عليكم بالصدق


 

بسم الله الرحمن الرحيم

روى البخاري، ومسلم، وأبو داوود، والترمذي عن عبد الله بن مسعود -رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (عليكم بالصدقº فإن الصدق يهدي إلى البر، وإن البر يهدي إلى الجنة، وما يزال الرجل يصدق، ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقاً.. وإياكم والكذبº فإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، وما يزال الرجل يكذب، ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذاباً).

الإسلام دين خلق رفيع، وآداب اجتماعية، وقيم علياº تجعله مفخرة بين الأديان، ورائد جميع التشريعات السماويةº بما يحقق الخير، والسعادة في الدنيا والآخرة للبشرية جمعاء.

ويأتي الصدق واحداً من تلك القيم الجميلة التي تدعو إلى كمال النفس، والسموّ بهاº حتى تكتب في سجل الصديقين، وإلى جوار المقربين في جنات النعيمº فتعالوا معاًº نستظل في ظلال ذلك الهدي النبويº الذي يأمرنا بالصدق، ويدعونا أن نجعله ملازماً لنا في أقوالنا، وأفعالناº طاعة لله - عز وجل -º فالصدق من أفضل الفضائل، وأنبل المكارم، وإنه ليعلي صاحبه عند جميع الناسº فيكون موضع ثقتهم، مرغوب الحديث عندهم، محبوبا لديهم، محترم الكلم، مقبول الشهادةº لذا فلا عجب من أن تأتي التوجيهات القرآنية داعية المؤمنين أن يكونوا مع الصادقينº قال - تعالى -: (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين)º فالصدق من صفات الأنبياء، والرسل - عليهم السلام -º فهم في القمة العليا من مكارم الأخلاقº ولهذا كان الصدق من صفاتهم الواجبة عليهمº التي تميزهم عن غيرهمº فمدحهم الله في محكم تنزيلهº قائلاً: (واذكر في الكتاب إسماعيل إنه كان صادق الوعد وكان رسولاً نبياً)..

وسيد الصادقين (محمد - عليه الصلاة والسلام -) كان يلقّب بالصادق الأمين.. قيل: إن الأخنس بن شريق لقي أبا جهل يوم بدر فقال له: يا أبا الحكم! ليس هنا غيري وغيرك يسمع كلامناº تخبرني عن محمد صادق هو أم كاذب؟!º فقال أبو جهل: (والله إن محمداً لصادقº وما كذب محمد قط).. وهكذا جاءت شهادة الأعداء قبل الأصدقاء..

ولذا جاءت دعوته - صلى الله عليه وسلم - تدعو إلى الصدق الذي يهدي إلى البر الذي هو طريق الجنةº قال - تعالى -: (إن الأبرار لفي نعيم * على الأرائك ينظرون * تعرف في وجوههم نضرة النعيم * يسقون من رحيق مختوم * ختامه مسك وفي ذلك فليتنافس المتنافسون).. فالصدق ضياء للساري في خضم هذه الحياة الصاخبةº يهديه إلى التي هي أقوم.. فمن رغب أن يكون الصدق شيمته، وخلقه فليتحر الصدق في أقواله، وأعماله، وأن يداوم عليه، وألاَّ يقول بغير علمº مبتغيا بذلك وجه الله - تعالى -، والنفع، ومصلحة العبادº من غير أن يشوبه نفاق، أو رياء، أو إرادة الوصول إلى غرض دنيئ.. فإذاً الصدق خلقهº ويكتب بذلك في سجل الصديقين.

وكما أن الصدق من الفضائل فإن الكذب من الرذائلº فالكذب يكون في القول، والعمل، والعقيدةº فيقول ما لا يطابق الواقع، والضمير..

والكذب يكون في أشكال عديدةº كالرياء، والغش في المعاملات، وخُلف المواعيد، وغيرهº فالكذاب لا يصدق في قوله، ولا يوفق في عملهº ويكون مبغوضاً عند الله.. لذلك نهانا عنه الرسول - صلى الله عليه وسلم -º قائلاً: (إياكم والكذب)º فالكذب يهدي إلى الفجور، والأعمال السيئة التي تقود الإنسان إلى الدرك الأسفل من النارº قال – تعالى- : (وإن الفجار لفي جحيم * يصلونها يوم الدين).. إنه مصير مشؤومº فالذي يتحرى الكذبº ويتعوّد عليه يكون من الهالكين، ويدون ذلك في صحيفته، ويحسب من الكاذبين المنافقينº الذين يأوون إلى الدرك الأسفل من النارº قال - تعالى -: (إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار ولن تجد لهم نصيراً).

فالكذب ليس من صفات الإيمانº لقوله - صلى الله عليه وسلم - عندما سئل: (أيكون المؤمن جباناً؟!)º قال: (نعم)º قيل: (أفيكون بخيلاً؟!)º قال: (نعم)º قيل: (أفيكون كذاباً؟!º قال: (لا).

فهلا انتهينا عن الكذبº وتمسكنا بالصدق، وصفاته الحميدةº التي تقودنا إلى الجنةº وتبعدنا عن النار!..

 

إنها التربية الإسلامية التي تُعنى بالفرد، وسلوكه، وأخلاقهº فتوجّهه الوجهة الصحيحةº التي تكفل له السعادة في الدنيا، والنعيم في الآخرة..

ولو أن المسلمين أخذوا بهذا الهدي النبوي الشريف لعاشوا في ظلاله عزةً، وسعادةً، ورخاءًا!!..وليتهم يفعلون!!.

 

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply