الاحتفال بأعياد الكفار (اليهود والنصارى)


 

بسم الله الرحمن الرحيم


إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

أما بعد:

أيها الأخ المسلم، يا من رضيت بالله رباً، وبالإسلام ديناً، وبمحمد نبياً ورسولاً. السلام عليك ورحمة الله وبركاته:

يحتفل الكفار في جميع أنحاء الأرض من يهود ونصارى وملحدين وغيرهم بأعياد كثيرة لهم في كل سنة وخاصة أعياد الميلاد ورأس السنة.

وللأسف فإن هناك الكثير من أبناء المسلمين - وبخاصة الذين يعيشون في البلاد الغربية - يشاركون الكفار أعيادهم، ويحضرون ويشهدون محافلهم، وهذا أمر خطير جداً لا بد من التحذير منه لأنه يمس بالعقيدة.



أجمع علماء المسلمين أن مشاركة الكفار في عيد من أعيادهم هي مشاركة لهم في شعيرة من شعائرهم وإقرارهم عليهاº وذلك يؤدي والعياذ بالله إلى الكفرº لأنها مشاركة لهم في الكفر وإقرارهم عليه، وذلك لأن الأعياد من أخص ما تتميز به الشرائع ومن أظهر ما لها من الشعائر، فالموافقة فيها موافقة في أخص شرائع الكفر وأظهر شعائره. ولا ريب أن الموافقة في هذا قد تنتهي إلى الكفر في الجملة.



إن الشارع الحكيم لم يترك باباً من أبواب الخير إلا دل الأمة عليه ولم يترك باباً من أبواب الشر إلا حذر الأمة منه. فإذا كان الإسلام حرم علينا حضور أعياد بدعية أحدثها بعض المنتسبين للإسلام وحرم كذلك مشاركتهم فيها فكيف يكون الحال إذا كانت الأعياد أعياداً بدعية أحدثها الكفار؟ مع العلم أن أغلب أعياد الكفار محدثة وبدعية: فمثلاً أعياد النصارى جلها بدعية وأشهرها عيد الميلاد ورأس السنة الميلادية وهي أعياد وثنية قديمة نقلوها وجعلوها من أعيادهم، فمجامعهم الكنسية تبتدع أعياداً وتضعها من عندها وتضيفها إلى دينها، وهي في الحقيقة لا أصل لها في دينهم فضلاً عن أن يكون لها أصل في ديننا.

ثم إن عيدهم من الدين الملعون وأهله، فموافقتهم فيه هو موافقة فيما يتميزون به من أسباب سخط الله وعقابه.



عرف شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - في كتابه - اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم - العيد بأنه اسم جنس يدخل فيه كل يوم أو مكان لهم فيه اجتماع وكل عمل يحدثونه في هذه الأمكنة والأزمنة، فالنهي الوارد عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يشمل كل ذلك ويشمل حريم العيد أي ما قبله وما بعده من الأيام التي يحدثونها، ويشمل كذلك الأمكنة وما حولها، ويشمل كل ما يحدث بسبب العيد من أعمال مثل التهنئة والهدايا وإطعام الطعام. فوجب على المسلم أن يعرف مكان وزمان أعيادهم لا ليحضرها ولكن ليتجنبها ويحذرها. وقال - رحمه الله - أن الضابط في العيد أن لا يحدث الواحد فيه أمراً أصلاً فيجب على المسلم أن لا يحدث فيه أي شيء من الأعمال بل يجعله يوماً عادياً كسائر الأيام وكأنهم لم يحتفلوا، وهنا تكون مخالفتهم.



وقد ذهب بعض العلماء إلى أنه يصام في يوم عيدهم لمخالفتهم، وقال البعض الآخر: لا يصام خشية الوقوع في التعظيم، فقد يظن ظان أنه يصام في هذا اليوم لأنه يوم معظم. والقول الثاني هو الأظهر والأرجح وهو أن المسلم لا يتعمد فعل أي شيء مطلقاً ولا يعبأ بهم ولا يلتفت إليهم.

وقال أيضاً: أن حكم الإسلام في جميع أعياد الكفار واحد. وكما لا يُتَشَبَّهُ بهم في أعيادهم، فلا يعان المسلم المتشبه بهم بل ينهى عن ذلك من صنع دعوى مخالفة للعادة في أعيادهم ولا تجب دعوته. ومن أهدى هدية في عيدهم مخالفة للعادة لا تقبل هديته وخاصة إذا كانت الهدية مما يستعان به على التشبه بهم مثل الشمع وأشجار عيد الميلاد وبطاقات التهنئة. ولا يبع المسلم ما يستعين به المسلمون على مشابهتهم في العيد من الطعام واللباس والبخورº لأن في ذلك إعانة على المنكر.



قسم شيخ الإسلام - رحمه الله - الأدلة على تحريم الاحتفال بأعياد الكفار إلى كلية وتفصيلية:



1) الأدلة الكلية:

1) نهى الله - عز وجل - عن موالاة الكفار وعن مشابهتهم. فمسألة أعياد الكفار تدخل في باب الموالاة والمشابهة وهي جزء لا يتجزأ من العقيدة أي أن الإيمان بها أو التصديق أو الإقرار هو إقرار لدينهم وعقيدتهم ولما هم عليه من باطل، وأن الكفر بها مطلوب كالكفر بما لديهم من عقائد أخرى والآيات في ذلك كثيرة جداً منها قوله - تعالى -: [يَا أَيٌّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا اليَهُودَ وَالنَّصَارَى أَولِيَاءَ بَعضُهُم أَولِيَاءُ بَعضٍ, وَمَن يَتَوَلَّهُم مِنكُم فَإِنَّهُ مِنهُم إِنَّ اللَّهَ لَا يَهدِي القَومَ الظَّالِمِينَ(51)] سورة المائدة.

وقال - تعالى -: [يَاأَيٌّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُم أَولِيَاءَ تُلقُونَ إِلَيهِم بِالمَوَدَّةِ وَقَد كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُم مِن الحَقِّ] سورة الممتحنة (1)، وقال - تعالى -: [إِنَّ الكَافِرِينَ كَانُوا لَكُم عَدُوّاً مُبِيناً] سورة النساء (101)، وقال - تعالى -:[وَلَا تَتَّبِع سَبِيلَ المُفسِدِينَ] سورة الأعراف (142).



ومن ولايتهم أن تحضر أعيادهم وتكون أعياداً للمسلمين، فتكون أعياد حزب الشيطان وأوليائه أعياداً لأولياء الرحمن وحزب الرحمن - تبارك وتعالى -.



2) وحذر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من مشابهتهم فقال: (مَن تَشَبَّهَ بِقَومٍ, فَهُوَ مِنهُم) -رواه الإمام أحمد وأبو داود-، وأكد أن ذلك سيحدث إذ قال - صلى الله عليه وسلم -: (لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ مَن قَبلَكُم شِبراً بِشِبرٍ, وَذِرَاعاً بِذِرَاعٍ, حَتَّى لَو سَلَكُوا جُحرَ ضَبٍّ, لَسَلَكتُمُوهُ قُلنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ اليَهُودَ وَالنَّصَارَى قَالَ: فَمَن) -رواه البخاري ومسلم وأحمد -.

وقال - صلى الله عليه وسلم -: (لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَأخُذَ أُمَّتِي بِأَخذِ القُرُونِ قَبلَهَا شِبراً بِشِبرٍ, وَذِرَاعاً بِذِرَاعٍ, فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ كَفَارِسَ وَالرٌّومِ فَقَالَ: وَمَنِ النَّاسُ إِلَّا أُولَئِكَ) -رواه البخاري وأحمد-.

وقال - صلى الله عليه وسلم -: (خَالِفُوا المُشرِكِينَ وَفِّرُوا اللِّحَى وَأَحفُوا الشَّوَارِبَ) رواه البخاري ومسلم.

وقال - صلى الله عليه وسلم -: (إِنَّ اليَهُودَ وَالنَّصَارَى لَا يَصبُغُونَ فَخَالِفُوهُم) - رواه البخاري ومسلم-.



والسنة المطهرة حافلة بنصوص النهي عن المشابهة والأمر بالمخالفة.

ومن ذلك أيضا ما جاء في الشرع من الأمر بالمخالفة ولو كان في أمور نحن نفعلها وهي من ديننا فمثلا نهى الرسول - صلى الله عليه وسلم - عن الصلاة عند طلوع الفجر وعند غروبها مع أن الصلاة من ديننا بل هي عماد الدين، وقد علل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذلك بأمرين:

أولهما: أن الشمس تطلع بين قرني شيطان.

وثانيهما: أن الكفار يسجدون لها حينئذ. فنهينا أن نسجد في هذا الوقت حتى لا يتوافق سجودنا مع سجود الكفار، مع أننا نسجد لله وليس للشمس. وأمرنا كذلك - صلى الله عليه وسلم - أن نعجل في الإفطار في رمضانº لأن تأخيره من شأن أهل الكتاب، وكذلك تأخير السحور مخالفة لهم، هذا وجعلت مخالفة الكفار في كثير من العبادات وكذلك في العادات أصلا في ديننا.



2) الأدلة التفصيلية:

1) وصف الله - تبارك وتعالى - المؤمنين عباد الرحمن في آخر سورة الفرقان فقال:[وَالَّذِينَ لَا يَشهَدُونَ الزٌّورَ وَإِذَا مَرٌّوا بِاللَّغوِ مَرٌّوا كِرَاماً(72)]، وقد نقل العلماء والمفسرون كما في الدر المنثور عن بعض التابعين مثل مجاهد والضحاك وعكرمة أن المقصود من ذلك أعياد المشركين أي لا يحضرون أعياد المشركين، مع أن شهادة الزور لا تقتصر على ذلك ولكنه مثال حي لها! فهو الزور الواضح الذي لا شك فيه وهو أن المؤمن يشهد أماكن لهوهم أو لعبهم.

وقال عبد الملك بن حبيب من أصحاب مالك في كلام له: فلا يعاونون على شيء من عيدهمº لأن ذلك من تعظيم شركهم وعونهم على كفرهم. وينبغي للسلاطين أن ينهوا المسلمين عن ذلك وهو قول مالك وغيره.

وروى الشيخ الأصبهاني بإسناده عن ابن سلام عن عمرو بن مرة قال:[وَالَّذِينَ لَا يَشهَدُونَ الزٌّورَ] لا يماكثون أهل الشرك على شركهم ولا يخالطونهم.

وقد سئل أبو القاسم عن الركوب في السفن التي تركب فيها النصارى إلى أعيادهم، فكره ذلك مخافة نزول السخط عليهم بشركهم الذي اجتمعوا عليه وقد قال - تعالى -: [يَا أَيٌّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا اليَهُودَ وَالنَّصَارَى أَولِيَاءَ بَعضُهُم أَولِيَاءُ بَعضٍ, وَمَن يَتَوَلَّهُم مِنكُم] فيوافقهم ويعينهم [فَإِنَّهُ مِنهُم].

وروى الإمام أحمد بإسناد صحيح عن أبي موسى قال: قلت لعمر إن لي كاتباً نصرانياً، قال: مالك قاتلك الله، أما سمعت الله - تعالى - يقول: [يَا أَيٌّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا اليَهُودَ وَالنَّصَارَى أَولِيَاءَ بَعضُهُم أَولِيَاءُ بَعضٍ,] ألا اتخذت حنيفياً، قال: قلت يا أمير المؤمنين لي كتابته وله دينه. قال: لا أكرمهم إذ أهانهم الله، ولا أعزهم إذ أذلهم الله، ولا أدنيهم إذ أقصاهم الله.



2) عَن أَنَسِ بنِ مَالِكٍ, قَالَ: (كَانَ لِأَهلِ الجَاهِلِيَّةِ يَومَانِ فِي كُلِّ سَنَةٍ, يَلعَبُونَ فِيهِمَا فَلَمَّا قَدِمَ النَّبِيٌّ - صلى الله عليه وسلم - المَدِينَةَ قَالَ: كَانَ لَكُم يَومَانِ تَلعَبُونَ فِيهِمَا وَقَد أَبدَلَكُمُ اللَّهُ بِهِمَا خَيراً مِنهُمَا يَومَ الفِطرِ وَيَومَ الأَضحَى) -رواه أبو داود في سننه والنسائي في سننه والإمام أحمد في مسنده-.



ويعلق شيخ الإسلام على هذا الحديث بأن الشرع قد استأصل هذين اليومين (أي العيدين) استئصالاً نهائياً واجتثهما فماتا، ولم يبق لهما أي أثر في زمن الرسول - صلى الله عليه وسلم - ولا في زمن الخلفاء الراشدين ولا التابعين، ولو لم يكن الرسول - صلى الله عليه وسلم - نهى عن ذلك لبقوا على عادتهم.



ويقول أيضاً بأن المحذور في أعياد أهل الكتابين التي نقرهم عليها أشد من المحذور في أعياد الجاهلية التي لا نقرهم عليها، فإن الأمة قد حُذِّرُوا من مشابهة اليهود النصارى وأُخبروا أنه سيفعل قوم منهم هذا المحذور، بخلاف دين الجاهلية فإنه لا يعود إلا في آخر الدهر عند اخترام أنفس المؤمنين عموماً. ولو لم يكن أشد منه فإنه مثله والشر الذي له فاعل موجود يخاف على الناس معه أكثر من شر لا مقتضى له قوي. فالنهي عن الشيء المتكرر والواقع والفتنة به أشد بلا ريب.



3) عَن ثَابِتٍ, بنُ الضَّحَّاكِ قَالَ: (نَذَرَ رَجُلٌ عَلَى عَهدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَن يَنحَرَ إِبِلاً بِبُوَانَةَ فَأَتَى النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ إِنِّي نَذَرتُ أَن أَنحَرَ إِبِلاً بِبُوَانَةَ فَقَالَ النَّبِيٌّ - صلى الله عليه وسلم -: هَل كَانَ فِيهَا وَثَنٌ مِن أَوثَانِ الجَاهِلِيَّةِ يُعبَدُ قَالُوا: لَا ،قَالَ: هَل كَانَ فِيهَا عِيدٌ مِن أَعيَادِهِم؟ قَالُوا: لَا. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: أَوفِ بِنَذرِكَ فَإِنَّهُ لَا وَفَاءَ لِنَذرٍ, فِي مَعصِيَةِ اللَّهِ وَلَا فِيمَا لَا يَملِكُ ابنُ آدَمَ) -رواه أبو داود في سننه-.



فالذبح لله في المكان الذي يذبح فيه المشركون لغير الله أي في محل أعيادهم معصية لله - تعالى – وما دام الوفاء بالنذر واجب فإن المانع للوفاء بالنذر أشد (أي أنه مكان عيدهم أو عبادة أوثانهم).

وبذلك يكون النذر معصية إذا وجد في المكان بعض الموانع، وما كان من نذر المعصية فلا يجوز الوفاء به بإجماع العلماء. وإذا كان الحال في أمر هو واجب فما بالك فيمن يفعل ذلك طواعية. وإذا كان الإسلام يحظر تخصيص بقعة عيدهم فكيف يكون نفس عيدهم (فلا شك أنه يكون أشد وأغلظ).



4) وورد في الصحيحين عن عَائِشَةَ - رَضِي اللَّهُ عَنهَا - قَالَت: دَخَلَ أَبُو بَكرٍ, وَعِندِي جَارِيَتَانِ مِن جَوَارِي الأَنصَارِ تُغَنِّيَانِ بِمَا تَقَاوَلَتِ الأَنصَارُ يَومَ بُعَاثَ قَالَت: وَلَيسَتَا بِمُغَنِّيَتَينِ. فَقَالَ أَبُو بَكرٍ,: أَمَزَامِيرُ الشَّيطَانِ فِي بَيتِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَذَلِكَ فِي يَومِ عِيدٍ, فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: يَا أَبَا بَكرٍ, إِنَّ لِكُلِّ قَومٍ, عِيداً وَهَذَا عِيدُنَا).



فكل قوم يختصون بأيامهم وبأعيادهم ولذلك قال - تعالى -:[لِكُلٍّ, جَعَلنَا مِنكُم شِرعَةً وَمِنهَاجاً] (المائدة 48) فشريعتنا غير شريعتهم وأعيادنا غير أعيادهم، فلا نشاركهم أعيادهم ولا يشاركوننا أعيادنا. وقوله - صلى الله عليه وسلم -: هذا عيدنا يدل على الاختصاص أي لا عيد لنا إلا ما خصصه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (أي عيد الفطر وعيد الأضحى).



ويقول شيخ الإسلام رحمه الله أن تعليل الإباحة للجواري في يوم العيد فيه دلالة على أن اللعب في هذا اليوم خاص بنا ولا يتعدى إلى أعياد الكفار، فلا يرخص اللعب في أعيادهم.

فإذا أردنا أن نجعل يوماً غير ذلك خاصاً بنا من الأعياد التي ما أنزل الله بها من سلطان مثل العيد الوطني! وعيد التحرير! وعيد التصحيح! وعيد الجلوس! وعيد المرأة! وعيد الاستقلال! وعيد شم النسيم! وغيرها من الأعياد التي لا نشابه فيها أحداً من الكفار لما جاز لنا ذلك. فكيف إذا كنا نجعل لنا عيداً هو من أعياد الكفار المبتدعة، ونقيم شعائر هي من شعائر الكفار.



5) الدليل من الواقع: إن المتأمل في سيرة الرسول - صلى الله عليه وسلم - يعلم علماً يقينياً قطعياً أنه في عهده - صلى الله عليه وسلم - لم يكن المسلمون يشابهون أهل الكتاب الذين كانوا موجودين في الجزيرة العربية (اليهود في المدينة وخيبر والنصارى في نجران واليمن) وغيرهم أعيادهمº وكذلك التهنئة ولم يثبت أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - هنأهم بعيدهم ولا أحد من الصحابة ولا التابعين فعل ذلك.



6) وورد في الصحيحين عَن أَبِي هُرَيرَةَ - رَضِي اللَّهُ عَنهُ- أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: نَحنُ الآخِرُونَ السَّابِقُونَ يَومَ القِيَامَةِ بَيدَ أَنَّهُم أُوتُوا الكِتَابَ مِن قَبلِنَا ثُمَّ هَذَا يَومُهُمِ الَّذِي فُرِضَ عَلَيهِم فَاختَلَفُوا فِيهِ فَهَدَانَا اللَّهُ فَالنَّاسُ لَنَا فِيهِ تَبَعٌ اليَهُودُ غَداً وَالنَّصَارَى بَعدَ غَدٍ,) - البخاري ومسلم والنسائي والإمام أحمد -.



هنا اختصنا الله بعيد أسبوعي (يوم الجمعة) نخالفهم فيه وفضلنا به عليهم وهدانا إليه وأضلهم ويقاس العيد الحولي بالعيد الأسبوعي الذي تجب فيه المخالفة أيضاً. وإذا كان هذا هو الحال بعيد يعرف بالحساب العربي\"التقويم القمري\"فكيف بأعياد الكافرين العجمية التي لا تعرف إلا الحساب الرومي أو الفارسي أو القبطي أو نحو ذلك، ويقول شيخ الإسلام بأن جميع شرائع الرسل والأنبياء كانت على الهلال فلذلك نحن منهيون عن اتخاذ التقويم الميلادي، وكذلك فإن ما كان من شهورهم فهو أشد حرمة مما كان من شهورنا، لأنه بالإضافة إلى ما فيه من المشابهة، فيه زبادة اختصاص لهم لأنه ليس من شرائع الأنبياء أن يوقتوا بهذا.



6) أما ما ورد من الآثار عن الخلفاء الراشدين والصحابة فأهمها الشروط العمرية التي فرضها الفاروق عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - على أهل الكتاب فأصبحت سنة متبعة أجمع الفقهاء عليها من حيث الأصل العام وأصبحت سنة متبعة ومنهاجاً في معاملة أهل الذمة. فمما اشترطه عمر بن الخطاب عليهم أن لا يظهروا شيئاً من أعيادهم.



7) وروى البيهقي بإسناد صحيح في باب كراهية الدخول على المشركين يوم عيدهم في كنائسهم والتشبه بهم يوم نيروزهم ومهرجانهم عن عطاء بن دينار عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قال:\"لا تعلموا رطانة الأعاجم، ولا تدخلوا على المشركين في كنائسهم يوم عيدهم فإن السخط يتنزل عليهم\".



فهذا عمر قد نهى عن تعلم لسانهم، وعن مجرد دخول الكنيسة عليهم يوم عيدهم فكيف بمن يفعل بعض أفعالهم أو قصد ما هو من مقتضيات دينهم، أليست موافقتهم في العمل أعظم من موافقتهم في اللغة؟

أو ليس عمل بعض أعمال عيدهم أعظم من مجرد الدخول عليهم في عيدهم؟ وإذا كان السخط ينزل عليهم يوم عيدهم بسبب عملهم فمن يشركهم في العمل أو بعضه أليس قد تعرض لعقوبة ذلك؟.



8) وقال عبد الله بن عمر في كلام له: من بنى بأرض المشركين وصنع نيروزهم ومهرجانهم وتشبه بهم حتى يموت وهو كذلك حشر معهم يوم القيامة. ثم قول عمر: اجتنبوا أعداء الله في عيدهم، أي نهياً عن لقائهم والاجتماع بهم فيه، فكيف بمن عمل عيدهم.

وكل فعل من هذه الأفعال كبيرة من الكبائر المحرمة وقد يحمل هذا على التشبه المطلق الذي يوجب الكفر. فإذا أقام المسلم في بلادهم وصنع أعيادهم وحضرها وتشبه بهم حتى يموت حشر معهم يوم القيامة.



9) جاء رجل إلى علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - وقال:\"يا أمير المؤمنين هذه هدية\"، فقال: \"ما هذه الهدية؟\"قال:\"هذا يوم النيروز\"،. فقال علي: \"فاصنعوا كل يوم فيروزاً\"، (بالفاء) غير الاسم ولم يرض أن يشابهم حتى في الاسم، وقال \"فاصنعوا كل يوم فيروزا\"، حتى تنتفي المشابهة والمشاركة حتى يصبح يوماً عادياً جداً غير محتفل به. والنيروز والمهرجان هي من أعياد الفرس القديمة أضافها الرافضة (الشيعة) إلى أعيادهم وما زالوا يحتفلون بها إلى يومنا هذا.



10) أجمع جميع فقهاء المسلمين على تحريم التشبه بالكفار وحضور أعيادهم وذهب بعضهم إلى أبعد من ذلك:

أ) قال ابن القاسم من المالكية: من ذبح بطيخة يوم عيدهم فكأنما ذبح خنزيراً.



ب) وقالت الحنفية: من أهدى إلى رجل في يوم النيروز بيضة فقد كفر. (فذلك مشاركة لهم في الكفر وتعظيم لعيدهم على سبيل الإهداء).



- فمن كتاب الله - تبارك وتعالى - وسنة رسوله المصطفى - صلى الله عليه وسلم - وسنة خلفائه الراشدين، ومما ورد من فعل الصحابة الكرام والسلف الصالح وكلام الفقهاء جميعاً نستنتج ما يدل دلالة قطعية صريحة على تحريم الاحتفال بأعياد الكفار ومشاركتهم فيها، وأن هذه المشاركة هي مشاركة لهم في الكفر وهي مشاركة لهم في شعيرة من شعائرهم، وهو كفر عملي. وإذا اقترن بهذا العمل اعتقاد أن دينهم حق وأن ما هم عليه صحيح وإقرارهم بذلك، فلا شد أنه يصبح كفراً أكبر مخرجاً من الملة والعياذ بالله.

فانظر أيها الأخ الكريم أي خطر ساحق ماحق يحيط بمن يشارك هؤلاء عيدهم أو يقرهم عليه، فوجب على المسلم أن يجتهد في إحياء السنن وإماتة البدع.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply