أسئلة فقهية


 بسم الله الرحمن الرحيم

قراءة القرآن بالأجر:

س: حافظ القرآن يصلي بالناس أو يقرأ للميت بأجرة يستوفيها قبل القراءة، فهل يجوز ذلك؟

الجواب: الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسوله وآله وصحبه...وبعد:

تلاوة القرآن من أفضل العبادات، والأصل في العبادات أن تكون خالصة لوجه الله لا يقصد بها سواه من دنيا يصيبها أو وجاهة يحظى بها، إنما يرجو بها الله ويخشى عذابه، قال الله - تعالى -: فاعبد الله مخلصا له الدين (2) ألا لله الدين الخالص \"الزمر: 2، 3\"، وقال: وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء \"البينة: 5\"، وفي الحديث عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - يقول: \"إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه\".رواه البخاري ومسلم، فلا يجوز لقارئ القرآن أن يأخذ على قراءته أجرًا يستوفيه قبل القراءة أو بعدها، سواء أكانت هذه القراءة في الصلاة أم كانت على الميت، ولذا لم يرخص أحد من العلماء في الاستئجار على تلاوة القرآن، وليس من هذا أخذُ أئمة المساجد والمؤذنين أجرًا من بيت مال المسلمين، فإنه ليس على التلاوة ولا على نفس الصلاة، إنما يأخذه مقابل تفرغه عن شغله الخاص بواجب كفائي عن المسلمين ونظيره أخذ خليفة المسلمين من بيت المال لاشتغاله بواجب أعمال الخلافة الإسلامية عن عمله الخاص الذي يكسب منه لنفسه، وكان عمر - رضي الله عنه - يعطي المجاهدين ومن لهم قدم صدق في الإسلام من بيت المال كل على قدر سابقته، وما قدمه لجماعة المسلمين من نفع عميم، وآكد من هذا أن الله جعل للعاملين على الزكاة الجابين لها نصيبهم في الزكاة، ولو كانوا أغنياء لقيامهم بواجب إسلامي للجماعة غنيهم وفقيرهم واشتغالهم بهذا مدة عن الكسب لأنفسهم.

 

التوكيل في البيع:

س: أعطاني سلعة بمبلغ 150 قرشًا لأبيعها له، ولي على ذلك البيع نسبة من الربح قدرها لي ب 10%، فهل لي أن أبيع بأغلى من هذا الثمن وآخذ المكسب لي أم لا؟ وما الحكم لو كان قد اشترط عليّ عدم البيع بأغلى من 150 قرشًا؟

الجواب: يجوز بيع السلعة بأكثر من ثمنها إذا فازت، لكن الزيادة تكون ملكًا لصاحب السلعة، ولك من الربح كله النسبة التي شرطها لك، وأما إذا اشترط المالك عدم بيعها بسعر أغلى فتباع بالثمن الذي حدده المالك فقط.

 

حكم استعمال العطور الكحوليه والتجارة في المصاحف:

س: - حكم التجارة في العطورة الكحولية، واستعمالها إذا كانت نسبة الكحول كبيرة أو بسيطة، وكذا تجارة المصاحف.

الجواب: أولاً: إذا كانت نسبة الكحول بالعطور بلغت درجة الإسكار بشرب الكثير من تلك العطور، فالشرب من تلك العطور محرم، والاتجار فيها محرم، وكذا سائر أنواع الانتفاعº لأنها خمر، سواء كثر أم قل، وإن لم يبلغ المخلوط من العطور بالكحول درجة الإسكار بشرب الكثير منه جاز استعماله والاتجار فيهº لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: \"ما أسكر كثيره فقليله حرام\".

ثانيًا: الاتجار في المصاحف جائزº لما فيه من التعاون على الخير، وتيسير الطريق للحصول على المصاحف، وحفظ القرآن أو قراءته نظرًا، والبلاغ وإقامة الحجة.

 

بيع الدين بالدين

س: ما معنى بيع الكالئ بالكالئ؟ وهل يدخل فيه أن تبيع السلعة التي اشتريتها بأجل ثم تبيعها بأجل قبل أن تدفع ثمنها؟

الجواب: معنى بيع الكالئ بالكالئ هو: بيع النسيئة بالنسيئة، أي بيع الدين بالدين، وهو غير جائز، وله صور منها:

1- أن يبيع ما في الذمة حالاً من عروض وأثمان بثمن مؤجل لمن هو عليه أو غيره.

2- أن يجعل رأس مال السلم دينًا، كأن يسلم مائة درهم إلى سنة في آصع من طعام أو نحوه، فإذا انقضى الأجل قال الذي عليه الحق للدافع: ليس عندي ما أعطيك إياه، ولكن بعني هذا الطعام بمائتي درهم إلى شهر ونحوه.

أما مسألة بيع السلعة المقبوضة التي اشتريتها بأجل، ثم تبيعها بأجل قبل أن تدفع ثمنها فهو جائز ولا تدخل في مسألة بيع الكالئ بالكالئº لأنه بيع للسلعة التي قبضتها واستقرت في ملكك بالشراء.

 

حكم بيع الملابس التي يتبرج فيها النساء

س: الرجاء من سماحتكم إفتاءنا في حكم بيع البناطيل الضيقة النسائية بأنواعها، وما يسمى منها بالجنز، والاسترتش، إضافة إلى الأطقم التي تتكون من بناطيل وبلايز، إضافة إلى بيع الجزم النسائية ذات الكعب العالي، إضافة إلى بيع صبغات الشعر بأنواعها وألوانها المختلفة، خصوصًا ما يخص النساء، إضافة إلى بيع الملابس النسائية الشفافة، أو ما يسمى بالشيفون، إضافة إلى الفساتين النسائية ذات نصف كم، والقصير منها، والتنانير النسائية القصيرة.

الجواب: كل ما يستعمل على وجه محرم، أو يغلب على الظن ذلكº فإنه يحرم تصنيعه واستيراده، وبيعه وترويجه بين المسلمين، ومن ذلك ما وقع فيه كثير من نساء اليوم هداهن الله إلى الصواب: من لبس الملابس الشفافة، والضيقة والقصيرة، ويجمع ذلك كله: إظهار المفاتن والزينة، وتحديد أعضاء المرأة أمام الرجال الأجانب، قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى -: \"كل لباس يغلب على الظن أنه يستعان بلبسه على معصيةº فلا يجوز بيعه وخياطته لمن يستعين به على المعصية والظلم، ولهذا كره بيع الخبز واللحم لمن يعلم أنه يشرب عليه الخمر، وبيع الرياحين لمن يعلم أنه يستعين بها على الخمر والفاحشة، وكذلك كل مباح في الأصل علم أنه يستعان به على معصية\".

فالواجب على كل تاجر مسلم تقوى الله - عز وجل -، والنصح لإخوانه المسلمين، فلا يصنع ولا يبيع إلا ما فيه خير ونفع لهم، ويترك ما فيه شر وضرر عليهم، وفي الحلال غنية عن الحرام: ومن يتق الله يجعل له مخرجا (2) ويرزقه من حيث لا يحتسب \"الطلاق: 2، 3\"، وهذا النصح هو مقتضى الإيمان، قال الله - تعالى -: والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر \"التوبة: 71\"، وقال - عليه الصلاة والسلام -: \"الدين النصيحة\". قيل: لمن يا رسول الله؟ قال: \"لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم\". خرجه مسلم في صحيحه، وقال جرير بن عبد الله البجلي - رضي الله عنه -: بايعت رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - على إقام الصلاة وإيتاء الزكاة، والنصح لكل مسلم. متفق على صحته.

ومراد شيخ الإسلام - رحمه الله - بقوله فيما تقدم:... ولهذا كره بيع الخبز واللحم لمن يعلم أنه يشرب عليه الخمر. إلخ كراهة تحريم كما يعلم ذلك من فتاواه في مواضع أخرى.

وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

 

حكم الاتجار في الحيوانات

س: أود أن أتقدم لسماحتكم بسؤال عن حكم الشرع في الاتجار أو اقتناء الحيوانات التي تستخدم لإشباع الهواية أو لأغراض الزينة، ومنها على سبيل المثال لا الحصر:

1- طيور الزينة مثل: الببغاوات والطيور الملونة.

2- الزواحف مثل: الثعابين والسحالي.

3- المفترسات مثل: الذئاب والأسود والثعالب. إلخ.

حيث إنها تستخدم إما لأشكالها الجميلة أو لفرائها، مع العلم بأنها غالية الثمن، وتحفظ تحت الأسر، والتجارة فيها لها مردود عالي جدًّا؟

الجواب: أولاً: بيع طيور الزينة مثل الببغاوات والطيور الملونة والبلابل لأجل صوتها جائزº لأن النظر إليها وسماع أصواتها غرض مباح، ولم يأت نص من الشارع على تحريم بيعها أو اقتنائها، بل جاء ما يفيد جواز حبسها إذا قام بإطعامها وسقيها وعمل ما يلزمها، ومن ذلك ما رواه البخاري من حديث أنس قال: \"كان النبي - صلى الله عليه وسلم - أحسن الناس خلقًا، وكان لي أخ يقال له: أبو عمير- قال: أحبسه فطيمًا- وكان إذا جاء قال: \"يا أبا عُمير ما فعل النٌّغير؟ \" نغر كان يلعب به\" الحديث. والنغر نوع من الطيور، قال الحافظ ابن حجر في شرحه \"فتح الباري\" في أثناء تعداده لما يستنبط من الفوائد من هذا الحديث قال: وفيه.. جواز لعب الصغير بالطوير، وجواز ترك الأبوين ولدهما الصغير يلعب بما أبيح اللعب به، وجواز إنفاق المال فيما يتلهى به الصغير من المباحات، وجواز إمساك الطير في القفص ونحوه، وقص جناح الطير إذ لا يخلو حال طير أبي عمير من واحد منهما، وأيهما كان الواقع التحق به الآخر في الحكم، وكذلك حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: \"دخلت امرأة النار في هِرة حبستها، لا هي أطعمتها وسقتها ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض\". وإذا جاز هذا في الهرة جاز في العصافير ونحوها.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply