طوبى لمن يعملون


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

ها هو ذا يؤذن بالفراق بعد الوداع بعد أن حل بيننا ضيفا عزيزاً مكرماً مهوباً مطمئناً في سماحة وأدب ودروس جاء يحمل البشرى للمؤمنين الطائعين بأن من صامه إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، فقد خصه الله الرقيب الحسيب، دون سائر أعمال الإنسان يعمل فيها ما يشاء من خير وشر وسر وعلانية ومن حلال وحرام، وكلها محكومة بالقاعدة الإلهية (فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره، ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره) وباب المغفرة في كل هذا مفتوح للرحمة والمغفرة، إن شاء - سبحانه - أعطى وإن شاء منع، إلا الصوم الذي اختص به الله دون سائر أعمال الإنسان بأنه هو لله وحده تكريماً وتشريفاً لهذا الشهر العظيم الذي أُنزل فيه القرآن الكريم هداية ومنهجاً للحياة من أجل الإنسان إن شاء كفر وإن شاء أسلم وجهه لله، فقال \" كل عمل ابن آدم له، إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به \" فمن صامه إيمانا واحتسابا ظفر فيه - وعداً من عند الله - بالرحمة الإلهية في ثلثه الأول، وبالمغفرة التي تجُب كل ذنب جناه في ثلثه الثاني، وبالعتق من النار في ثلثه الأخير الذي نحن فيه سائلين الله أن ينجي منها عباده الذين استجابوا مخلصين لأداء هذه الفريضة التي خص بها الله تعالي نفسه يجزي ويحكم بها على أوليائه الذين امتثلوا واستجابوا لنداء الله - تعالى -سمعاً وطاعة وخضوعاً.

 

كثيرون من الذين أنعم الله عليهم من نعمائه التي لا تحصى ولا تعد، قد يزين لهم الشيطان أن يمسكوا أيديهم عن أن تستجيب لنداء الله بالعطاء الجزل مما وهبهم به - سبحانه - من الخير المفاض ومن نعمة العافية في دنياهم .. ولكن هذا الشهر الكريم الذي ضرب فيه رسولنا الكريم المثل الأعلى في الجود والعطاء بأنه كان أجود من الريح المرسلة، ربما أزاحت عن عيون أولئك الأغنياء غشاوة كانت تحول بينهم وبين أن ينفقوا في هذا الشهر الكريم أسوة بما كان عليه رسولنا الكريم وأصحابه في هذا الشهر الكريم.

 

نقول هذا وإخوان لنا في فلسطين وفي العراق في شهر القرآن شهر التنزيل المجيد تحصدهم قوى الشر حصدا، وتنزل عليهم من بين أيديهم ومن خلفهم ومن فوق رؤوسهم كل قوى الدمار والتقتيل دون أن ترعي لهذا الشهر حرمة، ولا للإنسان قيمة حتى ضاقت عليهم سبل الحياة والعيش، وكل من حولهم يلفهم الصمت ويحيط بهم الصدود عن قضية الإنسان المسلم في فلسطين والعراق!! ..

 

ترى هل من قلوب لأهل المال تمتد باحثة عن الإنسان فيهما، لتنطلق بالعطاء تحيا به اسر، وتصان به أعراض، وتحفظ به إنسانية الإنسان في العراق وفلسطين!!؟ .. إنه شهر العطاء، شهر المزيد من الأجر والمثوبة، شهر الرحمة والمغفرة، والعتق من النار، فطوبى لمن يعلمون، ويعملون بما يعلمون.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply