الرقى والتمائم


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 




اتسمت كثير من عادات المشركين بالسطحية والسذاجة، وذلك نظرا لافتقادهم المصدر الإلهي الذي يهتدون بهديه، ويستضيئون بنوره، بعيدا عن منطق الخرافة، الذي كان مسيطرا عليهم، ومن تلك العادات التي اعتاد المشركون فعلها اتخاذهم خيوطا (تمائم) يعلقون عليها بعض تعويذات المشعوذين، أو تمتمتهم بكلمات شركية (الرقى المحرمة) يتقربون بها إلى الجنº ظناً منهم أنها تعصمهم من الآفات.

فلما جاء الإسلام - دين الحق والهدى - بيَّن لهم خرافة هذه العادات، وأنها لا تقوم على منطق صحيح، وإنما على الأوهام التي يلقيها الدجالون والمشعوذون تأكلاً.

فنهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عنها، وأعلمهم أنها لا تردٌّ من أمر الله شيئاً، وأن الحافظ الضار النافع هو الله - سبحانه -، وأن تلك العادات التي يمارسونها لن تجلب لهم نفعا، ولن تدفع عنهم بلاء، فالواجب هجرها والابتعاد عنها، والالتجاء إلى الله وحده.

والأحاديث في هذا الجانب كثيرة فعن رويفع بن ثابت - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال له: (يا رويفع لعل الحياة ستطول بك بعدي فأخبر الناس أنه من عقد لحيته أو تقلد وترا أو استنجى برجيع دابة أو عظم فإن محمدا بريء منه)رواه النسائي وصححه الشيخ الألباني.

وبين - صلى الله عليه وسلم - في حديث آخر أن تلك العادات من تعليق التمائم ما هي إلا نوع من الشرك، ذلك أن فيها تعلقا بما لم يجعله الله سبباً في دفع البلاء، وجلب الخير، فعن زينب امرأة عبد الله بن مسعود: إن عبد الله رأى في عنقها خيطاً، فقال: ما هذا؟ قالت: خيط رقي لي فيه، فأخذه ثم قطعه، ثم قال: أنتم آل عبد الله لأغنياء عن الشرك، سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: (إن الرقى والتمائم والتولة شرك) رواه أبو داود.

والتولة: نوع من السحر تصنعه النساء يتحببن به إلى أزواجهن.

أما الرقى فليست على حكم واحد، بل منها المحرم وهو ما كان على عادة الجاهليين من التعوذ بالجن واللجوء إليهم، ولا شك أن هذا نوع من الشرك الأكبر لأن فيه استعانة بغير الله - عز وجل - في الأمور التي لا يقدر عليها غيره، كشفاء المرضى ونحو ذلك.

ومن الرقى ما هو مستحب، وهو ما كان بكلام الله أو بأسمائه وصفاته، على أن يعتقد كل من الراقي والمرقي أن الرقية لا تؤثر بذاتها بل بتقدير الله - تعالى -، وأنها لا تشفي، بل الشافي هو الله، وما هي إلا سبب من الأسباب.

والدليل على ذلك ما رواه عوف بن مالك - رضي الله عنه - قال: كنا نرقى في الجاهلية، فقلنا: يا رسول الله، كيف ترى ذلك؟ فقال: (اعرضوا علي رقاكم، لا بأس بالرقى ما لم يكن شركاً).

فالواجب على المسلم أن يعلق قلبه بالله، وأن يتوكل عليه - سبحانه -، وأن يخلي قلبه من التعلق بالأوهام الكاذبة، فليس تعليق خيط أو تمتمة بكلام غير مفهوم أو بكلام شركي، بدافع عن العبد البلاء، أو جالب له الخير، وينبغي للمسلم أن يتحصن بالرقى الشرعية، فهي من أسباب دفع البلاء، فقد كان ذلك من هدي النبي - صلى الله عليه وسلم -.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply