فضائل رمضان وآدابه


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الخطبة الأولى

أمّا بعد: فاتّقوا الله بملازمةِ طاعاته والبعدِ عن محرّماته، فتقوى الله هي وسيلةُ العبدِ إلى مولاه وخالقِه، ينجيه بها مِن عذابِه، ويضاعِف له ثوابَه.

عبادَ الله، تذكّروا وتفكّروا في نِعَم ربّكم عليكم ممّا تعلمون وممّا لا تعلمون، واعرفوا لله حقَّه وعظّموه حقَّ تعظيمه، واستحيوا من الله حقَّ الحياء، أما ترَونَ كيف يتحبَّب إليكم بأنواع النّعَم وهو غنيّ عن عبادتكم؟! أما ترونَ كيف يحلم على جهلِكم وهو قادرٌ عليكم؟! أما ترونَ كيفَ يصبِر على أذى العُصاة وهم لا يُعجزونه؟! ألم يؤتِكم الأعمارَ ويمدّكم بالآجال؟! أما تشاهدون تقصيرَكم في عبادتِه؟! أما تشاهدون التفريطَ في شكرِ آلائه؟! ألا تخافون يومَ الحساب؟! ألا تشفِقون ممّا سينطِق به الكتاب؟! ألم تقرؤوا قولَ الله تعالى: ( يا أَيٌّهَا الإِنسَـانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبّكَ كَدحًا فَمُلَـاقِيهِ فَأَمَّا مَن أُوتِىَ كِتَـابَهُ بِيَمِينِهِ فَسَوفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا وَيَنقَلِبُ إِلَى أَهلِهِ مَسرُورًا وَأَمَّا مَن أُوتِىَ كِتَـابَهُ وَرَاء ظَهرِهِ فَسَوفَ يَدعُو ثُبُورًا وَيَصلَى سَعِيرًا إِنَّهُ كَانَ فِى أَهلِهِ مَسرُورًا إِنَّهُ ظَنَّ أَن لَّن يَحُورَ بَلَى إِنَّ رَبَّهُ كَانَ بِهِ بَصِيرًا ) [الانشقاق: 6ـ 15].

قد بانَت المحجَّة، وانقطعت الحجّة، وفصّل الله الحلالَ والحرام، وشرع الشرائعَ والأحكام، وفرضَ الفرائضَ والواجبات، وسنّ المستحبّات وبيّن القرُبات، وحرّم المحرّمات، وكرّه المكروهات، وجعل طريقَ الجنّة دينَ الإسلام، وطُرقَ النّار الكفرَ والآثام، وجعل الله كلَّ خير في طاعتِه، وجعل كلَّ شرٍّ, في معاصيه.

ألا ما أعظمَ رحمةَ الله، وما أوسعَ جودَه وكرمه، يبيِّن لنا الشهورَ الفاضلة والأيّام المباركة التي تضاعَف فيها الحسناتُ وتمحى فيها السيّئات، ويشرع لنا فيها أنواعَ الطاعات، وما كنّا لنعلمَ ذلك كلّه إلا بتعليم الله لنا، قال الله تعالى: ( كَمَا أَرسَلنَا فِيكُم رَسُولاً مّنكُم يَتلُوا عَلَيكُم آيَـاتِنَا وَيُزَكِيكُم وَيُعَلّمُكُمُ الكِتَـابَ وَالحِكمَةَ وَيُعَلّمُكُم مَّا لَم تَكُونُوا تَعلَمُونَ فاذكروني أَذكُركُم وَاشكُرُوا لِي وَلاَ تَكفُرُونِ ) [البقرة: 151، 152].

أيّها المسلمون، إنّه قد نزل بساحتِكم شهرٌ كريم، هو سيّد الشهور، ومنّ الله عليكم بموسمٍ, عظيم، نهارُه صيام وليله قيام، فيه ليالِي العشر الأواخِر أفضلُ اللّيالي، وفيه ليلة القدرِ العبادةُ فيها أفضلُ من عبادةِ ألف شهر ليس فيها ليلة القدر. شهرٌ يضاعَف فيه ثواب الطاعات، وتكفَّر فيه السيّئات، وترفَع فيه الدرجات، لله فيه نفحات، من تعرّض لها لم يرجِع خائبًا محرومًا، ومن طلبَها نالها، ومن أعرض عنها خسِر نوالها. وشهرُ رمضان صيامُه أحدُ أركان الإسلام، جعل الله صيامَه وقيامه سببًا لمغفرة الذّنوب ورفعِ الشّدائد والكروب، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله: ((من صَام رمضانَ إيمانًا واحتسابًا غفِر له ما تقدّم من ذنبه)) رواه البخاري[1] وأحمد وزاد: ((وما تأخّر))[2]، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله: ((من قامَ رمضانَ إيمانًا واحتسابًا غفِر له ما تقدّم من ذنبه)) رواه البخاري ومسلم[3]، وعن عبادةَ بن الصامت رضي الله عنه قال: قال رسول الله: ((من قام ليلةَ القدرِ إيمانًا واحتسابًا غفِر له ما تقدّم من ذنبِه وما تأخّر)) رواه أحمد والطبراني[4].

وفضائلُ شهر الصّوم كثيرة جدًّا، وحسبه في الفضلِ أنّ الله تعالى أنزل فيه القرآنَ العظيم الذي جعله الله نورًا وهُدى، وجعله زمنًا للصّوم الذي هو سرُّ بين العبد وبين ربِّه، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله: ((قال الله تعالى: كلّ عمل ابنِ آدم يضاعَف، الحسنةُ بعشر أمثالها، إلى سبعمائة ضِعف، قال الله تعالى: إلاّ الصوم، فإنّه لي، وأنا أجزي به، يدَع شهوتَه وطعامه من أجلي، للصائم فرحتان: فرحةٌ عند فطرِه، وفرحة عند لقاءِ ربّه، ولَخلوف فم الصائم أطيبُ عند الله مِن ريح المسك)) رواه البخاري ومسلم[5].

ومِن فضائل رمضانَ قوله: ((إذا دخلَ رمضان فتِّحت أبوابُ الجنّة، وأغلقَت أبواب جهنّم، وسلسِلت الشياطين)) رواه البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه[6].

وعلى المسلم أن يحافظَ على صومِه من مبطلات الصّيام، روى البخاري وأبو داود من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله: ((مَن أفطر يومًا من رمَضان من غير رخصَة ولا مرَض لم يقضِه صومُ الدّهر كلِّه وإن صامَه))[7]، وعلى المسلم أن يصونَ صيامَه ويحفظَه من الغيبة والنّميمة وقولِ الزّور والسِّباب والشّتم والنظر إلى ما لا يحلّ له، وليحذَر من سماع الأغاني فإنّها تفسِد القلوب، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله: ((من لم يدع قولَ الزور والعملَ به فليس لله حاجةٌ في أن يدَع طعامه وشرابه)) رواه البخاري وأبو داود[8]، وعن ابنِ عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله: ((رُبَّ صائمٍ, حظٌّه من صيامِه الجوع والعطَش، ورُبّ قائمٍ, حظّه من قيامه السّهر)) رواه الطبراني[9]، وعن أبي عبيدة رضي الله عنه قال: قال رسول الله: ((الصّوم جنّة ما لم يخرِقها)) رواه النسائي[10] والطبراني وزاد: قيل: بمَ يخرِقها؟ قال: ((بكذبٍ, أو غيبة))[11].

أيّها المسلم، احرِص كلَّ الحِرص على الاستكثار من الطّاعات في مواسم الخيرات، وحافِظ على الصّلاة جماعةً، ففي حديث عثمان رضي الله عنه قال: قال رسول الله: ((من صلّى العشاء في جماعة فكأنّما قام نصفَ الليل، ومن صلّى الفجرَ في جماعة فكأنّما قام الليل كلّه)) رواه مسلم.

ومن الغَبن والخسران المُبين أن يحافِظ الرّجل على الصّيام ويضيِّع الصلاةَ، فالصلاة جِماع فَلاح العبد، وبها تنتظم أمورُه وتصلح أحواله، وأوّل ما يحاسَب العبد على الصلاة، ومن ضيّعها فقد خسِر دنياه وأخراه.

أيّها المسلم، واظب وداوِم على التراويح فهي قيامُ رمضان، وفي الحديث عن النبيّ أنّه قال: ((من قام مع الإمَام حتّى ينصرِف كُتب له قيام ليلة))[12].

وعليكم بذِكر الله كثيرًا، فإنّه أفضل أعمالِكم وأيسرُ عمَلاً، عن ابن عبّاس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله: ((ألا أخبِركم بأفضل أعمالكم وأزكاها عند مليكِكم وخيرٍ, لكم من إنفاق الذّهب والورِق وخيرٍ, لكم مِن أن تلقَوا عدوّكم فتضرِبوا أعناقَهم ويضربوا أعناقكم؟!)) قالوا: بلى يا رسول الله، قال: ((ذكر الله عز وجل )) رواه الحاكم وصحّحه[13].

وأفضلُ الذّكر تلاوة القرآن العظيم بتدبّرٍ, وفَهم، ورمضانُ شهر القرآن، وينتفِع القلب بالقرآن في رمضانَ أكثرَ من غيرهº لأنّه غذاء الرّوح كما أنّ الطعامَ غذاء الأبدان، وإذا ضعُف سلطان البدَن قويَ سلطان الرّوح، وقد كان بعض السلف يختِم في ثلاث، وبعضهم يختِم في ليلة، وبعضهم يختِم في جمُعة، ويراعون صيامَهم ويحفَظونه، قال الإمام أحمد: \"نقعُد في المساجِد نحفَظ صيامنا\". وقد كانوا يسألون اللهَ زمنًا طويلاً أن يبلِّغهم رمضان، ويسألون الله وقتًا طويلاً أن يتقبّله منهم.

وأحسِنوا إلى الفقراء والأيتامِ في هذا الشّهر المبارك، فقد كان رسول الله أجودَ النّاس، وكان أجودَ ما يكون في رمضان، فلَرسول الله حين يلقاه جبريل في رمضان أجودُ بالخير من الرّيح المرسلة.

وغاية العباداتِ الإحسانُ إلى النّفس والإحسان إلى الخَلق، وقد تحقّقت هذه الغاية في رمضان، واجتمع في هذا الشّهر من الطاعات والعباداتِ ما لم يجتمع في غيرِه، اجتمعت فيه الصّلاة والصّيام والزّكاة لمن وجَبت عليه أو أراد أن يقدّمها فيه وأنواعُ الذّكر والحجّ الأصغر العمرة فهي تعدِل حجّةً مع الرّسول وأنواعُ البرّ، وهذا من أسبابِ فضل الشّهر.

فاجتهدوا ـ معشرَ المسلمين ـ فيما يقرّبكم إلى الجنّة التي فيها ما لا عينٌ رأت ولا أذُن سمِعت ولا خطَر على قلبِ بشَر، واجتهِدوا فيما يباعِدكم من النّار، فلا يدري امرؤ متى يفاجِئه الأجل، ولا يدري هل يدرِك رمضانَ آخر أو لا يدركه، وأنت ـ أيها الإنسان ـ ابنُ يومِك لا تملِك من الغدِ شيئًا، قال الله تعالى: ( وَسَارِعُوا إِلَى مَغفِرَةٍ, مّن رَّبّكُم وَجَنَّةٍ, عَرضُهَا السَّمَـاواتُ وَالأرضُ أُعِدَّت لِلمُتَّقِينَ الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِى السَّرَّاء وَالضَّرَّاء وَالكَـاظِمِينَ الغَيظَ وَالعَـافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبٌّ المُحسِنِينَ وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَـاحِشَةً أَو ظَلَمُوا أَنفُسَهُم ذَكَرُوا اللَّهَ فَاستَغفَرُوا لِذُنُوبِهِم وَمَن يَغفِرُ الذٌّنُوبَ إِلاَّ اللَّهُ وَلَم يُصِرٌّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُم يَعلَمُونَ أُولَـئِكَ جَزَاؤُهُم مَّغفِرَةٌ مّن رَّبّهِم وَجَنَّـاتٌ تَجرِى مِن تَحتِهَا الأنهَـارُ خَـالِدِينَ فِيهَا وَنِعمَ أَجرُ العَـامِلِينَ ) [آل عمران: 133ـ 136].

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعنا وإيّاكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، ونفعنا بهدي سيّد المرسلين وقوله القويم، أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين من كلّ ذنب، فاستغفروه إنّه هو الغفور الرحيم.

 

-----------------------------------------------

 [1] صحيح البخاري: كتاب الإيمان (38)، وأخرجه أيضا مسلم في صلاة المسافرين (760).

 [2] مسند أحمد (2/385)، وأخرجه أيضا الطيالسي (2360)، قال المنذري في الترغيب (2/54): \"انفرد بهذه الزيادة قتيبة بن سعيد عن سفيان، وهو ثقة ثبت، وإسناده على شرط الصحيح، ورواه أحمد بالزيادة بعد ذكر الصوم بإسناد حسن، إلا أن حمادا شك في وصله أو إرساله\"، وقوى هذه الزيادة ابن حجر في الفتح (4/115ـ 116)، وقال الهيثمي في المجمع (3/145): \"رجاله موثقون إلا أن حمادا شك في وصله وإرساله\"، وحكم الألباني على هذه الزيادة بالشذوذ. السلسلة الضعيفة (5083).

 [3] صحيح البخاري: كتاب التراويح (2009)، صحيح مسلم: كتاب صلاة المسافرين (759).

 [4] مسند أحمد (5/321)، وحسنه ابن حجر في الفتح (4/116)، وقال الهيثمي في المجمع (3/175): \"رواه أحمد والطبراني في الكبير، وفيه عبد الله بن محمد بن عقيل، وفيه كلام وقد وثق\"، وضعفه الألباني في السلسلة الضعيفة (11/1/145).

 [5] صحيح البخاري: كتاب الصوم (1904)، صحيح مسلم: كتاب الصيام (1151).

 [6] صحيح البخاري: كتاب بدء الخلق (3277)، صحيح مسلم: كتاب الصيام (1079).

 [7] علقه البخاري في كتاب الصوم عن أبي هريرة بصيغة التمريض، ووصله أحمد (2/458، 470)، وأبوداود في الصوم (2396)، والترمذي في الصوم (723)، والنسائي في الكبرى (2/244ـ 245)، وابن ماجه في الصيام (1672)، وفيه اضطراب واختلاف، وقد ضعفه الألباني في تمام المنة (396).

 [8] صحيح البخاري: كتاب الصوم (1903)، سنن أبي داود: كتاب الصوم (2362).

 [9] المعجم الكبير (12/382)، وأخرجه أيضا القضاعي (1424)، قال المنذري في الترغيب (2/95): \"إسناده لا بأس به\"، وقال الهيثمي في المجمع (3/202): \"رجاله موثقون\". وله شاهد عن أبي هريرة رضي الله عنه أخرجه أحمد (2/373، 441)، والنسائي في الكبرى (2/239)، وابن ماجه في الصيام، باب: ما جاء في الغيبة والرفث للصائم (1690)، وصححه ابن خزيمة (1997)، وابن حبان (3481)، والحاكم (1571)، ووافقه الذهبي، وكلا الحديثين في صحيح الترغيب والترهيب (1083، 1084).

 [10] سنن النسائي: كتاب الصيام (2233)، وأخرجه أيضا أحمد (1/195، 196)، والدارمي في الصوم (1732)، وأبو يعلى (878)، والحاكم (5153)، وصححه ابن خزيمة (1892)، وحسنه المنذري في الترغيب (2/94)، وقال الهيثمي في المجمع (2/300): \"فيه بشار بن أبي سيف، ولم أر من وثقه ولا جرحه، وبقية رجاله ثقات\"، وضعفه الألباني في ضعيف الترغيب (657).

 [11] أخرجه الطبراني في الأوسط عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال ابن رجب في جامع العلوم والحكم (ص271): \"إسناده فيه نظر\"، وقال الهيثمي في المجمع (3/171): \"فيه الربيع بن بدر وهو ضعيف\"، وضعفه الألباني في السلسلة الضعيفة (1440).

 [12] أخرجه أحمد (5/159)، وأبو داود في الصلاة (1375)، والترمذي في الصوم (806)، والنسائي في قيام الليل (1605)، وابن ماجه في إقامة الصلاة (1327) من حديث أبي ذر رضي الله عنه، قال الترمذي: \"هذا حديث حسن صحيح\"، وصححه ابن الجارود (403)، وابن خزيمة (2206)، وابن حبان (2547)، والألباني في الإرواء (447).

 [13] مستدرك الحاكم (1825) عن أبي الدرداء رضي الله عنه، وأخرجه أيضا أحمد (5/195)، والترمذي في الدعوات (3377)، وابن ماجه في الأدب (3790)، وقال الهيثمي في المجمع (10/73): \"إسناده حسن\"، وحسنه الألباني كما في تعليقه على الكلم الطيب (1).

 

الخطبة الثانية

الحمد لله العزيز الوهاب، غَافِرِ الذَّنبِ وَقَابِلِ التَّوبِ شَدِيدِ العِقَابِ [غافر: 3]، أحمد ربّي وأشكره، وأتوب إليه وأستغفره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريكَ له الرّحيم التوّاب، وأشهد أنّ نبيّنا وسيّدنا محمّدًا عبده ورسوله الشاكر الأوّاب، اللهمّ صلِّ وسلِّم وبارك على عبدك ورسولك محمّد، وعلى آله والأصحاب.

أمّا بعد: فاتقوا الله تعالى وأطيعوه، وتزوّدوا بهذه التّقوى لداركم الأخرى.

عباد الله، يقول ربّكم جل وعلا: ( يا أَيٌّهَا الَّذِينَ ءامَنُوا كُتِبَ عَلَيكُمُ الصّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبلِكُم لَعَلَّكُم تَتَّقُونَ أَيَّامًا مَّعدُوداتٍ, ) [البقرة: 183، 184].

وإذا صام أحدُكم فليصُم سمعُه وبصره وجوارحه عن المحرّم، وفي الحديث: ((إذا كان يوم صوم أحدِكم فلا يرفث ولا يفسق، فإن سابَّه أحدٌ أو قاتله فليقل: إنّي صائم))[1].

وحافِظوا على السّحور، فعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله: ((تسحّروا فإنّ في السّحور بركة)) رواه البخاري ومسلم[2]º لأنّ فيه قوّةً للبدن على الطّاعة، ويُسَنّ تأخيره ما لم يطلع الفجر، ويُسَنّ تعجيل الفِطر لقوله: ((لا يزال النّاس بخير ما عجّلوا الفطر)) رواه البخاري ومسلم من حديث سهل بن سعد رضي الله عنه[3]º لأنّ ذلك يدلّ على ظهور السّنّة.

وفي الحديث: ((من فطّر صائمًا كان له مثلُ أجره من غير أن ينقص من أجره شيء))[4]. وعلى الصّائم أن يبيّت النيّةَ للصّوم من اللّيل.

عبادَ الله، إنّ الله أمركم بأمر بدأ فيه بنفسه، فقال- تبارك وتعالى -: ( إِنَّ اللَّهَ وَمَلَـائِكَـتَهُ يُصَلٌّونَ عَلَى النَّبِي يا أَيٌّهَا الَّذِينَ ءامَنُوا صَلٌّوا عَلَيهِ وَسَلّمُوا تَسلِيمًا ) [الأحزاب: 56]، وقد قال: ((من صلّى عليّ صلاة واحدةً صلّى الله عليه بها عشرًا)).

اللهمّ صلّ على محمّد وعلى آل محمّد كما صلّيت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنّك حميد مجيد...

 

-------------------------------

 [1] أخرجه البخاري في كتاب الصوم (1904)، ومسلم في كتاب الصيام (1151) عن أبي هريرة رضي الله عنه نحوه.

 [2] صحيح البخاري: كتاب الصوم (1923)، صحيح مسلم: كتاب الصيام (1095).

 [3] صحيح البخاري: كتاب الصوم (1957)، صحيح مسلم: كتاب الصيام (1098).

 [4] أخرجه أحمد (4/114ـ 115)، والترمذي في الصوم (804)، والنسائي في الكبرى (3330)، وابن ماجه في الصيام (1746) من حديث زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه، وقال الترمذي:\"هذا حديث حسن صحيح\"، وصححه ابن حبان (3429)، وهو في صحيح سنن الترمذي (647).

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply