حكم لبس الزوجة للبنطال عند زوجها


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: 

 

السؤال:

زوجتي ترتدي البنطال لي وأمام النساء وليس للناس، ولكن بعض الناس يقولون لي: لا يجوز أن ترتدي زوجتك البنطال أمام النساء لأن النساء سوف تتكلم للرجال وهذا حرام؟ وما رأيكم في القول بمنع البنطال من باب سد الذرائع؟

 

الجواب:

علينا أن ننظر إلى الحقائق وإلى القواعد الشرعية والضوابط المتعلقة بهذه الأسماء وبهذه الملابس.

ومن القواعد الشرعية المتعلقة بهذه الملابس: أن لا يكون هذا الملبس يصف العورة وأن لا يشف العورة لا للرجال الأجانب ولا للرجال المحارم ولا للمرأة مع نسائها، أن لا تظهر عورتها بوصفٍ, ولا شفافية، ومن هذا المقام ما يتعلق بالبنطال، فلا فرق عندي بين البنطال وبين ما يسمى بالتنورة، التنورة في أصلها الأول جاءت من الكفار وكانت من ألبستهم، ولكنها تحولت، والبنطال أيضاً من ألبسة الكفار، وصار يلبسه جميع الناس، فإذا كانت المرأة تلبس هذا البنطال من غير وصف للعورة، أنا أقول: ليس واقع البنطلونات الموجودة في السوق كذلك بل الغالبية العظمى الساحقة التي أعرفها ويعرفها الأخوات أنها ليست على الأوصاف الشرعية هذا الأمر الأول.

الأمر الثاني: حتى ما يسمى بالتنورة ليست على الضوابط والحدود الشرعية، حيث تلبس بشكل ضيق.

كثير من الأخوات الصالحات ينكرن أعظم الإنكار على البنطال، ولكنها تلبس تنورة ضيقة عند نسائها وعند محارمها، وهذا لا يجوز لأنه من وصف العورة ومن إظهارها، وعلينا أن نلتزم بالشروط والضوابط الشرعية في اللباس.

وذكرت لي بعض الأخوات -وهذا الشيء الوحيد الجائز- أن بعض البنطلونات يكون واسعاً فلا يصف خصر المرأة، بل يكون واسعاً في خصره، ولا يصف العورة ولا يشف، وإن رئي كأن المرأة لبست ثوباً، فهذا جائز لا حرج فيه.

أما الرجل مع زوجته فلو أنها تعرت عنده أو لبست ما شاءت فلا حرج عليها.

أما أمام نسائها ومحارمها فلا يجوز إظهار العورة، والعورة على خلاف بين أهل العلم: بعض الشافعية والمالكية ورواية عن أحمد أن عورة المرأة من السرة إلى الركبة، وهذا القول مرجوح، لكن الراجح هو مذهب الحنفية ورواية عن الإمام أحمد -رحمه الله- أن عورة المرأة هو ما يجوز إظهاره عادةً، وحده الحنفية بنصف العضد وإخراج النحر.

ولنعلم أن المحرمات التي تحرم في كل حال على كل شخص في كل زمان وفي كل مكان أنها قد استقرت في الشريعة، وأما ما يتعلق بسد الذرائع هو من باب السياسة الشرعية التي ينتهجها الحاكم المسلم فقط، فقد يرى الحاكم المسلم في يوم من الأيام أن يمنع مثلاً البنطال لغلبة شره، وأن يمنع العباءة على الكتف لغلبة شرها كما هو الواقع في الوقت الحاضر، وأن يمنع أشياء كثيرة لا بأس، ولكن أن تصدر الفتوى وتقرر، ثم تنسب إلى هذه الشريعة بأنها حرام، ثم تعمم وتكون عامة لكل زمان ومكان وحال فإن هذا من التشريع، والله -عز وجل- يقول: ((أَم لَهُم شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُم مِنَ الدِّينِ مَا لَم يَأذَن بِهِ اللَّهُ))، فإذا قلنا: إن هذا حرام في كل حال وفي كل زمان وفي كل مكان لكل شخص فأين هذا في كتاب الله -عز وجل-؟!

ولهذا نقول: إن ما يتعلق مثلاً بقيادة المرأة للسيارة.. مثلاً البنطال.. انتشار بعض الأشياء التي تؤدي إلى محرمات، نقول: على الحاكم إذا انتشر شره أن يمنعه بقرار إداري سياسي، فإذا انتهى شرها عادت بقرار إداري سياسي، فبخلاف أن نقول: هذا حرام، ثم نقول بعد وقت آخر: إن هذا حلال، ثم ننسبه إلى الدين وإلى الشريعة، هذا هو أخطر ما في الأمر، ونحن قد نهينا أن نقول على الله - عز وجل - غير الحق، وأن لا ننسب الحرام إلى الشريعة إلا بدليل من الشريعة، ولا ينسب المباح والواجب أيضاً إلا بدليل من الشريعة.

وأعظم خطر أن نجعل تشريعاً عاماً لم يدل عليه الكتاب والسنة، ولكن نأخذ بالحل البديل وهو بالقرار الإداري، وأن يناصح العلماء ويكاتبون الحاكم بأن يمنع مثلاً كاميرات الجوال على سبيل المثال، ليس لها ضرورة، لكون شرها غلب مثلاً، وتمنع المرأة من قيادة السيارة كما فعل الآن حكام هذه البلاد وهكذا، فيبقى القرار قراراً إدارياً قابلاً للأخذ والرد، حتى لا ينسب إلى الشريعة في المحرمات إلا ما حرمته الشريعة ولا في الواجبات إلا ما أوجبته الشريعة، والله أعلم.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply