أنا، وأبي ، وأمي


 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد:

 حكى الأصمعي يوماً فقال: حدثني رجل من الأعراب قال: خرجت من الحي أطلب أعق الناس وأبر الناس..فكنت أطوف بالأحياء..حتى انتهيت إلى شيخ في عنقه حبل.. يستقي بدلو لا تطيقه الإبل.. في الهاجرة والحر الشديد.. وخلفه شاب في يده رشاء من قد ملوي.. يضربه به قد شق ظهره بذلك الحبل.. !! فقلت: أما تتقي الله في هذا الشيخ الضعيف؟ أما يكفيه ما هو فيه من مدى هذا الحبل حتى تضربه؟ قال: إنه مع هذا أبى... !! قلت: فلا جزاك الله خيرا. قال: اسكت فهكذا كان هو مع أبيه.. !! وكذا كان يصنع أبوه بجده.. !! فقلت: هذا هو أعق الناس... ثم جلت أيضا.. حتى انتهيت إلى شاب وفي عنقه زنبيل.. فيه شيخ كأنه فرخ.. فكان يضعه بين يديه في كل ساعة فيزقه كما يزق الفرخ.. فقلت: ما هذا؟ قال: أبى وقد خرف وأنا أكفله.. قلت: فهذا أبر الناس...

 

أيها الأخ.. أيتها الأخت... هذه قصة من بين قصص كثيرة.. وهي فيض من غيض.. تبين لنا صور متكررة لواقع كثير من الناس مع والديهم.. براً وعقوقاً..

نعم أيها المحب.. بر الوالدين.. والإحسان إليهما.. ذلك الحق العظيم، والمضيع عند كثير من الأبناء.. ذلك الحق الذي ـ ولأهميته وعظمه ـ قرنه الله مع أعظم حقوقه وهو توحيده فقال: \" وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحساناً إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولاً كريماً * وأخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل ربي ارحمهما كما ربياني صغيراً \" [الإسراء: 23-24]

وقال - صلى الله عليه وسلم -: \" رضى الله في رضى الوالدين وسخطه في سخطهما \"

[الترمذي ح 1899 وصححه الألباني في الصحيحة رقم 516]...

يقول حبر الأمة وترجمان القران عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما -: ثلاث أبات مقرنات بثلاث لا تقبل واحدة بغير قرينتها...

1) \"و أطيعوا الله و أطيعوا الرسول \" [التغابن: 12] فمن طاع الله ولم يطع الرسول لم يقبل منه...

2) \" وأقيموا الصلاة وآتو الزكاة \" [البقرة: 43] فمن صلى ولم يزك لم يقبل منه...

3) \" إن اشكر لي ولوالديك \" [لقمان: 14] فمن شكر لله ولم يشكر لوالديه لم يقبل منه. ومن ثم فهذه نصيحة ــ في هذا الأمر العظيم ــ أوجهها لنفسي ولكل من يطلع عليها من أخواني المسلمين

 

معنى بر الوالدين:

البر: الإحسان.. ومنه قول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: \" البر حسن الخلق \" وهو في حق الوالدين والاقربين ضد العقوق. فالعقوق: هو الإساءة وتضييع الحقوق قال الحسن البصري: البر أن تطيعهما في كل ما أمراك به مالم تكن معصية لله والعقوق هجرانهما وان تحرمهما خيرك

 

بر الوالدين بعد موتهما:

يقول شيخنا ابن عثيمين - رحمه الله تعالى -: \" وأما بعد موتهما فيكون برهما بالدعاء لهما والاستغفار لهما.. وإنفاذ وصيتهما م بعد هما ن وإكرام صديقهما.. وصلة الرحم التي لا صلة لك بها إلا بهما.. هذه خمسة أشياء من بر الوالدين بعد الموت.. أما الصدقة عنهما فهي جائزة.. ولكن لا يقال للولد تصدق.. بل يقال إن الصدقة جائزة.. وإن لم تتصدق فالدعاء لهما أفضل.. لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: \" إذا مات الإنسان عمله إلا من ثلاث: إلا من صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعوا له\".. فذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - الدعاء بمقام التحدث عن العمل.. فكان هذا دليلاً على أن الدعاء للوالدين بعد موتهما افضل من الصدقة عنهما، وأفضل من العمرة لهما، وأفضل من قراءة القرآن لهما، وأفضل من الصلاة لهما.. لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يمكن أن يعدل عن الأفضل إلى المفضول.. بل لا بد أن يبين - عليه الصلاة والسلام - ما هو الأفضل ويبين جواز المفضول.. وقد بين في هذا الحديث ما هو الأفضل. أما بيان جواز المفضول فإنه جاء في حديث سعد بن عباده حين أستأذن النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يتصدق عن أمه، فأذن له.....

 

صور مشرقة:

• عن انس بن النضير الاشجعي: استقت أم ابن مسعود ماء في بعض الليالي فذهب فجاءها بشربة فوجدها قد ذهب بها النوم فثبت بالشربة عند رأسها حتى أصبح.

• وهذا ظبيان بن علي الثوري ـ وكان من أبر الناس بأمه ـ وكان يسافر بها إلى مكة فإذا كان يوم حار حفر بئرا ثم جاء بنطع فصب فيه الماء ثم يقول لها: ادخلي تبردي في هذا الماء

• وكان حيوه بن شريح وهو أحد أئمة المسلمين يقعد في حلقته يعلم الناس فتقول له أمه: قم ياحيوة فالق الشعير للدجاج فيقوم ويترك التعليم.

 

أيها المحب... قارن بين حال هؤلاء.. وحال كثير من الأبناء اليوم.. انقلبت الموازين واختلت المعايير...... تأفف وتضجر وإظهار للسخط وعدم الرضا... بل بعضهم يهرب من أبيه حال كبره.. ولا يزوره إلا في فترات متباعدة.. بل ربما وضعه في أحد الملاجئ أو دور العجزة وربما نهر أمه أو أباه بصوت مرتفع وكلام سيئ.. وكأنه يتخاصم مع عدوه. بل ـ والله ـ تجد والعياذ بالله من يتعامل بحسن خلق ولين جانب مع الكفار وهو سيئ الطبع والخلق مع والديه.. فسبحان الله العظيم مااحلمه علينا.. !!

وأما غالب حال الشباب اليوم فان منزلة الصديق أعلى منزلة واجل مكانة من الوالدين ولا حول ولا قوة إلا بالله.... وما حصلت هذه الصور المبكية... لعدم مقدرة عند هولاء.. ولكنها قسوة القلوب نعوذ بالله من ذلك..

 

من مظاهر العقوق:

1) إبكاؤهما وتحزينهما بقول أو فعل أو غير ذلك.. فعن عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما - قال: جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - يبايعه فقال: جئت أبايعك على الهجرة وتركت أبوي يبكيان. قال: \" فارجع أليهما فأضحكهما كما أبكيتهما \" قال ابن عمر: بكاء الوالدين من العقوق والكبائر.

2) إدخال المنكرات أو مزاولتها أمامهم: مثل ترك الصلاة عمدا وشرب الخمر واستماع آلات اللهو ومشاهدة ما حرم الله - عز وجل - من الأفلام الخليعة والصور الماجنة وغيرها من المنكرات.

3) البراءة منهما أو التخلي عنهما: فعن أنس الجهني عن أبيه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: \" إن لله - تعالى -عبادا لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم ولا ينظر إليهم \" قيل: من أولئك يا رسول الله؟ قال: \" متبرئ من والديه راغب عنهما ومتبرئ من ولده ورجل انعم عليه قوم فكفر بنعمتهم وتبرا منهم \"

4) تقديم الزوجة على الأم والأب فيما للوالدين فيه دخل: وهذا قد انتشر في زماننا ويزداد الأمر سوءا إذا كانت الزوجة سيئة أنانية تحاول إبعاد زوجها عن والديه ليبقى لها وحدها أو تتأذى من بقائهما في داره وهذا من اكبر العقوق...

5) عدم زيارتهما والسؤال عنهما أو التأخير في ذلك:

6) ومن العقوق يا معشر الأبناء أن ينظر الولد إلي أبيه نظرة شزر عند الغضب أو يتعاظم عن تقبيل يدي والديه أو لا ينهض لهما احتراما وإجلالا

7) التسبب في شتم الوالدين.. قال - صلى الله عليه وسلم - \" من الكبائر شتم الرجل والديه \" قالوا: وكيف يشتم أو يسب الرجل والديه؟ فقال \" يسب أبا الرجل فيسب أباه ويسب أمه فيسب أمه \" أي: يصير متسببا في شتم والديه.. وقال - صلى الله عليه وسلم -: \" لعن الله من لعن والديه\"

 

• همسة للوالدين:

يأيها الآباء ساعدو أبنائكم على بركم.. نعم إن للوالدين يد طولى في بر أبنائهما لهما.. من حسن تربية وعناية.. ودعاء ومحافظة عليهم.. ولهذا كان لزاما على الأب المسلم ألام المسلمة أن يحميا أولادهما من هذا العقاب الشديد (عقاب العقوق) عند الله - تعالى -...

بان يربيا أبناءهما تربية حسنة فيعرفانهم حدود الله.. واسباب غضبه ومقته ويساعدونهم ويعينوهم على برهما..

روى الشعبي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - انه قال: \" رحم الله والداً أعان ولده على بره \".. وهذا هشام بن حسان يقول: قال: سعيد بن جبير: أني لأ زيد في صلاتي من اجل ابني هذا قال هشام: رجاء أن يحفظ فيه...

أخي المسلم: كيف نربي أبناءنا وعلى ماذا ننشئهم؟ ! اهو على اللهو واللعب وضياع الأوقات فنخرج أمة ضائعة تائهة؟ أم نربيهم على العز والفخار ونعلمهم العلم النافع نربيهم على محبة الله ورسوله والجهاد في سبيله فتنهض الأمة وترتفع رايتها؟

 

فضل بر الوالدين:

أولا: انه من أفضل الأعمال: عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال: سالت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أي الأعمال احب إلى الله؟ قال: \" الصلاة في وقتها \" قلت: ثم أي؟ قال: \" بر الوالدين \" قلت: ثم أي؟ قال: \" الجهاد في سبيل الله \" [متفق عليه]

ثانيا: انه سبب من أسباب مغفرة الذنوب: قال - تعالى -\" ووصينا الإنسان بوالديه إحسانا \" إلى أن قال في آخر الآية الثانية \" أولئك الذين نتقبل عنهم أحسن ما عملوا ونتجاوز عن سيئاتهم في أصحاب الجنة وعد الصدق الذي كانوا يوعدون \"

ثالثا: انه سبب في زيادة العمر: عن انس بن مالك \" من سره أن يمد له عمره ويزاد في رزقه فليبر والديه وليصل رحمه \" [رواه احمد].

رابعا: انه سبب في حصول مبرة الأبناء لمن بر ولوالديه: فعن أبى هريرة - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: بروا آباءكم تبركم أبناؤكم وعفوا تعف نساؤكم \" [رواه الطبراني].

 

قصة وعبره:

كان أمية بن الأسكر الكناكي من سادات قومه.. وكان له ابن اسمه كلاب هاجر إلى المدينة في خلافة عمر بن الخطاب.. فأقام بها مدة ثم لقي ذات يوم طلحة بن عبيد الله والزبير بن العوام فسألهما: أي الأعمال أفضل في الإسلام؟ فقالا: الجهاد.. فسأل عمر فأغزاه في الجند الغازي إلى الفرس.. فقام أمية وقال لعمر: يا أمير المؤمنين هذا اليوم من أيامي لولا كبر سني.. فقام إليه ابنه كلاب وكان عابدا زاهدا.. فقال: لكني يا أمير المؤمنين أبيع الله نفسي وأبيع دنياي بآخرتي فتعلق به أبوه وكان في ظل نخل له وقال: لا تدع أباك وأمك شيخين ضعيفين ربياك صغيرا حتى إذا احتاجا إليك تركتهما.. فقال: نعم اتركهما لما هو خير لي فخرج غازيا بعد أن أرضى أباه.. فأبطأ في العودة إلى والديه.. وكان أبوه يوما في ظل نخل له وإذا حمامة تدعو فرخها فرآها الشيخ فبكى فرأته العجوز فبكت وأنشد يقول:

لمن شيخان قد نشدا كلابا *** كتاب الله لو قبل الكتابا

أناديه فيعرض في إباء *** فلا وأبى كلاب ما أصاب

إذا هتفت حمامة بطن وج *** على بيضاتها ذكرا كلابا

 

وكان أمية قد أضر (أي عمي) فأخذ قائدة بيده ودخل به على عمر وهو في المسجد فأنشده:

أعاذل قد عذلت بغير علم *** وما تدرين عاذل ما ألاقي

فأما كنت عذلتني فُـــردّي *** كلاباً إذ توجه للعـــــراق

إن الفاروقُ لم يردد كلابا *** على شيخين هامهـــــما زواق

فكتب عمر برد كلاب إلى المدينة.. فلما قدم ودخل عليه قال له عمر: ما بلغ من برك بأبيك؟ قال: كنت أوثره وأكفيه أمره.. وكنت أن أردت أن أحلب له لبنا أجيء إلى أغزر ناقة في إبله.. فأريحها واتركها حتى تستقر.. ثم أغسل أخلافها (ضروعها) حتى تبرد.. ثم احلب له فأسقيه.. فبعث عمر إلى أمية فجاءه.. فدخل عليه وهو يتهادى وقد ضعف بصره وانحنى فقال له: كيف أنت يا أبا كلاب؟ فقال له: كما ترى يا أمير المؤمنين.. فقال: يا أبا كلاب ما أحب الأشياء إليك اليوم؟ قال: ما أحب اليوم شيئا.. ما أفرح بخير ولا يسوؤني شر.. فقال عمر: بل على ذلك.. قال: بلى كلاب أحب إنه عندي فأشمه شمة وأضمه ضمة قبل أن أموت.. فبكى عمر وقال: ستبلغ ما تحب إن شاء الله - تعالى -.. ثم أمر كلابا أن يحلب لأبيه ناقة كما كان يفعل ويبعث بلبنها إليه ففعل وناوله عمر الإناء وقال: إشرب يا أبا كلاب فأخذه فلما أدناه من فيه.. قال: والله يا أمير المؤمنين إني لأشم رائحة يدي كلاب.. !! فبكى عمر وقال له: هذا كلاب عندك وقد جئناك به فوثب إلى ابنه وضمه.. وجعل عمر والحاضرون يبكون وقالوا لكلاب: إلزم أبويك فجاهد فيهما ما بقيا ثم شأنك بنفسك بعدهما وأمر له بعطائه وصرفه مع أبيه.. وكان كلاب من خيار المسلمين فلم يزل مقيما عندهما حتى ماتا..

وبالمقابل فتأمل في هذه القصة.. يقول الشيخ الفاضل عبد الملك القاسم: حدثني من أثق به عن ولد عاق لأمه.. أودعها في إحدى دور العجزة ولم يزرها إطلاقا حتى تردت حالتها.. وعندها طلبت من مسئول الدار الاتصال على ابنها لتراه وتقبله قبل أن تموت.. وسبقتها الدموع وهي تنادي باسمه أن يحضر ولكن العاق العاصي ـ والعياذ بالله ـ رفض ذلك وادعى ضيق الوقت.. فلما توفيت الأم تم الاتصال بالابن العاق فكان جوابه: أكملوا الإجراءات الرسمية وادفنوها في قبرها... [انظر ففيهما فجاهد لعبد الملك القاسم]

 

وأخيرا يرعاك الله:

إن إحسان الوالدين عظيم.. وفضلهما سابق.. ولا يتنكر له ألا جحود ظلوم غاشم قد غلقت في وجهه أبواب التوفيق ولو حاز الدنيا بحذافيرها؟!

فالأم التي حملت وليدها في أحشائها تسعة أشهر.. مشقة من بعد مشقة.. لا يزيدها نموه إلا ثقلا وضعفا ووضعته كرها.. وقد أشرفت على الموت.. فإذا بها تعلق آمالها على هذا الطفل الوليد رأت فيه بهجة الحياة وزينتها وزادها بالدنيا حرصا وتعلقا.. ثم شغلت بخدمته ليلها ونهارها تغذيه بصحتها.. وتريحه بتعبها طعام هدرها.. وبيته حجرها ومركبه يداها.. وصدرها تحوطه وترعاه.. تجوع ليشبع وتسهر لينام.. فهي به رحيمة وعليها شفيقة.. إذا غابت دعاها وإذا أعرضت عنه ناجاها وان أصابه مكروه استغاث بها.. يحسب أن كل الخير عندها وأن الشر لا يصل إليه إذا ضمته إلى صدرها أو لحظته بعينها..

ابعد هذا يكون جزاؤها العقوق والأعراض؟! اللهم عفوا ورحما..

أما الأب.. فالابن له مجبنة مبخلة.. يكد ويسعى ويدفع صنوف الأذى.. بحثا عن لقمة العيش لينفق عليه ويربيه.. إذا دخل عليه هش وإذا اقبل إليه بش.. وإذا حضر تعلق به وإذا اقبل عليه احتضن حجره وصدره.. يخوف كل الناس بابيه ويعدهم بفعل أبيه.. أبعد هذا يكون جزاء الأب التنكر والصدود؟ نعوذ بالله من الخذلان.. أن الإحباط كل الإحباط أن يفجا الوالدان بالتنكر للجميل.. وقد كانا يتطلعان للإحسان ويؤملان الصلة بالمعروف.. فإذا بهذا الولد ـ ذكر أو أنثى ـ يتخاذل ويتناسى ضعفه وطفولته.. ويعجب بشأنه وفتوته ويغره تعليمه وثقافته.. ويترفع بجاهه ومرتبته يؤذيهما بالتأفف والتبرم.. ويجاهر هما بالسوء وفحش القول يقهرهما وينهرهما.. يريدان حياته ويريد موتهما.. كأني بهما وقد تمنيا أن لو كانا عقيمين.. تئن لحالهما الفضيلة وتبكي من اجلهما المروءة..

فليحذر كل عاقل من التقصير في حق والديه.. فان عاقبة ذلك وخيمة.. ولينشط في برهما فانهما عن قريب راحلين.. وحينئذ يعض أصابع الندم ولآت ساعة مندم..

نعم أن بر الوالدين من شيم النفوس الكريمة.. لكان مدحة بين الناس لجليل قدره كيف وهو علاوة علي ذلك تكفر به السيئات.. وتجاب الدعوات عند رب البريات.. وبه تنشرح الصدور وتطيب الحياة ويبقى الذكر الحسن بعد الممات.. اللهم اغفر لنا ولوالدينا وارحمها كما ربونا صغارا واجزهم عنا خير ما جزيت به عبادك الصالحين..

والله اعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه أجمعين..

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply