مظاهر وعادات... من أيام الحج البعيد


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: 

 

يتطلع كل المسلمين إلى بيت الله الحرام والمشاعر المقدسة في مكة المكرمة مع بدء موسم الحج الذي يجتمع فيه المسلمون في مكة المكرمة مرة واحدة كل عام..يأتون من أقاصي الدنيا لينعموا بأداء هذه الفريضة.

والحديث عن هذا الموسم العظيم وعن هذه الشعيرة العظيمة، حديث تتوق له النفس من خلال عظمة وأهمية أداء مناسك الحج.

ويقصد نحو ميلوني مسلم، هذا العام، الأراضي الحجازية لتأدية فريضة الحج التي أصبحت اليوم أكثر يسراً وسهولة من ذي قبل إذ كان الحاج يتعرض للكثير من المشقة والتعب في الماضي، بل كانت رحلاتهم إلى بيت الله الحرام تكتنفها الأخطار، ولم تكن من اليسر والسهولة في طرق مواصلاتها كما هو الحال الآن، فقد كانوا يواجهون الكثير من الشدائد، مما كان يفتك بهم في الطرق التي كانوا يسلكونها، سواء من حر الصيف أو برد الشتاء أو جفاف الماء في الصحاري التي يسلكونها، إلى جانب ما قد يداهمهم فيها من السيول أو اللصوص وقطّاع الطرق.

كل ذلك كان يحدث لحجاج بيت الله الحرام قديماً، ومع ذلك فالناس لم يكن يمنعهم عن الحج مانع، ولم نسمع أنهم انقطعوا عنه من أنفسهم سنة من السنين، وكيف يمتنعون والله -تعالى- يأمرهم بذلك فيقول -تعالى-: (وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالحَجِّ يَأتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ, يَأتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ, عَمِيقٍ, لِيَشهَدُوا مَنَافِعَ لَهُم وَيَذكُرُوا اسمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ, مَعلُومَاتٍ, عَلَى مَا رَزَقَهُم مِن بَهِيمَةِ الأَنعَامِ فَكُلُوا مِنهَا وَأَطعِمُوا البَائِسَ الفَقِيرَ ثُمَّ ليَقضُوا تَفَثَهُم وَليُوفُوا نُذُورَهُم وَليَطَّوَّفُوا بِالبَيتِ العَتِيقِ ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّم حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيرٌ لَهُ عِندَ رَبِّهِ)[سورة الحج: من 27- 30] ويقول -تعالى-: (إِنَّ أَوَّلَ بَيتٍ, وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكاً وَهُدىً لِلعَالَمِينَ فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبرَاهِيمَ وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِناً وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجٌّ البَيتِ مَنِ استَطَاعَ إِلَيهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيُّ عَنِ العَالَمِينَ)[سورة آل عمران: 96-97[.

وكان للحج في الماضي مظاهر مبهجة، اختفت هذه الأيام في مصر إذ كان الحجيج يخرجون إلى مكة المكرمة دفعة واحدة، وتشهد مناطق سكناهم حركة رائجة هذا يزين الأبواب وذاك يأتي ليسلم... نساء يزغردن، وفي كل بيت من بيوت الحجاج فرح أو عرس ونفس الشيء عند العودة، حتى إن الحجاج عند وداعهم يكون ذلك في حفل كبير من الناس الذين يصحبونهم إلى المكان الذي ينطلقون منه.

أما اليوم فالأمر يسير على عجل، وبالكاد يعلم بذلك المقربون من العائلة والجيران، ويأتون ليلة السفر إلى بيوت الحجاج ليودعوهم، ويوم العودة يقوم بعض الأهل بكتابة كلمات الترحاب على الجدران، عند معرفتهم بعودة ضيوف الرحمن إلى بيوتهم سالمين المعروفة "حجُّ مقبولٌ وسعيٌ مشكورٌ وذنبٌ مغفور.. والحمد لله على السلامة"، مع بعض الرسومات للكعبة المشرفة.

وربما لا تختلف مراسم استقبال الحجاج في أيامنا، عنها في الماضي، فاليوم تُزيّن واجهات المنازل، أو مداخل البنايات بأغصان الصنوبر والأضواء واللافتات التي تُكتب عليها مختلف العبارات المرحبة بحجاج بيت الله الحرام، والمتمنية حجاً مبروراً وسعياً مشكوراً، وغيرها، وتُقام الاحتفالات بالطبل والدفوف، بالأناشيد والمدائح النبوية.

وبعد نزول الحاج عن هدوجه يُسلم على أفراد عائلته الذين يمرغون وجوههم في ثيابه، وإذا كان مسنًّا، يقبلون يديه اللتين لمستا الكعبة المشرّفة والحجر الأسود ويقولون له بعد التهليل والتكبير "حجاً مبروراً، وسعياً مشكوراً وتجارة لن تبور" لأن موسم الحج كان فرصة للتجار، أيضاً، لأخذ أنواع من بضائعهم، وبيعها في المدينة المنورة ومكة، وجلب بعض البضائع للتجارة بها.

وتأتي الوفود المهنئة إلى البيوت، وتقدم لها الهدايا كسجاجيد الصلاة أو السبح أو المساويك والعطور والبخور أحيانًا، والقبعات التي توضع على الرأس، وهناك هدايا خاصة ذات قيمة عالية أحيانًا، وتكون للخاصة من الأهل كالبنات أو الأخوات والأم أو الجدة ومثلهم من الأقربين، ولا ينسى الحاج إحضار عبوة من مياه زمزم ليسقي منها المهنئين بسلامة العودة.

 

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply