عباد الرحمن ( 2 )


 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله يهدي من يشاء برحمته، ويضل من يشاء بحكمته، خلق الخلق في هذه الدنيا ليبتلهم أيهم أحسن عملا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أنذر أمته من بلاء ينزل آخر الزمان لا عاصم لهم منه إلا التقوى والعمل الصالح قال: ((بادروا بالأعمال فتنا كقطع الليل المظلم، يصبح الرجل مؤمنا، ويمسي كافرا، أو يمسي مؤمنا ويصبح كافرا، يبيع دينه تعرض من الدنيا)) وقال - عليه الصلاة والسلام -: ((بادروا بالأعمال ستا: طلوع الشمس من مغربها، والدجال، والدخان، ودابة الأرض، وخويصة أحدكم، وأمر العامة)) اللهم صلي وسلم وبارك عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليما كثيرا.

عباد الله أوصيكم ونفسي بتقوى الله وأن نقدم لأنفسنا أعمالاً صالحه مباركه تبيض وجوهنا يوم نلقاه عزوجل

يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم

يوم تبيض وجوه وتسود وجوه

يوم تجد كل نفس ما عملت من خيرٍ, محضراً وما عملت من سوء تود لو أن بينها وبينه أمدا بعيدا

 

عباد الله لا زلنا وإياكم مع عباد الرحمن فقد رأينا صفاتهم في الليل والنهار ففي النهار يعاملون الخلق باللين وحسن الخلق يمشون هونا وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما

وليلهم لربهم يبيتون له سُجدا وقياما

ثم يذكر الله صفة لعباده في كل الأوقات وفي جوف الليل أرجى:

وهي سعيهم الدائب للنجاة من النار والدعاء إلى الله - تعالى -أن يعيذهم منها (وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصرِف عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا(65)إِنَّهَا سَاءَت مُستَقَرًّا وَمُقَامًا)º والعذاب الغرام هو الألم الموجع الملح الملازم، والهلاك والخسران الدائم، يوضح ذلك وصفه لجهنم بأنها (ساءت مستقرا ومقاما)، وكونُها مستقرا خاصُّ بالعصاة من أهل الإيمان، وكونها مقاما خاصُّ بأهل الكفر لأنهم يخلدون فيها.

إن الإِشارة إلى توجه عباد الرحمن بالدعاء إلى الله - تعالى -أن يصرف عنهم عذاب جهنم، مع اجتهادهم في العبادة وصدقهم في النية والقصد، دليل على أنهم في قمة الإخلاص خوفا من الله - تعالى -ورجاء فيه، وهذا كقوله - سبحانه -: (وَالَّذِينَ يُؤتُونَ مَا آتَوا وَقُلُوبُهُم وَجِلَةٌ أَنَّهُم إِلَى رَبِّهِم رَاجِعُونَ) المؤمنون60، وقد روى الحاكم عن ابن عباس قال: لما أنزل الله على نبيه - صلى الله عليه وسلم - (يَا أَيٌّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُم وَأَهلِيكُم نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالحِجَارَةُ) التحريم 6، تلاها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذات يوم على أصحابه، فخر فتى مغشيا عليه، فوضع النبي - صلى الله عليه وسلم - يده على فؤاده فإذا هو يتحرك، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: \" يا فتى قل لا إله إلا الله \" فقالها، فبشره بالجنة، فقال أصحابه: يا رسول الله أمن بيننا؟ قال: \" ما سمعتم قوله تعالى(ذَلِكَ لِمَن خَافَ مَقَامِي وَخَافَ وَعِيدِ)؟ إبراهيم14.

وقد روى الترمذي عن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: \" من خاف أدلج، ومن أدلج بلغ المنزل، ألا إن سلعة الله غالية، ألا إن سلعة الله الجنة\".

إن منزلة الخوف والرجاء هي مقام عباد الرحمن في الدنيا، ومن كان هذا حاله توج عمله بالحياء من الله - تعالى -والمحبة له ولأوليائه، وطهر لسانه من الكذب والغيبة وفضول القول، وبطنه من حرام المشرب والمطعم، وجوارحه من الآثام والفواحش، وقلبه من العداوة والخيانة والغش والحسد والرياءº فعن أنس بن مالك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - دخل على شاب وهو في الموت فقال: \" كيف تجدك؟ \" قال: أرجو الله يا رسول الله، وإني أخاف ذنوبي، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (لا يجتمعان في قلب عبد في مثل هذا الموطن إلا أعطاه الله ما يرجو وأمنه مما يخاف) - الترمذي وابن ماجه وابن أبي الدنيا-، أما الدعاء وحده مع الإصرار على المعصية فذلك محض الجهل والغفلة والغرور والتعلق بالأماني، يقول - تعالى -:

(لَيسَ بِأَمَانِيِّكُم وَلَا أَمَانِيِّ أَهلِ الكِتَابِ مَن يَعمَل سُوءًا يُجزَ بِهِ وَلَا يَجِد لَهُ مِن دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا) النساء123.

إن لكل حق حقيقة يتجلى بها في أوضح صورة.

وإن حقيقة عباد الرحمن أن تتوافر فيهم العقيدة السليمة والطاعات المفروضات عملا وتركا، والمعاملة اللينة الهينة الرحيمة مع الخلق، وذلك هو النور الرباني الذي يغشى قلوبهم، ويأخذ بنواصيهم إلى جادة الخير والرحمة، ولله در حارثة - رضي الله عنه - إذ قال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (كيف أصبحت يا حارثة؟ \" قال: أصبحت مؤمنا حقا، فقال - عليه الصلاة والسلام -: \" انظر ما تقول، فإن لكل حق حقيقة، فما حقيقة إيمانك؟ \"، فقال: عزفت نفسي عن الدنيا، وأسهرت ليلي وأظمأت نهاري، وكأني أنظر إلى عرش ربي بارزا، وكأني أنظر إلى أهل الجنة يتزاورون فيها وإلى أهل النار يتعاورون فيها، فقال - عليه الصلاة والسلام -: \" عرفت فالزم \"، ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: \" من سره أن ينظر إلى رجل نور الله الإيمان في قلبه فلينظر إلى هذا \"، ثم قال: يا رسول الله ادع لي بالشهادة، فدعا له فنودي بعد ذلك: يا خيل الله اركبي، فكان أول فارس ركب فاستشهد في سبيل الله-أخرجه الترمذي والطبراني والبزار والسيوطي في الدر المنثور-.

 

عباد الله

ثم يختم الله صفات عباد ه بأربع أخريات هي:

أولها الاعتدال في النفقة بقوله - تعالى -: (وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَم يُسرِفُوا وَلَم يَقتُرُوا وَكَانَ بَينَ ذَلِكَ قَوَاما) 67 الفرقان، وهو نظير قوله تعالى(وَآتِ ذَا القُربَى حَقَّهُ وَالمِسكِينَ وَابنَ السَّبِيلِ وَلا تُبَذِّر تَبذِيرا) الإسراء 26، وقوله - عز وجل -: (وَلا تَجعَل يَدَكَ مَغلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلا تَبسُطهَا كُلَّ البَسطِ فَتَقعُدَ مَلُوماً مَحسُوراً) الإسراء29.

والإسراف عباد الله هو مجاوزة الحد في النفقة وبذل المال.

أما الإقتار والقتر والتقتير فهو التضييق الذي يعد نقيض الإسراف.

وبين الإسراف والتقتير درجة الاعتدال، وهي الفضيلة التي حث القرآن عليها بقوله: (وَكَانَ بَينَ ذَلِكَ قَوَاما) الفرقان 67، أي وسطا واعتدالا بين الغلو والتقصير، وبين الإفراط والتفريط. إلا أن هذه الدرجة الوسط بين رذيلتي التقتير والإسراف، يبقى أمر تحديدها رهنا بمستوى ورع المرء وتقواه وإيثاره الدنيا على الآخرة، ومقامه بين حديها الأعلى والأدنى، وأدنى ذلك أن يبذل زكاة ماله ونفسه، وطعام عياله وأرحامه وضيوفه، وأعلاه أن يحتفظ لنفسه بقوت يومه، ويبذل ما سوى ذلك في أوجه البر والخير، لأن الأصل أن لا إسراف في البذل والخير، وأن الإمساك عن الطاعة هو الإقتار بعينه، ولذلك يقول - عز وجل -:

(وَأَنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا تُلقُوا بِأَيدِيكُم إِلَى التَّهلُكَةِ وَأَحسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبٌّ المُحسِنِين) البقرة195، وتعني التهلكة الإمساك عن طاعة الإنفاق.

(وَمَا تُنفِقُوا مِن خَيرٍ, فَلِأَنفُسِكُم وَمَا تُنفِقُونَ إِلَّا ابتِغَاءَ وَجهِ اللَّهِ وَمَا تُنفِقُوا مِن خَيرٍ, يُوَفَّ إِلَيكُم وَأَنتُم لا تُظلَمُون(البقرة272

(وَمَا أَنفَقتُم مِن شَيءٍ, فَهُوَ يُخلِفُهُ وَهُوَ خَيرُ الرَّازِقِينَ) سبأ 39

وأخرج البخاري): قَالَ عَبدُ اللَّهِ قَالَ النَّبِيٌّ - صلى الله عليه وسلم -: \"أَيٌّكُم مَالُ وَارِثِهِ أَحَبٌّ إِلَيهِ مِن مَالِه؟ \"ِ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا مِنَّا أَحَدٌ إِلَّا مَالُهُ أَحَبٌّ إِلَيه، قَال: \"َ فَإِنَّ مَالَهُ مَا قَدَّمَ وَمَالُ وَارِثِهِ مَا أَخَّر\"َ ( وعَن عَبدِ اللَّهِ بنِ مَسعُودٍ, (أَنَّ رَجُلًا مِن أَهلِ الصٌّفَّةِ مَاتَ فَوُجِدَ فِي بُردَتِهِ دِينَارَانِ فَقَالَ النَّبِيٌّ - صلى الله عليه وسلم -: \" كَيَّتَان \") أحمد

وعَنِ ابنِ عَبَّاسٍ, أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - التَفَتَ إِلَى أُحُدٍ, فَقَال: \"(وَالَّذِي نَفسُ مُحَمَّدٍ, بِيَدِهِ مَا يَسُرٌّنِي أَنَّ أُحُدًا يُحَوَّلُ لِآلِ مُحَمَّدٍ, ذَهَبًا أُنفِقُهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمُوتُ يَومَ أَمُوتُ أَدَعُ مِنهُ دِينَارَينِ إِلَّا دِينَارَينِ أُعِدٌّهُمَا لِدَينٍ, إِن كَانَ\" فَمَاتَ وَمَا تَرَكَ دِينَارًا وَلَا دِرهَمًا وَلَا عَبدًا وَلَا وَلِيدَةً وَتَرَكَ دِرعَهُ مَرهُونَةً عِندَ يَهُودِيٍّ, عَلَى ثَلَاثِينَ صَاعًا مِن شَعِيرٍ,) أحمد

لذلك كان السلف الصالح يرون من الورع ألا يجمع المرء ما لا يأكل ولا يبني ما لا يسكن، وذلك ما أشار إليه مجاهد بقوله: (لو أنفق رجل مثل أبي قبيس ذهبا في طاعة الله - تعالى -لم يكن سرفا، ولو أنفق صاعا في معصية الله - تعالى -كان سرفا)، وقال ابن عباس: (الإسراف الإنفاق في معصية الله، والإقتار منع حق الله)، وسأل وهيب بن الورد عالما: ما البناء الذي لا سرف فيه؟ قال: ما سترك عن الشمس وأكنك من المطر، فقال: ما الطعام الذي لا سرف فيه؟ قال: ما سد جوعتك، فقال له في اللباس، قال: ما ستر عورتك ووقاك من البرد.

إن الإنفاق المقبول عند الله - تعالى -في أوجه البر رهن بمدى حلّية المال وطيبته: (يَا أَيٌّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنفِقُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبتُم وَمِمَّا أَخرَجنَا لَكُم مِنَ الأَرضِ وَلا تَيَمَّمُوا الخَبِيثَ مِنهُ تُنفِقُونَ وَلَستُم بِآخِذِيهِ إِلَّا أَن تُغمِضُوا فِيهِ وَاعلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيُّ حَمِيد) البقرة 267،

كما يتحدد مقداره بمستوى علو همة المنفق وسمو مرتبته في سلم العابدين ومدارج السالكين ومرقاة الواصلين، ومدى تعلقه بالآخرة وثقته بالله تعالىº لذلك فالعدل والقوام بين الإسراف والتقتير نسبي بهذه الصفة، ولكل منفق أجره وثوابه إن قصد وجه الله - عز وجل -، وأنفق من طيبات ما كسب، أما الإسراف فحقيقته الإنفاق في معصية الخالق أو الإضرار بالمخلوق.

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم لي ولكم فاستغفروه، إنّه هو الغفور الرحيم.

 

الخطبة الثانية:

الحمد لله على إحسانه والشكر له على توفيقه وامتنانه وأشهد أن لا إله إلا الله تعظيما لشأنه وأشهد أن محمد عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه وعلى آله وأصحابه وجميع إخوانه

وبعد

ثاني الصفات التوحيد الخالص بقوله - تعالى -: (وَالَّذِينَ لا يَدعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَر) الفرقان68، وذلك لأن دعوة غير الله - تعالى -معه أو من دونه، أعظم ما ارتكب من خطايا وآثام (وَإِذ قَالَ لُقمَانُ لاِبنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لا تُشرِك بِاللَّهِ إِنَّ الشِّركَ لَظُلمٌ عَظِيم) لقمان 13 (إِنَّ اللَّهَ لا يَغفِرُ أَن يُشرَكَ بِهِ وَيَغفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ وَمَن يُشرِك بِاللَّهِ فَقَدِ افتَرَى إِثماً عَظِيماً)، وأخطر ما اعتدي به على حق الله - عز وجل -(إِنَّهُ مَن يُشرِك بِاللَّهِ فَقَد حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيهِ الجَنَّةَ وَمَأوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِن أَنصَار)المائدة 72.

سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَيٌّ الذَّنبِ أَكبَرُ قَالَ(أَن تَجعَلَ لِلَّهِ نِدًّا وَهُوَ خَلَقَكَ \" قَالَ: ثُمَّ أَي؟، قَال: \"َ أَن تَقتُلَ وَلَدَكَ خَشيَة َأَن يَطعَمَ مَعَكَ \" قَال: ثُمَّ أَي؟، قَال: \"َ أَن تُزَانِيَ حَلِيلَةَ جَارِك\"َ، قَالَ عَبدُ اللَّهِ فَأَنزَلَ اللَّهُ تَصدِيقَ ذَلِكَ (وَالَّذِينَ لَا يَدعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقتُلُونَ النَّفسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالحَقِّ وَلَا يَزنُونَ وَمَن يَفعَل ذَلِكَ يَلقَ أَثَامًا) مسلم واحمد.

عباد الله

أن الشرك نوعان: أحدهما الشرك الأكبر وهو المخرج من الملة، وثانيهما الشرك الخفي أو الأصغر الذي يعد ذنبا عظيما تجب المبادرة بالتوبة منه، لأنه مدعاة للعقوبة الشديدة في الآخرةº ومن أمثلته أن تعمل العمل لله ولوجوه الناس، أو للمنزلة أو للتسميع والرياء، )عَن مَحمُودِ بنِ لَبِيدٍ, أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: \" إِنَّ أَخوَفَ مَا أَخَافُ عَلَيكُمُ الشِّركُ الأَصغَرُ قَالُوا وَمَا الشِّركُ الأَصغَرُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ الرِّيَاءُ يَقُولُ اللَّهُ - عز وجل - لَهُم يَومَ القِيَامَةِ إِذَا جُزِيَ النَّاسُ بِأَعمَالِهِمُ اذهَبُوا إِلَى الَّذِينَ كُنتُم تُرَاءُونَ فِي الدٌّنيَا فَانظُرُوا هَل تَجِدُونَ عِندَهُم جَزَاءً \") ابن حنبل

وعن أبي سعيد الخدري قَال: خَرَجَ عَلَينَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَنَحنُ نَتَذَاكَرُ المَسِيحَ الدَّجَّالَ فَقَالَ: \" أَلَا أُخبِرُكُم بِمَا هُوَ أَخوَفُ عَلَيكُم عِندِي مِنَ المَسِيحِ الدَّجَّالِ قَالَ: قُلنَا بَلَى فَقَالَ: (الشِّركُ الخَفِيٌّ أَن يَقُومَ الرَّجُلُ يُصَلِّي فَيُزَيِّنُ صَلَاتَهُ لِمَا يَرَى مِن نَظَرِ رَجُلٍ, \") ابن ماجه

أما الشرك الأكبر المخرج من الملة فثلاثة أصناف:

شرك الربوبية، باعتقاد أن مع الله - تعالى -إلها آخر يخلق ويسير ويدبر…(إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ, ثُمَّ استَوَى عَلَى العَرشِ يُدَبِّرُ الأَمرَ مَا مِن شَفِيعٍ, إِلَّا مِن بَعدِ إِذنِهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبٌّكُم فَاعبُدُوهُ أَفَلا تَذَكَّرُون) يونس 3 (أَوَلَم يَنظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرضِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ مِن شَيءٍ, وَأَن عَسَى أَن يَكُونَ قَدِ اقتَرَبَ أَجَلُهُم فَبِأَيِّ حَدِيثٍ, بَعدَهُ يُؤمِنُونَ) الأعراف185.

شرك الألوهية، وهو التوجه بالعبادة صلاة وصياما وحجا ونسكا ورجاء وتوكلا وخوفا ورهبة ورغبة ومحبة لغير الله معه أو من دونه، أو اتخاذ الوسطاء بين العبد وربه كما لدى القبوريين والباطنيين واليهود والنصارى (قُل إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ) الأنعام 162.

شرك الأسماء والصفات، كأن تسمي الله - تعالى -أو تصفه بما لم يرد في الكتاب والسنة، أو تعتقد أن مخلوقا يتصف بصفة كمال كاتصاف الله بها، كما لدى الخرافيين والمشعوذين الذين يدعون معرفة الغيب والقدرة المطلقة (وَلِلَّهِ الأَسمَاءُ الحُسنَى فَادعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلحِدُونَ فِي أَسمَائِهِ سَيُجزَونَ مَا كَانُوا يَعمَلُون) الأعراف180، (لَيسَ كَمِثلِهِ شَيءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ) الشورى 11

إن الشرك الأكبر هو الوجه الثاني للكفر، أما الأصغر فهو الممهد له المعبد طريقه المؤدي إليه. لذلك على المؤمن أن يبذل قصارى جهده لتجنب الشرك الأصغر وسد جميع الذرائع إليه، وأن يبادر بالاستغفار والتوبة من كل خاطرة أو لمحة أو نجوى بها شبهة ذلك.

اللهم آتي قلوبنا تقواها، وزكها أنت خير من زكاها، اللهم وارزقنا الهدى والتقى والعفاف والغنى، اللهم ولا تجعل الدنيا أكبر همنا ولا مبلغ علمنا ولا إلى النار مصيرنا، وتوفنا مسلمين وألحقنا بالصالحين غير خذاي ولا مبدلين ولا مفتونين برحمتك يا أرحم الراحمين. اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر اللهم أعداءك أعداء هذا الدين من اليهود والنصارى والزنادقة والملحدين وأعوانهم وأذنابهم يا جبار السموات والأرضين، اللهم آمنا في دورنا وأوطاننا، اللهم وأصرف عنا الغلا والوبا، اللهم ولا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا، اللهم وأهدي شيبنا وشبابنا، ذكرانا وإنثانا، ردهم إليك يا ربنا ردًا جميلاً، اللهم من أرادنا وديننا بسوء فأشغله بنفسه واجعل اللهم تدميره في تدبيره يا جبار السموات السبع والأرضين.

 

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply