إطلاق حكم الشهادة على المعين


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

من الأخطاء القولية الشائعة في العقيدة:

إطلاق الحكم بالشهادة على الأعيان مثل قول: فلان الشهيد أو فلان استشهد.

ومعنى الشهادة لغة: الخبر القاطع، وشهد الشاهد عند الحاكم: أي بين ما يعلم وأظهره.

وإنما سمي الشهيد بالشهيد لأنه حي عند ربه وقيل لأن الله وملائكته شهود له بالجنة، وقيل: لأنهم يستشهدون يوم القيامة مع الأنبياء، وقيل: ملائكة الرحمن تشهده أو لقيامه بشهادة الحق حتى قتل، وقيل: لأنه يشهد ما أعد الله له من الكرامة. (لسان العرب 3/مادة شهد)

وهذه المعاني تشترك في أنها غيب لا يطلع عليه إلا الله من حيث نسبتها لشخص بعينه، وإن كانت تختلف في غيبيتها من معنى لآخر.

ويقع ذلك في كثير من الأحيان من غلبة العاطفة أو تزكية لبعض الرموز.

وقد بوَّب البخاري في صحيحه: (باب لا يقال فلان شهيد) ثم ساق حديث أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - الله أعلم بمن يجاهد في سبيله والله أعلم بمن يكلم في سبيله قال الحافظ في الفتح: (ووجه أخذ الترجمة منه يظهر في حديث أبي موسى \" من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله - عز وجل -\" متفق عليه. ولا يطلع على ذلك إلا بوحي فمن ثبت أنه في سبيل الله أعطي حكم الشهادة لقوله (الله أعلم بمن يكلم في سبيله) أي فلا يعلم ذلك إلا من أعلمه الله فلا ينبغي إطلاق كون كل مقتول في الجهاد أنه في سبيل الله) أهـ. بتصرف يسير. (فتح الباري 6/90)

وأخرج أحمد وسعيد بن منصور عن عمر - رضي الله عنه - أنه خطب فقال: تقولون في مغازيكم فلان شهيد ومات فلان شهيدا ولعله قد يكون قد أوقر راحلته ألا لا تقولوا ذلكم ولكن قولوا كما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من مات في سبيل الله أو قتل فهو شهيد) حسنه الحافظ في الفتح.

فهذه النصوص وغيرها تدل على النهي عن إطلاق هذا اللفظ على الأعيان إلا من ورد النص بتسميته شهيد كعمر وعثمان وغيرهما.

ولعل الحكمة من النهي أمور منها:-

1. أن الشهادة أمر غيبي كالحكم بالجنة فلا يجوز نسبته من غير دليل.

2. أن فيه تزكية لمن نسبت إليه من غير مستند شرعي.

وعليه فلا يجوز قول: فلان شهيد، أو الشهيد فلان والتمادي في ذلك أو نشر ذلك في وسائل الإعلام، لكن لا بأس أن يقال ذلك على طريق الإجمال كأن يقال: من قتل في سبيل الله فهو شهيد أو نحو ذلك، أو على سبيل الرجاء والدعاء، كأن يقال: (ترجى له الشهادة) أو (نسأل الله - تعالى -أن يتقبله في الشهداء) ونحو ذلك.

 قال الحافظ في الفتح بعد شرح حديث أبي هريرة آنف الذكر: (وعلى هذا فالمراد النهي عن تعيين وصف واحد بعينه أنه شهيد بل يجوز أن يقال ذلك على طريق الإجمال). المرجع السابق.

أو يقال ذلك على سبيل الرجاء والدعاء، كأن يقال: (ترجى له الشهادة) أو (نسأل الله - تعالى -أن يتقبله في الشهداء) ونحو ذلك.

للاستزادة انظر: المناهي اللفظية لابن عثيمين 87.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply