الخوارج .. للعلم والحذر


بسم الله الرحمن الرحيم

 

صفاتهم:

إن الناظر في الغلاة والفرق الغالية يجدهم على تكرر العصور تربط بينهم خصائص معينة، وتجمعهم أوصاف بينة تكاد تطرد فيهم.



الوصف الأول:

عدم فهم القران، يقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: (يقرؤون القرآن لا يجاوز حناجرهم)، أي أنهم يأخذون أنفسهم بقراءة القرآن وإقرائه وهم لا يتفقهون فيه ولا يعرفون مقاصدة، وعدم فهمهم للقرآن يجعلهم يأخذون آيات نزلت في الكفار فيجعلونها في المسلمين.

قال ابن عمر - رضي الله عنه -: (إنهم انطلقوا إلى آيات نزلت في الكفار فجعلوها في المؤمنين)، ومن مظاهر عدم فهمهم للقران اتباع متشابهه، كاستشهاد الخوارج على إبطال التحكيم بقوله - سبحانه -: ((إن الحكم إلا لله)) فالمعنى المأخوذ صحيح في الجملة، وأما على التفصيل فيحتاج إلى بيان، ولذلك رد عليهم على أبن أبي طالب - رضي الله عنه - فقال: (كلمة حق أريد بها باطل)، قال الحافظ ابن حجر: (وكان أول كلمة خرجوا بها قولهم \"لا حكم إلا لله\" انتزعوها من القرآن وحملوها على غير محملها.).



الوصف الثاني:

التكفير واستحلال الدماء قال أبو قلابه: (ما ابتدع رجل بدعة إلا استحل السيف)، ويقول أيوب السختياني: (إن الخوارج اختلفوا في الاسم واجتمعوا على السيف)، فهم يجمعون بين الجهل بدين الله، وظلم عباد الله [انتهى مختصراً بتصرف يسير من كتاب الغلو في الدين في حياة المسلمين المعاصرة للشيخ اللويحق).



الوصف الثالث:

ويجتمع فيه جميع طوائف البدع، أنهم لجهلهم وتعجلهم يأخذون نصاً واحداً ويبنون عليه دون النظر في بقية النصوص أو القواعد الشرعية العامة المقيدة أو المبينة له، فالخوارج أخذوا نصوص الوعيد فكفروا بالكبيرة، والمرجئة أخذوا بنصوص الترغيب والمغفرة والرحمة فهونوا من شأن الذنوب حتى لم يكفروا بالأعمال مطلقاً.

والصواب: أن النصوص تجمع وتدرس وتوجه في نطاق فهم السلف، والقواعد العامة للشريعة (التي تضافرت على إثباتها النصوص الشرعية أيضاً) ثم يخرج منها برأي صحيح، ولذلك تميز أهل العلم المجتهدون بأنهم يحيطون يالنصوص الشرعية (أو جلها) مع فهمهم للقواعد الشرعية والمقاصد الدينية العامة، أما قليلوا العلم فإذا عرضت لهم مسألة بدأوا في البحث عن أدلة يراد منها أحياناً دعم رأي قد قضي بليل! فإذا أسعفهم الحظ بنص تمسكوا به، اعرضوا عما سواه.



الصفة الرابعة:

عدم ردهم المتشابه للمحكم، فهم يأخذون النصوص التي تحتمل معانيها أكثر من وجه فيحملونها على ما تهواه أنفسهم، دون أن يرجعوها إلى النصوص المحكمة، وهذا من قلة علمهم، ومن اتباعهم للهوى، إما أهل العلم فالنصوص المحكمة هي الأصول والأساس عندهم، فإذا ورد عليهم شيء متشابه ردوه للمحكم، وفهموه في ضوئه، فيسلموا من الزلل.



الصفة الخامسة:

الاستعجال وعدم التأني والتريث وموازنة الأمور، وهذا يتبين من اعتراض ذلك الرجل على قسمة الرسول - صلى الله عليه و سلم -، ومن اعتراضهم على علي - رضي الله عنه -، وخروجهم عليه، ثم حكمهم عليه بالكفر ثم على أنفسهم! (فالمؤمن وقاف متبين) كما قال بعض السلف.



الصفة السادسة:

التشدد فيما لم تشدد فيه الشريعة، فهم دائماً يأخذون بالأشد والأقوى ولو كان هناك رخصة، وينتقصون من أخذ بالرخصة الشرعية ويرون أنهم أفضل منه، ويحملون الناس على ذلك ولو كانوا معذورين، ويؤخذ هذا من الحديث (يحقر أحدكم صلاته ) مخالفين بذلك النصوص الشرعية التي نهت عن التشدد في الدين والغلو فيه، مثل حديث: ( القصد القصد تبلغوا)، وحديث: (لن يشاد أحد الدين إلا غلبه).

والله أعلم وهو الهادي إلى سواء السبيل.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply