وكالة اللجان الخيرية على الصدقات


بسم الله الرحمن الرحيم

 

السؤال:

فضيلة الشيخ هاني الجبير- حفظه الله - تعالى -:

هل اللجان الخيرية وكيلة عن صارفها (المزكي والمتصدق)؟ أم وكيلة عن مستحقها؟ ومحل الإشكال في الآتي:

1-متى تبرأ ذمة المزكي؟ هل بوقت دفعها لهم أم بوقت صرفها لمستحقها؟

2- وهل يجوز وضع جدول زمني لصرفها لمستحقيها خلال العام، لكل شهر عدد معين؟

3- وهل يجوز استثمار أموال الصدقات والزكوات؟

4- وهل يجوز قبض زكاة الفطر في وقت لا يسع صرفها فيه؟ كقبيل تكبيرة الإحرام في صلاة العيد؟

5- وهل يفرق في ذلك بين اللجان المرخصة من قبل (الحكومة)، وغير المرخصة؟ وهل هي وكيلة عنها في القبض، كجباة للزكاة للإمام؟ وهل يستحق العاملون فيها من مصرف (والعاملين عليها)؟ أفتونا بارك الله فيكم وفي علمكم ونفع بكم الإسلام والمسلمين.

 

الجواب:

الحمد لله وحده، وبعد:

فاللجان والمؤسسات الخيرية بمثابة الوكيل عن المتبرع والمزكي، ولا تكون وكيلة عن المستحقين ممن تبذل لهم التبرعات إلا إذا وكلوها، وهذا ظاهرº إذ إعطاء المتبرع المال لهم توكيل لهم في صرفه، وأما الفقراء والمستحقون فلم يوكلوها، ولذا تقوم بعض الهيئات بأخذ توكيل شفهي أو كتابي من المستحقين المسجلين لديها لتتمكن من قبض زكاة الفطر إلى انتهاء وقتها.

1- وأما سؤالك عن براءة ذمة المزكي فهي حاصلة بمجرد بذله لزكاته إلى وكيل ثقة عارف بما يجب عليه نحو الزكاة.

2- ووضع جدول زمني لصرف الزكاة على المستحقين خلال العام الأصل فيه عدم الجواز بل تبذل الزكاة ما دام المستحق موجودًا ويعطى الواحد ما يكفيه عامًا كاملاً، إلا إذا كان مستحق الزكاة لا يحسن التصرف في المال أو يبذله في الحرام، فلا حرج في تقسيط الزكاة عليه أو إعطاؤه إياها على شكل أعيان يحتاجها، أو كانت المؤسسة لا تتمكن من صرف المبالغ دفعة واحدة لكثرة المستحقين، فترتب حضورهم لديها، مع استشعار أن يكون التصرف لمصلحة، لا لأجل إظهار نشاط المؤسسة، فبكثرة من يحضر لها من المحتاجين والله المستعان.

3- استثمار أموال الزكاة لا يجوز، بل الواجب صرفها مباشرة في مستحقيها، فإن لم تجد المؤسسة أو الهيئة مستحقين للزكاة فإنه لا يجوز لها أن تستقبل الزكاة من المتبرعين. وأما أموال الصدقات والتبرعات العامة فلا حرج في استثمارهاº لما فيه مصلحة وزيادة نفع، وقد أخرج البيهقي في سننه (4/114)، عن قيس بن أبي حازم، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رأى في إبل الصدقة ناقة كوماء (أي ضخمة) فسأل عنها، فقال المصدِّق: إني ارتجعتها بإبل. فسكت، ومعنى ارتجاعها أن يشتريها بثمن حصل عليه من بيع مثلها، فهنا تصرف المصدِّق وهو عامل الصدقة بما فيه المصلحة والنفعº إذ الواحدة أسهل في النقل، ولم ينكر عليه النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهذا يدل على أصل جواز التصرف في المال بما فيه مصلحة. وليس الحال كذلك في الزكاةº لأنه لا يجوز تأخيرها إن دفعت للمؤسسات الخيرية، أما لو أعطاها الإنسان لولي الأمر فقد برئت ذمته ولو كان جائرًا، قال أبو صالح: سألت سعد بن أبي وقاص وابن عمر وجابرًا وأبا سعيد وأبا هريرة، - رضي الله عنهم -، فقلت: هذا السلطان يصنع ما ترون، أفأدفع إليه زكاتي؟ فقالوا كلهم- رضي الله عنهم -: نعم. وروي ذلك عن غيرهم. انظر المصنف لعبد الرزاق(4/48)، ولابن أبي شيبة(3/223).

4- ولا يجوز قبض زكاة الفطر في وقت لا يكفي قابضها من صرفها إلا إذا كان وكيلاً عن مستحقها.

5- ولافرق في جميع ذلك بين لجنة مرخصة من ولي الأمر أو لجنة لا تحمل ترخيصًا أو فرد يستقبل الزكاة إلا إذا وضع ولي الأمر عمالاً يجمعون الزكاة، فهؤلاء تدفع لهم الزكاة مطلقًا ولو غير عدولº لأن الإمام نائب عن المستحقين، والعامل الذي يستحق من مصرف العاملين على الزكاة هو الذي يعينه ولي الأمر لجمع الزكاة، وأما اللجان الخيرية فليست من هذا الصنف، ولا يجوز لها أن تبذل شيئًا من الزكاة لأفرادها إلا إذا كانوا مستحقين لها. والله - تعالى -أعلم.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply