صبر بلا جزع


  

بسم الله الرحمن الرحيم

الدنيا دار ابتلاء وامتحان ونكد وأحزان لا ينجو من ضيقها وكدرها إلا من تمسك بحبل الله المتين واعتصم به واحتسب الأجر في مصيبته!

وفي هذا الزمن الذي كثر فيه التجزع والتسخط ننطلق لنرى حال من سبقنا إذا حلت بهم المصيبة، أو نزل بساحتهم البلاء.

نظر علي بن أبي طالب-رضي الله عنه-إلى عدي بن حاتم كئيباً فقال: ياعدي مالي أراك كئيباً حزيناً؟ قال: وما يمنعني وقد قتل أبنائي وفقئت عيني، فقال: يا عدي، من رضي بقضاء الله كان له أجر، ومن لم يرض بقضاء الله حبط عمله.

وقدم عروة بن الزبير على الوليد بن عبد الملك ومعه ابنه محمد وكان من أحسن الناس وجهاً فدخل يوماً إلى الوليد في ثياب وش، وله غديرتان، وهو يضرب بيديه، فقال الوليد: هكذا تكون فتيان قريش، فعانه فخرج من عنده متوسناً. فوقع في اصطبل الدواب، فلم تزل الدواب تطأه بأرجلها حتى مات. ثم إن الأكلة وقعت في رجل عروة، فبعث إليه الوليد الأطباء فقالوا: إن لم تقطعها سرت إلى باقي الجسد فتهلك، فعزم على قطعها، فنشروها بالمنشار فبما صار المنشار إلى القصبة وضع رأسه الوسادة ساعة، فغشي عليه، ثم أفاق والعرق يتحدر على وجهه وهو يهلل ويكبر، فأخذها وجعل يقلبها في يده، ثم قال: أما والذي حملني عليك إنه ليعلم أني ما مشيت بل إلى حرام، ولا إلى معصية ولا إلى مالا يرضي الله. ثم أمر بها فغسلت وطيبت وكفنت في قطيفة، ثم بعث بها إلى مقابر المسلمين، فلما قدم من عند الوليد إلى المدينة تلقاه أهل بيته وأصدقاؤه يعزونه، فجعل يقول: لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا، ولم يزد عليه، ثم قال: لا أدخل المدينة إنما أنا بها بين شامت بنكبة، أو حاسد لنعمة، فمضى إلى قصر بالعقيق فأقام هنالك. فلما دخل قصره قال له عيسى بن طلحة: لا أباً لشانئيك، أرني هذه المصيبة التي نعزيك فيها، فلما كشف عن ركبته فقال له عيسى: أما والله ما كنا نعدك للصراع، قد أبقى أكثرك، عقلك ولسانك وبصرك ويداك وإحدى رجليك. فقال له: يا عيسى: ما عزاني أحد بمثل ما عزيتني به.

ولما أرادوا قطع رجله قالوا له: لو سقيناك شيئاً كيلا تشعر بالوجع فقال: إما ابتلاني ليرى صبري، فأعارض أمره.

وقال مسلمة بن محارب: وقعت في رجل عروة بن الزبير الأكلة وقطعت، ولم يدع تلك الليلة ورده وقطعت، ولم يدع تلك الليلة ورده وقطعت ولم يمسكه أحد.

فهل قمت - أخي المسلم -  بوردك مساء البارحة وأنت صحيح الجسم البدن لم تقطع لك رجل؟!

 

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply