سوء الظن


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: 

 

فإنَّ التناصح من قواعد الدين فلا تتحقق المصالحُ ولا تُدرأ المفاسدُ، ولا تستقيم الأمور إلا بالتناصح، فأحسن الناس أخلاقاً وأنصحهم وأنفعهم للناس رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وللمسلم في رسول الله أسوة حسنة يتأدَّب بآدابه ويتخلق بأخلاقه.

لقد سار صحابة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رضوان الله عليهم على هذا النهج نهج نبيهم فعن الفضل بن عباس -رضي الله عنهما- قال: ما أدرك عندنا من أدرك بكثرة الصلاة والصيام وإنما أدرك بسخاء الأنفس وسلامة الصدور والنصح للأمة، قال بعض الفضلاء: المؤمن يستر وينصح، والفاجر يهتك ويُعيِّر، وسُئل ابن عباس -رضي الله عنهما- عن أمر السلطان بالمعروف فقال: إن كنت فاعلاً ولابد ففيما بينك وبينه.

أيها الأحباب الناس لهم مجالس يتجاذبون فيها أطراف الحديث شؤوناً وشجوناً يأمن بعضهم بعضاً ويأنس بعضهم ببعض، صدور منشرحة، وسرائر صافية، ونوايا حسنة، ثم يندس بين هؤلاء من يتتبع السقطات ويفرح بالهفوات ليتندر بهذا ويشي بذاك، وقد يكون عنده مال يستظل بظله ويتفرغ للبحث عن عيوب ذاك ونسب الآخر، فبدلاً من أن يشكر الله -عز وجل- على نعمة الفراغ ويشغله في طاعة الله -عز وجل- أشغله فيما يعود عليه بالضرر.

إن صاحب الهوى والأغراض لا يجد متنفساً لما في صدره إلا تلفيق الأكاذيب وتزوير الأخبار متنصلاً عن المسؤولية العظمى أمام ربه -عز وجل-.

أخي المسلم إذا ضعف الوازع الديني تجرأ الإنسان على الاستخفاف بحرمات الآخرين، فحينئذٍ, تشيع البلبلة وتسري الظنون وتعيش الأمة في اضطراب.

إن السماح بانتشار الشائعات وقبول كل خبر وعدم التروي يولِّد التحسس، ويُنبت التجسس، ويجرٌّ إلى تتبع العورات، ولعل هذا هو السر في النهي عن التجسس بعد الأمر باجتناب الكثير من الظن، فإنَّ الظنون السيئة تنشأ عنها المكائدُ التي بسببها تُنصب حبال المكر وشباك الخديعة، فتحصل الفرقة والشحناء، ويذل بذلك المؤمن ويتمكن الأعداء من الأمة، وتطغى الأنانية، وتُنزع الثقة، وتسود العداوة.

أخي المسلم، كم أدى سوء الظن وعدم التثبت في الأخبار إلى أهوال ما بعدها أهوال، أُزهقت نفوس، وضاعت أموال، وتَشتَّت أسر، وخربت بيوت، وقُطِّعت أرحام.

أخي المسلم، ينبغي أن يسود حسن الظن جميع المؤمنين فلا يسيء المؤمن الظن بأخيه المؤمن، فإذا رأيت أحد المؤمنين يقوم بعمل صالح - فاحمله على ظاهره، فلا يدخلك الشكٌّ هل قام بهذا العمل لله أو يريد به الرياء؟ نعوذ بالله من سوء الظن، إذا رأيت مسلماً يدعو إلى الله ويرشد الناس، فلا تقل: ماذا يريد بعمله؟ لأنك بهذه المقالة ترتكبُ إثماً فالأصل في المؤمن العدالة وليكن حظٌّ أخيك منك ثلاثاً: إن لم تنفعه فلا تضره، وإن لم تُفرحه فلا تُغمه، وإن لم تمدحه فلا تذمه، واعلم أخي أنَّ الاشتغال في ذكر معائب الناس والطعن في أنسابهم والتسلي في الخوض في معائبهم من طبائع النفوس الشريرة نعوذ بالله من الشر وأهله.

 

 وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply