رمضان أقبل فهلموا إلى الخيرات


 بسم الله الرحمن الرحيم

رمضان أقبل فهلموا إلى الخيرات .. لتنهض الأمة من كبوتها

 

 

أيها المسلمون:

ها قد مرت الأيام وتوالى كرٌّ الليل والنهار حتى أقبل علينا رمضان..شهر الخير والبركات، شهر الذكر والدعاء، شهر الصيام والقيام، شهر القرآن، شهر الصبر والجهاد.

عن عبادة ابن الصامت - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال يومًا وحضر رمضان: \"أتاكم رمضان، شهر بركة، يغشاكم الله فيه فينزل الرحمة، ويحطّ الخطايا ويستجيب فيه الدعاء، ينظر الله - تعالى -إلى تنافسكم فيه، ويباهي بكم ملائكته، فأروا الله من أنفسكم خيرًا، فإن الشقي من حُرم فيه رحمة الله - عز وجل -\" رواه الطبراني.

وعن سلمان - رضي الله عنه - قال: خطبنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في آخر يوم من شعبان قال: \"أيها الناس قد أظلكم شهر عظيم مبارك، شهر فيه ليلة خير من ألف شهر، شهر جعل الله صيامه فريضة، وقيام ليله تطوعًا، من تقرَّب إلى الله فيه بخصلة من الخير كان كمن أدى فريضة فيما سواه، وهو شهر الصبر، والصبر ثوابه الجنة، وشهر المواساة، وشهر يُزاد في رزق المؤمن فيه، من فطَّر فيه صائمًا كان مغفرة لذنوبه وعتق رقبته من النار، وكان له مثل أجره من غير أن ينقص من أجره شيء\"، قالوا يا رسول الله: ليس كلنا يجد ما يفطر الصائم، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: \"يعطي الله هذا الثواب من فطرّ صائمًا على تمرة، أو شربة ماء، أو مذقة لبن، وهو شهر أوله رحمة، وأوسطه مغفرة، وآخره عتق من النار، من خفَّف عن مملوكه فيه غفر الله له، وأعتقه من النار\".

وقال - صلى الله عليه وسلم -: \"واستكثروا فيه من أربع خصال: خصلتين ترضون بهما ربكم، وخصلتين لا غناء بكم عنهما، فأما الخصلتان اللتان ترضون بهما ربكم، فشهادة أن لا إله إلا الله، وتستغفرونه، وأما الخصلتان اللتان لا غناء بكم عنهما، فتسألون الله الجنة، وتعوذون به من النار، ومن سقى صائمًا سقاه الله من حوضي شربة لا يظمأ حتى يدخل الجنة\" رواه ابن خزيمة في صحيحه.

أقبل علينا رمضان هذا العام والمسلمون- بحمد الله يقاومون ويصمدون ويتمسكون بعقيدتهم ودينهم ويدافعون عن حضارتهم وبلادهم، فألحٌّوا على الله بالدعاء أن يمنَّ الله علينا بفرج سريع ونصر قريب.

 

أقبل رمضان والمرابطون في بيت المقدس وأكناف بيت المقدس يُصرون على خيار المقاومة والمدافعة، لا يستسلمون لعدوهم ولم تنكسر إرادتهم، ويحتفظون بوحدة صفهم، يعانون القتل والتدمير، المذابح تتوالى عليهم لكنَّ الله منَّ عليهم بالثبات، فماذا قدمتم لهم؟

 

أيها المسلمون:

أقبل علينا رمضان والمقاومون في أرض الرافدين يُثخنون المحتل الغاشم بالجراح، المؤامرة عليهم كبيرة، وحملات التشويه ضدهم لا تنقطع، وتواطؤ أولي القربى يُدمي قلوبهم وقلوبنا، لكنهم نجحوا في ترسيخ خيار المقاومة وفضحوا المخطط الأمريكي- الصهيوني، وأوقفوا سلسلة الحروب الاستباقية ولو إلى حين.

 

يأتي علينا رمضان وحوادث العنف العشوائية التي لا يقرها شرع ولا دين تتوالى في بلاد العرب والمسلمين في دمشق وبيروت، في طابا وسيناء، في باكستان وروسيا وغيرها، ودائمًا الفاعل فيها مجهول، لا تحقيق ولا محاكمات، الهدف منها هز الاستقرار وفقدان الأمن ونشر الفوضى، وخلط الأوراق لتشويه صورة المقاومة المشروعة في فلسطين والعراق، وأفغانستان والشيشان، بل رسم صورة مشوهة للإسلام وحشد الرأي العام العالمي في الحملة الأمريكية الظالمة ضد الإسلام باسم مكافحة الإرهاب الذي لا تعريف له حتى الآن!! بل إننا نجد الإرهاب الحقيقي في فلسطين والعراق وأفغانستان يفلت دون عقاب أو مجرد عتاب، بينما يوجه الاتهام إلى الإسلام والمسلمين وبحجة مطاردة الأشباح الذين لا نراهم ولا نسمع عنهم إلا على شبكة الإنترنت أو شاشات الفضائيات ملثمون مقنعون لا يعرفهم أحد.

 

أيها المسلمون:

إننا نحذركم كل الحذر من فريقين:

فريق متآمر مغرض هدفه خلط الأوراق، يقوده العدو الصهيوني وتسانده الإدارة الأمريكية، ومعه أبواق إعلامية تنطق بألسنتنا، تنشر الفتنة وتسير في ركاب أعداء الأمة.

 

وفريق متحمس لا يرى إلا تحت قدميه، يضع نفسه دون أن يدري في خدمة أعداء أمته، ويحقق لهم أهدافهم.

 

والبلاد والعباد محاصرون.. حريات الدعاة المخلصين الواعين مقيدة، ممنوعون من اعتلاء المنابر لتوعية وترشيد الشباب.. بيوت الله مراقبة تشرف عليها جهات الأمن!!.

 

العمل الأهلي والاجتماعي والخيري مطارَد بذريعة دعم الإرهاب.. النشاط السياسي ممنوع فلا انتخابات حرة ولا برلمانات حقيقية ولا محاسبة على هذه السياسات المدمرة والفساد، والرأي العام العالمي يتعرض لأكبر حملة تضليل في التاريخ.

 

يفلت المجرمون الحقيقيون من أي لوم أو عقاب، وجرائمهم علنية نراها على الشاشات في فلسطين وأفغانستان، والعراق والشيشان، آلاف الشهداء وعشرات الآلاف من المعتقلين، ومئات الآلاف من الجرحى، بيوت مهدمة، حقول مجرفة، أطفال يقتلون، ومنازل تُهدّم على رؤوس أصحابها دون ذنب، وشعوب تحاصر بالأسوار العالية والجدران الأسمنتية، والعالم يصمت ولا ينبسّ ببنت شفة.

وعلى الجهة المقابلة نرى الحشود تُحشد والأبواق تنطلق والقرارات تتوالى ضد سوريا والسودان، بينما تستخدم أمريكا الفيتو لتمنع مجرد إدانة المجزرة الصهيونية والبشعة في شمال غزة والتي راح ضحيتها أكثر من مائة وثلاثين شهيدًا وخمسمائة جريح خلال عشرة أيام ومازالت مستمرة حتى الآن، لجنة تحقيق دولية لتقصي الحقائق حول مزاعم إبادة في دارفور بالسودان، والإبادة الصريحة التي لا تحتاج إلى تحقيق واضح للعيان في فلسطين والعراق والشيشان.

 

جاء رمضان هذا العام وتوالت من قبله رمضانات وآلاف المسلمين المجاهدين الصابرين خلف الأسوار في مصر وفلسطين والعراق، بل امتلأت بهم سجون ليبيا وتونس وباكستان وأفغانستان، وأخيرًا موريتانيا، ولا ننسى الأبرياء في جوانتانامو دون أية تحقيقات أو محاكمات منذ 3 سنوات.

 

أما آن لهذا الظلم أن ينتهي، أما آن لهذا البطش بالأبرياء أن يتوقف، لقد صام الأسرى الأبطال في سجون الاحتلال فقط لتحسين أحوال السجون بعد أن تخلت عنهم الحكومات العربية وتركتهم فريسة للعدو الصهيوني، نساء وأطفال ومقاومون وأبطال يستصرخون النخوة في نفوس العرب، والعدالة في نفوس الأحرار في كل مكان.

والتحق بهم إخواننا في ليبيا الذين مرت عليهم سنوات والعالم يطبِّع علاقاته مع النظام الليبي دون أن يرفَّ له جفن حول حقوق الإنسان، ورأينا الصلف الأمريكي- البريطاني يرفض مجرد الإفراج عن السجينات العراقيات، ولم نجد صدى للتحقيقات التي فضحت التعذيب البشع في سجون العراق على يد الأمريكيين والأمريكيات، بل الصهاينة والصهيونيات.

 

أيها المسلمون:

لا تتخلوا عن إخوانكم وأخواتكم المكبلين بالأغلال، تحركوا في كل مكان من أجل وضع حدٍّ, لمعاناتهم داخل السجون، ابذلوا كل جهدكم حتى يتحقق لهم أمل الإفراج القريب، انضموا إلى حملات منظمات حقوق الإنسان لإنجاز العدالة المفقودة.. وأنتم أيها الصابرون المرابطون.. إن مكانكم ليس خلف الأسوار بل في ميادين الجهاد، فصبرًا صبرًا، إن فرج الله لآت وإنه لقريب.

 

أيها المسلمون:

لقد جاءنا رمضان وسنبدأ مدرسة الصوم والجهاد، فهيا بنا لنتزود منها لتجديد إيماننا وتصحيح مسيرتنا، وإصلاح أحوالنا، لقد انكشف لكل الأمة زيف دعاوى الإصلاح من الخارج وتلكؤ حملات الإصلاح من الداخل، والبداية الصحيحة أن يبدأ كل منا بنفسه، وأن يتحمل المسئولية عن أهله وأن يقوم بواجبه في إرشاد مجتمعه، حتى نصل إلى أن يراقب الحاكمُ وكلُ مسئولٍ, اللهَ في رعيته ? إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَومٍ, حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِم? (الرعد: من الآية11).

 

لقد أهلَّ هلال شهر الصبر والجهاد فهيا بنا نشمر عن ساعد الجد، نهجر فراشنا ونوقظ أهلنا، نرفع راية الجهاد ولنبدأ بأنفسنا ونرشد رغباتنا:

1- رمضان شهر الجوع والعطش وليس شهر التخمة والإسراف، فصوموا صومًا صحيحًا.

2- رمضان شهر الصلاة والقيام، وليس شهر النوم والخمول، فحافظوا على صلاة الجماعة والقيام والتهجد والدعاء والاستغفار.

3- رمضان شهر القرآن والذكر والدعاء، وليس شهر الفوازير والمسلسلات، فأقبلوا على القرآن تلاوة وحفظًا، تدبرًا وفهمًا، تدارسًا وفكرًا.

4- رمضان شهر المواساة والعطاء، فأخرجوا زكاة أموالكم في رمضان وأنفقوا وتصدقوا على الفقراء، ولا تنسوا المشردين في دارفور بالسودان.

5- رمضان شهر الصلة والتراحم، فتحابٌّوا في الله، وتجالسوا في الله وتهادوا في الله، صِلوا الأرحام، وتفقدوا الجيران.

6- رمضان شهر الصبر والجهاد، فابذلوا من أموالكم لإخوانكم في أرض الرباط والمدافعين عن شرف الأمة وكرامتها.

7- رمضان شهر الصفح والغفران، فلننس الخصومات، ولنبدأ بالسلام حتى تدركنا رحمة الله في ليلة القدر في رمضان.

 

أيها المسلمون:

 

كل عام وأنتم بخير، ونسأل الله أن يتقبل منَّا ومنكم الصيام والقيام، وأن يغيّر حالنا إلى أحسن حال، والله الموفق والمستعان، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply