آداب الصحبة


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

اهتم الإسلام بالصحبة اهتماما بالغا، لما لها من شأن كبير، وأمر خطير، فأمر بالتزام الصادقين، قال - سبحانه -: (يَا أَيٌّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ) التوبة 116. و حض على صحبة العابدين قال - تعالى -: (وَاصبِر نَفسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدعُونَ رَبَّهُم بِالغَدَاةِ وَالعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجهَهُ) الكهف 28. ورغب باتباع طريق المنيبين، قال - سبحانه -: (وَاتَّبِع سَبِيلَ مَن أَنَابَ إِلَيَّ) لقمان 15، ونهى عن صحبة الظالمين، فرب صحبة ساعة كشفت صاحبها إلى قيام الساعة، وأعقبته ندما لا ينتهي، قال - تعالى -: ( وَيَومَ يَعَضٌّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيهِ يَقُولُ يَا لَيتَنِي اتَّخَذتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً (27) يَا وَيلَتَى لَيتَنِي لَم أَتَّخِذ فُلَاناً خَلِيلاً ) (28) الفرقان، وجعل كل صحبة لا تجتمع أواصرها على تقوى الله - تعالى -فمصيرها إلى عداوة محققة، قال - سبحانه -: ( الأَخِلَّاء يَومَئِذٍ, بَعضُهُم لِبَعضٍ, عَدُوُّ إِلَّا المُتَّقِينَ ) (67) الزخرف.

ولا عجب فالصاحب ما هو إلا معلم لصاحبه من حيث لا يشعر، تنطبع صفاته في نقس صاحبه، وتنتقل أخلاقه إلى أخلاقه، وتسري معاملاته إلى معاملاته، بتأثير القرب، وعن طريق الحب، فلا يلبث إلا وهو نسخة عن صاحبه تتردد على لسانه كلماته، وتظهر في أعماله تصرفاته من حيث لا يدري، ولذلك فقد حذر الله - تعالى - من صحبة من قال فيهم ( فَأَعرِض عَن مَّن تَوَلَّى عَن ذِكرِنَا وَلَم يُرِد إِلَّا الحَيَاةَ الدٌّنيَا (29) النجم، وقال النبي – صلى الله عليه وسلم -: المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل  رواه أبو داود والترمذي عن أبي هريرة.

 

وقال عليّ:

وصاحب تقيا عالما تنتفع به *** فصحبة أهل الخير ترجى وتطلب

وإياك والفساد لا تصحبنّهم *** فصحبتهم تعدي وذاك مجرب

واحذر مؤاخاة الدنيء فإنه *** يعدي كما يعدي الصحيح الأجرب

واختر صديقك واصطفيه تفاخرا *** إن القرين إلى المقارن ينسب

وإذا كان المرء ينتقي من أطيب الطعام والشراب لبطنه، ويحرص على صحة جسمه فيتقي ما يسبب مرضها وضعفها، فأولى به أن ينتقي لروحه وقلبه وأخلاقه من يغذيها بأحسن الصفات، وأجمل الآداب، وأكمل العادات، وأكرم الأخلاق، ويتقي مرضى النفوس، ويتجنب ضعيفي الإيمان خوفا على دينه، وضنا على أخلاقه، أن يصيبها ما أصابهم، قال: لا تصاحب إلا مؤمنا، ولا يأكل طعامك إلا تقي. رواه أبو داود والترمذي وأحمد عن أبي سعيد. وقال سيدنا عمر \" عليك بإخوان الصدق، تعش في أكنافهم، فإنهم زينة في الرخاء، وعدة في البلاء\".

 

ولئن كان أشرف لقب في الإسلام هو لقب (الصحابي)، وهو من لقي النبي- صلى الله عليه وسلم - وآمن به، وتشرف بصحبته، فإن الصحابة يتفاوتون فيما بينهم في الفضل بمقدار صدق صحبتهم للنبي وعمق محبتهم له، وشدة إخلاصهم في خدمته، وقد حصل للنبي- صلى الله عليه وسلم - وعمق محبتهم له، وشدة إخلاصهم في خدمته، وقد حصل على النصيب الأوفى من هذه الأفضلية من قال الله - تعالى -في حقه: إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا وكان سيدنا أبو بكر بفضل هذه الصحبة المشرفة، الخليفة الأول لسيد النبيين.

 

ولقد ضرب لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هذا المثل في أهمية الصحبة وما لها من تأثير عظيم على مصير صاحبها فقال: إنما مثل الجليس الصالح وجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك إما أن يحذيك، وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه ريحا طيبة، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد منه ريحا منتنة متفق عليه عن أبي موسى.

وقال سيدنا عمر: اعتزل عدوك، واحذر صديقك إلا الأمين من القوم، ولا أمين إلا من خشي الله، فلا تصحب الفاجر فتتعلم من فجوره، ولا تطلعه على سرك، واستشر في أمرك الذين يخافون الله - تعالى -.

ويؤكد لنا الواقع العملي المنظور أنه من صحب الأبرار الصالحين صار منهم، ومن التزم الذاكرين ثوى في قلبه ذكرهم، ومن لصق بالعلماء انتقل إليه نور العلم والإيمان، وامتد هذا النفخ إلى يوم القيامة، روي أن أعرابيا قال لرسول الله متى الساعة؟ قال: ما أعددت لها؟ قال: حبّ الله ورسوله. قال: أنت مع من أحببت. متفق عليه عن أنس.

كما أنه لم يصبح سارقا إلا من صاحب السارقين، ولم يشرب التبغ أو يحتس الخمر إلا من سهر مع المدمنين، ولم يتقلب شقيا إلا من صادق الأشقياء المجرمين قال الشاعر:

عدوى الشقي إلى السعيد سريعة *** والجمر يوضع في الرماد فيخمد

 

ولا يمكن للمؤمن أن يأنس بأهل الغفلة والبطالة والعصيان، أو يميل قلبه إلى مخالطتهم، أو يتخذهم أصحابا وخلانا يجتمعون على مائدة واحدة، وفي مجلس سمر واحد، ولو كانوا أقرب الأقرباء إليه.

قال - تعالى -: ( لَا تَجِدُ قَوماً يُؤمِنُونَ بِاللَّهِ وَاليَومِ الآخِرِ يُوَادٌّونَ مَن حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَو كَانُوا آبَاءهُم أَو أَبنَاءهُم أَو إِخوَانَهُم أَو عَشِيرَتَهُم أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الإِيمَانَ ) المجادلة 22.

وقال: الأرواح جنود مجنّدة، فما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف متفق عليه عن عائشة وأبي هريرة.

 

وقال علي:

فلا تصحب أخا الجهـ *** ـل وإياك وإياه

فكم من جاهل أردى *** حليما حين آخاه

يقاس المرء بالمرء*** إذا ما المرء ما شاه

وللشيء من الشيء*** مقاييس وأشباه

وللقلب على القلـ *** ـب دليل حين يلقاه

وإذا كان للصحبة هذا الاهتمام، فإن لكل من المتصاحبين آداب وواجبات، كل تجاه صاحبه، وهي أشد اهتماما، لتدوم عرى هذه الصحبة، وتؤتي ثمارها من رضوان الله في الدارين..ومنها نذكر ما يلي:

1 - انتقاء الصاحب واختياره قبل مصاحبته، ممن توافر فيه الشروط التالية:

أ - العقل الحصيف.

ب - الدين الصحيح.

ت - الأخلاق الحميدة.

قال لقمان الحكيم لابنه: يا بني جالس العلماء وزاحمهم بركبتيك، فإن القلوب لتحيا بالحكمة، كما تحيا الأرض الميتة بوابل القطر.

 

2 - تجنب صحبة الجهلة والفسقة، والأراذل والحمقى، فالصاحب ساحب، ومن جالس جانس.

قال جعفر الصادق: لا تصحب خمسة:

الكذاب: فإنك منه على غرور، وهو مثل السراب يقرب منك البعيد، ويبعد منك القريب.

والأحمق: فإنك لست منه على شيء، يريد أن ينفعك فيضربك.

والبخيل: فإنه يقطع بك أحوج ما تكون إليه.

والجبان: فإنه يسلمك ويفر عند الشدة.

والفاسق: فإنه يبيعك بأكلة أو أقل منها، قيل: وما أقل منها؟ قال: الطمع فيها ثم لا ينالها.

وقد رود: لا تصحب من لا ينهضك حاله، ولا يدلك على الله مقاله.

 

3 - الإخلاص في صحبة من تصاحب لوجه الله - تعالى -، دون النظر إلى غاية دنيوية، أو مصلحة عاجلة، والصحبة لوجه الله - تعالى -هي أن تصاحبه لعلمه أو حسن خلقه أو صلاحه أو قربه من الله ومحبته لرسول الله.

قال - تعالى -: ( وَاصبِر نَفسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدعُونَ رَبَّهُم بِالغَدَاةِ وَالعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجهَهُ ) الكهف 28.

وعن أنس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعوده في الكفر بعد أن أنقذه الله منها كما يكره أن يقذف في النار. متفق عليه.

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إن الله - تعالى -يقول يوم القيامة: أين المتحابون بجلالي؟ اليوم أظلهم في ظلي يوم لا ظل إلا ظلي رواه مسلم.

 

4 - إخبار صاحبه بمحبته له في الله، ليكون تواصلهما أكبر وارتباطهما أشد وإخلاصهما أعمق..

قال - تعالى -: (وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ مِن قَبلِهِم يُحِبٌّونَ مَن هَاجَرَ إِلَيهِم ) الحشر: 9.

وعن المقداد بن معديكرب عن النبي - صلى الله عليه وسلم -قال: إذا أحب الرجل أخاله فليخبره أنه يحبه رواه أبو داود والترمذي.

وعن أنس رضي الله عنه أن رجلا كان عند النبي - صلى الله عليه وسلم -فمر رجل فقال يا رسول الله: إني لأحب هذا، فقال له النبي: أعلمته؟ قال: لا، قال: أعلمه. فلحقه فقال: إني أحبك في الله، فقال: أحبك في الله الذي أحببتني له رواه أبو داود.

 

5 - التعارف قبل الصحبة، والسؤال عن اسم صاحبه وعمله ومسكنه، وما يتبع ذلك من أصول التعارف.

عن ابن عمر رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم -قال: إذا آخيت أخا فسله عن اسمه، واسم أبيه، فإن كان غائبا حفظته، وإن كان مريضا عدته، وإن مات شهدته البيهقي.

وعن يزيد بن نعامة الضبي رضي الله عنه أن النبي- صلى الله عليه وسلم - قال: إذا آخى الرجل فليسأله عن اسمه واسم أبيه وممن هو، فإنه أوصل للمودة رواه الترمذي.

 

6 - اعتبار صاحبه كنفسه في محبة إيصال الخير له، والحرص على ما ينفعه، وبذل الغالي والنفيس من أجله. قال أبو سليمان الداراني: لو أن الدنيا كلها لي فجعلتها في فم أخ من إخواني لاستقللتها له.

عن أنس رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم -قال: لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه متفق عليه.

 

7 - الإكثار من التواصل والتناصح والتباذل والتزاور في سبيل الله.

عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي- صلى الله عليه وسلم - أن رجلا زار أخا له في قرية فأرصد على مدرجته ملكا، فلما أتى عليه قال: أين تريد؟ قال: أريد أخا لي في هذه القرية. قال: هل لك عليه من نعمة تربها عليه؟ ـ أي تقوم بها وتسعى فلا صلاحها ـ قال: لا، غير أني أحببته في الله - تعالى -، قال: فإني رسول الله إليك بأن الله قد أحبك كما أحببته فيه رواه مسلم.

وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم -: قال الله - تعالى -في الحديث القدسي (حقت محبتي للمتحابين فيّ، وحقت محبتي للمتواصلين فيّ، وحقت محبتي للمتناصحين فيّ، وحقت محبتي للمتزاورين فيّ، وحقت محبتي للمتباذلين في، المتحابون فيّ على منابر من نور، يغبطهم بمكانهم النبيون والصديقون والشهداء) رواه الترمذي.

وعنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من عاد مريضا أو زار أخا له في الله ناداه مناد بأن طبت وطاب ممشاك وتبوأت من الجنة منزلا. رواه الترمذي.

 

8 - الإسراع في المعونة بالنفس والمال، لتفريج الهم، وتنفيس الكرب، ولو كان في ذلك إيثار على النفس.

قال - تعالى -: ( ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ) الحشر 9.

وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي- صلى الله عليه وسلم - قال: من نفّس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه رواه مسلم.

 

9 - الاعتدال في المحبة، والاقتصاد في المديح، والإنصاف في المعاملة، والتوسط في المعاشرة، والالتزام بالشرع في المخالطة.

قال سيدنا عمر: لا يكن حبك كلفا، ولا تبغضك تلفا.

والكلف شدة التعلق بالشيء، والتلف: الإهمال.

عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم -قال: أحبب حبيبك هونا ما، عسى أن يكون بغيضك يوما ما، وأبغض بغيضك هونا ما، عسى أن يكون حبيبك يوما ما رواه الترمذي.

 

10 - تبادل الهدايا والأعطياتº في المواسم والمناسبات، والابتداء في ذلك على قدر الإمكان. فإن الهدية تزيد في المحبة، وتزيل ما في الصدر من عداوة وبغضاء.

عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -قال: تهادوا تحابوا رواه أبو يعلى.

 

11 - الابتداء بالسلام والمصافحة كلما تجدد اللقاء، مع بشاشة الوجه، وطيب الكلام.

عن البراء رضي الله عنه قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم -: ما من مسلمين يلتقيان فيتصافحان إلا غفر الله لهما قبل أن يفترقا رواه أبو داود.

وعن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم -: لا تحقرن من المعروف شيئا، ولو أن تلقى أخاك بوجه طليق. رواه مسلم.

 

12- تجنب السخرية والغيبة والحسد والبغضاء والظن السوء، والتماس الأعذار له في كل أمر لم يجر حسب مراده.

قال - تعالى -: ( يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم، ولا نساء من نساء عسى أن يكنّ خيرا منهن، ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان، ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون. يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضا أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه واتقوا الله إن الله تواب رحيم الحجرات 11 12.

وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -قال: إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث ولا تحسسوا ولا تجسسوا، ولا تنافسوا ولا تحاسدوا ولا تباغضوا ولا تدابروا وكونوا عباد الله إخوانا كما أمركم، المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره، التقوى ها هنا، التقوى ها هنا ـ وأشار إلى صدره ـ بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم، كل المسلم على المسلم حرام: دمه وعرضه وماله رواه مسلم.

 

13 - تجنب إفشاء سر ائتمنه عليه صاحبه مهما كانت الأسباب، قال أحد العلماء: لا تصحب من الناس من لا يكتم سرك، ويستر عيبك، ويكون معك في النوائب، ويؤثرك في بالرغائب، وينشر حسنتك، ويطوي سيئتك، فإن لم تجده فلا تصحب إلا نفسك.

 

14 - أداء حقوق الصحبة، وهي كثيرة يضيق المجال لذكرها مع شواهدها، ونكتفي بعرض بعضها كما جمعها كثير من السلف الصالح: قال سيدنا عمر رضي الله عنه ثلاث يصفين لك ود أخيك: أن تسلم عليه إذا لقيته، وأن توسع له في المجلس وأن تدعوه بأحب الأسماء إليه.

وقال: ضع أمر أخيك على أحسنه حتى يأتيك منه ما يغلبك، ولا تظن بكلمة خرجت من أخيك شرا وأنت تجد لها في الخير محملا، ولما كافأت من عصى الله فيك بمثل أن تطيع الله فيه، وعليك بإخوان الصدق وأكثر في اكتسابهم فإنهم زين في الرخاء، وعدة عند عظم البلاء.

وقال أحد العلماء: آداب الأخ مع أخيه بل يظن به ظنا سيئا، ولا يظلمه ولا يستغيبه، ويرد غيبته، ويدعو له، ويطلب الدعاء منه، ويصبر في صحبته، ويوالي وليه، ويعادي عدوه، ويتفقده إذا غاب، ويعوده إذا مرض، ويزوره إذا دعاه، ويسير في حاجته، ويفرج كربته، ويدخل السرور عليه، ويستر عورته، ويسلم عليه، ويبتسم في وجهه ويوسع له في مجلسه، وينصحه في سره، ويساعده في ماله، ويكتم سره، ولا يبلغه ما يسؤوه من تانتس، ويبلغه ثناء الناس عليه، ويشكره على معروفه، ويكون صادقا في وده سرا وعلانية، ويذكره بعد موته، ويكون وفيا مع أهله وأقاربه.

وقال آخر: حق أخيك عليك أن تغفر زلته، وترحم عبرته، وتقبل معذرته، وتحفظ خلته، وترعى ذمته، وتشهد ميتته، وتجيب دعوته، وتقبل هديته، وتكافئ صلته، وتشكر نعمته، وتحفظ حرمته، وتقبل شفاعته، ولا تخيب مقصده، وتشمت عطسته، وتنشد ضالته وتطيب كلامه، ولا تقاطعه في حديثه، وأن تبر أنعامه، وتصدق أقسامه، وأن تواليه ولا تعاديه، ولا تخذله ولا تشمته، وأن تحب له من الخير ما تحب لنفسك، وتكره له من الشر ما تكره لنفسك.

وقال آخر: من حقوق أخيك: الإيثار بالمال، والإعانة بالنفس، وكتمان السر، وستر العيوب، والشكر على المعروف، والإعانة على الإحسان، والنصح عند الإساءة، والحفظ بظهر الغيب إذا غاب عنك، والمحبة الخالصة لله - تعالى -، وعدم إيذائه بقول أو فعل، وأن يتواضع له، ولا يتكبر عليه، ويعفو عنه، وقد أوحى الله إلى يوسف: بعفوك عن إخوتك رفعت ذكرك في الدارين.

قال - تعالى -: ( إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم واتقوا الله لعلكم ترحمون.)  الحجرات 10.

وقال - سبحانه -: ( و اخفظ جناحك للمؤمنين ) .

وعن أبي موسى قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم -: المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا، وشبك بين أصابعه متفق عليه.

وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال: حق المسلم على المسلم خمس: رد السلام، وعيادة المريض، وإتباع الجنائز، وإجابة الدعوة، وتشميت العاطس متفق عليه.

وعن أبي أيوب رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -قال: لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال: يلتقيان، فيعرض هذا ويعرض هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply