الثاني:

وهو قول أهل السنة والجماعة - رحمهم الله - قال ابن القيم - رحمه الله - : (و من حمل الآية على ذلك ـ أي أنها صفة الرحمن ـ قال: قوله - تعالى -\"يوم يكشف عن ساق\"مطابق لقوله - صلى الله عليه وآله وسلم -\"يكشف عن ساقه\"و تنكيره للتعظيم والتفخيم كأنه قال يكشف عن ساق عظيمة قالوا وحمل الآية على الشدة لا يصح بوجه فإن لغة القوم أن يقال كشفت الشدة عن القوم، لا كشفت عنها، كقوله - تعالى -\"فلما كشفنا عنهم العذاب\"العذاب هو المكشوف لا المكشوف عنه وأيضا فهناك تحدث شدة لا تزول إلا بدخول الجنة وهنا لا يدعون لسجود وإنما يدعون الله أشد ما كانت الشدة)(17) وقال الإمام الشوكاني - رحمه الله -في تفسير الآية: (و قيل أي يوم يكشف عن ساق الأمر فتظهر حقائقه، وقيل يكشف عن ساق جهنم، وقيل ساق العرش وقيل أنه عبارة عن القرب.. وسيأتي في أخر البحث ما هو الحق وإذا جاء نهر الله بطل نهر معقل..ـ ثم قال بعد ذكر حديث أبي سعيد وقول ابن عباس - رضي الله عنهم - وقد أغننا الله سبحانه في تفسير الآية بما صح عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - كما عرفت وذلك لا يستلزم تجسيماً ولا تشبيهاً فليس كمثله شيء...

دعوا كل قول عند قول محمدٍ, *** فما آمن في دينه كمخاطر)(18)

وسئل سماحة الوالد العلامة الشيخ عبد العزيز ابن باز – رحمه الله - عن معنى قوله - تعالى -\"يوم يكشف عن ساق\"فقال: (الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - فسّرها بأن المراد يوم يجيء الرب يوم القيامة ويكشف لعباده المؤمنين عن ساقه وهي العلامة التي بينه - تعالى - وبين عباده فإذا كشف عن ساقه عرفوه وتبعوه وإن كانت الحرب يقال لها كشفت عن ساق إذا اشتدت وهذا معنى معروف لغوياً قاله أئمة اللغة ولكن في الآية الكريمة يجب أن يفسر بما جاء في الحديث وهو كشف الرب عن ساقه - سبحانه وتعالى - …)(19) وقال السيوطي - رحمه الله - في الدر المنثور: (أخرج ابن مندة في الرد على الجهمية عن أبي هريرة قال: قال الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - يوم يكشف عن ساق قال يكشف الله - عز وجل - عن ساقه)(20) وقال الدكتور محمد الجامي - رحمه الله - : (فانطلاقاً من هذا الحديث الصحيح الذي يثبت لله ساقاً نرى أن الآية من آيات الصفات المفسرة بالسنة لأن الآية جاءت محتملة المعنى حيث جاء الساق مجرداً عن الإضافة المخصصة فجاءت السنة مبينة بأن المراد بالساق هو ساق الرحمن. فَسلُك في إثبات الساق مسلك السلف الصالح وهو إثبات بلا تمثيل ولا تشبيه وتنزيه بلا تعطيل، فالكلام في صفة الساق كالكلام في صفة اليد والوجه، وأما الخلاف والنزاع الذي جرى بـين الصحابة والتابعين فينبغي أن نعتبره منتهياً بعد ثبوت حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه -الذي نعده تفسيراً للآية المجملة ثم نعده فيصلاً في هذه القضية)(21)و قال الدكتور عبد الله الغنيمان (الضمير في قوله - تعالى -\"يوم يكشف عن ساق\"يعود إلى الله - تعالى - ففي ذلك إثبات صفة الساق لله - تعالى - ويكون هذا الحديث ونحوه تفسير لقوله - تعالى -\"يوم يكشف عن ساق\"و هذا الحديث متفق على صحته وفيه التصريح في أن الله - تعالى - يكشف عن ساقه وعند ذلك يسجد له المؤمنون ومن تأوله التأويلات المستكرهة فقد استدرك على الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم -، ومعلوم أن قوله - تعالى -\"يوم يكشف عن ساق\"ليس نصاً في أن الساق صفة لله - تعالى -º لأنه جاء منكرا غير معرّف فيكون قابلاً كونه صفة وكونه غير صفة وتعيينه لواحد من ذلك يتوقف على الدليل وقد دل الدليل الصحيح على ذلك فلا يجوز تأوله بعد ذلك، أما ما جاء عن ابن عباس - رضي الله عنهما -و غيره أن ذلك الشدة والكرب يوم القيامة فهذا بالنظر إلى لفظ الآية لأنها كما قلنا لم تدل على الصفة بلفظها وإنما الدليل هو الحديث المذكور)(22) وقد جمع الشيخ سليم الهلالي كل المرويات في تفسير هذه الآية من طريق ابن عباس فكانت عشرة روايات لم يصح منها شيء ثم قال: (ا علم أيها الأخ المحب أن هذا التفسير عن ابن عباس - رضي الله عنهما -لو صح ـ وقع على مقتضى اللغة وأن الساق في اللغة هو الشدة وقد أشار أبو يعلى في كتابه ـ إبطال التأويلات لأخبار الصفات ـ فقال: والذي روي عن ابن عباس - رضي الله عنهما - والحسن فيحتمل أن يكون هذا التفسير منهما على مقتضى اللغة وهو أن الساق في اللغة هو الشدة، ولم يقصد بذلك تفسيره في صفات الله - تعالى - في موجب الشرع.)(23) قال العلامة بكر بن عبد الله أبو زيد: (الآية فيها إثبات صفة الساق لله - سبحانه وتعالى -، كما في حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - وخير ما يفسر فيه القرآن بعد القرآن السنة النبوية والحديث صريح في إثبات صفة الساق لله - سبحانه وتعالى -)(24) وقال الشيخ العلامة المحدث محمد ناصر الدين الألبانيّ – رحمه الله - بعد تخريج حديث أبي سعيد: (و جملة القول إن الحديث صحيح مستفيض عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد)(25) وقد أورد الإمام ابن مندة - رحمه الله - أحاديث وآثار نذكرها منها: عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - عن النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ وقال فيه:\"و يكشف عن ساقيه جل وعز\"، وعن ابن مسعود - رضي الله عنه - في قوله جل وعز\"يوم يكشف عن ساق\"قال: عن ساقيه. قال أبو عبد الله: هكذا في قراءة ابن مسعود.)(26).



المطلب الثالث:

قال الشيخ أبو بكر الجزائري (أي يوم يعظم فيه الهول ويشتد الكرب ويكشف الرب عن ساقه الكريم التي لا يشبهها شيء عندما يأتي لفصل القضاء.)(27).



المطلب الرابع:

وبعد عرض الأقوال نحب أن نجرى مناقشة سريعة لنتبـين مع من الحق في هذه المسألة.

أصحاب القول الأول لم يذكروا دليلا واحد خلا ما أشار إليه النووي - رحمه الله - وقد ذكره ابن كثير نقلاً عن ابن جرير وفيه أنه - تعالى - يكشف عن نور قال الحافظ ابن حجر - رحمه الله - فيه: (أخرج أبو يعلى بسند ضعيف عن أبي موسى مرفوعاً في قوله\"يوم يكشف عن ساق\"قال\"عن نور عظيم فيخرون له سجداً\"(28) وما سوى هذا الدليل اعتراضات أقواها أن الآية لم تدل على ذلك بمفردها وقد سبق كلام شيخ الإسلام ابن تيمية - رضي الله عنه - في ذلك. وقد رد الألبانيّ على اعتراض الإسماعيلي بقوله (نعم\"ليس كمثله شيء\"º ولكن لا يلزم من إثبات ما أثبته الله لنفسه من الصفات شيء من التشبيه أصلاً.و أنا وإن كنتُ أرى من حيث الرواية أن لفظ\"ساق\"أصح من لفظ\"ساقه\"فإنه لا فرق بينهما عندي من حيث الدرايةº لأن سياق الحديث يدل على أن المعنى هو ساق الله تبارك و- تعالى -.)(29) وقال الشيخ محمد موسى نصر ـ عن كلام الإسماعيلي ـ (أن مطابقتها ـ أي لفظ الساق ـ للفظ القرآن لا يكفي لترجيحها وتقديمها على رواية البخاريº والقرآن حمَّال أوجه وكذلك وإن صحت كما عند مسلم فلا تنافي بين الروايتين لاتحاد سياقهما وتكون الزيادة في حديث أبي سعيد زيادة ثقة مقبولة)(30) وقال الألباني - رحمه الله -: (و وجدتُ للحديث شاهداً آخر مرفوعاً وهو نصٌ في الخلاف السابق في الساق وإسناده قوي فأحب أن أسوقه إلى القراء لعزته وصراحته وهو:\"إذا جمع الله العباد بصعيد واحد ….هل تعرفونه؟ فيقولون: إذا تعرف إلينا عرفناه، فيكشفُ لهم عن ساقه فيقعون سجوداً، وذلك قول الله - تعالى -\"يوم يكشف عن ساق ويدعون إلى السجود فلا يستطيعون\"، ويبقى كلُ منافق فلا يستطيع أن يسجُدَ، ثم يقودهم إلى الجنة\"قلتُ وهذا إسناد جيد رجاله ثقات رجال الصحيحº إلا ابن إسحاق إنما أخرج له مسلم متابعة، ثم وجدت له شاهدا آخر عن أبي هريرة مختصراً بلفظ:\"يوم يكشف عن ساق\"قال: يكشف الله - عز وجل - عن ساقه\")(31) وقال الشيخ مشهور آل سليمان: (و على أيّة حال لا يقدم قول الصحابي على قول الرسول ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ وتحمل مخالفة الصحابي للحديث المرفوع على عدم العلم به لما عرف عنهم من التمسك بالسنن..) (32)و سبق أن بينتُ أن أصحاب القول الأول لم يذكروا أدلة بينما ذكر أصحاب القول الثاني أدلة سبقت.



المطلب الخامس:

أخي القارئ الكريم بعد أن ذكرنا أدلة كل قول مع ذكر بعض من قال بكل قول فلا شك أن القول الثاني هو الصحيح الذي لا يصح غيره، وتبقى مسألة هل الآية من آيات الصفات أم لا؟. مع إثبات الصفة من خلال الأحاديث الصحيحة السابقة، والذي يظهر أنها من آيات الصفات والله - تعالى - أعلم بالصواب.

و في نهاية البحث أحب أن أنبه على أن مخالفتنا لمن قال بغير قول أهل السنة لا يدعونا إلى الطعن فيه ونبذه وحرق كتبه، بل يستفاد منه ويترك خطأه ـ مع بيان الحق وتزيف الباطل ـ خاصة في مثل هذه المسائل التي نُقل فيها الخلاف عن بعض السلف.

هذا والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله وسلم



ـــــــــــــــــ

(1) سورة ن الآية 42.

(2) أخرجه البخاري ـ كتب التفسير ـ باب (يوم يكشف عن ساق) ـ المكتبة السلفية ـ 3/ 351. وأحرجه مسلم بدون إضافة الساق له - تعالى - ـ كتاب الإيمان ـ باب (81) معرفة طريق الرؤية ـ ت: محمد فؤاد عبد الباقيّ ـ المكتبة الإسلامية ـ 1/ 168.

(3) مجموع الفتاوى ـ شيخ الإسلام ـ الإفتاء ـ 6 / 494.

(4) معني القرآن ـ الفراء ـ عالم الكتب ـ الثانية 1980م ـ (/).

(5) جامع البيان ـ ابن جرير الطبريّ ـ دار المعرفة ـ 1400هـ (29/ 38).

(6) أخرجه عبد الله ابن الإمام أحمد ـ كتاب السنة ـ برقم 1203ـ (2/ 520) ـ ت: د.محمد القحطانيّ ـ رمادي للنشر ـ الثانية1414هـ وابن جرير الطبري ـ جامع البيان ـ مصطفي البابي الحلبي ـ (29/ 40).

(7) الكشاف ـ الزمخشريّ ـ دار الفكر ـ (4 / 147).

(8) غرائب القرآن ور غائب الفرقان ـ نظم الدين بن الحسن القمي ـ ت: إبراهيم عطوة عوض ـ مطبعة البابي الحلبي ـ الأولى 1390هـ

(9) التفسير الكبير ـ الرازي ـ مكتبة المعارف ـ (29/ 95) بتصرف.

(10) نزهة الأعين النواظر في علم الوجوه والنظائر ـ ابن الجوزي ـ ت: محمد عبد الكريم كاظم الراضي ـ مؤسسة الرسالة ـ الأولى 1404هـ

(11) الجامع لأحكام القرآن ـ القرطبي ـ دار الكتب العلمية ـ الأولى 1408هـ ـ (18/ 162)

(12) شرح صحيح مسلم ـ النووي ـ مؤسسة قرطبة ـ الأولى 1412هـ

(13) تفسير القرآن العظيم ـ ابن كثير ـ دار الخير ـ الأولى 1410هـ

(14) السنة النبوية بين أهل الفقه وأهل الحديث ـ محمد الغزالى ـ دار الشروق ـ 127، وقد فند بعض طلبة العلم تخريصاته هذه

(15) الفتح ـ الحافظ ابن حجر ـ ت: سماحة الشيخ ابن باز ـ دار الفكر ـ 1411هـ ـ (9 / 664)

(16) القاموس المحيط ـ الفيروزآبادي ـ مؤسسة الرسالة ـ الثانية 1407هـ ـ مادة سوق 1156

(17) مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة ـ محمد الموصليّ ـ ت: سعيد إبراهيم ـ دار الحديث ـ الأولى 1412هـ ـ 38.

(18) فتح القدير ـ الشوكاني ـ ت: سيد إبراهيم ـ دار زمزم ـ الأولى 1413هـ (5/ 319)

(19) مجموع فتاوى وتنبيهات ـ ابن باز ـ مكتبة السنة ـ الأولى 1409هـ

(20) الدر المنثور في التفسير بالمأثور ـ الإمام السيوطي ـ دار المعرفة

(21) الصفات الإلهية ـ د. محمد أمان الجامي ـ الثانية 1411هـ

(22) شرح كتاب التوحيد من صحيح البخاري ـ د. عبد الله الغنيمان ـ مكتبة لينةـ (2/ 121).

(23) المنهل الرقراق في تخريج ما روى عن الصحابة والتابعين في تفسير\"يوم يكشف عن ساق\"ـ سليم بن عيد الهلالي ـ دار ابن الجوزي ـ الأولى 1412هـ (35) وقد توسع أحسن الله إليه في نقد المرويات فمن أراد فليراجعها.

(24) الردود / التحذير من مختصرات الصابونيّ ـ بكر أبو زيد ـ دار العاصمة ـ الأولى 1414هـ ـ (350)

(25) السلسة الصحيحة ـ محمد ناصر الألباني ـ مكتبة المعارف ـ 1415هـ ـ (2/127) تحت الحديث رقم 583

(26) الرد على الجهمية ـ الإمام ابن مندة ـ ت: د. على بن محمد الفقيهي ـ مكتبة الغرباء الأثرية ـ الثالثة 1414هـ ـ 35

(27) أيسر التفاسير ـ الشيخ أبو بكر الجزائري ـ الأولى 1407هـ ـ (4 / 536)

(28) الفتح ـ ابن حجر ـ (9/664)

(29) السلسلة الصحيحة ـ الألباني ـ (2/ 128) تحت حديث رقم 583

(30) صفة الساق لله - تعالى - بين إثبات السلف وتعطيل الخلف ـ محمد موسى نصر ـ مكتبة الغرباء الأثرية ـ الأولى 1413هـ 34.

(31) السلسلة الصحيحة ـ الألباني ـ (2 / 129)

(32) الردود والتعقيبات ـ أبي عبيدة مشهور بن حسن آل سليمان ـ دار الهجرة الأولى 1413هـ ـ 118.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply