آداب الحج والزيارة


 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحج آخر أركان الإسلام، وهو عبادة روحية وجسدية ومالية، وهو رحلة يتحمل فيها المسلم ترك الوطن والتعرض للمشاق وبذل المال، وترك العيال، انقطاعا إلى الله، وهجرة إلى رضاه وعملا على تكفير ذنوبه وفتح صفحة جديدة من صفحات البر والإيمان.

 

إنها تلبية نداء لزيارة بيته المقدّس، حيث ذكريات بناء البيت، والتضحية والفداء ومواقف النبي والمكان الذي انبعث منه صوت الحق ونبع منه ينبوع الإيمان.

 

قال - تعالى -: \" وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالحَجِّ يَأتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ, يَأتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ, عَمِيقٍ, (27) لِيَشهَدُوا مَنَافِعَ لَهُم وَيَذكُرُوا اسمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ, مَّعلُومَاتٍ, عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الأَنعَامِ فَكُلُوا مِنهَا وَأَطعِمُوا البَائِسَ الفَقِيرَ (28) \"الحج.

 

في موسم الحج هذا انقطاع إلى العبادة بأنواعها المختلفة وصرف أكثر الأوقات بين صلاة وذكر وقراءة للقرآن وتهليل وتكبير وتحميد وتمجيد ودعاء وابتهال فيصفو القلب ويطمئن الفؤاد وينشرح الصدر وتجلى الهموم وتغسل الأدران وتقبل التوبة ويستجاب الدعاء.

 

ومن جمال الحج النظر إلى الكعبة المشرّفة بيت الله الحرام فإنه عبادة، ورؤيته في صلاته قبلته التي يستقبلها كل يوم. فيرى أول بيت وضع للناس للعبادة، ويتذكر أبانا إبراهيم وإبنه إسماعيل عليهما الصلاة والسلام وهما يرفعان القواعد من البيت، ويتذكر إنتشار الإسلام من مكة إلى أقطار الأرض فهي أم القرى.

 

وفي عرفات درس وتمرين على الإخلاص الكامل لله وحده في العمل والابتهال إليه بالدعاء فإن الاجتماع هناك يذكر بالمحشر والعرض الأكبر على الله - تعالى -يوم القيامة فيسمع هناك لغات مختلفة يضرعون بها إلى خالق الأرض والسموات وقلوبهم متجهة إلى بارئها بإخلاص وحب وتضرع وبكاء...

 

انظروا لعبادي جاءوني شعثا غبرا أشهدكم يا ملائكتي أني قد غفرت لهم فالحجاج والعمار وفد الله دعاهم فأجابوا، وسألوه فأعطاهم.

 

في رحلة الحج تجرد عن الوطن والأهل والمال فهو تمرين على سهولة فراق ذلك كله عند الموت فلا يصعب عليه، وتدريب على الزهد في الدنيا وأن لا يأخذ منها إلا قدر زاد الراكب وينفق في سبيل الله بسخاوة ونفس وطمأنينة فؤاد.

 

وفي موسم الحج دورة تدريبية لترك الرفث والفسوق والجدال فلا معاصي في الحج ولا مخاصمات وبذلك يعتادون بعده ترك المفاسد.

 

في الحج يلتقي المسلمون من أقطار الأرض في هذه البقعة المباركة فيتعارفون ويتآلفون وفيه يحصل التعاون والتناصر بينهم فهو أعظم مؤتمر عالمي على وجه الأرض، وفي الحج يتم التبادل التجاري والتعاون الاقتصادي وفيه تتحقق المساواة بشكل عملي وتطبيقي فلا فرق بين رئيس ومرؤوس ولا غني ولا فقير، ولا كبير ولا صغير ولا أبيض ولا أسود فهم سواسية كأسنان المشط ولا كبرياء ولا عظمة فهم متواضعون لبعضهم ويؤثرون بعضهم بعضا ويساعد بعضهم بعضا.

 

وفي أثناء أعمال الحج يقوم الحاج بزيارة المصطفى، زيارة أعظم إنسان في هذا الوجود فيقف المسلم مشدوها أمام هذه العظمة المتمثلة بهذا الرسول العظيم ويستعيد ذكرى سيرة هذا النبي وكيف بلّغ الأمانة وأدى الأمانة وما تحمل في ذلك، ويكاد لا يصدق المسلم نفسه بأنه يقف هذا الموقف، فتغمر روحه أنوار المصطفى وروحانيته وكأنه يناجي رسول الله ويحادثه وعينيه تهطل دموع الفرح والسرور والغبطة فإذا به ينطق الصلاة والسلام عليك يا سيدي يا رسول الله.

 

ثم يتذكر قول الرسول: من زار قبري وجبت له شفاعتي. أخرجه الدارقطني وأبو بكر والبزار.

 

وقوله: من حج فزار قبري بعد وفاتي، فكأنما زارني في حياتي أخرجه الدارقطني وسعيد بن محمود.

 

وقوله: من زارني كنت له شفيعا أو شهيدا، ومن مات في أحد الحرمين بعثه الله - عز وجل - من الآمنين يوم القيامة. أخرجه أبو داود والطيالسي.

 

وهذه جملة من آداب الحج والعمرة:

1 - الاستعداد للحج بالتوبة الصادقة، والإقلاع عن الذنوب الظاهرة والباطنة ورد مظ

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply