في ذكرى حطين قم يا صلاح الدين


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

بسم الله نبدأ, وعلى هدى رسوله نسير.

 جاء شهر الخيرات, فرح المسلمون و امتلأت البيوت بالبركات, و امتلأت الشوارع بأصوات الصلوات الطيبات, فتلك المساجد ملئت بالمصلين في صلاة الفجر, و تلك الشوارع تصدع بآيات الحق و قد ملئت نورا من أصوات الأئمة في صلاة التراويح, و هؤلاء الأطفال يملئون الطرقات بالأهازيج و الأناشيد فرحاً بقدوم شهر الله المعظم, شهر رمضان, وحال الناس مع رمضان بين عامل بعمل سلف الأمة الصالح و بين ساع لعمل الخير متوسط فيه يرجو عفو الله, و مفرط لاه لا يعدو رمضان عنده أكثر من شهر الفوازير و في رقعة قريبة, هي قلب الأمة, وشريانها الدامي, الذي ينزف كل يوم بدم شهيد جديد, أو طفل يودع والده إلى مثواه البعيد, إلى عالم لا يعلم عنه هذا الطفل أنه بإذن الله دار الخلود لوالده العظيم التليد, أو زوجة ثكلت زوجها الحبيب فهي تودعه مؤملة بلقاء قريب, في دار لن يخذلها فيها جار أو نسيب, و لن يهددها فيها خنزير مريب, وأم تودع درتها أو طفلتها التي فقدتها بطلقات الغدر الدامية, التي تخرج من صدر موغر ملئ بكل حقد لكل ما يمت للإسلام والمسلمين بصلة من بعيد أو قريب.

 

في أقصانا الحبيب درة الأمة, وحبات القلوب, يا ترى ما حال رمضان, كيف يقضي أحبابنا شهرهم, أفي فرح مثلنا بين أحبابنا وذوينا, أم في ترح بسبب ما تقابلهم به أمتهم من إهمال عجيب, وصمت قاتل لا يجيب, كيف حال إخوة لنا في ديننا يستقبلون قبلتنا و يصلون صلاتنا و يقرءون كتابنا و يتبعون رسولنا ويعبدون إلهنا - سبحانه و تعالى -.

كيف حال أمي بالقدس, و كيف حال أبي هناك, و كيف أخي و أختي و ولدها و ولدي.

كثيرا ما نسمع بصرخات أخواتنا هناك في رمضان و في غير رمضان...

فأبناء صهيون لا يحترمون حرمة شهر و لا مكان و لا زمان و كفاهم أنهم سبوا و شتموا رب الأكوان.

أين المعتصم يسمع صرخة من فم طاهرة يأمرها الخنزير بخلع ملابسها في سجنه..

 

رب وامعتصماه انطلقت            ملء أفواه الصبايا اليتم

صادفت أسماعنا لكنها           لم تصادف نخوة المعتصم

 

إيــــــه يا صلاح الدين ذكراك عاطرة تملأ القلوب العطشى لذكرى الانتصارات في زمن التخاذل, أريد أن أملأ الدنيا ضجيجا وصياحا لأنادي عليك, علك تخرج لتعيد لأمتك كرامتها السليبة, و لكن هيهات هيهات صياحي وندائي لن يعيدك, فهذه سنة الله في خلقه بأن من ذهب لن يعود , و لكن تعلقنا ليس بك و إنما بخالقك القادر أن يرزقنا مثلك, و إن كان مثلك ليس فينا الآن يقينا...

 

لذا أتراجع وأتراجع عن ندائي عليك صلاح الدين, و أتوجه بتضرعي وابتهالي لرب العالمين...

اللهم نشكو إليك ضعف قوتنا وقلة حيلتنا..

أنت رب المستضعفين و أنت ربنا, اللهم أبرم لهذه الأمة أمر رشد يعز فيه أهل الطاعة و يذل فيه أهل المعصية و يؤمر فيه بالمعروف و ينهى فيه عن المنكر, اللهم انصر عبادك المجاهدين في مشارق الأرض و مغاربها, اللهم طهر كل بقعة من الخريطة ترصعت بدماء المسلمين الزكية ممن أسال هذي الدماء...

 

إخواني...

في رمضان ترق القلوب, و تقرب من الله علام الغيوب, فلا تنسيكم غمرة النفحات, و حلاوة التجمعات, وموائد الخيرات نصرة إخوانكم بكل صغير وكبير, بكل غال ونفيس مقدور, ولا تنسوا فضل الدعاء فإنه سلاح ذو مضاء, ومن لم يجد بالدعاء فلن يجود يوماً بالدماء.

 

إخواني: ذكرى بدر وحطين وعين جالوت وغيرها من انتصارات الأمة وأيامها العظام, يذكرنا بهؤلاء الرجال, فهلا أصبحنا رجال, حقيقة ما حولنا يقول بأننا فقط ذكور, أما رجال, فللرجال فعال, أما نحن فأكثرنا أصحاب أقوال وأقوال.

 

إخواني: هبت رياح النصر والتغيير {إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم}.

فلنتحول إلى خلية من خلايا النحل العاملة, بالعلم, بالدعوة, بالجهاد بالمال والنفس لمن يستطيع, بلا كلل و لا ملل, و ما أعظم نشر التوحيد في زمن قل فيه العلم والعالم, و قام فيه الجاهل والظالم...

 

العلم فريضة, الدعوة فريضة, الجهاد بالمستطاع فريضة وأقله الدعاء, والنصرة ولو باللسان, و إفاقة الغفلان...

وما دون تلك الأمور فهو إثم وتقصير مرير مرير, فهيا بنا نكون لبنات أول, ليخرج صلاح الدين من بيتي وبيتك, قد يكون هو ابني وقد يكون هو ابنك, فياله من شرف عظيم قد تضيعه وتضيع معه الأمانة, إنها المسئولية... إنها المسئولية... إنها المسئولية.

 

يا أمتي أفيقي, وليكن رمضان موعداً لتجديد عهد أخذه الله علينا ونحن في ظهور آباءنا وميثاق مجيد.

ليكن رمضان بداية لتصنيع جيل جديد يعيد البسمة لأفواه أهلنا في الأقصى الحبيب وفي كل أرض سليب جيل خالد بن الوليد و صلاح الدين وقطز والعز بن عبد السلام وعمر المختار وأبطال الأمة الأخيار.

 

اللهم نصرك الذي وعدت, اللهم إنا نعترف لك بتقصيرنا فلا تؤاخذنا بضعفنا و ما فعل السفهاء منا, اللهم غير ما بنا من خور وذل, و أبدله قوة و عزة و نصر من عندك..

{كتب الله لأغلبن أنا و رسلي إن الله قوي عزيز }.

{ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين إنهم لهم المنصورون و إن جندنا لهم الغالبون}.

{ولله العزة و لرسوله و للمؤمنين و لكن المنافقين لا يعلمون}.

 

اللهم انصر عبادك المجاهدين في فلسطين والشيشان والأفغان وإندونيسيا والفلبين وكوبا وبورما وكل مكان يا رحيم يا رحمن...

وأسأل الله أن يأتي رمضان القادم ونحن أفضل ...

 

النصر يا أمتنا للمـــــــــــــــــلة الغراء

فامض على نهج الهدى وشرعة السماء

سيري بإيمانك يا نارنا الملتهبة

تنور الحالك أنوارك الـمرتقـــبة

همتنا عالية لا تقبل القليـــــــــل

وعزمنا متقد وخطبنا جلــــــــيل

فقم بقرآنك يا مؤمناً بالكــــــــــتب

واسم بفرقانك حتى أعالي السحب

إلهنا يعيننا وكل مستعيـــــــــــــــن

حتى يعود الحق مرفوعاً به الجبين

وتعتلي بذلك أصواتنا في الأفـــــــق

تصيح بالهالك يا نائماً فلتفـــــــــــــق

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply