اليهود والصهيونية والمؤامرة العالمية


بسم الله الرحمن الرحيم


زارني أحد الإخوة المهتمين بأحوال المسلمين وما يدبر لهم من كيد ومحاولات للهيمنة الثقافية والسياسية، وبعد أن اطمئن به المجلس قدم لي كتاباً بعنوان (العالم لعبة إسرائيل)، فتبسمت، وقلت له: هذا كتاب قديم، إنه في حقبة الستينات والسبعينات من القرن العشرين، وقد انتشرت وذاعت مثل هذه الكتب في تلك الفترة والتي توحي للقارئ أن الصهيونية والماسونية تمسكان برقاب العالم من جميع النواحي: الإعلامية والسياسية والمالية، وهي مخططات شيطانية لتدمير العالم أخلاقياً واستقراراً سياسياً، وقلت للأخ: لا أميل إلى أمثال هذه الكتب التي تضخم وتهول من قوة اليهود أو الصهيونية العالمية!!، فسأل مستغرباً: ولماذا؟ قلت: إن الذي يقرأها سيصاب بالإحباط إن لم يكن بالرعب، وكأن هذه الكتب تريد أن تشل القدرة عند المسلم على التفكير والإرادة، ولكي يستسلم للواقع، وهذا لا يعني أن ليس هناك تآمر ومتآمرين، وتخطيط للسيطرة والنهب، والقرآن الكريم نبه المسلمين إلى هذه النفسية الملتوية لليهود، وإيقادهم للحروب ((كلما أوقدوا ناراً للحرب أطفأها الله))، وأدان مخططاتهم وأساليبهم الميكافيلية، هم يوقدون للحروب حتى يستفيدوا من عواقبها ونتائجها لمصلحتهم الخاصة مثل: القروض الربويّة كما فعلوا مع بريطانيا في الحرب الكونية الأولى، وكان من ثمرات هذه القروض وعد وزير خارجية بريطانيا (بلفور) لليهود بإقامة وطن لهم في فلسطين، وأما سيطرة اليهود على كثير من وسائل الإعلام في الغرب فهذا صحيح لا شك فيه، ولكن هذا شيء يتنافس فيه الناس، فلماذا لا يتنبه الآخرون لخطورة الإعلام مثلاً، الشيء الذي لا يستطيعه المسلمون هو استخدام الوسائل المنحطة في سبيل الوصول للغايات كما يفعل اليهود، ولكن أليس الباطل زهوقاً أمام قوة الحق.

إن تضخيم دور الصهيونية أو اليهود في السيطرة على كثير من الدول أو المؤسسات ربما يرضي اليهود أنفسهم ليخوفوا أعداءهم، فهل نروج نحن لهذه الكتب؟ وأما الحديث عن التفرقة بين اليهودية والصهيونية الذي يتردد كثيراً في وسائل الإعلام وعند بعض الكتاب والمحللين السياسيين فهذا يحمل أيضاً قدراً من المبالغة، فأكثرية اليهود في العالم يؤيدون الحركة الصهيونية التي هي حركة يهودية سياسية قومية، والقلة منهم الذين يرفضون أساليب الصهيونية، وعندما تحدث القرآن الكريم عن أساليب اليهود الملتوية كالحديث عن عنادهم وقساوة قلوبهم وقتلهم الأنبياء إنما كان يتحدث عن اليهود وليس عن الصهيونية، فهي صفات متأصلة فيهم، بل إن القرآن الكريم خاطب اليهود الموجودين زمن البعثة النبوية ويهود المدينة جزء منهم على أنهم استمرار للذين قبلهم، وذكرهم بما فعل أجدادهم زمن موسى - عليه السلام -، لأن طريقتهم لم تتغير قديماً وحديثاً، فكان الخطاب واحداً.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply