مهرجان الزهور


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الخطبة الأولى

الحمد لله نحمدهُ ونستعينه ونستغفرهُ ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئاتِ أعمالنا، من يَهدهِ الله فلا مضلَّ له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله ألا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه إلى يوم الدين.

أما بعد: فاتقوا الله أيها المسلمون حقَّ تقاتِهِ، وسارعوا إلى مغفرته ومرضاته، واعلموا أن الدنيا دارُ مَمرٍّ, والآخرة دار مقرٍّ,، فتزوَّدوا من ممركُم لمقركُم وعرضكم على ربكم، ولا تهتكوا أستارَكم عند من لا تخفى عليه أسراركُم.

طوبَى لعبدٍ, آخِذٍ, بعنان فرسه في سبيل الله أشعثَ رأسُه مغبرةٍ, قدماهُ، إن كان في الحراسةِ كان في الحراسة، وإن كان في الساقةِ كان في الساقة، سلامٌ على من نظر في ماء نفسهِ فوجده صافياً رقراقاً.

أيها المسلمون: اشكروا الله - تعالى -أن جعلكم مؤمنين وشرَّفكم بالانتسابِ إلى أمةِ خيرِ المرسلين، واعلموا أن دوام النعم مَنُوطٌ بشكرها وأن الله - تعالى - لا يُغيِّر ما بقومٍ, حتى يُغيِّروا ما بأنفسهم، فاحذروا ارتحالَ نِعمَ الله - تعالى - عنكم فإن النعم إذا شُكِرت قرَّت وإذا كُفِرت فرَّت.

أيها المسلمون: إنَّ الحجابَ والحياءَ والحشمةَ والعفافَ في نساءِ المؤمنين من النعم التي يُطلبُ استِدامَتُها والمحافظةُ عليها، ذلكم أن لِكُل دين خُلقاً وخُلق الإسلامِ الحياء، والحياء جِلبابٌ تلبسه النساء وتتغطى به العفيفاتُ فهو مادةُ كل خلقٍ, فاضلٍ, وبدونه تنسلخ الأمةُ من أخلاقها وتَتَعرَّى من فضائلها.

ولهذا حَرِص الشيطانُ وأعوانُه على إغواءِ المرأة وتدرَّجُوا في إفسادها طمَعاً في كسر باب الفضيلة وإشاعة الرذيلة، قال - تعالى -: ((وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُوا مَيلاً عَظِيماً)) (النساء: 71).

قال مجاهد: ((وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ)) أي الزناة، ((أَن تَمِيلُوا مَيلاً عَظِيماً)) قال: يزني أهل الإسلامِ كما يَزنون.

فلهذا كان إِلزاماً على كلِّ مؤمنٍ, أن يعلمَ أن للشيطانِ وأوليائِه خُطَطاً ومُؤامرات في إشاعةِ الفاحشة في أهل الإسلام عبر مُخطَّطِهم في تحريرِ المرأةِ من الفضيلة وإيقاعها في شِراكِ الرذيلة.

ومَع الأسفِ فقد نَجحت خُطَطُهم في كثيرٍ, من البلادِ الإسلاميةِ حتى آلَت الحالُ فِيها إلى واقعٍ, شاعَ فيهِ الزَّنا وشُرِعت فيه بيوتُ البِغاءِ بأُذونٍ, رسميةٍ, وعُمِرَت خشَباتُ المسارحِ بالفن الهابطِ من الغناءِ والرقصِ والتمثيلِ، وتَقَاطَر أبناءُ وبناتُ أهل الإسلامِ على كلياتِ ومدارسِ الفنونِ الجميلة ليتعلَّموا الفسادَ والمُجون ليتَخرَّجُوا راقصين ومُغنِّين ومَسرحيِّين مِما عَمَّ وطَمَّ وبسببه نُزِعت البركة من ديار المسلمين مع كثرةِ خَيراتِها وتَسلٌّط الأعداءِ عليها احتلالاً واستِغلالاً لثرواتها وجعلَ الله أهلَها شيعاً وأحزاباً مُتنَاحِرةً وعُطِّلَ فيها الحكم بكتابِ الله - تعالى -وسنةِ رسولهِ - صلى الله عليه وسلم -...

أيها المسلمون: إن التساهُلَ في حِياطَة النساء ومَنعهنَّ من التبرجِ والسٌّفورِ وأسباب الفساد ضَررُه على الدنيا قبلَ الدينِ، فقد عُـلِم تاريخياً أن تَبذٌّل النساءِ واختِلاطَهنٌّ بالرجال من أعظم أسبابِ انهيارِ الدٌّوَل وسقوطِ الحضارات، كما كانت الحضارة اليونانية على جانبٍ, من القوةِ والهَيبة فلما تَبرَّجتِ النساءُ وخالطَتِ الرجالَ وبالغنَ في الزينةِ فسدت أخلاقُ الرجال وضَعُفت مَلكَتُهم الحربية فانهارت حضارتهم انهياراً مُريعاً.

وهكذا كل الأهواءِ والمذاهب المُخالفةُ للشَّرعِ.

قال شيخُ الإسلامِ - رحمه الله -: (إن دولة بني أميةَ كان انقِراضُها بسبب هذا الجَعد المعطّل وغيره من الأسباب أ. هـ) (13/182).

أيها المسلمون: إنَّ المُتتَبِّع لهذه القضية الرَّاصدَ لها يجدُ أن في بلادنا أُجَراءَ مُستَغرِبِين ولهم أتباعٌ أُجراء من سَذجةِ الفُسَّاق أتباعِ كل ناعقٍ, يُفوِّقُون سِهامَهُم لاستلابِ الفضيلة من نساءِ المؤمنين وإنزال الرذيلة بِهنَّ، ولأجلِ تَمكٌّنِهم من وسائلَ إعلاميةٍ, كثيرةٍ, أفسَحوا المجالَ لكل من هو على شاكِلَتِهم من دُعاةِ الرذيلة ورُبَّما استَغَلوا بعض المنتَسِبين للعلم ممَّن لم يَفطَن لمَكائِدِهم.

يجبُ على أهلِ الإسلامِ أن يَحذَرُوا من انكسارِ باب الاختِلاطِ بين الجنسين مِمَّا بدأت تظهرُ بَوادِرُه، نعم ظهرت بَوادِرُه مع الأسفِ في بعض المناسباتِ واللَّقاءات كحفلاتِ التَّخرٌّج من دوراتٍ, في بعض الجهاتِ، أو نَدَواتٍ, طبيةٍ, ونحوها بِحُجَّة نُدرةِ التخصٌّص، أو في معارضِ الكتب والمهرجاناتِ والمُنتَدياتِ، أو في توظيفِ بائعاتٍ, في الأسواقِ، أو غيرِ ذلكم مما لعله لا يَخفى على الكثيرِ.

إنَّ مما يزيدُ الأمرَ بلاءً أن يُؤَصَّل لهذا الاختلاطِ المحرَّم تأصيلاً شرعياً من لَدُن من قلَّ عِلمُهم بالشريعة.

إنَّ مَن يعلم شريعةَ اللهِ - تعالى -ويَتتبَّع نصوصَها يَجِدُ أنَّها سَدَّت منافِذَ الفسادِ والرذيلةِ بتحريمها لِتبرٌّج النساءِ واختلاطهنَّ بالرجالِ حتى في أماكنِ العبادةِ فَكَيفَ بأماكنِ الدٌّنيا والغَفلة؟.

روى مُسلمٌ في صَحيحِهِ عن أبي هريرةَ - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((خيرُ صُفوفِ الرجالِ أوَّلها وشرٌّها آخرُها وخيرُ صفوفِ النساءِ آخرُها وشرٌّها أوَّلها)).

قال النوويّ: وإنما فضَّل آخر صفوفِ النساء الحاضراتِ مع الرجال لِبُعدهنَّ عن مخالطةِ الرجال ورؤيتهم وتعلٌّقِ القلبِ بهم عند رُؤية حركاتهم وسماعِ كلامهم ونحو ذلك، وذمَّ أول صفوفِهنَّ لعكسِ ذلك أ. هـ، قلت: هذا معَ أن المكانَ والحالَ في عبادةٍ, فكَيفَ إذا كانت المُقاربةُ في مكانِ لهوٍ, وغَفلةٍ,؟.

هذا إذا صَلَّت المرأةُ في المسجدِ ولكن خيرٌ من ذلك أن تُصلِّي في بيتها بُعداً لها عن الرجالِ.

ففي المسندِ والطبراني ((عن أم حُمَيد السَّاعِديَّة أنها جاءت إلى رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت: يا رسولَ اللهِ إني أُحبٌّ الصلاةَ معك. قال: قد علمتُ وصلاتُكِ في بَيتكِ خيرٌ من صلاتِكِ في حُجرتكِ وصلاتُكِ في حُجرتكِ خَيرٌ من صلاتِك في دارك وصلاتك في دارِكِ خيرٌ من صلاتِكِ في مسجدِ قومك وصلاتِك في مسجدِ قومكِ خيرٌ من صلاتِك في مسجدِ الجماعة)). قال الحافظ: إسنادُ أحمد حسنٌ.

أما في حالِ خروجِهنَّ من المسجدِ بعد الصلاةِ فيخرُجنَ من بابٍ, غيرِ باب الرجالِ فعن ابن عُمَرٍ, قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((لو تَركنا هذا البابَ للنساءِ. قال نافع: فلم يدخُل منه ابن عمرٍ, حتى ماتَ، وعند أبي داودٍ, عن نافعٍ, أن عمرَ بن الخطابَ كان ينهى أن يُدخَل من بابِ النساءِ)).

فأين هذا مِمَّن يزعُم أنه ليس في الإسلام تَخصِيصُ يومٍ, للرجالِ ويومٍ, للنساءِ أو مدخلٍ, للرجالِ ومدخلٍ, للنساءِ!!

بَل حتى في المَطافِ الذي هو مكانُ خشوعٍ, وتعلٌّقٍ, بالله - تعالى -ولا يُتَصوَّرُ فيه السوءُ إلا لِمَن فَسَدت سريرتُه، كانَ السلفُ يفرِّقون في الطوافِ بين الرجالِ والنساءِ، فقد رَوى الفاكهي عن إبراهيم النَخَعِي قال: نهى عمر أن يطوفَ الرجالُ مع النساءِ قال فرأى رجلاً معهم فضَربه بالدِّرَّة.

وقال الفاكهيّ ويُذكَر عن ابن عُيينة أن أوَّل من فرَّق بين الرجالِ والنساءِ في الطوافِ خالدٌ بن عبد الله القَسريّ وكان أميرُ مكةَ في زمنِ عبد الملك بن مروان.

وفي البخاريّ: ((عن عطاءٍ, إذ مَنَع ابنُ هشامٍ, أميرُ مكةَ النساءَ من الطوافِ مع الرجالِ قال: كيف يمنَعُهنَّ وقد طاف نساءُ النبي - صلى الله عليه وسلم - مع الرجال قلت: أبعدَ الحجابِ أو قبل؟ قال: أي لَعَمري لقد أدركتُه بعدَ الحجابِ، قلت: كيفَ يخالِطنَ الرجال؟ قال: لم يكُنَّ يخالطنَ كانت عائشةُ تطوفُ حجرةً من الرجالِ (أي ناحية) لا تخالطهم، فقالت امرأةٌ: انطلقي نستَلم يا أمَّ المؤمنينَ قالت: انطلقي عنك وأبَت، وكُنَّ يَخرُجن متَنَكِّراتٍ, بالليل فيَطُفنَ مع الرجالِ ولكنَّهنّ إذا دَخلنَ البيتَ قُمنَ حتَّى يَدخُلن وأُخرِج الرجال)).

فهذِهِ النصوص وغيرها ترُدَّ مَن يَستدِلٌّ بواقعِ الطوافِ اليوم على إباحةِ الاختلاطِ بين الجنسين.

وهكذا في اللقاءَاتِ والمواعظِ والندواتِ فإنَّ هديَ النبي - صلى الله عليه وسلم - عَزَل النساءَ عن الرجالِ فرَوَى أحمدُ عن ابن عباسٍ, وسئل هل شهدت العيد مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ فقال: نعم ولَولا قُربي منه ما شَهِدتُه من الصغر فصلَّى ركعتين ثم خطَبَ ثم أتى العلم الذي عندَ دارِ كثيرِ بن الصَّلت فوَعظَ النساءَ وذكَّرهُنَّ وأمرهنَّ بالصدقة فأهوَينَ إلى آذانِهنَّ وحُلوقِهُنّ فتصدَّقن به، قال: فدفَعنَهُ إلى بلال.

قال الحافظ: وفي هذا الحديثِ من الفوائدِ استحبابَ وعظِ النساءِ وتعليمِهنَّ أحكامَ الإسلام وتذكيرهِنَّ بما يجب عليهِنّ ويُستَحَبٌّ حثٌّهُنَّ على الصدقة وتخصِيصَهٌّنّ بذلك في مجلسٍ, منفردٍ,.

أيها المسلمون: إن بيننا وبين دعاةِ السفورِ والاختلاطِ هذه النٌّصوصِ الشرعيَّةِ وغيرها كثيرٌ جداً، وأسعَدُنا بالحقِّ والنجاة من لا يَجِدُ في نفسِهِ حرَجاً من حُكمِ الله - تعالى -وحُكم رسولِهِ - صلى الله عليه وسلم -. فالواقعُ المخالفُ لحُكمِ الله - تعالى -لا يكونُ مسوِّغاً للاختلاطِ ومُسهِّلاً له.

فاتقوا الله أيها المسلمون واحذروا يوماً تَؤول فيه حالُ نسائِكم إلى ما يُرضِي أصحابَ الشهواتِ من الأُجَرَاءِ المُستَغرِبينَ الذين هَمٌّهُم التَّمتٌّع برؤيةِ نسائِكم ومحادثَتهِّن.

وليتقِ الله - تعالى -كل من يكتب أو يتكلمُ في هذه القضايا أن يكتبَ حرفاً أو ينطقَ بكلمةٍ, تدفع بعجلةِ تغريبِ المجتمعِ وانحلالهِ إلى الأمام. وليتقِ الله - تعالى -كلَّّ من عَلِمَ بأسبابِ التبرٌّجِ والاختلاطِ في أي مكانٍ, أن يقومَ بإنكارهِ والتبليغِ عنه درءاً للفتنةِ وإطفاءً لحريق الفسادِ وأملاً في إبطالِ مخطَّطاتِ الأعداءِ في الداخلِ والخارج.

قال - تعالى -: ((وَالمُؤمِنُونَ وَالمُؤمِنَاتُ بَعضُهُم أَولِيَاء بَعضٍ, يَأمُرُونَ بِالمَعرُوفِ وَيَنهَونَ عَنِ المُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ أُولَـئِكَ سَ- يرحمهم الله - إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)) (التوبة: 71). نفعني الله وإياكم.

 

الخطبة الثانية :

الحمد لله حمداً كثيراً مباركاً فيه كما يُحِبٌّ ربنا ويرضى وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه إلى يوم الدين.

أما بعد: فاتقوا الله أيها المسلمون حقَّ التقوى، واحذَروا المخالفاتِ فإن أجسامَكُم على النارِ لا تَقوى.

أيها المسلمون: كان رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يُحذِّر في خُطبتِه من البِدَع ويُبَيِّن أنها ضَلالاتٍ, وأنَّها في النارِ، لِهذا فإن المسلمَ يجبُ أن يُولِي الحذَر من البدع ما كان يُولِيهِ إيَّاها - صلى الله عليه وسلم - حيث كان يُحذِّر منها في خُطَبه ومُنَاسَبَاتِه التي تَجمعُه مع أصحابِه عِلماً منه - صلى الله عليه وسلم - أن البِدعَ إذا سَرَت في الأُمة ارتَحَلت منها السنَن التي نَزَلت نقِيَّةً صافيةً مُوائِمةً لحاجةِ الناس.

فعلى الجميعِ أن يكونَ ذا حساسيةٍ, وحذرٍ, من سريانِ البدعِ المُضلَّة في الأُمة، ومَدارُ الأمرِ يكونُ في الحرصِ على دِين الناسِ ودُنياهم فإن الدين يَنهى عن البدعِ، وزوال الدنيا من أسبابه البدعُ والمُحدَثات.

ألا وإنَّه من الواجِب التنبيهُ عليه ما يُقامُ هذه الأيام مِمَّا يسمَّى (مهرجانُ الزهورِ) وهو في حقيقتِه عيدٌ من أعيادِ الجاهليةِ يُقامُ كلَّ عامٍ, على مستوى العالَمِ ولكنَّه سرى إلينا في العام الماضي بسببِ تَساهُلِ أهلِ الإسلامِ من جهة ومن أُخرى من آثار ما يُسَمَّى الانفِتَاح على العالم، ومهرجانُ الزهورِ في البلادِ الأخرى يُسمَّى عيدُ الزهور وهو عيدُ الربيعِ حيثُ تكون فيه الورودُ والزهورُ والخضرةُ قد وصلت إلى قمَّتِها وجمالها وكمالها، وهو عيدٌ فرعونيّ يكون الاحتفالُ به في الحدائق العامةِ شكراً للإله على الربيع الدائمِ والخضرةِ الجميلة.

وسَرى هذا العيدُ إلى بلدان العالم شرقيِّها وغربيِّها في الصينِ واليابانِ والفلبين فضلاً عن مِصرَ والبلادِ العربية التي هي أقربُ إلى الجاهليةِ الفرعونيَّة.

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply