مبغوضون ... محترمون ... ?!


 

بسم الله الرحمن الرحيم



اليوم، كل الناس يلعن اليهود..

فيما مضى، كانوا إذا غضبوا وأرادوا الشتم قالوا: يا يهودي!..

فكره اليهود متأصل في قلوب الناس منذ الأول، فلم يعرف لهم ذكر حسن...

وكان الخوف على هذا الجيل والأجيال اللاحقة أن تستبدل الحب بالكره، والدعاء باللعنة، بعد أن بدت بوادر الوئام والتلاقي والسلام مع اليهود، لكن شقاء اليهود وغباءهم دمر عليهم كل ما كسبوه، ومحا كل خطوة خطوها تجاه الود والالتقاء، ولو صبروا قليلا، ومضوا في التلبيس، لنالوا كل ما يريدون، لكنهم فشلوا!!..

اجتهدوا، مخالفين لطبائعهم الشريرة، أن يظهروا السلام والمحبة والصدق، لكن طباعهم أبت للزيف أن يستمر، فبدت جبلتهم كما هي دون تلبيس:

شؤم، ولؤم، وخسة، وعداوة، وحسد وحقد، وغدر.

--

الناس اليوم، كلهم، موقنون أن الشر تمثل في اليهود، وأن اقتلاع الشر فيهم صعب، ولا دواء لهم إلا الكي، لكن من يكويهم، وكيف؟..

مهما بدت الأحداث محزنة في الأقصى، إلا أنها آتت أكلها، بعد نضوج ثمرتها، فمعرفة الحقيقة كما هي، أعظم مطلب للصادقين والناصحين وطلاب الحق..

وأعظم ما يغيظ ويؤلم أن تنعدم الحقيقة أو تلبس لباسا كاذبا..

وقد كنا في قلق ونحن نرى قبل الأحداث محاولة بعضهم تجهيل الجيل الجديد والأجيال اللاحقة بحقيقة اليهود، طمعا في خطب ود اليهود والتقرب إليهم..

وهذا أمر خطير، فإنه من حق جميع الناس أن يعرفوا الحقيقة كما هي.

--

وقارئ القرآن عندما يقرأ في سورة البقرة والمائدة والأعراف قصة اليهود بني إسرائيل يقف على حقيقة اليهود، وعندما يرى ما يحدث على الواقع لا يسعه إلا أن يقول:

\"آمــنــــــّــا بــالله\"..

فما عدا القرآن وصفهم قيد أنملة، فكل ما قاله فيهم نراه ونسمعه:

قوم أنعم الله عليهم وفضلهم على العالمين، وأمرهم ونهاهم، ووعظهم ومنّاهم، ورغبهم ورهبهم، ثم لايرى منهم إلا العصيان وخسة الطبع، وهو يعفو عنهم، ولا يزيدهم العفو إلا تصلبا وعتوا، حتى ضرب عليهم الذلة والمسكنة وباءوا بغضب منه.

قال - تعالى -: {يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم وأني فضلتكم على العالمين}..

1- نجاهم من آل فرعون، كانوا يسومونهم سوء العذاب، يذبحون أبناءهم، ويستحيون نساءهم، ففرق لهم البحر، فأنجاهم، وأغرق آل فرعون، وهم ينظرون، فماذا كان ردهم لهذا الجميل؟..

ما أن جاوزوا البحر حتى طلبوا من موسى - عليه السلام - أن يجعل لهم صنما يعبدوه؟!!..

فوعظهم موسى ونهاهم، لكن لم ينتفعوا من موعظته، فحينما غاب عنهم إلى ميقات ربه، اتخذوا عجلا وعبدوه من دون الله.. قال - تعالى -:

- {وجاوزنا ببني إسرائيل البحر فأتوا على قوم يعكفون على أصنام لهم قالوا يا موسى اجعل لنا إلها كما لهم آلهة قال إنكم قوم تجهلون * إن هؤلاء متبر ما هم فيه وباطل ما كانوا يعملون * قال أغير الله أبغيكم إلها وهو فضلكم العالمين}.

- وقال - تعالى -: {وإذ نجينكم من آل فرعون يسومونكم سوء العذاب يذبحون أبناءكم ويستحيون نساءكم وفي ذلكم بلاء من ربكم عظيم * وإذ فرقنا بكم البحر فأنجيناكم وأغرقنا آل فرعون وأنتم تنظرون * وإذ واعدنا موسى أربعين ليلة ثم اتخذتم العجل من بعده وأنتم ظالمون}..

2- ثم إن الله عفا عنهم، قال - تعالى -: {ثم عفونا عنكم من بعد ذلك لعلكم تشكرون}. فماذا كان؟.

طلبوا من موسى أن يريهم الله جهرة، ثم أنزل الله عليهم المن والسلوى، وظلل عليهم الغمام، وقيل لهم ادخلوا هذه القرية، وكلوا منها ما شئتم، وادخلوا الباب سجدا، وقولوا: حطةº نغفرلكم خطيئاتكم..

فبدلوا وظلموا، ورفضوا نعمة الله عليهم من السماء، وسألوا البقل والقثاء والفوم والعدس والبصل، فقال موسى مستنكرا: {أتستبدلون الذي هو أدنى باللذي هو خير}..

3- ثم إن الله آخذ ميثاقهم ألا يعبدوا إلا الله وبالوالدين إحسانا، ورفع فوقهم جبل الطور آية، حتى صاروا تحته، وظنوا أنه واقع بهم، لكنهم تولى بعد ذلك وعصوا، وقالوا: سمعنا وعصينا.

- قال - تعالى -: {وإذ أخذنا ميثاقكم ورفعنا فوقكم الطور خذوا ما آتيناكم بقوة واذكروا ما فيه لعلكم تتقون * ثم توليتم من بعد ذلك فلولا فضل الله عليكم ورحمته لكنتم من الخاسرين}.

- وقال: {وإذا أخذنا ميثاقكم ورفعنا فوقكم الطور خذوا ما أتيناكم بقوة واسمعوا قالوا: سمعنا وعصينا، وأشربوا في قلوبهم العجل بكفرهم قل بئسما يأمركم به إيمانكم إن كنتم مؤمنين}.

4- ذكرهم موسى - عليه السلام - بنعمة الله عليهم أن جعل فيهم أنبياء وملوكا، وأنه آتاهم ما لم يؤت أحدا من العالمين، ثم سألهم الجهاد معه، بدخول الأرض المقدسة، فامتنعوا وتعللوا أن فيها قوما جبارين، وقالوا له:

{فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا ههنا قاعدون}..

5- كانوا يعلمون أن الله سيرسل نبيا، وكانوا يبشرون العرب به، وأنه يكون منهم، فلما جاء من غيرهم كفروا به حسدا.

- قال - تعالى -: {ولما جاء كتاب من عند الله مصدق لما معهم وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به فلعنة الله على الكافرين * بئسما اشتروا به أنفسهم أن يكفروا بما أنزل الله بغيا أن ينزل الله من فضله على من يشاء من عباده فباءوا بغضب على غضب وللكافرين عذاب مهين}.

- وقال: {ولما جاءهم رسول من عند الله مصدق لما معهم نبذ فريق من الذين أوتوا الكتاب كتاب الله وراء ظهورهم كأنهم لا يعلمون}.

6- حرفوا كتاب الله التوراة، وكتبوه بأيديهم وقالوا: هو من عند الله.

- قال - تعالى -: {أفتطمعون أن يؤمنوا لكم وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله ثم يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون}.

- وقال: {فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمنا قليلا فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون}.

7- وهم ليسوا غافلين عن الذين يصنعونه من العصيان والكفر، بل عن علم يكفرون.

- قال - تعالى -: {وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا خلا بعضهم إلى بعض قالوا أتحدثونهم بما فتح الله عليكم ليحاجوكم به عند ربكم أفلا تعقلون * أولا يعلمون أن الله يعلم ما يسرون وما يعلنون}.

8- ومع كل هذا الغدر والخيانة فإنهم لا زالوا يعتقدون أنهم أحباء الله، وأن النار إذا مستهم فلن تمسهم إلا أياما معدودة.

- قال - تعالى -: {وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه، قل فلم يعذبكم بذنوبكم بل أنتم بشر ممن خلق يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء}.

- وقال: {وقالوا لن تمسنا النار إلا أياما معدودة قل أتخذتم عند الله عهدا فلن يخلف الله عهده أم تقولون على الله ما لا تعلمون}.

9- ولم يقتصروا على عصيان أوامره ورسله، بل قتلوا أنبياء الله - تعالى -، وسبوا الله - تعالى -، فغضبت عليهم الأنبياء، ودعت عليهم، وغضب الله عليهم، فلعنهم وطردهم وكتب عليهم الذلة والمسكنة.

- قال الله - تعالى - عن موسى - عليه السلام - في غضبه على اليهود: {قال رب إني لا أملك إلا نفسي وأخي فافرق بيننا وبين القوم الفاسقين * قال فإنها محرمة عليهم أربعين سنة يتيهون في الأرض فلا تأس على القوم الفاسقين}.

- وقال - تعالى -: {وقالت اليهود يد الله مغلولة غلت أيديهم ولعنوا بما قالوا بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء وليزيدن كثيرا منهم ما أنزل إليك من ربك طغيانا وكفرا وألقينا بينهم العداوة البغضاء إلى يوم القيامة كلما أوقدوا نار للحرب أطفأها الله ويسعون في الأرض فسادا والله لا يحب المفسدين}.

- وقال - تعالى -: {لقد سمع الله قول الذين قالوا إن الله فقير ونحن أغنياء سنكتب ما قالوا وقتلهم الأنبياء بغير حق ونقول ذوقوا عذاب الحريق}.

- {ضربت عليهم الذلة أينما ثقفوا إلا بحبل من الله وحبل من الناس، وباءوا بغضب من الله وضربت عليهم المسكنة ذلك بأنهم كانوا يكفرون بآيات الله ويقتلون الأنبياء بغير حق ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون}.

10- وليس القرآن وحده الذي ذكر عن اليهود ذلك، بل كتابهم التوراة المحرفة، فيه شيء كثير من أوصاف اليهود الدنيئة، وفيه افتراء لا ينكرونه، من سب الأنبياء وتنقص الرب - سبحانه -، كفريتهم على لوط - عليه السلام - أنه زنى بابنتيه، وكفريتهم على الله - تعالى -أن يعقوب صارعه، فصرعه يعقوب، - تعالى -الله - سبحانه -، عما يقولون الملعونون علوا عظيما.

--

وبعد:

فكل ما سبق من وصف منفر في اليهود يفرض الحذر منهم، وعدم اتخاذهم إخوانا فضلا أن يكونوا أولياء، فولايتهم خسارة كبيرة، في الدنيا والآخرة، وكل من جرب عرف، ولذا قال - تعالى -: - {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين}.

ولا يعرف شعب في الدنيا اجتمع الناس على كراهيته، مثل اليهود...

لقد نبذوا قديما من النصارى، وطردوا من بلاد أوربا، طردتهم: فرنسا، وإنكلترا، وأسبانيا، وغيره..

طردوا لأنهم يخالفون طبع الناس أجمع، فلهم طباع غريبة، ومفاهيم سقيمة، يرفضون الاندماج، على اعتبار أنهم شعب الله المختار، وأن الشخصية اليهودية هي الوحيدة، وأنه يجب النظر إلى الآخرين وكأنهم غير موجودين، حتى وإن كانوا موجودين، ويطلقون عليهم لقب \"الجوييم\"، وهو كل ما عدا اليهودي، ويعتقدون أن الله سخر لهم كل البشرية ليكونوا حميرا وبهائم يركبونهم، كلما نفق حمار ركبوا غيره.

. ماذا يقولون في معتقداتهم الدينية، يقولون:

\"اخرج من بين الشعوب، وشكل ذاتك، واعلم أنك الوحيد حتى الآن لدى الإله، اسحق الآخرين، أو خذهم عبيدا، أو استغلهم، ثق بانتصارك على العالم كله، وثق بأن كل شيء يخضع لك، تجنب الجميع في حسم، ولا تشترك مع أحد في معاشك، حتى عندما تحرم من أرضك ومن شخصيتك السياسية، حتى عندما تتشتت على وجه الأرض، بين كل الشعوب - سيان ثق بأنك موعود بكل ذلك إلى الأبد، ثق بأن كل شيء سيكون، أما بعد، فعش، وتجنب، واتحد، واعمل، واستغل، وانتظر، وانتظر\"(1)

من هذه المعتقدات تولدت الطباع الغريبة.. كرههم لأجل كافة الشعوب، وأما هذا الود الظاهر من النصارى وغيرهم، إنما سببه المصالح المشتركة، أو الخضوع والذل لليهود، لما يملك من المال والقوة والسيطرة، حيث في مقدوره قلب الدول وعزل الرؤساء وافتعال الحروب والأزمات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية..

فالكل يخافه، والكل يطلب وده طمعا في الدنيا..

فئة وحيدة هي التي لا تطلب وده، بل تناصبه العداء وتعلن بغير خوف..:

تلك التي لا تطمع في الدنيا، بل تطمع في الآخرة، هذه هي الفئة هي المسلمة المؤمنة المجاهدة، هي التي يخاف منها اليهود، وهي التي بإذن الله ستكف شر اليهود إلى الأبد، حين يأتي وعد الله..



---------------------

(1) (من مقال كتب في المسألة اليهودية، كتبه فيودر ميخائيلوفيتش ديستويفسكي نشرت عام1895م في روسيا، انظر: جريدة الوطن السعودية عدد573 الخميس 12/2/1423هـ)

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply