أعظم الوصايا


 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله العلي القدير السميع البصير الذي أحاط بكل شيء علماً وهو اللطيف الخبير علم ما كان وما يكون وخلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملاً وهو العزيز الغفور وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة نرجو بها النجاة في يوم النشور، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله البشير النذير والسراج المنير صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن على طريقتهم يسير وسلم تسليماً.

عباد الله أوصيكم ونفسي بتقوى الله وأن نقدم لأنفسنا أعمالاً صالحه مباركه تبيض وجوهنا يوم نلقاه – عز وجل -

يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم..

يوم تبيض وجوه وتسود وجوه..

يوم تجد كل نفس ما عملت من خيرٍ, محضراً وما عملت من سوء تود لو أن بينها وبينه أمداً بعيداً

نسأل الله - عز وجل - بمنه وكرمه أن يحبب إلينا الإيمان ويزينه في قلوبنا وأن يكِره إلينا الفسوق والعصيان ويجعلنا من الراشدين..

عباد الله:

من أعظمُ الوصايا في القرآنِ العظيم ثلاثُ آياتٍ, من سورة الأنعام، قال الله - تعالى -: ((قُل تَعَالَوا أَتلُ مَا حَرَّمَ رَبٌّكُم عَلَيكُم أَلاَّ تُشرِكُوا بِهِ شَيئًا وَبِالوَالِدَينِ إِحسَانًا وَلا تَقتُلُوا أَولادَكُم مِن إِملاقٍ, نَحنُ نَرزُقُكُم وَإِيَّاهُم وَلا تَقرَبُوا الفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنهَا وَمَا بَطَنَ وَلا تَقتُلُوا النَّفسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالحَقِّ ذَلِكُم وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُم تَعقِلُونَ وَلا تَقرَبُوا مَالَ اليَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحسَنُ حَتَّى يَبلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوفُوا الكَيلَ وَالمِيزَانَ بِالقِسطِ لا نُكَلِّفُ نَفسًا إِلاَّ وُسعَهَا وَإِذَا قُلتُم فَاعدِلُوا وَلَو كَانَ ذَا قُربَى وَبِعَهدِ اللَّهِ أَوفُوا ذَلِكُم وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُم تَذَكَّرُونَ وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُستَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السٌّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُم عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُم وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُم تَتَّقُونَ)) الأنعام: 151-153

الوصيةُ هي الأمرُ المؤكَّد والعهد المبرَم والعناية بالمعنى العظيم وتأكيدُ فعلِه، وهؤلاء الثلاث الآيات أنزلها الله بعد الآيات التي ذكَر فيها ضلالَ مشرِكي العرب، وذكر أوهامهم وخُرافاتِهم وافتراءَهم على الله - تعالى -في تحريم بعض الأنعام والحروث والثمار على أنفسهم.

هذه الوصايا قال فيهن ابن عباس - رضي الله عنه -: \" هذه آيات محكمات لم ينسخهن شيء في جميع الكتب \"، أي الكتب السماوية \"، وقال أيضا عنها: \" في الأنعام آيات محكمات هن أم الكتاب\"، ثم قرأ: \"قُل تَعَالَوا أَتلُ مَا حَرَّمَ رَبٌّكُم عَلَيكُم...\".

وقال ابن مسعود - رضي الله عنه - من أراد أن ينظر إلى وصية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - التي عليها خاتم النبوة فليقرأ هذه الآيات: \" قُل تَعَالَوا أَتلُ مَا حَرَّمَ رَبٌّكُم عَلَيكُم.. \" إلى قوله - تعالى -: \" لعلكم تتقون \".

وعن عبادة بن الصامت قال: \" قال: رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أيكم يبايعني على ثلاث؟ ثم تلا - صلى الله عليه وسلم -: (قُل تَعَالَوا أَتلُ مَا حَرَّمَ رَبٌّكُم عَلَيكُم... ) حتى فرغ من الآيات، ثم قال: فمن وفى فأجره على الله ومن انتقص منهن شيئا فأدركه الله به في الدنيا كانت عقوبته، ومن أخر إلى الآخرة فأمره إلى الله، إن شاء عذبه وإن شاء عفا عنه \".

 

فالآيةُ الأولى تقرِّر توحيدَ الله - تعالى -الأصلَ العظيم الذي يرجِع إليه كلٌّ أمرٍ, ونهي، وينبني عليه كلّ تشريع وتوجيه، وبدون توحيدِ الله - تعالى -لا ينفَع عمل. وتقرِّر وتؤكِّد تحريمَ أنواعِ الشرك بالله - عز وجل - الذنبِ الذي لا يغفره الله - عز وجل - لمن مات عليه. وتوصي الآيةُ بالإحسان بالوالدين قاعدَتي الأسرةِ ومحضَنِ الأجيال ونواة المجتمع. وتحرِّم الآية العدوانَ على الطفولة، وترعى حقَّها، والأطفالُ قوَّة الأمة. وتنهى الآيةُ عن الفواحِش الظاهرةِ والباطنة ليعمَّ الطهرُ والعفاف وتصانَ الفضيلة وتدفَن الرذيلة وتُحفَظ الحرمَات والحقوق. وتقرِّر الآيةُ حرمةَ قتل النفسِ المعصومة الدمّ ليبتعدَ المسلم من دمار الحروبِ والثارات وسفك الدماء.

((قُل تَعَالَوا أَتلُ مَا حَرَّمَ رَبٌّكُم عَلَيكُم)) أي: هلُمّوا وأقبلوا أقصّ عليكم وأخبركم بما حرَّم ربّكم عليكم حقَّا، لا تخرٌّصًا وظنًّا ولا وَهمًا، بل أخبركم وحيًا من الله وأمرًا من عنده، ((أَلاَّ تُشرِكُوا بِهِ شَيئًا)): لا تدعُوا مع ربِّكم أحدًا في السماء ولا في الأرض، قال الله - تعالى -: ((وَأَنَّ المَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا)) الجن: 18. ((أَلاَّ تُشرِكُوا بِهِ شَيئًا)) في دعاءِ العبادة ولا في دعاءِ المسألة، ولا تشركُوا به شيئًا في الذبح والنذر، ولا تشركوا بربِّكم شيئًا في الاستعاذة والاستعانةِ والاستغاثة، ولا تشركوا به شيئًا في التوكٌّل والرغبة والرهبةِ والطواف بغير بيته، ولا تشرِكوا به شيئًا في الخشية والخوفِ والرجاء والسجود والركوع والمحبَّة والتعظيم، بل اعبُدوا ربَّكم وحدَه بأنواع العبادةِ كلِّها. والنهيُ عن كلِّ أنواع الشّرك في هذه الآية يتضمَّن الأمرَ بجميع أنواع العبادة كما هو منصوصٌ عليه في آياتٍ, كثيرة أخرى، وفي صحيح مسلم من حديث ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((من مات لا يشركُ بالله شيئًا دخل الجنةَ))رواه مسلم

وقوله - تعالى -: ((وَبِالوَالِدَينِ إِحسَانًا)) أي: وحرَّم عليكم العقوقَ، وأوصاكم بأن تحسِنوا إلى الوالدين إحسانًا. والإحسانُ للوالدين طاعتُهما في غير معصيةِ الله وإكرامُهما وإدخالُ السرورِ عليهما ورحمتهما ولينُ الجانب لهما وعدمُ التضجٌّر من صُحبتهما ومداومة التحمٌّل لهما والقيامُ بما يُصلحهما وحُسن مخاطبتهما والدعاءُ لهما في حياتهما وبعد مماتهما وإهداءُ الأعمال الصالحةِ المشروعة لهما بعد موتِهما وصلةُ قرابتهما وصلة صديقهما بعد موتهما.

((وَلا تَقتُلُوا أَولادَكُم مِن إِملاقٍ, نَحنُ نَرزُقُكُم وَإِيَّاهُم)) وقد كان بعضُ المشركين من العَرَب يقتلون البناتِ خوفَ العار، وبعضهم يقتُل الولدَ خوفَ الإملاقِ وهو الفقر، فنهى اللهُ عن هذه العادةِ الشنيعة، وأخبر أنه - تعالى -متكفِّل برزقِ الأولاد والآباء.

ومما يدخُل في عمومِ الآية إسقاطُ الجنين خوفًا من النفَقة، وممّا يُنهَى عنه استعمالُ حبوب منع الحمل لأجل ضِيق المعيشة، لكن لو كان هناك ضرورةٌ شرعيّة جاز استعمالُ منعِ حبوب الحمل بمقدارِ هذه الضرورة، كما لو كانت المرأةُ لا تُطيق الحملَ والرضاع لسببٍ, ما، أو كان تتابُع الحملِ بلا مدَّةٍ, زمنيّة كافية يضرٌّها أو يضرّ الولد.

((وَلا تَقرَبُوا الفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنهَا وَمَا بَطَنَ))، والفواحشُ ما عظُم قبحُه وخُبثت حقيقتُه في العقلِ والفِطرة واتّفقتِ الشرائعُ على تحريمه، وقد نصّ الله - تعالى -على فُحشِ معاصٍ, بعينها، قال الله - تعالى -: ((وَلا تَقرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً)) الإسراء: 32، وقال - تعالى -: ((وَلُوطًا إِذ قَالَ لِقَومِهِ إِنَّكُم لَتَأتُونَ الفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِن أَحَدٍ, مِن العَالَمِينَ)) العنكبوت: 28،

وفي الحديثِ عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: ((ملعونٌ من عَمِل عملَ قومِ لوط، ملعون من عمِل عَمل قوم لوط، مَعلونٌ مَن عمل عمل قومِ لوط)) في صحيح الترغيب (2420).

والفواحشُ أعمٌّ من ذلك، فهي المعاصي كلٌّها، والنهيُ عن قربانها أبلغُ من النهيِ عن فِعلها، فالنهي عن قُرب المعصية نهيٌ عن أسبابها ومقدِّماتها والوسائل التي تُفضي إليها، ونهيٌ عن تلذٌّد الخيال بتصوٌّرها والاسترسال في الوَسواس بهاº لأنَّ النفسَ البشرية قد تضعُف عن مقاومة الإغراء بعد التمكٌّن من مقدِّماتِ وأسباب المعصية، ولذلك حرَّم الشرعُ الخلوةَ بالأجنبية والمردان ومحادثةِ النساء.

وقوله - تعالى -: ((مَا ظَهَرَ مِنهَا وَمَا بَطَنَ)) أي: حرَّم الله ما أُعلِن وما أسِرَّ من المعاصي، ما هو من أعمال الجوارح المشاهدَة وما هو من أعمال القلوبِ المخبَّأة المستُورةِ كالكِبر والحسَد والغلّ والخيانة والمَكر والخديعة والنِّفاق وبُغض ما أحبَّ الله وحُبِّ ما يكره الله - تعالى -.

((وَلا تَقتُلُوا النَّفسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالحَقِّ))، والنفسُ التي حرَّم الله قتلَها هي نفسُ المسلِم، ونفسُ المعاهَد الكافر الذي له أمانٌ من الإمام، والكافر غيرُ المحارب وإن لم يكن له أمان فيحرُم قتلُه، وفي الصحيحين عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: ((لا يحلّ دمُ امرئٍ, مسلم إلا بإحدى ثلاث: الثيّب الزاني، والنفسُ بالنفس، والتارك لدينه المفارق للجماعة)) رواه البخاري ومسلم عن ابن مسعود - رضي الله عنه -، وفي الحديث: ((مَن قتل معاهَدًا لم يرح رائحة الجنة)) أخرجه البخاري عن عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما -. وفي الحديث أيضًا: ((لا يزال المسلمُ في فُسحةٍ, من دينه ما لم يصِب دمًا حرامًا فإذا أصابه بَلَح)) أي: أعيَى وانقطع وضاقَ عليه الأمر جدًّا.

((ذَلِكُم وَصَّاكُم بِهِ)): عهِد إليكم بما تُلِي عليكم وأمَركم به لتحفظُوه وتعملُوا به.

((لَعَلَّكُم تَعقِلُونَ)) أي: تعقِلون النافعَ من الضارّ، فتعمَلون بما ينفع، وتتركون ما يضرّ. والحِكمة في قوله - تعالى -: ((لَعَلَّكُم تَعقِلُونَ)) أنَّ مضارّ هذه المحرَّمات ومفاسدَها يُعلَم بالعَقل لمن تدبَّر ذلك، والشرع بيَّن تفصيلَ مفاسِد ومضارّ هذه المحرّمات، فمن منعه عقلُه عن هذه المحرَّمات فهو العاقلُ حقًّا، ومن لم يمنعه عقلُه عن هذه المحرَّمات فهو السفيهُ الذي لا عقلَ له، فأيٌّ قبحٍ, وجُرم أعظمُ من الشّرك بالله - تعالى -ثمّ عقوق الوالدين وعمل الفواحش وقتلِ النفس التي حرَّم الله؟!

والآية الثانية تقرِّر التراحمَ والتعاونَ والتكافُل الاجتماعيّ بين المسلمين والحُنوَّ والرِّعاية للضعفاء والقاصرين، وتحرِّم بخسَ الحقوقِ وانتقاصها، وتقرِّر الوفاءَ في المعاملات والعدلَ في المبادلات والمعاوَضات بلا طُغيانٍ, بالزيادة ولا بخسٍ, بالنَّقص، وتحرِّم الجَورَ والظلم في الحكم والشهادة والقول ولو كان على الحبيب والبغيض، وتأمُر بالعدل والقسط.

 

الخطبة الثانية:

الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين ولا عدوان إلا على الظالمين.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما.

أما بعد:

أيها المسلمون! لا زلنا وإياكم في ضلال وصايا القران

((وَلا تَقرَبُوا مَالَ اليَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحسَنُ حَتَّى يَبلُغَ أَشُدَّهُ)) أي: لا تقربوا مالَ اليتيم إلاَّ بالصِّفة التي هي خيرٌ له، فلا تقرَبوا ماله إلاَّ بالحِفظ لمالِه وتثميرِه والعمل على نمائه، فلا تأكلوه، ولا تتركوه يتعرَّض للضياع والنقصان. ووجوبُ تربيةِ اليتيم وإرشاده ورعايته من باب أولى، ليصبحَ لبِنةً صالحة في بناءِ المجتمع، ومعنى ((حَتَّى يَبلُغَ أَشُدَّهُ)) أي: حتى يبلغَ الحلم مع الرّشد وحسنِ التصرٌّف، فيُدفَع إليه ماله حينئذٍ,.

((وَأَوفُوا الكَيلَ وَالمِيزَانَ بِالقِسطِ)) أي: وحرَّم بخسَ الحقوق وعدمَ الوفاء بالمعاملات ((وَأَوفُوا الكَيلَ وَالمِيزَانَ بِالقِسطِ)) أي: بالعدل والحقِّ بلا نَقص، ومثل هذا المقاييس.

((لا نُكَلِّفُ نَفسًا إِلاَّ وُسعَهَا)) أي: طاقتَها، فمِن رحمة الله - تعالى -أنَّه لا يأمرُ ولا ينهى إلا بما هو مقدورٌ عليه.

((وَإِذَا قُلتُم فَاعدِلُوا)) أي: إذا حكمتُم أو إذا شهِدتم أو دخلتُم بين متنازعِين بالإصلاح أو إذا مَدَحتم أو قدَحتم لغرضٍ, شرعيّ فاعدِلوا، الزَموا الحقَّ والقسطَ في ذلك، ولو كان المحكومُ له أو المشهودُ له أو المشهودُ عليه أو المصلَح له أو الممدوح أو المقدوح فيه ذا قربَى، ومثلُه في هذا البعيد أو البغيض.

((وَبِعَهدِ اللَّهِ أَوفُوا))، عهدُ الله أمرُه ونهيُه وتشريعه، قال الله - تعالى -لبني إسرائيل: ((وَأَوفُوا بِعَهدِي أُوفِ بِعَهدِكُم)) البقرة: 40 ويتناولُ عهدُ الله ما يكون بين طرفين من العقودِ والعهود المشروعة المباحة، وأضِيفت العهود إلى الله لأنَّ اللهَ أمر بالوفاء بها.

((ذَلِكُم وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُم تَذَكَّرُونَ)). والحكمةُ في قوله - تعالى -: ((لَعَلَّكُم تَذَكَّرُونَ)) أنّ هذه الوصايا إذا غفل أحدٌ عن رعايتها وحياطتها ارتكب محرَّمَها عاقلاً أو غيرَ عاقل، فإذا تذكَّر وجوبَ حفظها ورعايتها قام بهذه الوصايا.

((وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُستَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السٌّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُم عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُم وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُم تَتَّقُونَ))،. والصراطُ المستقيم هو الإسلام كلٌّه، والحكمةُ في كلمة ((تَتَّقُونَ)) أنَّ الثباتَ على الصراط المستقيم لا يكون إلاَّ للمتقين.

وكلٌّ آيةٍ, من هؤلاء الآيات الثلاث في الوصايا عليها شواهدُ من القرآن والحديث لو ذُكِرت لطال الكلام، قال عبد الله بن مسعود رضي الله - تعالى - عنه: (مَن أراد أن ينظرَ إلى وصيَّة محمّد - صلى الله عليه وسلم - التي عليها خاتَمه فليقرأ هؤلاء الآيات). أورده الألباني في ضعيف سنن الترمذي (593).

الله أكبر، الله أكبر، ما أعظمَه من موصٍ,، وأما عظمَها من وصيّة، وما أسعدَ من قام بهذه الوصية.

أوّلُ هذا الصراطِ المستقيم في الدنيا ونهايته الجنّة، والعدولُ عن الصراط المستقيم بالشّهوات والدٌّنيا أو بالبدعة أو الكفر والنفاق بدايتُه في الدنيا ونهايته جهنَّم، فيتردَّى في الدنيا في شهواتِه وشقائه، وفي القبر في ظلمَته وعذابه، وفي الحشر في جهنَّم. ولو أنَّ كلَّ مسلم عمِل بهذه الوصايا لكان الله معه، ولوُفِّق لأَرشدِ أموره، لأحسنَ إلى نفسه غايةَ الإحسان، ولأحسنَ إلى الخلقِ وسلِم الناس من شرِّه، قال الله - تعالى -: ((وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحذَرُوا فَإِن تَوَلَّيتُم فَاعلَمُوا أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا البَلاغُ المُبِينُ)) المائدة: 92.

 

اللهم آمنا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا واجعل اللهم ولايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك يا أرحم الراحمين. اللهم وأبرم لهذه الأمة أمر رشد يعز فيه أهل طاعتك ويذل فيه أهل معصيتك ويؤمر فيه بالمعروف وينهى فيه عن المنكر. اللهم رحمة اهد بها قلوبنا، واجمع بها شملنا ولم بها شعثنا ورد بها الفتن عنا. اللهم صل على محمد وعلى آل محمد...

 

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply