ضابط جميل لابن القيم في التفريق بين النذر واليمين المشابه له


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

كان يشكل علي كثير التفريق بين اليمين المؤكدة بالنذر...والنذر المؤكدة باليمين... ولكل حكم خاص وكثيرا ما يشكل علي سؤال البعض عن يمين مقاربة للنذر أو نذر أكدها بيمين؟؟

حتى وقفت على كلام نفيس لابن القيم - رحمه الله - وقد سبقه شيخه ابن تيميه إلى مثله.... لكن أورد ضابط التفريق عند ابن القيم حيث قال:

ما كان التزاما لله فهذا نذر.

ما كان التزاما بالله فهذا يمين.

هذا معنى كلامه.. وهو تفريق نفيس جدا وضابط مفيد لكن هل للأخوة تعقيب عليه أو تفريع. إذ أنه ينظر إلى المنوى والناوي... أكثر من اللفظ.

ثم مسألة ثانيه في أبواب النذر القول بها أراه قويا سديدا غير أنه قول قلة من أهل العلم إلا وهي مسألة حكم النذر نفسه... فتعلمون أن قول عامة أهل العلم بالكراهة وذهب جمع من أهل الحديث إلى تحريمه وما ينسب إلى شيخ الإسلام بالقول بتحريمه لم أقف عليه بل قال صاحب الاختيارات إنه - رحمه الله - توقف فيه!

لكن هناك قول لجماعة من الفقهاء وهو التفريق فيحرم نذر المجازاة ويحل بل يستحب النذر المطلق...

وميزة هذا القول انه أقوى من جهة أن جميع النصوص الواردة في النذر تظل على ظاهرها فظاهر حديث البخاري ان رسول الله قال انه لا يأتي بخير وإنما يستخرج به من البخيل وعند مسلم نهانا عن النذر وقال إنما يستخرج من الشحيح يظل على ظاهره.. وظاهر الآيات في الثناء على الموفين بنذرهم وكذلك الأحاديث في الصحيحين كما في حديث من نذر أن يطيع الله فليطعه ومن نذر أن يعصه فلا يعصه يظل على ظاهره...

فما رأيكم بقوة هذا القول فأن العلة التي نهى عنها النذر موجودة في نذر المجازاة.. إلا أن ما يشكل على هذا القول ويقوى القول بالكراهة هو قول رسول الله أنه لا يأتي بخير وهذا ينطبق على مطلق النذر والنذر المطلق فإنه عقد ألزم الإنسان به نفسه وهو لا يدري ما يعرض له.... ففيه نوع من التعرض.....

 

الأقرب في التوفيق بين النصوص أن يقال النذر المطلق مكروه، والنذر المعلق أشد كراهة

والتعليل بأنه يستخرج به من البخيل ينطبق على نوعي النذر:

1) أما المعلق (نذر المجازاة) فواضحٌ، حيث إنه لا يريد أن يتقرب بالطاعة إلا إذا حصل له في مقابلها نفع دنيوي كشفاء أو نجاح أو غيره، وظهور علة النهي في هذا النوع أعظم، لذا قلنا كراهته أشد.

2) وأما المطلق فالناذر بخيل لأنه لا يتقرب بالطاعة من تلقاء نفسه، بل لا يتقرب إلا إذا كان التقرب مفروضا عليه ولا مهرب منه، فتكون عند الناذر رغبة في أن يتطوع بصلاة أو صدقة، ولكن نفسه تبخل بذلك ولا تطاوعه عليه ما دام الأمر تطوعا، فينذر تلك القربة حتى تتعين عليه فيكون مضطرا إلى فعلها.

وإنما لم نرجح تحريم النذر للنصوص الواردة في أن الصحابة نذروا مطلقا كنذر عمر ونذر الذي نذر أن ينحر إبلا ببوانة، ومعلقا كنذر التي نذرت إن رد الله النبي - صلى الله عليه وسلم - سالما أن تضرب بالدف، ولم يكن النبي - صلى الله عليه وسلم - يزجرهم على النذر، ولو كان حراما لما أقرهم عليه، بالإضافة إلى النصوص المثنية على الموفين بالنذور، فتبقى الكراهة يحمل عليها نهيه عن النذر، والله أعلم

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply