من أحاديث إصلاح ذات البين


بسم الله الرحمن الرحيم

 
 الحديث الأول: صحيح مسلم 5109:

حدثني أبو غسان المسمعي ومحمد بن المثنى ومحمد بن بشار بن عثمان واللفظ لأبي غسان وابن المثنى قالا حدثنا معاذ بن هشام حدثني أبي عن قتادة عن مطرف بن عبد الله بن الشخير عن عياض بن حمار المجاشعي \" أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال - ذات يوم في خطبته- : ألا إن ربي أمرني أن أعلمكم ما جهلتم مما علمني يومي هذا كل مال نحلته عبدا حلال وإني خلقت عبادي حنفاء كلهم وإنهم أتتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم وحرمت عليهم ما أحللت لهم وأمرتهم أن يشركوا بي ما لم أنزل به سلطانا وإن الله نظر إلى أهل الأرض فمقتهم عربهم وعجمهم إلا بقايا من أهل الكتاب, وقال إنما بعثتك لأبتليك وأبتلي بك وأنزلت عليك كتابا لا يغسله الماء تقرؤه نائما ويقظان, وإن الله أمرني أن أحرق قريشا فقلت رب إذا يثلغوا رأسي فيدعوه خبزة, قال استخرجهم كما استخرجوك واغزهم نغزك وأنفق فسننفق عليك, وابعث جيشا نبعث خمسة مثله وقاتل بمن أطاعك من عصاك, قال وأهل الجنة ثلاثة ذو سلطان مقسط متصدق موفق, ورجل رحيم رقيق القلب لكل ذي قربى, ومسلم, وعفيف متعفف ذو عيال, قال وأهل النار خمسة الضعيف الذي لا زبر له الذين هم فيكم تبعا لا يبتغون أهلا ولا مالا, والخائن الذي لا يخفى له طمع وإن دق إلا خانه, ورجل لا يصبح ولا يمسي إلا وهو يخادعك عن أهلك ومالك, وذكر البخل أو الكذب والشنظير الفحاش.

 

ولم يذكر أبو غسان في حديثه وأنفق فسننفق عليك, و حدثناه محمد بن المثنى العنزي, حدثنا محمد بن أبي عدي عن سعيد عن قتادة بهذا الإسناد ولم يذكر في حديثه كل مال نحلته عبدا حلال, حدثني عبد الرحمن بن بشر العبدي, حدثنا يحيى بن سعيد عن هشام صاحب الدستوائي, حدثنا قتادة عن مطرف عن عياض بن حمار , أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خطب ذات يوم وساق الحديث, وقال في آخره قال يحيى قال شعبة عن قتادة قال: سمعت مطرفا في هذا الحديث, و حدثني أبو عمار حسين بن حريث حدثنا الفضل بن موسى عن الحسين عن مطر , حدثني قتادة عن مطرف بن عبد الله بن الشخير , عن عياض بن حمار أخي بني مجاشع, قال قام فينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذات يوم خطيبا فقال إن الله أمرني وساق الحديث  بمثل حديث هشام عن قتادة, وزاد فيه وإن الله أوحى إلي أن تواضعوا حتى لا يفخر أحد على أحد ولا يبغ أحد على أحد, وقال في حديثه وهم فيكم تبعا لا يبغون أهلا ولا مالا, فقلت فيكون ذلك يا أبا عبد الله  قال نعم . والله لقد أدركتهم في الجاهلية وإن الرجل ليرعى على الحي ما به إلا وليدتهم يطؤها.

 

الحديث الثـّاني: صحيح البخاري 3616:

حدثنا يحيى بن بكير , حدثنا الليث عن عقيل قال ابن شهاب فأخبرني عروة بن الزبير أن عائشة - رضي الله عنها - زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - قالت : لم أعقل أبوي قط إلا وهما يدينان الدين ولم يمر علينا يوم إلا يأتينا فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - طرفي النهار بكرة وعشية, فلما ابتلي المسلمون خرج أبو بكر مهاجرا نحو أرض الحبشة  حتى إذا بلغ برك الغماد لقيه ابن الدغنة وهو سيد القارة فقال: أين تريد يا أبا بكر؟ فقال أبو بكر أخرجني قومي فأريد أن أسيح في الأرض وأعبد ربي. قال  ابن الدغنة: فإن مثلك يا أبا بكر لا يخرج ولا يخرج إنك تكسب المعدوم, وتصل الرحم, وتحمل الكل, وتقري الضيف, وتعين على نوائب الحق, فأنا لك جار ارجع واعبد ربك ببلدك, فرجع وارتحل معه  ابن الدغنة فطاف ابن الدغنة عشية في أشراف قريش, فقال لهم: إن أبا بكر لا يخرج مثله ولا يخرج, أتخرجون رجلا يكسب المعدوم, ويصل الرحم, ويحمل الكل ويقري الضيف ويعين على نوائب الحق, فلم تكذب قريش بجوار ابن الدغنة, وقالوا لابن الدغنة مر أبا بكر فليعبد ربه في داره فليصل فيها وليقرأ ما شاء ولا يؤذينا بذلك, ولا يستعلن به فإنا نخشى أن يفتن نساءنا وأبناءنا, فقال ذلك ابن الدغنة لأبي بكر فلبث أبو بكر بذلك يعبد ربه في داره ولا يستعلن بصلاته, ولا يقرأ في غير داره ثم بدا  لأبي بكر فابتنى مسجدا بفناء داره, وكان يصلي فيه ويقرأ القرآن فينقذف عليه نساء المشركين وأبناؤهم وهم يعجبون منه وينظرون إليه, وكان أبو بكر رجلا بكاء لا يملك عينيه إذا قرأ القرآن, وأفزع ذلك أشراف قريش من المشركين فأرسلوا إلى ابن الدغنة فقدم عليهم فقالوا: إنا كنا أجرنا أبا بكر بجوارك على أن يعبد ربه في داره فقد جاوز ذلك فابتنى مسجدا بفناء داره فأعلن بالصلاة والقراءة فيه وإنا قد خشينا أن يفتن نساءنا وأبناءنا فانهه فإن أحب أن يقتصر على أن يعبد ربه في داره فعل وإن أبى إلا أن يعلن بذلك فسله أن يرد إليك ذمتك فإنا قد كرهنا أن نخفرك ولسنا مقرين لأبي بكر الاستعلان, قالت عائشة: فأتى ابن الدغنة إلى أبي بكر فقال: قد علمت الذي عاقدت لك عليه فإما أن تقتصر على ذلك وإما أن ترجع إلي ذمتي فإني لا أحب أن تسمع العرب أني أخفرت في رجل عقدت له, فقال أبو بكر فإني أرد إليك جوارك وأرضى بجوار الله - عز وجل - والنبي - صلى الله عليه وسلم - يومئذ بمكة , فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - للمسلمين: إني أريت دار هجرتكم ذات نخل بين لابتين وهما الحرتان, فهاجر من هاجر قبل المدينة, ورجع عامة من كان هاجر بأرض الحبشة إلى المدينة, وتجهز أبو بكر قبل المدينة, فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على رسلك فإني أرجو أن يؤذن لي فقال: أبو بكر وهل ترجو ذلك بأبي أنت؟ قال: نعم. فحبس أبو بكر نفسه على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليصحبه, وعلف راحلتين كانتا عنده ورق السمر وهو الخبط أربعة أشهر, قال ابن شهاب قال عروة قالت عائشة: فبينما نحن يوما جلوس في بيت أبي بكر في نحر الظهيرة, قال قائل لأبي بكر هذا رسول الله- صلى الله عليه وسلم - متقنعا في ساعة لم يكن يأتينا فيها فقال أبو بكر: فداء له أبي وأمي, والله ما جاء به في هذه الساعة إلا أمر, قالت فجاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاستأذن فأذن له فدخل, فقال النبي- صلى الله عليه وسلم - لأبي بكر أخرج من عندك, فقال أبو بكر: إنما هم أهلك بأبي أنت يا رسول الله, قال فإني قد أذن لي في الخروج, فقال: أبو بكر الصحبة بأبي أنت يا رسول الله قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نعم. قال أبو بكر : فخذ بأبي أنت يا رسول الله إحدى راحلتي هاتين قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالثمن. قالت عائشة: فجهزناهما أحدث الجهاز وصنعنا لهما سفرة في جراب فقطعت أسماء بنت أبي بكر قطعة من نطاقها فربطت به على فم الجراب فبذلك سميت ذات النطاقين, قالت ثم لحق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر بغار في جبل ثور فكمنا فيه ثلاث ليال, يبيت عندهما عبد الله بن أبي بكر وهو غلام شاب ثقف لقن فيدلج من عندهما بسحر فيصبح مع قريش بمكة, كبائت فلا يسمع أمرا يكتادان به إلا وعاه حتى يأتيهما بخبر ذلك حين يختلط الظلام ويرعى عليهما عامر بن فهيرة مولى أبي بكر منحة من غنم فيريحها عليهما حين تذهب ساعة من العشاء فيبيتان في رسل وهو لبن منحتهما ورضيفهما حتى ينعق بها عامر بن فهيرة بغلس, يفعل ذلك في كل ليلة من تلك الليالي الثلاث واستأجر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر رجلا من بني الديل, وهو من بني عبد بن عدي هاديا خريتا والخريت الماهر بالهداية قد غمس حلفا في آل العاص بن وائل السهمي, وهو على دين كفار قريش فأمناه فدفعا إليه راحلتيهما وواعداه غار ثور بعد ثلاث ليال براحلتيهما صبح ثلاث, وانطلق معهما عامر بن فهيرة والدليل فأخذ بهم طريق السواحل .

 قال ابن شهاب وأخبرني عبد الرحمن بن مالك المدلجي, وهو ابن أخي سراقة بن مالك بن جعشم أن أباه أخبره أنه سمع سراقة بن جعشم

يقول جاءنا رسل كفار قريش يجعلون في رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر دية كل واحد منهما من قتله أو أسره, فبينما أنا جالس في مجلس من مجالس قومي بني مدلج أقبل رجل منهم حتى قام علينا ونحن جلوس, فقال يا سراقة إني قد رأيت آنفا أسودة بالساحل أراها محمدا وأصحابه, قال سراقة فعرفت أنهم هم فقلت له إنهم ليسوا بهم ولكنك رأيت فلانا وفلانا انطلقوا بأعيننا, ثم لبثت في المجلس ساعة ثم قمت فدخلت فأمرت جاريتي أن تخرج بفرسي وهي من وراء أكمة فتحبسها علي, وأخذت رمحي فخرجت به من ظهر البيت فحططت بزجه الأرض, وخفضت عاليه حتى أتيت فرسي فركبتها, فرفعتها تقرب بي حتى دنوت منهم فعثرت بي فرسي فخررت عنها, فقمت فأهويت يدي إلى كنانتي فاستخرجت منها الأزلام فاستقسمت بها أضرهم أم لا فخرج الذي أكره فركبت فرسي وعصيت الأزلام , تقرب بي حتى إذا سمعت قراءة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو لا يلتفت وأبو بكر يكثر الالتفات ساخت يدا فرسي في الأرض حتى بلغتا الركبتين فخررت عنها ,ثم زجرتها فنهضت فلم تكد تخرج يديها فلما استوت قائمة إذا لأثر يديها عثان ساطع في السماء مثل الدخان, فاستقسمت بالأزلام فخرج الذي أكره فناديتهم بالأمان فوقفوا فركبت فرسي حتى جئتهم ووقع في نفسي حين لقيت ما لقيت من الحبس عنهم أن سيظهر أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقلت له: إن قومك قد جعلوا فيك الدية وأخبرتهم أخبار ما يريد الناس بهم وعرضت عليهم الزاد والمتاع فلم يرزآني ولم يسألاني إلا أن قال أخف عنا, فسألته أن يكتب لي كتاب أمن فأمر عامر بن فهيرة فكتب في رقعة من أديم ثم مضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - , قال ابن شهاب فأخبرني عروة بن الزبير أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لقي الزبير في ركب من المسلمين كانوا تجارا قافلين من الشام فكسا الزبير رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبا بكر ثياب بياض, وسمع المسلمون بالمدينة مخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من مكة فكانوا يغدون كل غداة إلى الحرة فينتظرونه حتى يردهم حر الظهيرة, فانقلبوا يوما بعد ما أطالوا انتظارهم فلما أووا إلى بيوتهم أوفى رجل من يهود على أطم من آطامهم لأمر ينظر إليه فبصر برسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه مبيضين يزول بهم السراب, فلم يملك اليهودي أن قال بأعلى صوته يا معاشر العرب هذا جدكم الذي تنتظرون فثار المسلمون إلى السلاح فتلقوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بظهر الحرة فعدل بهم ذات اليمين حتى نزل بهم في بني عمرو بن عوف, وذلك يوم الاثنين من شهر ربيع الأول فقام أبو بكر للناس, وجلس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صامتا, فطفق من جاء من الأنصار ممن لم ير رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحيي أبا بكر حتى أصابت الشمس رسول الله - صلى الله عليه وسلم- فأقبل أبو بكر حتى ظلل عليه بردائه, فعرف الناس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عند ذلك, فلبث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بني عمرو بن عوف بضع عشرة ليلة وأسس المسجد الذي أسس على التقوى, وصلى فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - , ثم ركب راحلته فسار يمشي معه الناس حتى بركت عند مسجد الرسول - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة وهو يصلي فيه يومئذ رجال من المسلمين, وكان مربدا للتمر لسهيل وسهل غلامين يتيمين في حجر أسعد بن زرارة, فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-  حين بركت به راحلته هذا إن شاء الله المنزل, ثم دعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الغلامين فساومهما بالمربد ليتخذه مسجدا فقالا لا بل نهبه لك يا رسول الله فأبى رسول الله أن يقبله منهما هبة حتى ابتاعه منهما ثم بناه مسجدا وطفق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينقل معهم اللبن في بنيانه ويقول وهو ينقل اللبن

هذا الحمال لا حمال خيبر

هذا أبر ربنا وأطهر

ويقول اللهم إن الأجر أجر الآخرة

فارحم الأنصار والمهاجرة

فتمثل بشعر رجل من المسلمين لم يسم لي

قال ابن شهاب ولم يبلغنا في الأحاديث أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تمثل ببيت شعر تام غير هذا البيت.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply