الهزيمة والخزي مصير الخائنين


 

بسم الله الرحمن الرحيم



لقد طبع اليهود على أسوأ الأخلاق، ويأتي على رأسها الغدر والخيانة، فلم يُعرف عنهم عبر تاريخهم الطويل التزام بعهد وميثاق، حتى مع أنبيائهم!!

ولقد عاهد الرسول - صلى الله عليه وسلم - يهود المدينة وتوافقوا على بنود سجلت بوثيقة تعد أول دستور للدولة الإسلامية، ولكنهم سرعان ما غدروا وخانوا فنقضوا عهودهم، وكان يهود بني قينقاع أول من نقض العهد، وكانوا أكثر اليهود قوة وعدة، وكانت منازلهم أقرب المنازل للمسلمين. وهم الذين قالوا للنبي - صلى الله عليه وسلم - بعد أن دعاهم للإسلام بعد غزوة بدر، قالوا: \"لا يغرنك أنك لقيت قوما لا علم لهم بالحرب فأصبت منهم فرصة، أما والله لئن حاربناك لتعلمن أنا نحن الناس\". وفي هذا تهديد واضح بالحرب وإن كان مبطنا. وفيهم نزل قوله - تعالى -: (قل للذين كفروا ستغلبون وتحشرون إلى جهنم وبئس المهاد. قد كان لكم آية في فئتين التقتا فئة تقاتل في سبيل الله وأخرى كافرة يرونهم مثليهم رأي العين والله يؤيد بنصره من يشاء إن في ذلك لعبرة لأولي الأبصار) فالميزان الحقيقي في النصر ليس كثرة العدد والعدة، بل هو نبل الغاية التي يحارب من أجلها، أن تكون في سبيل الله، وفي غزوة بدر (يوم الفرقان) العبر والدروس الكثيرة لكل متأمل بصير، فكان على اليهود أن يستجيبوا لدعوة النبي - صلى الله عليه وسلم - وألا يغتروا بقوتهم المادية، خاصة بعد تجربة عملية حدثت أمام أعينهم في بدر، ولكنهم وكعادة اليهود يحقدون على كل ما هو غير يهودي، فأبوا واستكبروا وعاندوا وأسروا الغدر والخيانة، وقد كان.


أخذ يهود بني قينقاع يزيدون في سخريتهم واستهزائهم بالمسلمين وكان سوق بني النضير المكان المفضل لممارسة هذه الهواية الشاذة (السخرية والاستهزاء على المسلمين)، وحدث أن دخلت امرأة مسلمة السوق وجلست إلى صائغ فجعلوا يريدونها على كشف وجهها، فلما أبت عمد الصائغ إلى طرف ثوبها فعقده إلى ظهرها فلما قامت انكشفت سوأتها فضحكوا بها، فصاحت مستنجدة، فوثب رجل من المسلمين على الصائغ فقتله، فشدت اليهود على المسلم فقتلوه، أي أنهم اجتمعوا عليه فلم تعد المسألة قضية شخصية.


حدث ذلك بعد عشرين يوما من غزوة بدر، وأنزل الله - تعالى -فيهم (وإما تخافن من قوم خيانة فانبذ إليهم على سواء إن الله لا يحب الخائنين) فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: إني أخاف خيانتهم، فنبذ عهدهم وحاصرهم في حصونهم خمس عشرة ليلة، حتى استسلموا ورضوا بحكم النبي - صلى الله عليه وسلم -، وكانوا يعولون على حليفهم رأس النفاق عبدالله بن أبي ابن سلول في النجاة من الذبح، حيث كان الخزرج حلفاء لبني قينقاع من قبل، وأثمرت هذه العلاقة المشبوهة بين اليهود والمنافقين في نجاة بني قينقاع من الذبح، فبعد إلحاح شديد من ابن سلول حتى أنه مسك النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبى أن يتركه حتى يطلقهم له بحجة أنهم مواليه، فغضب النبي - صلى الله عليه وسلم - وأطلقهم وهو كاره، ولكنه أمر بإجلائهم من المدينة ومنعهم من أخذ السلاح.


هذا هو موقف الطابور الخامس، بينما كان موقف المؤمنين حقا كما فعل عبادة بن الصامت - رضي الله عنه - وكان عبادة من بني عوف له من حلفهم مثل الذي لهم من عبد الله ابن سلول، فقد جاء عبادة للنبي - صلى الله عليه وسلم - وتبرأ من حلف هؤلاء الخونة وولايتهم، ونزل بذلك قرآن يتلى إلى يوم الدين، ففي ابن سلول وأمثاله كثير إلى يومنا هذا، نزل قوله - سبحانه -: (فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم ويقولون نخشى أن تصيبنا دائرة). وفي عبادة وأمثاله من المجاهدين المؤمنين إلى يومنا هذا، نزل قوله - تعالى -: (ومن يتول الله ورسوله والذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون).


أيها المسلمون...

مع أي فئة نريد أن نكون.. مع ابن سلول والعياذ بالله، الذي اتخذ اليهود أولياء من دون المؤمنين، أم مع عبادة - رضي الله عنه - الذي تبرأ من موالاة الكافرين فضلا عن الخائنين.

يا قادة العالم الإسلامي...

لقد تحرك الجيش الإسلامي برمته من أجل امرأة مسلمة أهينت، فكيف بنا الآن وأعراض المسلمين مستباحة في فلسطين؟

كم دم سفك ظلما وعدوانا في فلسطين وغيرها من بلاد المسملين؟

كم بيت هدم بغير حق؟

كم مسجد دنس وعلى رأسها المسجد الأقصى المبارك مسرى نبينا - صلى الله عليه وسلم -؟

كم بريء سجن؟

كم طفل شُرّد أو يتّم؟

كم امرأة ترملت؟

كم شريف أصبح مطاردا مطلوبا؟

كم زرع خُرّب وأحرق؟

كل هذا وجيوش المسلمين ساكنة لا تتحرك!!

فبدل الحركة الفورية التي ينبغي أن تكون، (فانبذ إليهم على سواء)، نجد الحركة الفورية في الاتجاه غير الصحيح، لمسالمة المعتدين وإقامة علاقات طبيعية معهم إذا انسحبوا من جزء من الأرض التي احتلوها!!


إننا نرحب بالعلاقات الطبيعية مع المعتدين الغاصبين الجاثمين على أرض الإسراء والمعراج، نعم نرحب بها لأن العلاقة الطبيعية مع المعتدي هي مقاومته لا مسالمته، وإن أطفال الحجارة وشباب المقاومة يعطون الأمة النموذج الأمثل في التعامل الطبيعي مع المعتدين، إنهم جند عبادة لا ريب، وعبادة قبره هناك في الأرض المقدسة قرب المسجد الأقصى المبارك، فكأنهم أخذوا العبرة منه وكأنهم عاهدوه على السير على دربه ومقاومة درب ابن سلول.

العلاقات الطبيعية معهم كما أخبر رب العزة، حيث نزلت هذه الآيات في بني قينقاع (وما زال بنو قينقاع يحاربون المسلمين) قال - تعالى -: (إن شر الدواب عند الله الذين كفروا فهم لا يؤمنون الذين عاهدت منهم ثم ينقضون عهدهم في كل مرة وهم لا يتقون. فإما تثقفنهم في الحرب فشرد بهم من خلفهم لعلهم يذكرون. وإما تخافن من قوم خيانة فانبذ إليهم على سواء إن الله لا يحب الخائنين. وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم وما تنفقوا من شيء في سبيل الله يوف إليكم وأنتم لا تظلمون). فهل نحن فاعلون؟؟

وصل اللهم على النبي محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply