نحن واليهود بين السلام والاستسلام


 

بسم الله الرحمن الرحيم



تتجرع الأرض المباركة ألوان الهوان والآلام التي تعتصر قواها وتؤجج حروقاً وجروحاً في جبينها الناصع الذي أشعل نارها وأوقد لظاها العدو الصهيوني منذ ما يزيد على تسعين سنة.



إن الاستعلاء الصهيوني في الأرض التي بارك الله فيها حول المسجد الأقصى، قد هتك العرض، ونهب الأرض، وشرد الآمنين، عبر عشرات السنين، وليس وليد اللحظة، بل هو جاثم وجاث على الأراضي الإسلامية في فلسطين.



إن العدو اليهودي الذي احتل فلسطين وروع الآمنين حول المسجد الأقصى، هجم على بلاد المسلمين كبذرة قذرة من الصليبية الحاقدة فهما ألد الأعداء ولكنهم ضد المسلمين يدا واحدة، يختلفون في كل شيء إلا في مواجهة المسلمين، والتعدي على بلاد المسلمين، وسلب خيراتهم وثرواتهم، حتى وإن نعقوا بالسلام المزيف، قال – تعالى -: (وَلَن تَرضَى عَنكَ اليَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُم) وقال - تعالى -: (لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا اليَهُودَ وَالَّذِينَ أَشرَكُوا)، وبالرغم من أن عدد اليهود لا يماثل جزءا قليلا من عدد المسلمين، إذ عددهم ملايين قليلة قد لا تتجاوز العشرين، بينما عدد المسلمين قد يصل إلى المليار ونصف المليار، ومع هذا فالمسلمون ينظرون إلى انتهاكاتهم وتمردهم وتسلطهم على أجزاء من العالم الإسلامي دون أن يتحرك هذا المليار بالرد الصريح الصحيح تجاه تلك الشرذمة القليلة إخوان القردة والخنازير.



يقول الشيخ عبد الرحمن الدوسري - رحمه الله - إن كل أمة تبلى بشيء من العار تسعى جاهدة لمحو آثاره، والانتقام من مسببه، ولكن العار الذي مني به العرب لا يشبهه شيء، ولم تصب به أمة من الأمم، فالذي غزاهم وقاتلهم ليس بكفؤ لهم من كل ناحية، بل قاتلهم جرذان الخليقة ممن ضرب الله عليهم الذلة والمسكنة وباؤوا بغضب منه.



إن الواقع الذي نعيشه ويعيشه إخواننا في فلسطين -الأرض المباركة أرض المسجد الأقصى- لشاهد على ضعف وخور بل واستسلام لمن وصفهم الله - عز وجل - بالذعر والخوف والهلع إذا ما واجهونا بحرب قال- عز من قائل عليما-: (لا يُقَاتِلُونَكُم جَمِيعاً إِلاَّ فِي قُرًى مُحَصَّنَةٍ, أَو مِن وَرَاءِ جُدُرٍ,) وهذا الذعر والخوف نراه بأم أعيننا ونشاهده حيث ترى الجنود الصهاينة اليهود يهربون ويختبئون عبر المتاريس الخرسانية وهم مدججون بأحدث أنواع الأسلحة الفتاكة، بل والممنوعة دوليا من حجارة صغيرة ترميها أيد صغيرة.



أرعبت بالصدر الحسير جحافلا *** وأخـفت جـمعاً حاقداً وجحودا



فكيف الأمر بهم لو كان بأيدي أبطال الحجارة أسلحة وذخيرة؟ لا نقول مثل الأسلحة التي مع العدو الصهيوني بل أقل بكثير؟!.



إن حقيقة اليهود لا تخفى علينا، وصفاتهم نعرفها تمام المعرفة: فالحقد والكراهية، والحسد والتكبر على الناس، وحب السيادة، ونقض العهد والغدر والخيانة، والظلم والفساد هي صفاتهم، يقول الشيخ العلامة عبدالرحمن الدوسري - يرحمه الله - عنهم: \"هم تجمعٌ قام على ديانة اخترعها لنفسه عندما كفر بنبوة إبراهيم وموسى وعيسى ومحمد - عليهم الصلاة والسلام -، ونهج النهج المعاكس، ثم تطورت هذه الديانة فيما بعد وأصبحت تقوم على الدس والحقد والكراهية لبني البشر ممن سواهم\".



ولنستعرض بعضا من المواقف التي توضح لنا ما يتصف به اليهود من طباع:

* الرفض والهلع من القتال، وعصيانهم لأمر الله: (قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّا لَن نَدخُلَهَا أَبَداً مَا دَامُوا فِيهَا فَاذهَب أَنتَ وَرَبٌّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ).



* المراوغة والتشديد وقصة البقرة شاهد على عدم الامتثال لأمر الله، ومراوغتهم وتشددهمº فشدد الله عليهم فذبحوها، وما كادوا يفعلونº مترددين في ذبحها.



* الشك والتشكك في كل أمر: حتى وهم في حالة لا تتقبل الشك ومن الأمثلة: شكهم في غرق فرعون، قال ابن كثير - رحمه الله - فلما جاوز موسى البحر قال أصحابه: إنا نخاف ألا يكون فرعون غرق ولا نؤمن بهلاكه، فدعا ربه فأخرجه له ببدنه حتى استيقنوا بهلاكه.



* أذيتهم للأنبياء: (يَا أَيٌّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِندَ اللَّهِ وَجِيهاً).



* تحريفهم للكتب المنزلة على الرسل: فحرفوا التوراة، وحرفوا الإنجيلº فقد استحفظوا إلى ما بأيديهم من الكتب فلم يقدروا على حفظها، ولا على ضبطها وصونهاº لما فيهم من سوء وقصور وخيانة.



* المخالفة: (وَإِذ قِيلَ لَهُم اسكُنُوا هَذِهِ القَريَةَ وَكُلُوا مِنهَا حَيثُ شِئتُم وَقُولُوا حِطَّةٌ وَادخُلُوا البَابَ سُجَّداً نَغفِر لَكُم خَطِيئَاتِكُم سَنَزِيدُ المُحسِنِينَ (161) فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنهُم قَولاً غَيرَ الَّذِي قِيلَ لَهُم فَأَرسَلنَا عَلَيهِم رِجزاً مِن السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَظلِمُونَ)، فهم خالفوا ما أمروا به قولاً وفعلاً، فدخلوا وهم يزحفون، ويقولون حنطة في شعرة.



* نقضهم العهد والميثاق، والخيانة وعدم الوفاء: وقصة بني قريظة في معركة الخندق شاهد على هذا.



* الغدر: وقصة بني النضير دليل على ذلك، إذ اعتزموا على الفتك بالنبي - صلى الله عليه وسلم - غدراً في ديارهم فأنجاه الله منهم.



* إثارة الشغب، وحبهم للاستفزازات، والسخرية والاستهانة بالناس: وخصوصاً المسلمين، ويهود بني قينقاع مثال على ذلك، رغم أن المسلمين صبروا كثيراً عليهم إلا أنهم تمادوا واستبد طغيانهم، واستمروا في غيهم واستهتارهم حتى تم إجلاؤهم من المدينة.



* قتل الأنبياء: فقد قتل على أيدي إخوان القردة والخنازير الكثير من الأنبياء من بينهم يحيى - عليه السلام - وأرادوا قتل عيسى ولكن الله حفظه منهم قال – تعالى -: (وَقَولِهِم إِنَّا قَتَلنَا المَسِيحَ عِيسَى ابنَ مَريَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِن شُبِّهَ لَهُم وَإِنَّ الَّذِينَ اختَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ, مِنهُ مَا لَهُم بِهِ مِن عِلمٍ, إِلاَّ اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِيناً (157) بَل رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً).



إن هذا العدو الذي اتصف بمثل تلك الصفات السيئة التي لم تجتمع بقوم غيرهم - أهلكهم الله - أصابهم من العذاب ما أصابهم، وجرت عليهم خطوب وأهوال: (ضُرِبَت عَلَيهِم الذِّلَّةُ وَالمَسكَنَةُ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ, مِن اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُم كَانُوا يَكفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيرِ الحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَكَانُوا يَعتَدُونَ).



إن المسلم يستمد تعاليمه من كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - فيسير بخطى صحيحة سليمة، فيحس بما يحس أخوه المسلم مهما تباعدت الديار، ومهما نأت الأوطان: فيفرح لفرحه، ويحزن لحزنه، ويتألم لآلامه، وهذا ما لمسناه من مشاعر طيبة من المسلمين تجاه إخوانهم في فلسطين.



ومن الأمور التي ينبغي أن نقوم بها تجاه كل عدو وبالأخص العدو الصهيوني اللدود، لكي نسترد عزتنا المسلوبة وهويتنا المذابة:



أن نعمل جاهدين على مقاطعة اليهود بكل أنواع المقاطعة دبلوماسياً وثقافياً وتجارياً وعدم الاعتراف بها كدولة قائمة.



رفع علم الجهاد في سبيل الله في المال والنفسº فالجهاد ذروة سنام الدين ولا عزة لنا إلا به، ومن سبل تحقيقه اللجوء إلى الله، والعودة إليه، واستمداد النصر من عنده - سبحانه - ومن ثم الاستعداد والإعداد والتدريب.



الدعاء لإخواننا في الصلوات وفي الخلوات أن ينصرهم ويشد من أزرهم.



أن نحيي الروح الدينية لدى المسلمين، وشحذ الحمية والشهامة والبسالة ضد الأعداء وخاصة اليهود ومن ذلك غرس عقيدة البراء في نفوس المسلمين ومن الوسائل في ذلك:



1- التعليم: والتركيز من خلاله على التوضيح والتبيين والإرشاد من خلال التعامل مع المسلم وغير المسلم.



2- الإعلام: بجميع أنواعه المشاهد والمسموع والمقروء، وذلك بتكثيف الأخبار، والتقارير، والكتابة عن مثل هذه الموضوعات التي تجعل المسلم يرتبط بإخوانه المسلمين حساً ومعنى، ومن أهم الأمور التي ينبغي للإعلام الإسلامي العمل بها: أن يكون له وكالات إعلامية نزيهة موثوقة.



3- إقامة الندوات والمحاضرات والخطب: في كل ميدان وفي كل ساحة، ويبذل له كل عوامل الدعم الذي يمدها بما تحتاج من رجال أو أموال.



أخيراً لنأخذ العبر والدروس من الأحداث التي تمر بنا، بل وتعصف بنا من كل اتجاه، فهؤلاء القادة الأبطال الذين سقطوا إثر ذلك العدوان الغاشم من إخوان القردة والخنازير، ليشعل فتيل الحماس، ويوقظ القلوب الراقدة، ويحيي النفوس الميتة، ويعلي الهمم الساقطة.



فهل نعدهم أموات، لا، لأنهم ماتوا ولكن بموتهم أيقظوا المليار،، الله أكبر.



وموقف آخر: نرى فيه الجنود اليهود وهم مدججون بالأسلحة يلوذون بالفرار من أمام أطفال يحملون بأيديهم الحجارة.



فهل آثار الحجارة كآثار القنابل والبنادق؟ الله أكبر.



وموقف آخر نرى فيه شابا ينطلق بين الجنود الصهاينة الذين غطتهم أسلحتهم فيرعبهم، ويحاولون القبض عليه فيشهر سكيناً كانت معه فيلوذون بالفرار من أسلحته الفتاكة! الله أكبر.



وموقف آخر: بطله فتى يافع استطاع مع زميله أن يصلا إلى علم في أحد المراكز العسكرية اليهودية، وينتزعاه ويبدلاه بالعلم الفلسطيني!! الله أكبر.



إن العبرة التي علينا أن نقف عندها مراراً وتكراراً: كيف يصمد الحجر أمام أسلحة الدمار المتقدمة من دبابات وطائرات ورشاشات وقنابل و و؟! أم أن الحجر في فلسطين يختلف عن بقية الحصى في غيرها من البلاد،؟! (وَمَا رَمَيتَ إِذ رَمَيتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى).

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply

التعليقات ( 1 )

نحن من؟و من نحن؟

-

الحسن لشهاب.المغرب.بني ملال.

12:45:46 2021-10-19

نحن واليهود بين السلام والاستسلام؟؟؟ ينبغي اولا معرفة من نحن؟و ماذا يقصد الكاتب المحترم من نحن؟ هل نحن المدنيون المثقفون التنويريون صناع النهضة العالمية (خدام الله الذي لم يكلم احد ،و خدام الشعوب الشريفة ،الغير الفاسدة ،و الغير المتحايلة على اموال العباد و البلاد؟أم نحن المتقفون المزيفون المتدينون و المتسيسون ،صناع الاديلوجية الافيونية المنومة ،المتخصصة في فبركة الصراعات الدينية،خدام النخب و الاستعمار الجيوسياسي و الاستبداد السياسي؟ ذلك لأن الحوار من اجل السلام يخص فقط المدنيون المثقفون التنويريون صناع النهضة العالمية،أما الحوار من اجل الاستسلام،فهو من اختصاص المتقفون المزيفون ،المتسيسون المؤدلجون...