حكم مس المصحف على غير وضوء والدخول به إلى الخلاء


بسم الله الرحمن الرحيم

من يحمل المصحف وهو على غير وضوء هل عليه إثم؟

من نسي المصحف معه ودخل الحمام هل عليه شيء وإذا خاف عليه من السرقة أو نسيانه فهل يدخله معه إلى الحمام؟

وكذلك ما حكم الأوراق التي فيها ذكر الله - تعالى -؟

 

أما بعد..

الجواب:

أشكر لك غيرتك واهتمامك بمعرفة أحكام كتاب الله - تعالى - وهذا يدل على غيرتك المحمودة التي

غفل عنها بعض الناس –هدانا الله وإياهم سواء الصراط- حتى أصبحنا نرى منهم من يرمي المصحف على الأرض، ومنهم من يتكىء عليه، ومنهم من يسند ظهره إليه، بل ونرى بعض الطلاب يجعلون صفحات المصحف عارضة لكتاباتهم وعبثهم، بل ورسمهم لبعض الصور، ومنهم من يظن أنه يحترم المصحف وهو يهينه وذلك بوضعه في سيارته تحت زجاجها الأمامي أو الخلفي بحجة أن يحفظه القرآن، فيعرض المصحف للغبار والأتربة، بل وما يمكن أن يقع عليه من قذر، وما تمسه الأيدي غير المتوضئة، وما يحصل له من تلف بسبب حرارة الشمس، وكل هذا من الإساءة بالمصحف التي لا تليق بالمسلمين، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

 

أما سؤالك عن حكم مس المصحف بدون وضوء، فجوابه: قال الله - تعالى - [فلا أقسم بمواقع النجوم.

وإنه لقسم لو تعلمون عظيم. إنه لقرآن كريم. في كتاب مكنون. لا يمسه إلا المطهرون. تنزيل من رب العالمين] هذا قسم من الله - تعالى - بمساقط النجوم في مغاربها، وما يحدث - تعالى - في تلك الأوقات من الحوادث الدالة على عظمته وكبريائه وتوحيده، ثم عظم - تعالى - المقسم به فقال: [وإنه لقسم لو تعلمون عظيم] لأن النجوم وجريانها، وسقوطها عند مغاربها آيات عظيمات تدل على عظمة خالقها ومدبرها - سبحانه -º لذلك كان القسم عظيماً، ثم بين - تعالى - المقسم به وهو إثبات القرآن العظيم، وكونه حقاً لا ريب فيه، ولا شك يعتريه، وأنه كريمº لكثرة خيره، وغزير علمه، وأنه لعظيم شأنه كتبه الله في كتاب مكنون، مستور عن الأعين، وهو اللوح المحفوظ، فهو كتاب معظم عند الله وعند ملائكته في الملأ الأعلى، كما في قوله - تعالى - [حم. والكتاب المبين. إنا جعلناه قرآناً عربياً لعلكم تعقلون. وإنه في أم الكتاب لدينا لعلي حكيم] فالله عز وجل يقسم هاهنا بالقرآن، حيث جعله عربياً بأفصح اللغات، وجعله في الملأ الأعلى في أعظم المراتب وأعلاها، فهو عليّ القدر والشرف والمحل، ثم ذكر - تعالى - أنه لا يمسه إلا الملائكة الكرام - عليهم السلام -المطهرون من آفات الذنوب والعيوب، فإذا كان هذا حال القرآن العظيم، لا يمسه إلا الملائكة المطهرون، ومنع منه الشياطين أهل النجاسات والآثام، فإن الآية تدل بتنبيهها على أنه لا يجوز أن يمس القرآن إلا طاهر من المؤمنين، فالآية خبر بمعنى النهي، أي لا يمس القرآن إلا طاهر.

 

قال عبد الرحمن بن يزيد: كنا مع سلمان الفارسي رضي الله عنهفي سفر، فانطلق فقضى حاجته، ثم جاء، فقلت: أي أبا عبد الله، توضأ لعلنا نسألك عن آي من القرآن، فقال: سلوني، فإني لا أمسه، إنه [لا يمسه إلا المطهرون] فسألناه، فقرأ علينا قبل أن يتوضأ. رواه عبد الرزاق وابن أبي شيبة والدارقطني وصحح.

 

وذكر شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله-: إجماع الصحابة على أن المحدث لا يجوز له مس المصحف، سواء كان حدثه حدثاً أصغر أم أكبر، وهو مذهب الأئمة الأربعة –رحمهم الله-.

 

وهذا الحكم يشمل منع مس المصحف ومس جلده ومس أطرافه التي لا كتابة عليها، أما علاقة المصحف فليست من المصحف فلا بأس بمسها للمحدث.

 

ومن نسي المصحف معه ودخل به الخلاء ناسياً ولم يتذكر إلا بعد خروجه، أو تذكر وهو في وضع لا يستطيع إخراج المصحف من الخلاء، أو تذكر ولكنه لا يجد من يعطيه المصحف، فإنه لا بأس عليه لنسيانه، لكن لو تذكر واستطاع إخراج المصحف من الخلاء، فإنه يجب عليه حينئذ إخراجه.

 

وإذا أراد دخول الخلاء ومعه مصحف يخشى عليه السرقة، فإنه يعطيه من يحفظه، ولا يدخل به بحال.

 

ومثل المصحف في دخول الخلاء ومعه أوراق فيها ذكر الله - تعالى -، إلا أنه إذا خشي أن تسرق فأمرها أخف من المصحف، وأما ما لا يمكن التحرز منه، أو ما يشق التحرز منهº وهو الأوراق النقدية ونحوها مما كتب عليها اسم الله - تعالى - فإنه لا حرج في اصطحابها للمشقةº ولأنه غير مقصودة بكتابة الآيات عليها.

 

والله أعلم.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply