مصادر التلقي عند المسلمين ( 2-3 )


 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الخطبة الأولى

الحمد لله أنزل على عبده الكتاب و لم يجعل له عوجا، و أشهد أن لا إله إلاَّ الله وحده لا شريك له أنزل الكتاب مفصلاً {وَالَّذِينَ آتَينَاهُمُ الكِتَابَ يَعلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِّن رَّبِّكَ بِالحَقِّ فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ المُمتَرِينَ} سورة الأنعام: 114 و أشهد أن محمداً عبده و رسوله أكرمه ربه بالقرآن و تكفل له بجمعه و حفظه {إِنَّا نَحنُ نَزَّلنَا الذِّكرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} الحجر9 .

 

أيها المسلمون: كانت الخطبة الماضية عن مصادر التلقِّي عند المسلمين و جاء الحديث عن تعظيم الكتاب والسنة وضرورة الحكم و التحاكم إليهما و بيان شيء من الإنحراف عند الطوائف و النحل و أصحاب الأهواء في نظرتهم لهذين المصدرين الربانيين.

 

واليوم أُحدثكم عن آليات و وسائل و طرائق لتعظيم الكتاب و السنة حتى يتمكَّن كُلّ واحد منّا من تعظيمهما وإجلالهما في النفوس و حتى لا يكون حديثنا تنظيراً ينتهي بسماع الخطبة و التأثر الوقتي بما يقال.

 

إنَّنا بحاجة إلى مشاريع عملية و آليات و وسائل ممكنة تدلل على تعظيم كتاب ربنا و سنة نبينا r..و إلاَّ فكل مسلم لو سألته لقال إنه معظّم للكتاب والسنة..لكن اسأله عن براهين تعظيمه، وطرائقه و أعماله لهذا التعظيم، فذاك الدليل و البرهان.. وذاك الذي يتفاوت الناس فيه.

والآن تعالوا إلى شيء من هذه الوسائل لتعظيم الكتاب و السنة-لا تعدوا أن تكون حافزة بذاتها و مذكرة لغيرها من وسائل قد تغيب عني و توجد عندك، و قد تغيب عنَّا و توجد عند غيرنا.

 

أولا: وسائل و طرق لتعظيم القرآن الكريم:

1- الإكثار من تلاوة القرآن طلباً للأجر من جانب، فبكل حرف حسنة، و الحسنة بعشر أمثالها {و لا أقول (ألم) حرف و لكن ألف حرف، و لام حرف، و ميم حرف} إنها التجارة مع الله، و هي تجارة لن تبور بحكم أحكم الحاكمين.

ولئن يغدو أحدكم إلى المسجد فيعلم أو يقرأ آيتين من كتاب الله خير له من ناقتين، و ثلاث خير له من ثلاث، و أربع خير له من أربع و من إعدادهن من الإبل} أخرجه مسلم في صحيحه (803)

و إذا علمت قدر الإبل في ذاك الزمن الذي قيل فيه الحديث أدركت عِظم فضل تلاوة القرآن. فأين المسارعون للتلاوة؟

 

معشر المسلمين: اقرأوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعاً لأصحابه، اقرأوا الزهراوين البقرة و آل عمران فإنهما يأتيان يوم القيامة كأنهما غمامتان أو غيايتان أو كأنهما فرقان من طير صواف تحاجان عن صاحبهما (أخرجه مسلم في صحيحه (804).

اقرأوا القرآن و علّموه لأبنائكم و بناتكم فخيركم من تعلّم القرآن و علّمه.

 

2- و مع القراءة تدبر و خشوع فذلك إعظام و تعظيم للمنزِل و المنزَل {إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا العِلمَ مِن قَبلِهِ إِذَا يُتلَى عَلَيهِم يَخِرٌّونَ لِلأَذقَانِ سُجَّدًا. وَيَقُولُونَ سُبحَانَ رَبِّنَا إِن كَانَ وَعدُ رَبِّنَا لَمَفعُولاً. وَيَخِرٌّونَ لِلأَذقَانِ يَبكُونَ وَيَزِيدُهُم خُشُوعًا} سورة الإسراء: 107-109

 

إنه الأمر من الله {أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ القُرآنَ} سورة النساء: 82، و فضلُ الله يؤتيه من يشاء في التأثّر و الهداية بالقرآن {اللَّهُ نَزَّلَ أَحسَنَ الحَدِيثِ كِتَابًا مٌّتَشَابِهًا مَّثَانِيَ تَقشَعِرٌّ مِنهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخشَونَ رَبَّهُم ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُم وَقُلُوبُهُم إِلَى ذِكرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهدِي بِهِ مَن يَشَاء} سورة الزمر: 23 {كِتَابٌ أَنزَلنَاهُ إِلَيكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُوا الأَلبَابِ} سورة ص: 29

وهل علمت أن من عباد الله من قام الليل بآية يُرددها و يبكي. و هل تعلم أخي المسلم- أن أحسن الناس قراءة (للقرآن) الذي إذا قرأ رأيت أنه يخشى الله (صحيح الجامع 1/ 115) و حين سمع النبي –صلى الله عليه وسلم- تلاوة سالم مولى أبي حذيفة الجاشعي قال له: الحمد لله الذي جعل في أمّتي مثلك (سير أعلام النبلاء 1/ 168)

 

3- إنَّ ممَّا يُعينك على التدبٌّر قراءةَ تفسير الآيات و التعرّف على معاني القرآن، و ذلك أسلوب و طريقة لتعظيم القرآن، و كلما قربت من فهم القرآن كلما كان الأثر أعظم، و التعظيم أكبر، وكُتب التفسير والحمد لله تملأ المكتبات و البيوت.

 

4- الوقوف عند حدود القرآن، و الإلتزام بهدي القرآن و توجيهه في كل الأحوال من الغضب و الرضا و العسر و اليسر، وافق أم خالف الهوى. و كذلك كان السلف يُعظّمون القرآن و يقفون عند حدوده، و حين همّ الفاروق - رضي الله عنه - أن يُوقع بعيينة بن حصن لاتهامه عمر بعدم العدل في الرَعيّة، ذكّره قريبه بقوله - تعالى -{خُذِ العَفوَ وَأمُر بِالعُرفِ وَأَعرِض عَنِ الجَاهِلِينَ} سورة الأعراف: 199 فكفّ عمر و ما جاوز الآية، و كان وقافاً عند كتاب الله (رواه البخاري، تفسير ابن كثير للأية 199 الأعراف)

ذلك طريقة من طرائق تعظيم القرآن.

 

5- الحكم و التحاكم للقرآن فهو فصل في الخصومات، و قاطع في الخلافات {فَاحكُم بَينَهُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِع أَهوَاءهُم عَمَّا جَاءكَ مِنَ الحَقِّ} سورة المائدة: 48{وَمَن لَّم يَحكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الكَافِرُونَ} سورة المائدة: 44 {وَمَن لَّم يَحكُم بِمَا أنزَلَ اللّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ}سورة المائدة: 45 {وَمَن لَّم يَحكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الفَاسِقُونَ}سورة المائدة: 47

 

6- ومن تعظيم القرآن الإجتهاد في الوصول إلى صفات القرآن، فإذا قرأت عن المتقين فقل لنفسك متى أكون من المتقين، و إذا قرأت عن المحسنين فقل لها متى و كيف أكون من المحسنين، و هكذا المتوكّلين، و الصادقين، و الصابرين و نحوها من صفات و خلال كريمة جاء القرآن مبيّنا لها و داعيا إليها.. فالقرآن هدى و شفاء و موعظة و ذكرى..

والعكس بالعكس فإذا قرأت عن صفات المنافقين أو المفسدين او الفجَّار والمتكبّرين و الكاذبين فانظر كيف تحذر هذه و تلك و كيف تعالج نفسك من هذه الأدواء المهلكة التي حذّر القرآن منها.. ذلك ذكرى للذاكرين

 

 7- أيها المسلمون: و من سبل تعظيم القرآن الإنتصار للقرآن وردّ شُبُهات المعرضين، و هل تعلمون أن حملات التشويه للقرآن لم تتوقّف منذ عارضه كفّار قريش إلى يومنا هذا، و لئن تكفَّل الله بحفظ كتابه فإن على المسلمين واجب البلاغ و كشف الشبهات.. و إذا كنّا نعلم جميعا الحملات الصليبية التي قادها الغرب النصراني طيلة قرنين من الزمان فيما عرف (بالحروب الصليبية) فالقِلَّة من المسلمين من يعلم أن ثمة حملات صليبية استهدفت القرآن بالتشويه و التشكيك، و قد جاءت هذه الحملة التنصيرية ضد القرآن تعويضاً عن الفشل الذي لحق بالصليبيين في محاولاتهم للقضاء على الإسلام و إنهاء المسلمين. أجل لقد شعل العالم الغربي النصراني منذ الحروب الصليبية) بالقرآن الكريم ترجمة و تفسيراً و دراسات قرآنية.. و كان السؤال المهم لماذا عُني الغرب النصراني بالقرآن و ترجمته و دراسته؟ هل المنطلق علميّ؟ و هل الهدف سام، و إذا كانت ترجمات القرآن في احضان الكنيسة بلغت (مايريو عن الستمائة و الخمسين ترجمة للقرآن الكريم، و في إحدى و عشرين لغة أوروبية) كما يقول الباحثون في هذا الميدان (د. عبد الراضي محمد عبد المحسن: ماذا يريد الغرب من القرآن /ص 17، من مطبوعات لبيان 1427هـ)

 

فما الهدف من ذلك؟ يجيب أحد الغربيين (يوهان فوك) بكل صراحة و يقول: لقد كانت فكرة التبشير هي الدافع الحقيقي خلف انشغال الكنيسة بترجمة القرآن و اللغة العربيّة، و كلما تلاشى الأمل في تحقيق نصر نهائي بقوة السلاح بدا واضحا أن اجتلال البقاع المقدسة لم يؤدّ إلى ثني المسلمين عن دينهم بقدر ما أدى إلى عكس ذلك، و هو تأثر المقاتلين الصليبيين بحضارة المسلمين و تقاليدهم و معيشتهم في حلبات الفكر.. ثم يتحدّث هذا الألماني الغربي عن أول تجربة غربية لترجمة القرآن قام بها (بطرس المبجل) عام 1143م، و كان رئيسا لأحد الأديرة، و في زيارته لأسبانيا و اطلاعه على الحرب الدائرة بين المسلمين و الأسبان، و محاولات المسلمين استرداد بيت المقدس.. كل ذلك أوصل هذا البطرس النصراني المتعصّب إلى قناعة بأن لا سبيل إلى مكافحة (هرطقة محمد) على حدّ تعبيره- بعنف السلاح الأعمى، و إنما بقوة الكلمة و دحضها بروح المنطق الحكيم للمحية المسيحية، ثم قال: لكن تحقيق هذا المطلب كان يشترط المعرفة المتعمّقة برأي الخصم أوّلا، و هكذا وضع خطة للعمل على ترجمة القرآن إلى اللاتينة.

 

 و هكذا نشات ظروف الإلتفات الغربيّ للقرآن في بيئة الكنيسة، و الهدف محاربة الإسلام و تشويه القرآن.. و يأبى الله إلّا أن يتمّ نوره.. فرغم حركة المستشرقين و نشاطهم العلمي، و رغم جهود المنصّرين و نشاطهم و دعمهم للدعوة إلاَّ أنَّ محاولاتهم باءت بالفشل، و بات الإنبعاث الإسلامي في كلّ مكان و في كلّ زمان يُدلل على خيبة أمل الصليبيين.. بل ربما انقلب السحر على الساحر، فآمن من هؤلاء من كان قصده في البداية الدعوة للنصرانية، كما آمن من قبل سحرة فرعون و قالوا لفرعون بكل صراحة {آمَنَّا بِرِبِّ العَالَمِينَ} سورة الأعراف: 121 و قالوا {اقضِ مَا أَنتَ قَاضٍ, إِنَّمَا تَقضِي هَذِهِ الحَيَاةَ الدٌّنيَا} سورة طـه: 72

 

 أجل لقد قالها (جورج سال) بكل صراحة كذلك: إنَّ الهدف من ترجمة القرآن هو تسليح النصارى البروتستانت في حربهم التنصيرية ضد الإسلام و المسلمين.. (ماذا يريد الغرب/ 39)

 

 و لذا جاءت ترجمات الغرب للقرآن مشوهة و عدائية يتضح ذلك من عناوينها فضلاً عن مضامينها.. لكنها عباءات مخرقة تحاول حجب نور الشمس، أو كناطح صخر ليوهنها، فلم يضرها و أوهى قرنه الوعل، و الله لا يهدي كيد الخائنين ولا يصلح عمل المفسدين..

 

الخطبة الثانية

 إخوة الإسلام، و إذا اجتهد الغرب منذ أمد الحروب الصليبية إلى يومنا هذا في محاولة تشويه القرآن، فإن من تعظيم القرآن و واجب المسلمين أن يقوموا بترجمات لمعاني القرآن بعدد من اللغات توصل هذا القرآن و هديه إلى غير الناطقين بالعربية، و تكون هذه الترجمة الأمينة بديلاً عن تلك الترجمات المشوهة للقرآن، وبحمد الله فالمسلمون اليوم قادرون على ذلك و قد آن الأوان لسحب البساط العلميّ المفتعل و المتحامل ضد المسلمين وكتابهم المقدّس، كما أن الأوان لكشف أهداف التنصير على شكل مؤتمرات عالمية و ملتقيات فكرية، و حِوارات تكشف الزبد، و تجلّي معركة التحامل و أساليب التلبيس على الناس، و طرائق الغزو الفكري الذي فكّر فيه الغرب منذ أيام لويس التاسع ملك فرنسا، الذي هزم في حملته الصليبية و أسر و سجن في المنصورة بمصر، و حينها كتب هذا القديس وصية قال فيها: من الصعوبة قهر المسلمين عن طريق القوة بسبب روح الجهاد لديهم، و نوصي يتلمّس طريق الغزو الفكري الهادف و ذلك بدحض العقائد الإسلامية و تزييفها (ماذا يريد الغرب من القرآن/ 134)

 واليوم يمارس أحفاد لويس هذا الدور الماكر، إضافة إلى استخدام سلاح القوّة الظالم، {وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللّهُ وَاللّهُ خَيرُ المَاكِرِينَ} سورة آل عمران: 54

 

 8- أيها المسلمون و من وسائل تعظيم القرآن طباعة المصحف و توزيعه و الهمّة في ذلك ليصل إلى كل صقع ليبلغ كلّ أحد، ففي القرآن نور و هداية يأبى الله إلّا أن تبقي من الإثر النافع ما تبقي، و هذا بكل تأكيد يزعج الخصم، ولكنه يزرع الأمن و السلام، و المحبّة و الإسلام و ينشر النور و يقلص من الظلم و الظلمات، فما درونا في طباعة القرآن و توزيعه؟

 و إذا كان لبلادنا دور في هذا المجال يذكر و يشكر، فالحاجة ماسة إلى تكثيف الجهود و زيادة النشاط، و ابتكار الوسائل و الأليات لتعميم الانتفاع به طباعة و ترجمة و تفسيرا.

 

9- يا أخا الإسلام تُعظِّم القرآن حين تضع حلقة لتلاوة أو حفظ القرآن في بيتك، أو تشجع أبناءك و بناتك على حِلَق التحفيظ في المساجد، و الدُور النسائية، أو تدعم هذه الحِلق مادياً و معنويّاً، أو تكفّل حلقة محتاجة للدعم هنا أو هناك و للبنين أو البنات، و بفضل الله يفرح المؤمنون فرغم محاولات التشويه و التجريح للحِلَق و طلاب الحق إلاَّ أنها تزداد و تنتشر في أرجاء بلادنا بل و في العالم كلّه و تتكاثر المسابقات لحفظ و تجويد القرآن.. و يأبى الله إلاَّ أن يتمّ نوره لكن اجعل لك أيها المسلم و أيّتها المسلمة نصيبا من هذا النور.

 

 10- يُعظِّم القرآن من يُلقي محاضرة أو خطبة عن القرآن، أو يُؤلّف كتاباً نافعاً عن القرآن، أو يُسجِّل مادة من القرآن، و من لم يستطع ذلك فبإمكانه أن يشتري كتباً تُعنى بالقرآن أو أشرطة في القرآن أو التفسير فينتفع بها أو يهديها لمن ينتفع بها- و فضل الله واسع.

 

 11- ويُعظم القرآن من يدعوا إلى هدي القرآن، و يكشف أنواره و يصف شفاءه للناس، و كم هو مفيد أن تعتني مكاتب الدعوة و أقسام القرآن و التفسير في الجامعات بمحاضرات و كلمات عن القرآن يصطفي منها مادة تسجل و تصل إلى أكبر عدد ممكن من الناس، و للقنوات الفضائية، و إذاعة القرآن، و التسجيلات الإسلاميّة جهد مشكور و نتطلع للمزيد.

 

 12- عباد الله و من تعظيم القرآن طول القيام به، لا سيَّما في صلاة الليل حيث يطيب الترنّم بالقرآن، و الله يقول {وَمِنَ اللَّيلِ فَتَهَجَّد بِهِ نَافِلَةً لَّكَ عَسَى أَن يَبعَثَكَ رَبٌّكَ مَقَامًا مَّحمُودًا} سورة الإسراء: 79 {يَا أَيٌّهَا المُزَّمِّلُ. قُمِ اللَّيلَ إِلَّا قَلِيلًا. نِصفَهُ أَوِ انقُص مِنهُ قَلِيلًا. أَو زِد عَلَيهِ وَرَتِّلِ القُرآنَ تَرتِيلًا} سورة المزمل: 1-4

 

 و هكذا إخوة الإيمان تتكاثر و تتنوّع الطرق والوسائل لتعظيم القرآن، و لا يعذر أحد، فمن أعيته طريقة وجد أخرى، و من قصرت همّته عن وسيلة تحوّل إلى غيرها و الزرع محفوظ، و الملك لا يغادر صغيرة و لا كبيرة إلّا أحصاها، كيف لا و الحقّ - تبارك وتعالى -يقول: {وَمَا تَكُونُ فِي شَأنٍ, وَمَا تَتلُو مِنهُ مِن قُرآنٍ, وَلاَ تَعمَلُونَ مِن عَمَلٍ, إِلاَّ كُنَّا عَلَيكُم شُهُودًا إِذ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعزُبُ عَن رَّبِّكَ مِن مِّثقَالِ ذَرَّةٍ, فِي الأَرضِ وَلاَ فِي السَّمَاء وَلاَ أَصغَرَ مِن ذَلِكَ وَلا أَكبَرَ إِلاَّ فِي كِتَابٍ, مٌّبِينٍ,} سورة يونس: 61 إنَّها دعوة لتعظيم القرآن، و مُنافسة شريفة على مائدته {وَفِي ذَلِكَ فَليَتَنَافَسِ المُتَنَافِسُونَ} سورة المطففين: 26.

 اللهمّ اجعلنا من أهل القرآن، و ممَّن يُعظّمون القرآن، اللهمّ اهدنا و اشفنا بالقرآن، اللهمّ اجعلنا ممن هدي فاهتدى، و استمع أو قرأ فنفعته الذكرى، اللهم صلّ على محمد.

:

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply