رسالة من القلب أبعثها لكل من يريد السعادة في الدارين


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الحمد لله رب العالمين حمدا يوافي نعمه ويكافيء مزيده، يا ربنا لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك، سبحانك لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك.

وأصلى وأسلم على أشرف الأنبياء والمرسلين وبعدº جزء من آية من كتاب الله - سبحانه وتعالى -º وقفت عندها طويلا، ورأيت كيف أنها تحوي معنى عظيما وجليلا جدا.

وكم يجدر بالمسلمين أن يقيموا حيا تهم على أ ساسه وهو قو ل الله - تعالى -: {وَأَن تَعفُوا أَقرَبُ لِلتَّقوَى وَلاَ تَنسَوُا الفَضلَ بَينَكُم إِنَّ اللّهَ بِمَا تَعمَلُونَ بَصِيرٌ} (237) سورة البقرة.

فقد شاء الله - تعالى -أن تمتد بين الناس فوق هذه الأرض رابطة الأخوة، والتعاون، والتآلف، فكيف يمكن أن تتم هذه ا لرابطة وكلا منهم له رأي وصفات تختلف عن الآخر؟

ولقيام هذا المعنى بين الناس:

أولا: نعلم أن الناس جميعا ما عدا الرسل والأنبياء معرضين للأخطاء، والآثام

ثانيا: قضى الله - سبحانه وتعالى - أن يوزع بين عباده المحاسن والمزايا والأخلاق الحميدة وقضى أيضا أن يوزع بينهم المساوىء والجوانب الذميمة.

 

وهكذا ينظر الإنسان إلى نفسه ويقارن بينه وبين من يعلم من إخوانه فيجد في نفسه مزايا قد لا توجد لدى إخوانه الأقربين من حوله، ولكنه يتأمل في أولئك الناس فيجد فيهم من المزايا ومن المحاسن التي تقربهم إلى الله ما لا يوجد لديه هو، ويعود إلى نفسه فيجد في ذاته من الأخلاق الذميمة، والقبائح التي يبغضها الله، أمور غير موجودة لدى من حوله، فهذه الظاهرة تجعل الناس بعضهم يحترم بعضا وتجعل الناس يقدر الواحد منهم فضل الثاني عليه.

فأنا عندما أنظر وأجد أن هناك نقص في شخصيتي، وأنظر إلى من حولي ممن أعرفهم من الأصدقاء والأقربين فأجد أنهم قد عوفوا من هذا النقص، هنا أعرف الفضل له، وعندما ينظر الواحد منهم بدوره إلى نفسه فيجد أنه يعاني من بعض النقائص، ولكنه ينظر إلي والى أمثالي، فيجد فيه من المزايا ما لا يوجد لديه، فيعرف الفضل لي ويعرف الفضل للآخرين وهكذا يتبادل الناس معرفة الفضل بعضهم لبعض وأن الله شاء أن لا يكون الناس معصومين.

 

هذا باختصار هو المعنى الذي يتضمنه بيان الله - عز وجل - (ولا تنسوا الفضل بينكم) أي إذا جاء من يتباهى بأنه يتمتع بمزايا وأخلاق عظيمة مثل الكرم، الذكاء، الإقبال على الله - عز وجل - بعبادات نادرة قلما يقبل الآخرون إلى مثلها، إذا رأيت هذا من نفسي، ينبغي أن أتفحص نفسي جيدا، فأكتشف في مقابل ذلك النقائص التي أعاني منها، وأنا غيري من الأهل والأقارب لديه مزايا لا توجد لدي، وهنا أعرف الفضل له، فإذا رأيت لنفسك مزية على أحد من إخوانك فلا تنسى أن لك نقيصة لا يعاني هو منها، لا تنسى هذه الحقيقة أبدا، فوالله ما أحوج المسلمين للتعامل فيما بينهم بمقتضى ما تضمنته هذه الآية الكريمة.

 

ثم يأتي بعد ذلك دور حسن الخلق ولكن ما هو حسن الخلق؟

1- حسن الخلق باختصار: أن انظر إلى الناس أبحث فيهم عن المزايا التي تنقصني ولا أبحث لديهم عن العيوب التي برأت منها.

2- إذا تعرفت على صديق أو جار أو قريب قد أكتشف بسهولة بعض النقائص لديه، وربما رجعت إلى نفسي وقلت: أنا لا أعاني من هذه النقائص، هنا تمهل! وانظر جيدا

إلى

صديقك ستجد فيه مزايا لا تتمتع بها أنت.

وعندئذ ستطمئن وتعرف الفضل له، وهو أيضا ينبغي أن ينظر إليه النظرة ذاتها، وهنا يتحقق معنا قوله - تعالى -{إنَّما المُؤمِنُونَ أخوَةُ فَأَصلحُوا بَينَ أخَوَيكُم واتّقُوا الله لَعَلّكُم تُرحَمُونَ}

قال عبد الله بن مسعود و أبو هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (إن أحبكم إلي أحاسنكم أخلاقا، المواطئون أكنافا، الذين يألفون ويألفون، وإن أبغضكم إلي المشاؤون بالنميمة المفرقون بين الأحبة، المتلمسون للناس العيب)

 

عباد الله: لو أن كل منا كان دأبه أن يتلمس العيوب والعثرات لدى إخوانه وأصحابه وأقاربه ويسير في تعامله مع الناس على هذا الحال إذن لانقطعت رابطة التآلف

والتراحم والتحابب والود فيما بينهم، ولا بر ولد لأباه ولا رحم والدان أولادهما، ولا سرت المحبة والمودة والتآلف بين الإخوان والأصدقاء وما سعد زوج بزوجته،

ولا زوجه بزوجها فوالله لو طبق كل زوجين هذه الآيه في التعامل بينهم وعرف كل واحد منهم فضل الواحد على الآخر لقلة نسبة الطلاق والخلافات التي انتشرت بين

بيوت المسلمين في كل مكان ولا حول ولا قوت إلا بالله العلي العظيم.

 

أسأل الله العظيم بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يصلي ويسلم على نبينا محمد صلاة يرضى بها عنا وأن يجعل بيوت المسلمين مليئة بالستر والسعادة والطمأنينة، واستغفر الله العظيم لي ولكم اللهم توفني مسلما وألحقني بالصالحين

 

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply