من نفائس أقوال الإمام العز بن عبد السلام


بسم الله الرحمن الرحيم 

كيف تُعرف مصالح الدين والدنيا ومفاسدها؟

قال العز بن عبد السلام:

فيما تعرف به مصالح الدارين ومفاسدهما:

أما مصالح الدارين وأسبابها ومفاسدها: فلا تعرف إلا بالشرع، فإن خفي منها شيء طلب من أدلة الشرع وهي الكتاب والسنة والإجماع والقياس المعتبر والاستدلال الصحيح.

 

وأما مصالح الدنيا وأسبابها ومفاسدها: فمعروفة بالضرورات والتجارب والعادات والظنون المعتبرات، فإن خفي شيء من ذلك طلب من أدلته.

 

ومن أراد أن يعرف المتناسبات والمصالح والمفاسد راجحهما ومرجوحهما فليعرض ذلك على عقله بتقدير أن الشرع لم يرد به ثم يبني عليه الأحكام فلا يكاد حكمٌ منها يخرج عن ذلك إلا ما تعبَّد الله به عبادَه ولم يقفهم على مصلحته أو مفسدته، وبذلك تعرف حسن الأعمال وقبحها.

\" قواعد الأحكام في مصالح الأنام \" (1 / 11).

 

هل أباح الإمام العز بن عبد السلام الرقص؟

قال الإمام العز بن عبد السلام:

وأما الرقص والتصفيق فخفة ورعونة مشبهة لرعونة الإناث لا يفعلها إلا راعن أو متصنع كذاب وكيف يتأتى الرقص المتزن بأوزان الغناء ممن طاش لبه وذهب قلبه، وقد قال - عليه السلام -: \" خير القرون قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم \" (1)، ولم يكن أحد من هؤلاء الذين يقتدى بهم يفعل شيئا من ذلك، وإنما استحوذ الشيطان على قوم يظنون أن طربهم عند السماع إنما هو متعلق بالله - عز وجل - ولقد مانوا فيما قالوا وكذبوا فيما ادعوا من جهة أنهم عند سماع المطربات وجدوا لذتين اثنتين:

إحداهما: لذة المعارف والأحوال المتعلقة بذي الجلال.

والثانية: لذة الأصوات والنغمات والكلمات الموزونات الموجبات للذات النفس التي ليست من الدين ولا متعلقة بأمور الدين، فلما عظمت عندهم اللذتان غلطوا فظنوا أن مجموع اللذة إنما حصل بالمعارف والأحوال، وليس كذلك بل الأغلب عليهم حصول لذات النفوس التي ليست من الدين بشيء. وقد حرم بعض العلماء التصفيق لقوله - عليه السلام -: \" إنما التصفيق للنساء \" (2)، و \" لعن - عليه السلام - المتشبهات من النساء بالرجال، والمتشبهين من الرجال بالنساء \" (3)، ومن هاب الإله وأدرك شيئاً من تعظيمه لم يتصور منه رقص ولا تصفيق ولا يصدر التصفيق والرقص إلا من غبي جاهل، ولا يصدران من عاقل فاضل، ويدل على جهالة فاعلهما أن الشريعة لم ترد بهما في كتاب ولا سنة،، ولم يفعل ذلك أحد الأنبياء ولا معتبر من أتباع الأنبياء، وإنما يفعل ذلك الجهلة السفهاء الذين التبست عليهم الحقائق بالأهواء، وقد قال - تعالى -: {ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء} وقد مضى السلف وأفاضل الخلف ولم يلابسوا شيئا من ذلك، ومن فعل ذلك أو اعتقد أنه غرض من أغراض نفسه وليس بقربة إلى ربه، فإن كان ممن يقتدى به ويعتقد أنه ما فعل ذلك إلا لكونه قربة فبئس ما صنع لإيهامه أن هذا من الطاعات، وإنما هو من أقبح الرعونات.

\" قواعد الأحكام في مصالح الأنام \" (2 / 221، 222).

 

قال شيخ الإسلام ابن تيمية:

وكذلك رأيت في \" فتاوي الفقيه أبي محمد \" أي: العز بن عبد السلام - فتوى طويلة فيها أشياء حسنة قد سئل بها عن مسائل متعددة قال فيها: ولا يجوز شغل المساجد بالغناء والرقص ومخالطة المردان ويعزَّر فاعله تعزيراً بليغاً رادعاً.

\" مجموع الفتاوى \" (4 / 15).

وتعلم بعد هذا قيمة المنقول عن هذا الإمام وكذا تعليله!

 

قال الذهبي:

قال قطب الدين كان مع شدته فيه حسن محاضرة بالنوادر والأشعار يحضر السماع ويرقص.

\" العبر في خبر من غبر \" (5 / 260).

وفي (3 / 302) من \" شذرات الذهب \" قال:

وقال الذهبي: كان يحضر السماع ويرقص!!

وما نقل عن الإسنوي في كتب الشافعية - من تعليل الرقص عند العز بن عبد السلام لا قيمة له لأنه مبني على لا شيء!

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الحديث رواه بالمعنى، ولفظه \" خير الناس...\" و \" خير أمتي... \" و \" خيركم قرني... \"، ولو كان اللفظ \" خير القرون \" لكان الذي بعده \" ثم الذي يليه \" لا \" ثم الذين يلونه... \" فتنبه! وهذا اللفظ منتشر عند شيخ الإسلام وغيره من العلماء، وكذا عند الخطباء والمدرسين! فليتنبه!

والحديث رواه البخاري (2508) ومسلم (2535) من حديث عمران بن حصين - رضي الله عنه -.

(2) رواه البخاري (625) ومسلم (421) من حديث سهل بن سعد الساعدي - رضي الله عنه -.

(3) رواه البخاري (5546) من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما -.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply